الخميس 12/2/2009
أعلن عن وجود الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في بغداد بعد وصوله إليها (يوم 10/2/2009)، وخروجه منها محملا بالعديد من أوراق الاتفاقات والوعود وخطابات المؤتمرات الصحفية المكتوبة والمعدة سلفا. واصبح معروفا مثل هذه الزيارات السياسية الرسمية، أو التسلل العلني رغم تناقضها مع كل تصريحات المتسللين عن التحولات على الأرض في العراق، ولم تنفع معها الخديعة المفضوحة. ولا تختلف الزيارة الفرنسية على هذا المستوى أو غيرها إلى بغداد وبهذه الطريقة عما سبقتها من أمثالها. ويبقى الأهم في الزيارات ما ينجز وما يخطط له ويتفق عليه، وما يتحقق منها؟.
اغتنمت باريس وضع العراق الآن، بعد وعود الإدارة الأمريكية الجديدة بالانسحاب العسكري ونتائج الانتخابات المحلية والتوترات المتنقلة في المشرق العربي في علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية، مثلما فعل رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي في خطابه الموجه أمريكيا بالحضور الفرنسي، لافتا للانتباه ما أراده ردا واضحا وبقوة على تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، (صاحب مشروع تقسيم العراق الناعم، وسحبه عند زيارته الأخيرة للعراق ولقاءاته مع قيادات محلية في مدنها ومناطقها التي وزعها قبل تنصيبه)، الذي أشار إلى أن إدارته ستمارس ضغوطا على الزعماء العراقيين من اجل اتخاذ خطوات أفضل في ميادين عملهم. وتحمل الكلمات معناها وكذلك المناسبة الدبلوماسية لوجود الرئيس الفرنسي. مهما كانت الصيغ التي طرحت في المؤتمر الصحفي فانها بشكل آخر تؤشر إلى طبيعة العلاقات الأمريكية - الأوروبية والفرنسية منها، وعلى الساحة العربية خصوصا، والعراق منطلقا. وفي كل الأحوال أشارت الزيارة وما قدمه الرئيس الفرنسي من وعود كثيرة إلى أن تنافسا آخر بين الأقطاب الرأسمالية اخذ طريقه أو بدأت خطواته ترسم على الأرض، فلم تعد فرنسا متفرجة منذ موقفها من الحرب على العراق ولم تسكت شركاتها التي كانت لها حظوة في الاقتصاد العراقي، لاسيما النفط منه، عن حصتها أمام القيود الأمريكية وقوة الاحتلال الرئيسية في العراق الآن.
كثرت في المؤتمر الصحفي الوعود المحتملة التي تضمر نوايا مطلوبة للطرفين المشتركين. تصريحات الرئيس الفرنسي في بغداد تختصر المشروع الفرنسي في التنافس والعمل على حيازة حصة غير صغيرة من الكعكعة العراقية التي طبختها دبابات بوش وحلفائه وقرارات مجلس الأمن ومخططات المحافظين الجدد وتصريحات رامسفيلد وزير حرب بوش عن أوروبا، وحاول ترويجها بمؤشرات تتيح له القول، من صورة عن العراق إيجابية بعد زيارته غير المعلنة له وتحسن الوضع الأمني فيه، إلى فتح قنصليات وبناء سفارة كبيرة من جديد وتوسيع الاتفاقيات الاقتصادية، الهم الرئيس لكل جولة ساركوزي ووفده للعراق وسلطنة عمان، والبحرين، والكويت، وتضمنت في سياقها مراقبة الوضع الأمني والاستقرار في منطقة الخليج العربي والعلاقات مع إيران، واستغلالها لعودة العلاقات والشركات الفرنسية أساسا.( كان قد زار دول، الإمارات العربية والسعودية وقطر، وابرم اتفاقيات متعددة معها سابقا).
من بين ما أعلنه ساركوزي في بغداد أن 20% من الديون العراقية ستعالج من خلال تنفيذ مشاريع تبرم بين الحكومتين العراقية والفرنسية، عبر "عرض التعاون إلى أقصى حدود"، معتبرا أن عراقا "قويا" سيخلق توازنا في هذه المنطقة التي تحتاج إلى توازن، كما تولدت لديه صورة "جيدة" عن الوضع في العراق. وفي هذه الإشارات ما يكفي لمضمون الزيارة كلها، في إعادة العلاقات السياسية والاقتصادية، أولا، وضمن إطار الصراعات الدولية بين العواصم الرأسمالية، من خلال التنافس الاقتصادي والعسكري والسياسي، ثانيا، ومن ضمنها التوازي في خطط الهيمنة وتوزيع الأدوار في العلاقات الدولية، ثالثا.
زيارات ووفود بمستويات عالية تجول في المنطقة ويعلن عن علاقات ولقاءات أخرى لاستكمال ما خطط له وما رسم على الورق في هذه الفترة. هذه الزيارات وما يتمخض عنها تقوم بالتأكيد على أساس المصالح الاستراتيجية، وضمن سوق الصراع العالمي والأزمة المالية التي سببتها الإدارة الأمريكية الراحلة في تصرفاتها وحروبها العدوانية المتتالية على العالم العربي والإسلامي بشكل خاص. من يسبق الآخر ومن يفوز بالحصة الأكبر من الاستثمارات والخدمات والأعمار وغيرها هو الذي يبادر ويخطط ويستغل كل السبل التي توصله إلى مخططاته ومشاريعه. وهنا تختلف الصور وتتعدد المخططات وأبرزها ما يريده المحتل الاستعماري، مهما اختلفت التسميات القانونية والإدارية التي يجري تداولها إعلاميا، حيث ما زالت القيادات العسكرية الأمريكية هي التي تخطط لمستقبل المنطقة وتضع دراساتها ومشاريعها أمام الرئيس الأمريكي ليضع لمساته عليها والإعلان عنها مبادرات منه تطبيقا لوعوده، ووقائع الحال على الأرض والبنتاغون هي التي تقرر أخيرا. وليس كل ما يعلن عنه يمكن أن يحصل أو يتحقق بحكم تغير وتطور الأوضاع والعلاقات بين الأطراف المشتبكة، لاسيما في العراق بحكم الأمر الواقع وصراع الارادات، وهو ما يرسم خارطة العراق والمنطقة أيضا.
فرنسا في مبادرتها الرئاسية هذه تعيد العلاقات القديمة، وتجدد ما بينها من اتفاقيات وعقود ليست قليلة، مستغلة وعود المشاريع الاستثمارية الكبيرة المغرية التي يسيل لها لعاب كل الشركات الغربية، وفي إطار الصراعات المقبولة عالميا وفي هذه الفترة الحرجة رأسماليا. وقد يكون ما سمعه ساركوزي في بغداد وغيرها عن فتح الأبواب له وطلب مساعدته تعبيرا عن الحاجة المتبادلة داخليا وخارجيا، وقد تكون بغداد اكثر حاجة من باريس في مثل هذه العلاقات ولا سيما في محاولة تنويع مصادر السلاح ومصادر الضغوط المتنوعة والمتعددة التي توجه إليها، وتحسب لخطواتها، وهذا ما تسعى إليه فرنسا. والسؤال المركزي هو كيف تستثمر الحكومات العربية مثل هذه الأوضاع والمتغيرات والتطورات العالمية والمحلية، وتتحكم في قراراتها السيادية وتستفيد منها لمصالح شعوبها ومواجهة كل ما يخالف ذلك؟!.
أعلن عن وجود الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في بغداد بعد وصوله إليها (يوم 10/2/2009)، وخروجه منها محملا بالعديد من أوراق الاتفاقات والوعود وخطابات المؤتمرات الصحفية المكتوبة والمعدة سلفا. واصبح معروفا مثل هذه الزيارات السياسية الرسمية، أو التسلل العلني رغم تناقضها مع كل تصريحات المتسللين عن التحولات على الأرض في العراق، ولم تنفع معها الخديعة المفضوحة. ولا تختلف الزيارة الفرنسية على هذا المستوى أو غيرها إلى بغداد وبهذه الطريقة عما سبقتها من أمثالها. ويبقى الأهم في الزيارات ما ينجز وما يخطط له ويتفق عليه، وما يتحقق منها؟.
اغتنمت باريس وضع العراق الآن، بعد وعود الإدارة الأمريكية الجديدة بالانسحاب العسكري ونتائج الانتخابات المحلية والتوترات المتنقلة في المشرق العربي في علاقاته مع الولايات المتحدة الأمريكية، مثلما فعل رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي في خطابه الموجه أمريكيا بالحضور الفرنسي، لافتا للانتباه ما أراده ردا واضحا وبقوة على تصريحات نائب الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن، (صاحب مشروع تقسيم العراق الناعم، وسحبه عند زيارته الأخيرة للعراق ولقاءاته مع قيادات محلية في مدنها ومناطقها التي وزعها قبل تنصيبه)، الذي أشار إلى أن إدارته ستمارس ضغوطا على الزعماء العراقيين من اجل اتخاذ خطوات أفضل في ميادين عملهم. وتحمل الكلمات معناها وكذلك المناسبة الدبلوماسية لوجود الرئيس الفرنسي. مهما كانت الصيغ التي طرحت في المؤتمر الصحفي فانها بشكل آخر تؤشر إلى طبيعة العلاقات الأمريكية - الأوروبية والفرنسية منها، وعلى الساحة العربية خصوصا، والعراق منطلقا. وفي كل الأحوال أشارت الزيارة وما قدمه الرئيس الفرنسي من وعود كثيرة إلى أن تنافسا آخر بين الأقطاب الرأسمالية اخذ طريقه أو بدأت خطواته ترسم على الأرض، فلم تعد فرنسا متفرجة منذ موقفها من الحرب على العراق ولم تسكت شركاتها التي كانت لها حظوة في الاقتصاد العراقي، لاسيما النفط منه، عن حصتها أمام القيود الأمريكية وقوة الاحتلال الرئيسية في العراق الآن.
كثرت في المؤتمر الصحفي الوعود المحتملة التي تضمر نوايا مطلوبة للطرفين المشتركين. تصريحات الرئيس الفرنسي في بغداد تختصر المشروع الفرنسي في التنافس والعمل على حيازة حصة غير صغيرة من الكعكعة العراقية التي طبختها دبابات بوش وحلفائه وقرارات مجلس الأمن ومخططات المحافظين الجدد وتصريحات رامسفيلد وزير حرب بوش عن أوروبا، وحاول ترويجها بمؤشرات تتيح له القول، من صورة عن العراق إيجابية بعد زيارته غير المعلنة له وتحسن الوضع الأمني فيه، إلى فتح قنصليات وبناء سفارة كبيرة من جديد وتوسيع الاتفاقيات الاقتصادية، الهم الرئيس لكل جولة ساركوزي ووفده للعراق وسلطنة عمان، والبحرين، والكويت، وتضمنت في سياقها مراقبة الوضع الأمني والاستقرار في منطقة الخليج العربي والعلاقات مع إيران، واستغلالها لعودة العلاقات والشركات الفرنسية أساسا.( كان قد زار دول، الإمارات العربية والسعودية وقطر، وابرم اتفاقيات متعددة معها سابقا).
من بين ما أعلنه ساركوزي في بغداد أن 20% من الديون العراقية ستعالج من خلال تنفيذ مشاريع تبرم بين الحكومتين العراقية والفرنسية، عبر "عرض التعاون إلى أقصى حدود"، معتبرا أن عراقا "قويا" سيخلق توازنا في هذه المنطقة التي تحتاج إلى توازن، كما تولدت لديه صورة "جيدة" عن الوضع في العراق. وفي هذه الإشارات ما يكفي لمضمون الزيارة كلها، في إعادة العلاقات السياسية والاقتصادية، أولا، وضمن إطار الصراعات الدولية بين العواصم الرأسمالية، من خلال التنافس الاقتصادي والعسكري والسياسي، ثانيا، ومن ضمنها التوازي في خطط الهيمنة وتوزيع الأدوار في العلاقات الدولية، ثالثا.
زيارات ووفود بمستويات عالية تجول في المنطقة ويعلن عن علاقات ولقاءات أخرى لاستكمال ما خطط له وما رسم على الورق في هذه الفترة. هذه الزيارات وما يتمخض عنها تقوم بالتأكيد على أساس المصالح الاستراتيجية، وضمن سوق الصراع العالمي والأزمة المالية التي سببتها الإدارة الأمريكية الراحلة في تصرفاتها وحروبها العدوانية المتتالية على العالم العربي والإسلامي بشكل خاص. من يسبق الآخر ومن يفوز بالحصة الأكبر من الاستثمارات والخدمات والأعمار وغيرها هو الذي يبادر ويخطط ويستغل كل السبل التي توصله إلى مخططاته ومشاريعه. وهنا تختلف الصور وتتعدد المخططات وأبرزها ما يريده المحتل الاستعماري، مهما اختلفت التسميات القانونية والإدارية التي يجري تداولها إعلاميا، حيث ما زالت القيادات العسكرية الأمريكية هي التي تخطط لمستقبل المنطقة وتضع دراساتها ومشاريعها أمام الرئيس الأمريكي ليضع لمساته عليها والإعلان عنها مبادرات منه تطبيقا لوعوده، ووقائع الحال على الأرض والبنتاغون هي التي تقرر أخيرا. وليس كل ما يعلن عنه يمكن أن يحصل أو يتحقق بحكم تغير وتطور الأوضاع والعلاقات بين الأطراف المشتبكة، لاسيما في العراق بحكم الأمر الواقع وصراع الارادات، وهو ما يرسم خارطة العراق والمنطقة أيضا.
فرنسا في مبادرتها الرئاسية هذه تعيد العلاقات القديمة، وتجدد ما بينها من اتفاقيات وعقود ليست قليلة، مستغلة وعود المشاريع الاستثمارية الكبيرة المغرية التي يسيل لها لعاب كل الشركات الغربية، وفي إطار الصراعات المقبولة عالميا وفي هذه الفترة الحرجة رأسماليا. وقد يكون ما سمعه ساركوزي في بغداد وغيرها عن فتح الأبواب له وطلب مساعدته تعبيرا عن الحاجة المتبادلة داخليا وخارجيا، وقد تكون بغداد اكثر حاجة من باريس في مثل هذه العلاقات ولا سيما في محاولة تنويع مصادر السلاح ومصادر الضغوط المتنوعة والمتعددة التي توجه إليها، وتحسب لخطواتها، وهذا ما تسعى إليه فرنسا. والسؤال المركزي هو كيف تستثمر الحكومات العربية مثل هذه الأوضاع والمتغيرات والتطورات العالمية والمحلية، وتتحكم في قراراتها السيادية وتستفيد منها لمصالح شعوبها ومواجهة كل ما يخالف ذلك؟!.