الجمعة 5/9/2008
أسرعت حكومات الاتحاد الأوروبي إلى الاجتماع لمعالجة ما سمته الأزمة الروسية الجورجية، متناسية كل الصراعات والأزمات الدولية المحيطة بها والتي لعبت أدوارا تاريخية فيها، واضعة نفسها أمام اختبار شديد لمصداقيتها ومواقفها وتطوراتها الاجتماعية ونضالها من اجل بناء اتحادها الجديد، وكاشفة بوضوح تبعيتها الصارخة لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية مستهينة بقدراتها والتحولات السياسية الدولية التي تعمل على التعددية القطبية. وإثناء الاجتماع بان خلافها بين ارثها الاستعماري وانتهاكاتها لحقوق الإنسان والشعوب في العالم الثالث خصوصا، وبين التبعية الصارخة، أو الروح الانتقامية، متذرعة بتحالفها مع القوة الأعظم دون النظر إلى مكانتها وقوتها هي بالذات وعملها على أن تكون القطب الآخر في بناء عالم جديد فعلا. وأنتهى الاجتماع، بعد كل ما سبقه من جولات وزيارات رئيسه الحالي، الرئيس الفرنسي ساركوزي إلى موسكو وتبليسي ومشاركة المستشارة الألمانية ميركل، من طرفها الآخر، وكذلك تبادل التصريحات النارية بين كل الأطراف، بالحلول الوسطية التي لا تقطع خيوط الحوار ولا تتخلى عن لغة التهديد مع معرفة دول الاتحاد الرئيسية بحاجتها الماسة للعلاقات المتوازنة مع روسيا الجديدة اليوم، وهي تعرف أن مساهمتها بتصعيد الأزمة لا يخدمها وقد يعرضها إلى أزمات من نوع آخر يضعفها أمام التحديات الدولية الأخرى، ولكنها في الوقت نفسه تنزع عمليا إلى ما هو متفق مع المخططات الغربية عموما في قضم ما كان محسوبا على روسيا أو ضمن ما تسميه وسائل الإعلام الحديقة الخلفية لها، وتفكيك سياجاتها الحدودية بضم دول حلف وارشو الحليفة السابقة لها إلى حلف شمال الأطلسي، (هل سيبقى بهذا الاسم، رغم أن مضمونه واحد؟). ووضّح تسارعها إلى الاجتماع وانتهاؤها بهذه النتائج الهادئة مدى رهاناتها ومصالحها في هذه الحرب والمشاركة في مخططات أمريكية متواصلة مع مخططات استباقية ومشاريع الدرع الصاروخية والقواعد الأمريكية الجديدة على أراضيها. ويظل السؤال هنا: ما هي الدروس التي انتهت إليها من سنوات الحرب الباردة الأولى؟.
منذ اندلاع المعارك واشتداد الأزمة بين تبليسي وموسكو في منطقة أوستيا الجنوبية تبادل أطرافها الرئيسيون الاتهامات عنها، وبينها مقتل آلاف من المواطنين الأبرياء في قراهم ومدنهم ولم يتحدث أحد عنهم بقدر ما تبين أن وراء الأزمة هذه وفي ظروفها وتداعياتها شركاء آخرين، اسهموا بدورهم فيها ولحسابات استراتيجية خطيرة لتغيير معادلات وحسابات جيو استراتيجية دولية، ومن بينها كشف النقاب عن دور أمريكي واضح وآخر "إسرائيلي " في تدريب وتجهيز القوات الجورجية لشن الحرب وإعلانها من طرفها وتصعيد التوتر الأمني في القوقاز وتوفير مساحة أخرى للهيمنة، بعد حرائق في اكثر من بلد من العالمين العربي والإسلامي ولاستمرارها. وليست أزمة القوقاز بعيدة عن استعدادات عسكرية لتوسيع الحرب على إيران وتنويع مصادر الهجوم عليها وتعدد جهاتها المختلفة لتحقيق الأهداف المعلنة والمخفية من السيطرة على الثروات النفطية والغاز ومد أنابيبها وتحطيم تطلعات الشعوب في بناء بلدانها واستثمار ثرواتها ومصالحها لخدمة أجيالها ومستقبلها وتحالفاتها الاستراتيجية.
منظمة الأمن والتعاون الأوروبية أو ممثلوها في المنطقة اتهموا جورجيا بالوقوف وراء اندلاع الأزمة في القوقاز والإعداد لها منذ اشهر وارتكاب جرائم حرب، وكان الرئيس الجورجي ساكاشيفلي قد اعترف بذلك ضمنيا وهو يشكو إلى العالم مدعيا خوفه من "غزو روسي" لبلاده الضعيفة والصغيرة، وأشارت وسائل إعلام أمريكية إلى تورطه هو وحماقته بتنفيذ مخططات أمريكية وتحوله إلى منصة عدوان في خاصرة روسيا، وفوجئ هو ومن حرضه على العدوان بالرد الروسي الحاسم والسريع، الذي أعاد التفكير بقوة روسيا ودورها في كسر القطبية الأحادية في السياسة الدولية وبدء انهيار القطب الأوحد اليوم، أو التمهيد له.
الخلافات داخل اجتماع الاتحاد الأوروبي لم تخف محاولات التماهي مع المشاريع الأمريكية وتطبيق سياساتها الاستراتيجية في محاصرة روسيا والضغط عليها من خلال توقيف المباحثات معها حول الشراكة، ومطالبة بعض الدول، لاسيما بريطانيا وبولونيا ودول البلطيق (والمرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية!) في تصعيد الضغوط على روسيا وتهديدها بعواقب اكثر دون النظر إلى تقارير دولية ووقائع الوضع وحق روسيا القانوني والشرعي في الدفاع عن نفسها ورعاياها ومنع العدوان من التحول إلى سابقة تضاف إلى حملات التهميش لدورها وموقعها في المنطقة أساسا.
روسيا على لسان مسؤوليها حملت الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية الأزمة، والرد الأمريكي بتوقيع اتفاقية مع بولونيا حول نصب قاعدة للدرع الصاروخية أوضح ذلك أو أكد عليه، لاسيما وان روسيا صرحت بجلاء أن هذه الاتفاقية والمخطط الأمريكي منها لا يختلف عن حرب النجوم السابقة التي استهدفت مباشرة أمن روسيا ومحاصرتها دوليا.
الاتهامات والتهديدات، الاجتماعات والزيارات، المشاركة العملية من أطراف عديدة وفي مقدمتهم الإدارة الأمريكية فاقمت من الأزمة الحالية ودولتها لأهداف مقصودة. وهذا ما تعلنه البيانات الساعية إلى تصعيد الموقف مع روسيا بحجة الدفاع عن استقلال جورجيا وسيادتها، والدعم العسكري المباشر ونقله بالبوارج الحربية وخاصة الأمريكية، ودفع حكومة جورجيا للتسارع بالتبعية الكاملة للسياسة الأمريكية والتخلي عن دورها وموقعها في منطقة القوقاز ومنظماته الإقليمية تحت واجهة الانتساب إلى حلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي والتحول إلى قاعدة إضافية في محاصرة روسيا.. ومن جهة أخرى تكشف التناقضات بين الدعاوى الأوروبية ومواقفها أزمة حادة في المعايير والاعتبارات والمصداقية الأخلاقية وطبيعة صراعها الأخير، وسعيها المتواصل إلى حصص لها في هيمنة غربية جديدة على العالم، يثير الخشية الآن من حرب باردة عالمية ثانية قد تتحول إلى صراع بين غرب وشرق لم يعلن بعد!.
أسرعت حكومات الاتحاد الأوروبي إلى الاجتماع لمعالجة ما سمته الأزمة الروسية الجورجية، متناسية كل الصراعات والأزمات الدولية المحيطة بها والتي لعبت أدوارا تاريخية فيها، واضعة نفسها أمام اختبار شديد لمصداقيتها ومواقفها وتطوراتها الاجتماعية ونضالها من اجل بناء اتحادها الجديد، وكاشفة بوضوح تبعيتها الصارخة لسياسات الولايات المتحدة الأمريكية مستهينة بقدراتها والتحولات السياسية الدولية التي تعمل على التعددية القطبية. وإثناء الاجتماع بان خلافها بين ارثها الاستعماري وانتهاكاتها لحقوق الإنسان والشعوب في العالم الثالث خصوصا، وبين التبعية الصارخة، أو الروح الانتقامية، متذرعة بتحالفها مع القوة الأعظم دون النظر إلى مكانتها وقوتها هي بالذات وعملها على أن تكون القطب الآخر في بناء عالم جديد فعلا. وأنتهى الاجتماع، بعد كل ما سبقه من جولات وزيارات رئيسه الحالي، الرئيس الفرنسي ساركوزي إلى موسكو وتبليسي ومشاركة المستشارة الألمانية ميركل، من طرفها الآخر، وكذلك تبادل التصريحات النارية بين كل الأطراف، بالحلول الوسطية التي لا تقطع خيوط الحوار ولا تتخلى عن لغة التهديد مع معرفة دول الاتحاد الرئيسية بحاجتها الماسة للعلاقات المتوازنة مع روسيا الجديدة اليوم، وهي تعرف أن مساهمتها بتصعيد الأزمة لا يخدمها وقد يعرضها إلى أزمات من نوع آخر يضعفها أمام التحديات الدولية الأخرى، ولكنها في الوقت نفسه تنزع عمليا إلى ما هو متفق مع المخططات الغربية عموما في قضم ما كان محسوبا على روسيا أو ضمن ما تسميه وسائل الإعلام الحديقة الخلفية لها، وتفكيك سياجاتها الحدودية بضم دول حلف وارشو الحليفة السابقة لها إلى حلف شمال الأطلسي، (هل سيبقى بهذا الاسم، رغم أن مضمونه واحد؟). ووضّح تسارعها إلى الاجتماع وانتهاؤها بهذه النتائج الهادئة مدى رهاناتها ومصالحها في هذه الحرب والمشاركة في مخططات أمريكية متواصلة مع مخططات استباقية ومشاريع الدرع الصاروخية والقواعد الأمريكية الجديدة على أراضيها. ويظل السؤال هنا: ما هي الدروس التي انتهت إليها من سنوات الحرب الباردة الأولى؟.
منذ اندلاع المعارك واشتداد الأزمة بين تبليسي وموسكو في منطقة أوستيا الجنوبية تبادل أطرافها الرئيسيون الاتهامات عنها، وبينها مقتل آلاف من المواطنين الأبرياء في قراهم ومدنهم ولم يتحدث أحد عنهم بقدر ما تبين أن وراء الأزمة هذه وفي ظروفها وتداعياتها شركاء آخرين، اسهموا بدورهم فيها ولحسابات استراتيجية خطيرة لتغيير معادلات وحسابات جيو استراتيجية دولية، ومن بينها كشف النقاب عن دور أمريكي واضح وآخر "إسرائيلي " في تدريب وتجهيز القوات الجورجية لشن الحرب وإعلانها من طرفها وتصعيد التوتر الأمني في القوقاز وتوفير مساحة أخرى للهيمنة، بعد حرائق في اكثر من بلد من العالمين العربي والإسلامي ولاستمرارها. وليست أزمة القوقاز بعيدة عن استعدادات عسكرية لتوسيع الحرب على إيران وتنويع مصادر الهجوم عليها وتعدد جهاتها المختلفة لتحقيق الأهداف المعلنة والمخفية من السيطرة على الثروات النفطية والغاز ومد أنابيبها وتحطيم تطلعات الشعوب في بناء بلدانها واستثمار ثرواتها ومصالحها لخدمة أجيالها ومستقبلها وتحالفاتها الاستراتيجية.
منظمة الأمن والتعاون الأوروبية أو ممثلوها في المنطقة اتهموا جورجيا بالوقوف وراء اندلاع الأزمة في القوقاز والإعداد لها منذ اشهر وارتكاب جرائم حرب، وكان الرئيس الجورجي ساكاشيفلي قد اعترف بذلك ضمنيا وهو يشكو إلى العالم مدعيا خوفه من "غزو روسي" لبلاده الضعيفة والصغيرة، وأشارت وسائل إعلام أمريكية إلى تورطه هو وحماقته بتنفيذ مخططات أمريكية وتحوله إلى منصة عدوان في خاصرة روسيا، وفوجئ هو ومن حرضه على العدوان بالرد الروسي الحاسم والسريع، الذي أعاد التفكير بقوة روسيا ودورها في كسر القطبية الأحادية في السياسة الدولية وبدء انهيار القطب الأوحد اليوم، أو التمهيد له.
الخلافات داخل اجتماع الاتحاد الأوروبي لم تخف محاولات التماهي مع المشاريع الأمريكية وتطبيق سياساتها الاستراتيجية في محاصرة روسيا والضغط عليها من خلال توقيف المباحثات معها حول الشراكة، ومطالبة بعض الدول، لاسيما بريطانيا وبولونيا ودول البلطيق (والمرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية!) في تصعيد الضغوط على روسيا وتهديدها بعواقب اكثر دون النظر إلى تقارير دولية ووقائع الوضع وحق روسيا القانوني والشرعي في الدفاع عن نفسها ورعاياها ومنع العدوان من التحول إلى سابقة تضاف إلى حملات التهميش لدورها وموقعها في المنطقة أساسا.
روسيا على لسان مسؤوليها حملت الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية الأزمة، والرد الأمريكي بتوقيع اتفاقية مع بولونيا حول نصب قاعدة للدرع الصاروخية أوضح ذلك أو أكد عليه، لاسيما وان روسيا صرحت بجلاء أن هذه الاتفاقية والمخطط الأمريكي منها لا يختلف عن حرب النجوم السابقة التي استهدفت مباشرة أمن روسيا ومحاصرتها دوليا.
الاتهامات والتهديدات، الاجتماعات والزيارات، المشاركة العملية من أطراف عديدة وفي مقدمتهم الإدارة الأمريكية فاقمت من الأزمة الحالية ودولتها لأهداف مقصودة. وهذا ما تعلنه البيانات الساعية إلى تصعيد الموقف مع روسيا بحجة الدفاع عن استقلال جورجيا وسيادتها، والدعم العسكري المباشر ونقله بالبوارج الحربية وخاصة الأمريكية، ودفع حكومة جورجيا للتسارع بالتبعية الكاملة للسياسة الأمريكية والتخلي عن دورها وموقعها في منطقة القوقاز ومنظماته الإقليمية تحت واجهة الانتساب إلى حلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي والتحول إلى قاعدة إضافية في محاصرة روسيا.. ومن جهة أخرى تكشف التناقضات بين الدعاوى الأوروبية ومواقفها أزمة حادة في المعايير والاعتبارات والمصداقية الأخلاقية وطبيعة صراعها الأخير، وسعيها المتواصل إلى حصص لها في هيمنة غربية جديدة على العالم، يثير الخشية الآن من حرب باردة عالمية ثانية قد تتحول إلى صراع بين غرب وشرق لم يعلن بعد!.