الاثنين 10/8/2009
تعود مرة أخرى صيحات متفاوتة في وسائل الإعلام الأمريكية وداخل أروقة الكونغرس تتحدث عن الخروقات الفاضحة للدستور والقانون الأمريكيين، والقانون الدولي الإنساني، وضرورة محاسبة ومحاكمة المقترفين لها، مهما كانت مواقعهم في السلطة، إذ يبقى الدستور والقانون فوق الجميع وأي تهرب منه لن يخدم العدالة وحكم القانون ودروس الاعتبار من الجرائم المرتكبة.
صراعات سياسية بين ديمقراطيين وجمهوريين، في مجلسي النواب والشيوخ، ومؤسساتهما، بين تحمل المسؤولية لما حصل من ارتكابات مخالفة بوضوح للدستور والقانون ترقى إلى الجرائم الكبرى، وهي خروقات في المسؤولية والالتزام القانوني والأخلاقي من جهة وفي المصداقية في التعبير عن التمثيل السياسي للمصالح الوطنية والعليا للدولة وعلاقاتها الدولية. وهي في كل الأحوال تدور في فلك الإدارة السياسية والمصالح الوطنية وانعكاساتها على تطبيقات كل منها، سابقا في العهد الجمهوري وحاليا في العهد الديمقراطي، والخلاف بين منهجي الرئيسين جورج بوش الثاني وباراك اوباما.
تقرير رسمي خطير أنجزه محققون من وكالات حكومية أمنية واستخبارية أمريكية، سمح بنشر جزء صغير منه أواسط تموز/ يوليو الماضي، أعاد مرة أخرى المطالبة بمحاسبة إدارة بوش السابقة ومسؤولين كبار بمن فيهم بوش ونائبه ديك تشيني على الخروقات القانونية والدستورية الخطيرة التي سمحت بإجازة برنامج تجسس على المواطنين الأمريكيين.. ورغم انه بذاته تجاوز على الدستور اضافت نتائجه عليه مسؤولية أخرى، حيث كشفت مدى التورط في التمييز وانتهاك حقوق الإنسان دون أدلة وشواهد إثبات فعلية تدعو إليه، الأمر الذي طور من الانتهاك بلا حماية لما تدعيه الإدارة بأمن أمريكا أو محاربة الإرهاب.
من بين ما ورد في الأوراق المسربة من التقرير تمرير وإصرار ديك تشيني على تجديد العمل ببرنامج التنصت والمراقبة دون حضور وزارة العدل، بعدما وصل إلى علمه والبيت الأبيض أن الوزارة برئاسة جون اشكروفت، بدأت النظر في مسألة قانونية البرنامج، وأن اشكروفت رفض التوقيع عليه، مع انه محسوب على الجناح اليميني في تيار المحافظين الجدد ومعروف بتشدده، مما يعكس انتهاك البرنامج ومخالفته حتى لقناعات يميني من الإدارة.
كشف التقرير أيضاً عن قيام أعضاء في الكونغرس بالاطلاع على هذا البرنامج خلال 49 جلسة ولقاء عقدت ما بين تشرين الأول/ أكتوبر 2001 وكانون الثاني/ يناير 2007 دون اعتراضات جدية منهم مثلما حصل من وزارة العدل، الأمر الذي يعني أن بعض أعضاء الكونغرس المسؤولين عن حماية الدستور وإصدار التشريعات تغاضوا عن هذا البرنامج وشاركوا فيه ضمنا.
فضيحة أخرى كشف عنها التقرير أن عددا قليلا، بأوامر من البيت الأبيض، سمح لهم معرفة البرنامج، فمثلا في وزارة العدل كان الوزير جون اشكروفت واثنان من مساعديه فقط، من بينهم جون يو المحامي الشهير الذي شرع التعذيب في عهد بوش. وكذلك الحال داخل وكالة الاستخبارات الأمريكية ودوائر ووكالات أمنية أخرى، أي أن الجهات التي تعلم به وتعمل عليه محصورة ومنظمة وسرية وبتقصد واضح، وتعمل كأنها إدارة داخل الإدارة بإشراف نائب الرئيس وعلم الرئيس طبعا!.
هذا جانب صغير من الخروقات الدستورية والقانونية أثبته أيضا رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية الجديد الذي عينه اوباما، ليون بنيتا في جلسة مغلقة، مؤكدا بأن الوكالة خدعت وأخفت معلومات عن أعضاء الكونغرس. وبعد تسرب المعلومات هذه وتوزع التهم بين المسؤولين في الإدارة السابقة وأعضاء في الكونغرس والوكالات الاستخبارية والأمنية والحكومية الأخرى، تحركت جهات متعددة للتملص من المسؤولية المباشرة بالدعوة إلى فتح صفحات أخرى من تلك الجرائم والتهم الخطيرة والرؤوس الكبيرة التي وراءها.
لم تنته هذه الفضائح في الخروقات والتجاوزات على الدستور والقانون عند هذه القضايا التي كشفت، بل أن تقارير أخرى فضحت أدوارا أخرى لتشيني في صناعة فرق خاصة سرية للاغتيالات لشخصيات معارضة سياسية أو قيادات تجمعات ومنظمات دينية لإثارة البلبلة ونشر الفوضى خارج الولايات المتحدة بادعاءات محاربة الإرهاب وغيرها من العناوين الجاهزة، التي تفننت بها إدارة جورج بوش الثاني خصوصا. وهي عمليات سرية مخالفة لابسط الشرائع والقوانين الإنسانية والأعراف الدولية.
حسب صحيفة الأوبزرفر البريطانية (19/7/2009) ومراسلها في نيويورك، بول هاريس، الذي أورد تحت عنوان "رجال بوش المهمون يواجهون استجوابا بشأن التعذيب وفرق الموت". إن الولايات المتحدة تستعد لإجراء سلسلة من التحقيقات قد تنتهي بكبار مسؤولي إدارة الرئيس السابق جورج بوش إلى مواجهة الكونغرس من خلال محقق خاص وربما مواجهة تهم جنائية. وستسلط التحقيقات الضوء على السياسة التي اتبعتها إدارة بوش بشأن التعذيب وبرنامج الاغتيالات السري الذي تبنته وكالة الاستخبارات الأمريكية بما في ذلك الأدوار التي اضطلع بها نائب الرئيس السابق ديك تشيني ووزير الحرب السابق، دونالد رامسفيلد. واستدعى الكونغرس خلال تحقيق يجريه بشأن إقالة مدعين عامين اتحاديين مستشار بوش السياسي، كارل روف، الذي اضطر إلى المثول أمامه بهدف الإدلاء بشهادته وراء الكواليس. وبالمثل، فإن لجنة الاستخبارات في مجلس النواب طلبت الاطلاع على وثائق (سي آي إيه) بهدف فحصها قائلة إنها ستقبّم مدى قانونية احتفاظ الوكالة بفرق اغتيال سرية دون علم الكونغرس، وتشير الأنباء إلى أن تشيني شخصيا أمر بإنشاء هذه الفرقة. وتضيف الصحيفة إن خطوات التحقيق التي يباشرها الكونغرس تكشف عن رغبة طالما راودت إدارة الرئيس باراك أوباما والكونغرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون بشأن فحص انتهاك الدستور الأمريكي المنسوب إلى بعض أركان إدارة بوش.
ورغم كل هذه التحركات تظل الاسئلة: اين اصوات الضحايا؟ لماذا لا يشتركون في الدعاوي؟ ومتى يحاكم فعلا من يخرق الدستور والقانون؟.
تعود مرة أخرى صيحات متفاوتة في وسائل الإعلام الأمريكية وداخل أروقة الكونغرس تتحدث عن الخروقات الفاضحة للدستور والقانون الأمريكيين، والقانون الدولي الإنساني، وضرورة محاسبة ومحاكمة المقترفين لها، مهما كانت مواقعهم في السلطة، إذ يبقى الدستور والقانون فوق الجميع وأي تهرب منه لن يخدم العدالة وحكم القانون ودروس الاعتبار من الجرائم المرتكبة.
صراعات سياسية بين ديمقراطيين وجمهوريين، في مجلسي النواب والشيوخ، ومؤسساتهما، بين تحمل المسؤولية لما حصل من ارتكابات مخالفة بوضوح للدستور والقانون ترقى إلى الجرائم الكبرى، وهي خروقات في المسؤولية والالتزام القانوني والأخلاقي من جهة وفي المصداقية في التعبير عن التمثيل السياسي للمصالح الوطنية والعليا للدولة وعلاقاتها الدولية. وهي في كل الأحوال تدور في فلك الإدارة السياسية والمصالح الوطنية وانعكاساتها على تطبيقات كل منها، سابقا في العهد الجمهوري وحاليا في العهد الديمقراطي، والخلاف بين منهجي الرئيسين جورج بوش الثاني وباراك اوباما.
تقرير رسمي خطير أنجزه محققون من وكالات حكومية أمنية واستخبارية أمريكية، سمح بنشر جزء صغير منه أواسط تموز/ يوليو الماضي، أعاد مرة أخرى المطالبة بمحاسبة إدارة بوش السابقة ومسؤولين كبار بمن فيهم بوش ونائبه ديك تشيني على الخروقات القانونية والدستورية الخطيرة التي سمحت بإجازة برنامج تجسس على المواطنين الأمريكيين.. ورغم انه بذاته تجاوز على الدستور اضافت نتائجه عليه مسؤولية أخرى، حيث كشفت مدى التورط في التمييز وانتهاك حقوق الإنسان دون أدلة وشواهد إثبات فعلية تدعو إليه، الأمر الذي طور من الانتهاك بلا حماية لما تدعيه الإدارة بأمن أمريكا أو محاربة الإرهاب.
من بين ما ورد في الأوراق المسربة من التقرير تمرير وإصرار ديك تشيني على تجديد العمل ببرنامج التنصت والمراقبة دون حضور وزارة العدل، بعدما وصل إلى علمه والبيت الأبيض أن الوزارة برئاسة جون اشكروفت، بدأت النظر في مسألة قانونية البرنامج، وأن اشكروفت رفض التوقيع عليه، مع انه محسوب على الجناح اليميني في تيار المحافظين الجدد ومعروف بتشدده، مما يعكس انتهاك البرنامج ومخالفته حتى لقناعات يميني من الإدارة.
كشف التقرير أيضاً عن قيام أعضاء في الكونغرس بالاطلاع على هذا البرنامج خلال 49 جلسة ولقاء عقدت ما بين تشرين الأول/ أكتوبر 2001 وكانون الثاني/ يناير 2007 دون اعتراضات جدية منهم مثلما حصل من وزارة العدل، الأمر الذي يعني أن بعض أعضاء الكونغرس المسؤولين عن حماية الدستور وإصدار التشريعات تغاضوا عن هذا البرنامج وشاركوا فيه ضمنا.
فضيحة أخرى كشف عنها التقرير أن عددا قليلا، بأوامر من البيت الأبيض، سمح لهم معرفة البرنامج، فمثلا في وزارة العدل كان الوزير جون اشكروفت واثنان من مساعديه فقط، من بينهم جون يو المحامي الشهير الذي شرع التعذيب في عهد بوش. وكذلك الحال داخل وكالة الاستخبارات الأمريكية ودوائر ووكالات أمنية أخرى، أي أن الجهات التي تعلم به وتعمل عليه محصورة ومنظمة وسرية وبتقصد واضح، وتعمل كأنها إدارة داخل الإدارة بإشراف نائب الرئيس وعلم الرئيس طبعا!.
هذا جانب صغير من الخروقات الدستورية والقانونية أثبته أيضا رئيس وكالة الاستخبارات الأمريكية الجديد الذي عينه اوباما، ليون بنيتا في جلسة مغلقة، مؤكدا بأن الوكالة خدعت وأخفت معلومات عن أعضاء الكونغرس. وبعد تسرب المعلومات هذه وتوزع التهم بين المسؤولين في الإدارة السابقة وأعضاء في الكونغرس والوكالات الاستخبارية والأمنية والحكومية الأخرى، تحركت جهات متعددة للتملص من المسؤولية المباشرة بالدعوة إلى فتح صفحات أخرى من تلك الجرائم والتهم الخطيرة والرؤوس الكبيرة التي وراءها.
لم تنته هذه الفضائح في الخروقات والتجاوزات على الدستور والقانون عند هذه القضايا التي كشفت، بل أن تقارير أخرى فضحت أدوارا أخرى لتشيني في صناعة فرق خاصة سرية للاغتيالات لشخصيات معارضة سياسية أو قيادات تجمعات ومنظمات دينية لإثارة البلبلة ونشر الفوضى خارج الولايات المتحدة بادعاءات محاربة الإرهاب وغيرها من العناوين الجاهزة، التي تفننت بها إدارة جورج بوش الثاني خصوصا. وهي عمليات سرية مخالفة لابسط الشرائع والقوانين الإنسانية والأعراف الدولية.
حسب صحيفة الأوبزرفر البريطانية (19/7/2009) ومراسلها في نيويورك، بول هاريس، الذي أورد تحت عنوان "رجال بوش المهمون يواجهون استجوابا بشأن التعذيب وفرق الموت". إن الولايات المتحدة تستعد لإجراء سلسلة من التحقيقات قد تنتهي بكبار مسؤولي إدارة الرئيس السابق جورج بوش إلى مواجهة الكونغرس من خلال محقق خاص وربما مواجهة تهم جنائية. وستسلط التحقيقات الضوء على السياسة التي اتبعتها إدارة بوش بشأن التعذيب وبرنامج الاغتيالات السري الذي تبنته وكالة الاستخبارات الأمريكية بما في ذلك الأدوار التي اضطلع بها نائب الرئيس السابق ديك تشيني ووزير الحرب السابق، دونالد رامسفيلد. واستدعى الكونغرس خلال تحقيق يجريه بشأن إقالة مدعين عامين اتحاديين مستشار بوش السياسي، كارل روف، الذي اضطر إلى المثول أمامه بهدف الإدلاء بشهادته وراء الكواليس. وبالمثل، فإن لجنة الاستخبارات في مجلس النواب طلبت الاطلاع على وثائق (سي آي إيه) بهدف فحصها قائلة إنها ستقبّم مدى قانونية احتفاظ الوكالة بفرق اغتيال سرية دون علم الكونغرس، وتشير الأنباء إلى أن تشيني شخصيا أمر بإنشاء هذه الفرقة. وتضيف الصحيفة إن خطوات التحقيق التي يباشرها الكونغرس تكشف عن رغبة طالما راودت إدارة الرئيس باراك أوباما والكونغرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون بشأن فحص انتهاك الدستور الأمريكي المنسوب إلى بعض أركان إدارة بوش.
ورغم كل هذه التحركات تظل الاسئلة: اين اصوات الضحايا؟ لماذا لا يشتركون في الدعاوي؟ ومتى يحاكم فعلا من يخرق الدستور والقانون؟.