الاثنين، 7 سبتمبر 2009

جرائم حرب سرية

الجمعة 21/8/2009
ما لم ينشر ويكشف اخطر مما نشر وكشف من جرائم حرب سرية خاضتها شركات الأمن الأمريكية للمرتزقة في العراق المحتل. وبين كل فضيحة وثانية فضيحة أخرى. بحيث باتت فضائح وفظائع ابو غريب المسجلة باسم دونالد رامسفيلد كمسؤول أول عنها وعصاباته، وبكل وحشيتها، هوامشا على ما يكشف في التحقيقات الجارية في الولايات المتحدة الأمريكية مع مسؤولين في شركة بلاك ووتر، الماء الاسود، الاسم الاسود والتاريخ الاسود.
فالجرائم التي قامت بها شركة المرتزقة ترقى إلى جرائم حرب وإبادة وحشية مستمدة فظائعها من جوهر الاحتلال والاختلال الأمريكي البريطاني للعراق. ولعل في الكثير من الاعترافات الشخصية والتحقيقات الإعلامية التي نشرت سابقا مع عديد أو إفراد من هؤلاء المرتزقة تعطي صورة سوداء عن أعمالهم الإجرامية وتدينهم بارتكاب جرائم حرب لا أخلاقية ولا قانونية ولا إنسانية على الإطلاق، ولم تقم بها إلا عصابات مرتزقة عدوانية تهدف إلى الخراب والدمار والفتنة وتسعير الحروب الداخلية، فضلا عن الارتكابات الجنائية والفردية وأساليبها التعسفية المستنكرة. وهي وجه آخر من وجوه ما قامت به قوات الاحتلال عند تدنيسها ارض العراق، ولا باس من تذكر ما نشرته وسائل الإعلام الأمريكية، خاصة مجلة ذي نيشن الأمريكية من لقاءات ومذكرات ورسائل لجنود شاركوا في العدوان واحتلال العراق ومقارنتها بما يفضح الآن في سجلات المحاكم لرؤساء شركات المرتزقة واعمالها المدانة والقاسية ولا تجد في كثير من الأحيان كلمات، وبأي اللغات، مرادفة لها أو وصفا واقعيا ممكنا.
أعداد الضحايا العراقيين الذين قتلوا، عذبوا، شردوا، استشهدوا لا يشعر قائد الاحتلال الأمريكي، الذي دمر دولة العراق وشعبه، حرجا بالتصريح العلني بأنه غير معني بإحصائهم ومعرفة أعدادهم، وتبين في التحقيقات أن أعدادا كبيرة راحوا تحت بنود الأخطاء والتسلية والحقد والانتقام وقسوة المحتل الغاشم.
وكشفت مؤخرا قضية أمام المحكمة الفيدرالية بولاية فرجينيا الأمريكية ضد شركة "بلاك ووتر" ورئيسها إيريك برنس رأس الجليد من تلك المجازر والجرائم، كما أعلنت شهادات لشهود فيها المزيد من التفاصيل المخزية التي تورطت فيها الشركة وصاحبها مثل "قطع رؤوس المدنيين العراقيين" في عمليات قتل متعمد. وفي الشهادات التي نشرت، يقر شاهدان طلبا إخفاء اسميهما خوفا من التصفية من قبل الشركة الإجرامية التي غيرت اسمها إلى XE، بتفاصيل جرائم رعاها صاحب الشركة ورئيسها برنس وشارك فيها أحياناً، بما في ذلك عمليات تهريب السلاح إلى العراق، وتهريب الأموال، والسماح باستخدام ذخائر تنفجر في الجسم البشري بعد اختراقه مسببة الموت الفوري والتشويه الأكيد، وليس آخراً توظيف أشخاص مهووسين بقتل المسلمين والعرب، وتعمدهم حمل ألقاب لأسماء "فرسان مالطة" رأس الحربة في الحروب الصليبية.
ذكر شاهد أن أيريك برنس يمتلك عدة شركات تدار كشركة واحدة وكلها تعمل بإمرته وبإدارة جاري جاكسون، وان برنس أنشأ عدة شركات ليخفي خلالها جرائمه ومخالفاته وعمليات غش وأعمالاً غير قانونية، منها نقل أموال شركة "بلاك ووتر" المتعاملة كشركة حراسة مرتزقة مع وزارة الخارجية الأمريكية وجهات حكومية أمريكية في العراق وحول العالم، إضافة لأعمال غير قانونية من دون خشية المحاسبة والمحاكمة، مع إعطاء بيانات وأرقام مزيفة في حين أن برنس يتصرف في أموال الشركات كأنها أمواله الخاصة.
أكدت الشهادات أن برنس ورجله جاري جاكسون كانا يعلمان بنوعية المرتزقة التي ترسل للعراق، وكانا يتجاهلان الاحتجاجات والتقارير التي كانت تؤكد أن هؤلاء المرتزقة كانوا يريدون العمل والذهاب للعراق لقتل "المزيد من العراقيين" (هكذا) اي ممارسة القتل، كمهنة ارتزاق وارتكاب جرائم وحشية، واستخدام شتى الوسائل، بما فيها المنشطات والأدوية الأخرى، لتوظيف المجرمين في هذه الشركة وفي العراق بشكل خاص.
حسب شهادة شاهد فإن برنس وبعلمه شخصياً كان ضالعاً في قضية تجارة الجنس وكوّن عصابة من أشخاص لهم ماضيهم وسجلهم الإجرامي في كوسوفو وعينهم مديرين في شركته وكان برنس يذهب إلى العراق كثيراً وخصص لنفسه خط طيران وأسطول طائرات كان يطلق عليه اسم "الخط الرئاسي" وكانت الأسلحة المحظورة تهرب على هذه الطائرات، كما انه لم يقدم على فعل شيء، مع علمه بالأمر، لوقف استخدام الدعارة بما فيها دعارة الأطفال في شركته بالعراق، وأيضاً في مقاره في كارولينا الشمالية، حيث كانت تتم حلقات الجنس وتبادل الزوجات، ومن ضمن الاتهامات إلى برنس إعطاؤه أوامر بتدبير رسائل إلكترونية وأشرطة فيديو لعمليات قتل متعمد غير مبرر للعراقيين في أنحاء البلد المحتل.
هل سيكون ملف القضية كبيرا؟، وستكون الشهادات فيها خطيرة ومهمة؟، ما تسرب ونشر ووزع منها يثير الكثير من القضايا ويتطلب نشرها كلها وفضح المجرمين الذين ارتكبوها، بالأسماء والعناوين، وكشف مصادر الأوامر التي صدرت لهم بها. إن هذه المحكمة وهذه القضية هي واحدة من قضايا ومحاكمات سنوات الاحتلال الإجرامي، الأمريكي البريطاني، والمشاركات الأخرى معه، وهي شهادة أخرى لجوهر الاحتلال والاستعمار الجديد، وما عرض فيها ونشر منه يعطي صورة من سجلات الجريمة التي ارتكبت ضد الشعب العراقي والعالم العربي والإسلامي، ولابد من رفع الصوت عاليا لكشف هذه الجرائم للحرب السرية.