السبت 28/2/2009
يعبر المشهد السياسي في الصومال عن حصول تغيرات سياسية وتفاهمات تبحث عن الاستقرار بعد عقود من الحروب والصراعات الداخلية والخارجية، حيث تم التوافق على انتخاب رئيس للدولة ورئيس وزراء وتشكيل مجلس وزراء وترحيب سياسي وإعلامي من الأطراف المعنية بالأزمة الصومالية، عربيا ودوليا. وهي خطوات متتالية ومتوافق عليها بين الأطراف الصومالية التي تجتمع خارج بلادها وتدير شؤونه عبر برلمان ودستور لم ينجح سابقا في الاستمرار طويلا على تطبيق ما يعيد الصومال إلى دولة ناجحة وقادرة. فهل ستسمر الصورة الجديدة وهل سيستقر الصومال وتتوقف التدخلات الخارجية فيه ويترك لأبنائه لإعادة بنائه وتخطيط مستقبله بما يخدم مصالح شعبه وجيرانه والأمن والسلام الدوليين؟، وهل سيستفيد أبناؤه من التجربة الماضية ويتخلصوا من آثارها الكارثية؟، وهل ما حصل في الصومال الآن جزء من السياسة الاستراتيجية العامة في تهدئة الأوضاع في المناطق المتوترة والحروب المشتعلة أم أنها هدنة مؤقتة واستراحة لمخططات أخرى واجندات لا تخدم الشعوب في المنطقة؟!.
الإجابة على الكثير من الأسئلة تعيد إلى الأذهان سنوات الحروب والفقر والمجاعة والانقسامات العائلية والقبلية والدويلات المتنافسة والمتصارعة والتدخلات الخارجية وغيرها مما حول تلك الدولة والشعب إلى نموذج صارخ لتهديم الدولة وتمزيق الشعب، والى مصدر زعزعة الأمن والاستقرار وفشل الإدارات في إعادة بناء الدولة واستثمار خيرات البلاد لمصالح الشعب. حيث انتشرت ظاهرة أمراء الحرب والزعامات المحلية على حساب الدولة والإدارة المركزية وفشلت اكثر من أربعة عشرة حكومة مؤقتة من الاستمرار والعمل على إدارة البلاد وقيادة الشعب. سبقتها مشاريع الأمل الأمريكية ودورها في ترك دولة الصومال لمصيرها، حتى برزت ظاهرة القرصنة الدولية وتأثيرها على المصالح والتجارة العالمية، الأمر الذي أعاد الاهتمام ودق جرس الإنذار والمطالبة بصفقة إقليمية دولية ضمن السياسة الدولية الاستراتيجية للمنطقة والعالم. تتضمن قبول تنصيب رئيس الدولة الجديد الذي هزمته القوات الأثيوبية التي تدخلت بالنيابة عن الإدارة الأمريكية في إنهاء حكمه. وكان قد سيطر على العاصمة وأعلن حكومة ملتزمة بالشريعة الإسلامية واستطاع الحفاظ على الأمن والاستقرار فيها ولكن الحرب الأمريكية على الإرهاب كما سمتها شملت تلك الحكومة والحركة التي قادتها وحدث ما حدث. عادت الآن إلى معادلة جديدة توافقية، ولكن بعدما أحدثت انقسامات داخلية فعلها في الحركة والزعامات الصومالية، وبروز الرئيس الحالي الشيخ شريف الشيخ احمد كقائد معتدل، بينما ظلت زعامات في الحركة والفصائل المسلحة تتحكم في مناطق في الصومال، وتشكل معارضة عنفية أمام الحكومة والرئاسة الجديدة وتحديا آخر في القضية الصومالية عموما. وتصبح التفاهمات والصفقات الجديدة ما يتطلبه الواقع الجديد في حالة استمراره والتزام الأطراف الأخرى التي ساعدت أو أسهمت في تشكيل الصورة الجديدة، بما يتوجب عليها القيام به، كانسحاب القوات الأثيوبية بالكامل وعدم التهديد بالعودة مرة أخرى وتقديم المساعدات المتنوعة إلى الإدارة الجديدة ودعم جهودها الداخلية في الحوار والمصالحة مع الجماعات المعارضة والضغط عليها في هذا السبيل، وتوفير كل الإمكانيات لإعادة بناء مقومات الدولة الناجحة ومؤسساتها الرئيسية القادرة على بسط سيادتها في البلاد وفرض حكم القانون ومواجهة القرصنة وجرائم الحرب الوحشية.
تطرح التحولات الجديدة في الصومال موضوعات إعادة بناء دولة جديدة بعد اكثر من عقدين من غيابها وتحكم أمراء الحروب في تفتيتها وتقسيم البلاد والشعب فيها، وهي تركة ثقيلة وتحديات كبيرة، تتطلب حلولا عاجلة ودائمية، لاسيما في التفاهم مع المعارضة المسلحة التي تقودها الفصائل الأخرى، وتترأسها حركة الشباب، ولاسيما إعلان أربعة فصائل هي المحاكم جناح اسمرا ومعسكر كامبوني والجبهة الإسلامية ومعسكر الفاروق عانولي توحيد صفوفها ضد حكم الرئيس الجديد الشيخ شريف, كذلك مواجهة انتشار السلاح عند الفصائل والقبائل وغياب مؤسسات الدولة الموحدة والقوية خاصة الجيش والشرطة, والتصدي لمشكلات الفقر والمجاعة التي تهدد أكثر من ثلاثة ملايين شخص وتمثل أكبر مأساة إنسانية في العالم, إضافة إلى العمل على وقف التدخل الخارجي.
في تقارير المنظمات المدافعة عن حقوق إنسان صور أخرى عن التحديات القائمة وعن طبيعة الأوضاع في البلاد، حيث أشار تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش أصدرته مطلع الشهر الأخير من العام الماضي إلى اتهام كل الأطراف المتورطة في النزاع الدموي في الصومال بارتكاب جرائم حرب وغير ذلك من الإساءات الجسيمة التي أسهمت في الكارثة الإنسانية المحيقة بالصومال.. وتشمل الانتهاكات المتكررة الهجمات العشوائية وقتل واغتصاب واستغلال المدنيين كدروع بشرية، وأعمال النهب. ومنذ مطلع عام 2007 أدى النزاع المتصاعد إلى مقتل آلاف المدنيين، وتسبب في تشريد أكثر من مليون شخص، وتسبب في خروج أغلب السكان من العاصمة مقديشو. وقد تسببت الهجمات المتزايدة على القائمين بالإغاثة الإنسانية إلى تحجيم عمليات الإغاثة وزادت من الأزمة الإنسانية الجديدة.
وقالت جورجيت غانيون مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "ألحق المتقاتلون في الصومال ضررا بالمدنيين أكبر مما ألحقوا ببعضهم البعض". وتابعت قائلة: "لا توجد حلول جاهزة للصومال، لكن على الحكومات الأجنبية أن تكف عن تأجيج النيران بالسياسات سيئة التوجيه التي تُمكن منتهكي حقوق الإنسان".
وأشارت تقارير دولية إلى سقوط اكثر من 300 ألف ضحية مدنية صومالية خلال الحروب الأهلية والعدوان الخارجي على الشعب الصومالي، كما أن اغلب هذه التقارير بما فيها تقرير مجموعة الأزمات الدولية حمّلت الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا مسؤولية الدمار والخراب والنزاعات في الصومال وطالبتها بالعمل على إنجاح خطة توافق جامعة، وهو ما حصل مؤخرا، ودعم إعادة بناء دولة الصومال واستقراره. فهل ستستقر الصومال؟
يعبر المشهد السياسي في الصومال عن حصول تغيرات سياسية وتفاهمات تبحث عن الاستقرار بعد عقود من الحروب والصراعات الداخلية والخارجية، حيث تم التوافق على انتخاب رئيس للدولة ورئيس وزراء وتشكيل مجلس وزراء وترحيب سياسي وإعلامي من الأطراف المعنية بالأزمة الصومالية، عربيا ودوليا. وهي خطوات متتالية ومتوافق عليها بين الأطراف الصومالية التي تجتمع خارج بلادها وتدير شؤونه عبر برلمان ودستور لم ينجح سابقا في الاستمرار طويلا على تطبيق ما يعيد الصومال إلى دولة ناجحة وقادرة. فهل ستسمر الصورة الجديدة وهل سيستقر الصومال وتتوقف التدخلات الخارجية فيه ويترك لأبنائه لإعادة بنائه وتخطيط مستقبله بما يخدم مصالح شعبه وجيرانه والأمن والسلام الدوليين؟، وهل سيستفيد أبناؤه من التجربة الماضية ويتخلصوا من آثارها الكارثية؟، وهل ما حصل في الصومال الآن جزء من السياسة الاستراتيجية العامة في تهدئة الأوضاع في المناطق المتوترة والحروب المشتعلة أم أنها هدنة مؤقتة واستراحة لمخططات أخرى واجندات لا تخدم الشعوب في المنطقة؟!.
الإجابة على الكثير من الأسئلة تعيد إلى الأذهان سنوات الحروب والفقر والمجاعة والانقسامات العائلية والقبلية والدويلات المتنافسة والمتصارعة والتدخلات الخارجية وغيرها مما حول تلك الدولة والشعب إلى نموذج صارخ لتهديم الدولة وتمزيق الشعب، والى مصدر زعزعة الأمن والاستقرار وفشل الإدارات في إعادة بناء الدولة واستثمار خيرات البلاد لمصالح الشعب. حيث انتشرت ظاهرة أمراء الحرب والزعامات المحلية على حساب الدولة والإدارة المركزية وفشلت اكثر من أربعة عشرة حكومة مؤقتة من الاستمرار والعمل على إدارة البلاد وقيادة الشعب. سبقتها مشاريع الأمل الأمريكية ودورها في ترك دولة الصومال لمصيرها، حتى برزت ظاهرة القرصنة الدولية وتأثيرها على المصالح والتجارة العالمية، الأمر الذي أعاد الاهتمام ودق جرس الإنذار والمطالبة بصفقة إقليمية دولية ضمن السياسة الدولية الاستراتيجية للمنطقة والعالم. تتضمن قبول تنصيب رئيس الدولة الجديد الذي هزمته القوات الأثيوبية التي تدخلت بالنيابة عن الإدارة الأمريكية في إنهاء حكمه. وكان قد سيطر على العاصمة وأعلن حكومة ملتزمة بالشريعة الإسلامية واستطاع الحفاظ على الأمن والاستقرار فيها ولكن الحرب الأمريكية على الإرهاب كما سمتها شملت تلك الحكومة والحركة التي قادتها وحدث ما حدث. عادت الآن إلى معادلة جديدة توافقية، ولكن بعدما أحدثت انقسامات داخلية فعلها في الحركة والزعامات الصومالية، وبروز الرئيس الحالي الشيخ شريف الشيخ احمد كقائد معتدل، بينما ظلت زعامات في الحركة والفصائل المسلحة تتحكم في مناطق في الصومال، وتشكل معارضة عنفية أمام الحكومة والرئاسة الجديدة وتحديا آخر في القضية الصومالية عموما. وتصبح التفاهمات والصفقات الجديدة ما يتطلبه الواقع الجديد في حالة استمراره والتزام الأطراف الأخرى التي ساعدت أو أسهمت في تشكيل الصورة الجديدة، بما يتوجب عليها القيام به، كانسحاب القوات الأثيوبية بالكامل وعدم التهديد بالعودة مرة أخرى وتقديم المساعدات المتنوعة إلى الإدارة الجديدة ودعم جهودها الداخلية في الحوار والمصالحة مع الجماعات المعارضة والضغط عليها في هذا السبيل، وتوفير كل الإمكانيات لإعادة بناء مقومات الدولة الناجحة ومؤسساتها الرئيسية القادرة على بسط سيادتها في البلاد وفرض حكم القانون ومواجهة القرصنة وجرائم الحرب الوحشية.
تطرح التحولات الجديدة في الصومال موضوعات إعادة بناء دولة جديدة بعد اكثر من عقدين من غيابها وتحكم أمراء الحروب في تفتيتها وتقسيم البلاد والشعب فيها، وهي تركة ثقيلة وتحديات كبيرة، تتطلب حلولا عاجلة ودائمية، لاسيما في التفاهم مع المعارضة المسلحة التي تقودها الفصائل الأخرى، وتترأسها حركة الشباب، ولاسيما إعلان أربعة فصائل هي المحاكم جناح اسمرا ومعسكر كامبوني والجبهة الإسلامية ومعسكر الفاروق عانولي توحيد صفوفها ضد حكم الرئيس الجديد الشيخ شريف, كذلك مواجهة انتشار السلاح عند الفصائل والقبائل وغياب مؤسسات الدولة الموحدة والقوية خاصة الجيش والشرطة, والتصدي لمشكلات الفقر والمجاعة التي تهدد أكثر من ثلاثة ملايين شخص وتمثل أكبر مأساة إنسانية في العالم, إضافة إلى العمل على وقف التدخل الخارجي.
في تقارير المنظمات المدافعة عن حقوق إنسان صور أخرى عن التحديات القائمة وعن طبيعة الأوضاع في البلاد، حيث أشار تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش أصدرته مطلع الشهر الأخير من العام الماضي إلى اتهام كل الأطراف المتورطة في النزاع الدموي في الصومال بارتكاب جرائم حرب وغير ذلك من الإساءات الجسيمة التي أسهمت في الكارثة الإنسانية المحيقة بالصومال.. وتشمل الانتهاكات المتكررة الهجمات العشوائية وقتل واغتصاب واستغلال المدنيين كدروع بشرية، وأعمال النهب. ومنذ مطلع عام 2007 أدى النزاع المتصاعد إلى مقتل آلاف المدنيين، وتسبب في تشريد أكثر من مليون شخص، وتسبب في خروج أغلب السكان من العاصمة مقديشو. وقد تسببت الهجمات المتزايدة على القائمين بالإغاثة الإنسانية إلى تحجيم عمليات الإغاثة وزادت من الأزمة الإنسانية الجديدة.
وقالت جورجيت غانيون مديرة قسم أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "ألحق المتقاتلون في الصومال ضررا بالمدنيين أكبر مما ألحقوا ببعضهم البعض". وتابعت قائلة: "لا توجد حلول جاهزة للصومال، لكن على الحكومات الأجنبية أن تكف عن تأجيج النيران بالسياسات سيئة التوجيه التي تُمكن منتهكي حقوق الإنسان".
وأشارت تقارير دولية إلى سقوط اكثر من 300 ألف ضحية مدنية صومالية خلال الحروب الأهلية والعدوان الخارجي على الشعب الصومالي، كما أن اغلب هذه التقارير بما فيها تقرير مجموعة الأزمات الدولية حمّلت الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا مسؤولية الدمار والخراب والنزاعات في الصومال وطالبتها بالعمل على إنجاح خطة توافق جامعة، وهو ما حصل مؤخرا، ودعم إعادة بناء دولة الصومال واستقراره. فهل ستستقر الصومال؟