الجمعة 15/8/2008
مرت ذكرى استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لقنبلتين نوويتين ضد المدنيين الآمنين في مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، هذا العام دون اهتمام كبير يستحق الذكر، حيث أجريت طقوس يابانية محدودة، أصبحت مشهدا سنويا مألوفا لدى الدولة اليابانية المتحالفة مع الدولة المرتكبة للجريمة الشنعاء. استعادة للذكرى وتعاز للضحايا وخطب بعدم تكرارها ووضع الزهور على أشباح مدينتهم. ومثلها أصداء باهتة في بلدان لم تزل تحترق من اضطهاد وظلم الحرب والعدوان والغزو والاستيطان.
كان السادس من آب/ أغسطس عام 1945 موعد الجريمة الأولى، ألقت الطائرة الحربية الأميركية أول قنبلة ذرية تستخدم في تاريخ البشرية، بعد ثلاثة أسابيع فقط من امتلاك الولايات المتحدة الأمريكية لهذا السلاح وتجريبه في صحراء نيوميكسكو. وبعد ثلاثة أيام فقط ألقيت القنبلة الثانية فوق مدينة ناغازاكي. وتركت القنبلتان دمارا كبيرا وقتلى وصل عددهم إلى حوالي مائتين وخمسين ألفا من السكان المدنيين (عام 1945). وبعدها أعلن الرئيس الأميركي هاري ترومان في الرابع عشر من آب/ أغسطس استسلام اليابان بدون شروط، وفي الثاني من أيلول/ سبتمبر انتهت الحرب العالمية الثانية، وأعلنت الإدارة الأمريكية انتصارها، محتفلة باستخدام السلاح النووي ضد سكان المدينتين، وإلحاق الدمار والموت والخراب العام في اليابان والعالم.
فهل يكفي الاحتفال والتذكير بالمناسبة، أم يجب رفع شعار دائم كجرس إنذار: تذكروا دائما المأساة الرهيبة التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية ضد البشرية، ولا تنسوا جريمة الحرب هذه والإبادة الجماعية التي تمت فيها، والتي لا يمكن أن تمر ذكراها بيومها فقط ويصمت العالم عليها ليفاجأ كل مرة بأمثالها وبأشكال أخرى؟!. إن ما حصل في اليابان ماضيا يتكرر بصور وبوسائل أخرى، من قبل الدولة المرتكبة، ولم تتوقف الحرب العدوانية، والمصطلحات التي أستخدمها المعتدون على الشعوب التي تحاربهم أو تدافع عن أراضيها أمام غزوهم وهيمنتهم وأفكارهم الشريرة. فكل من يقاومهم عدو عندهم ويشيعونه في إعلامهم الناطق بمختلف الألسن بما فيها لغة الضحايا، وكل من يدافع عن حقه ويقاتلهم إرهابي ومخرب ومسلح ضدهم يتوجب القضاء عليه، فردا أو شعبا، بلدا أو عالما بشريا. وما زالت هذه الدولة هي الدولة الأكثر مبيعا للأسلحة المحرمة في العالم والتي فرضت الآن استفرادها على السياسة العالمية وتقود المذابح البشرية بنفسها أو بالريموت كونترول، في كل أرجاء المعمورة، وتضع خططها الوحشية في مسميات تعبر عن عدوانها وجرائمها المرفوضة قانونا وأخلاقا وعرفا دوليا وإنسانيا.
حين ظهر في المدينتين المنكوبتين دخان الموت والدمار والرعب وحدث ما حصل خلفه، كان المؤمل أن تتوقف تلك الشهية الدموية وتتعلم من دروس تلك الكارثة البشرية، ولكنها عمليا تزداد شراسة وجشعا ونهبا ورغبة مريضة في إشاعة ذلك الدخان القاتل بأشكال متعددة ونشر رائحة الموت والخراب بالخديعة والغش والكذب والاحتيال وكل الوسائل المدانة. وللمفارقة أعلن أمين عام الأمم المتحدة، هذه السنة، أهمية التصدي لانتشار الأسلحة النووية وشدد باسم منظمته الأسيرة عدم التسامح مع صنع الأسلحة النووية. ولكن هذه الدعوة تظل لفظية ما دامت الولايات المتحدة هي التي تسيّر شؤون المنظمة وما يسمونه شرعية دولية حاليا، بينما يتطلب لمثل هذه الدعوة العمل العاجل على تحقيقها لحماية ملايين من البشر معرضين للإبادة بأشكال مختلفة من تلك الأنواع من الأسلحة التي تنتجها أو تخطط لها الإدارة الأمريكية وحلفاؤها.
في ذكرى المجزرة البشعة تظل صور الضحايا التي صورت وانتشرت الآن عبر وسائل الإعلام والتقنية الإلكترونية شاهدة على تلك الجريمة ومنددة بمن يواصل مسعاه لتكرارها بأساليب أصبحت واضحة لكل مبصر حقيقي. وهذه الصور المتبقية والأشخاص الأحياء منها دليل إثبات وحكم مسبق على ارتكاب جريمة الحرب والإبادة الجماعية والقتل العمد للسكان المدنيين الآمنين، كما يحصل اليوم في اكثر من منطقة من الكرة الأرضية.
كما صدرت كتب ومذكرات ومشاهدات عن المدينتين الضحيتين، وأنتجت أفلام وعروض ومشاهد سينمائية ومسرحية وتلفزيونية، ولكنها مرة أخرى ظلت محصورة في أماكنها ومناخاتها، وظلت أيدي الإدارة والمسؤولين عن الجرائم طليقة دون محاكمات وعقوبات رادعة، وما زالت كذلك رغم كل الدروس والعبر والتجارب، ورغم الحراك الشعبي والتضامن العالمي ونضالات القوى السياسية المناهضة للحروب والغزو والاحتلال.
قالت شيغيكو ساساموري، إحدى ضحايا هيروشيما الأحياء في مقابلة تلفزيونية لها في الذكرى الستين للجريمة، وهي ترى ما يحصل من جديد: "مرت كل هذه السنين على سقوط القنبلة، ستون سنة انقضت، ولم يتعلم الناس بعد من هذا الحدث لاسيما الأميركيين الذين واصلوا إلى يومنا هذا صنع القنابل النووية,(...) ما قامت به أميركا كان جرماً لا يغتفر لذلك أشعر بقوة وأدعو الناس بشدة أن يفتحوا قلوبهم وأعينهم ليطلعوا على ما يجرى من حولهم اليوم, الحرب شيء مريع وعلينا أن نتعلم من الماضي بل أكثر من ذلك علينا أن نحمد الرب لأجل معارضة الكثير من الأميركيين والناس الطيبين للحرب والأسلحة النووية, لقد التقيت بنشطاء السلام وآخرين كلهم ناهضوا هذه الأمور وكل هذا يفعمني بالأمل فتراني أتوسل للناس أينما التقيتهم بأن يحاولوا جهدهم وأن يعملوا سوية لوضع حد للحرب النووية".
لم يتوقف السباق النووي وما زالت الدول "الكبرى" تنتج وتبيع أنواعا من الأسلحة النووية والفتاكة، وتجرب وتطور أسلحة جديدة ضد البشرية. ولهذا لابد من تذكر دائم لهيروشيما وناغازاكي، والاعتبار منهما وأن تمنع الضمائر الحية في هذا العالم سوية تكرارها، وتنتصر لحركات تحرر الشعوب الرازحة اليوم ضحايا لأشكال أخرى من تلك الجرائم ضد الإنسانية.
مرت ذكرى استخدام الولايات المتحدة الأمريكية لقنبلتين نوويتين ضد المدنيين الآمنين في مدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين، هذا العام دون اهتمام كبير يستحق الذكر، حيث أجريت طقوس يابانية محدودة، أصبحت مشهدا سنويا مألوفا لدى الدولة اليابانية المتحالفة مع الدولة المرتكبة للجريمة الشنعاء. استعادة للذكرى وتعاز للضحايا وخطب بعدم تكرارها ووضع الزهور على أشباح مدينتهم. ومثلها أصداء باهتة في بلدان لم تزل تحترق من اضطهاد وظلم الحرب والعدوان والغزو والاستيطان.
كان السادس من آب/ أغسطس عام 1945 موعد الجريمة الأولى، ألقت الطائرة الحربية الأميركية أول قنبلة ذرية تستخدم في تاريخ البشرية، بعد ثلاثة أسابيع فقط من امتلاك الولايات المتحدة الأمريكية لهذا السلاح وتجريبه في صحراء نيوميكسكو. وبعد ثلاثة أيام فقط ألقيت القنبلة الثانية فوق مدينة ناغازاكي. وتركت القنبلتان دمارا كبيرا وقتلى وصل عددهم إلى حوالي مائتين وخمسين ألفا من السكان المدنيين (عام 1945). وبعدها أعلن الرئيس الأميركي هاري ترومان في الرابع عشر من آب/ أغسطس استسلام اليابان بدون شروط، وفي الثاني من أيلول/ سبتمبر انتهت الحرب العالمية الثانية، وأعلنت الإدارة الأمريكية انتصارها، محتفلة باستخدام السلاح النووي ضد سكان المدينتين، وإلحاق الدمار والموت والخراب العام في اليابان والعالم.
فهل يكفي الاحتفال والتذكير بالمناسبة، أم يجب رفع شعار دائم كجرس إنذار: تذكروا دائما المأساة الرهيبة التي ارتكبتها الإدارة الأمريكية ضد البشرية، ولا تنسوا جريمة الحرب هذه والإبادة الجماعية التي تمت فيها، والتي لا يمكن أن تمر ذكراها بيومها فقط ويصمت العالم عليها ليفاجأ كل مرة بأمثالها وبأشكال أخرى؟!. إن ما حصل في اليابان ماضيا يتكرر بصور وبوسائل أخرى، من قبل الدولة المرتكبة، ولم تتوقف الحرب العدوانية، والمصطلحات التي أستخدمها المعتدون على الشعوب التي تحاربهم أو تدافع عن أراضيها أمام غزوهم وهيمنتهم وأفكارهم الشريرة. فكل من يقاومهم عدو عندهم ويشيعونه في إعلامهم الناطق بمختلف الألسن بما فيها لغة الضحايا، وكل من يدافع عن حقه ويقاتلهم إرهابي ومخرب ومسلح ضدهم يتوجب القضاء عليه، فردا أو شعبا، بلدا أو عالما بشريا. وما زالت هذه الدولة هي الدولة الأكثر مبيعا للأسلحة المحرمة في العالم والتي فرضت الآن استفرادها على السياسة العالمية وتقود المذابح البشرية بنفسها أو بالريموت كونترول، في كل أرجاء المعمورة، وتضع خططها الوحشية في مسميات تعبر عن عدوانها وجرائمها المرفوضة قانونا وأخلاقا وعرفا دوليا وإنسانيا.
حين ظهر في المدينتين المنكوبتين دخان الموت والدمار والرعب وحدث ما حصل خلفه، كان المؤمل أن تتوقف تلك الشهية الدموية وتتعلم من دروس تلك الكارثة البشرية، ولكنها عمليا تزداد شراسة وجشعا ونهبا ورغبة مريضة في إشاعة ذلك الدخان القاتل بأشكال متعددة ونشر رائحة الموت والخراب بالخديعة والغش والكذب والاحتيال وكل الوسائل المدانة. وللمفارقة أعلن أمين عام الأمم المتحدة، هذه السنة، أهمية التصدي لانتشار الأسلحة النووية وشدد باسم منظمته الأسيرة عدم التسامح مع صنع الأسلحة النووية. ولكن هذه الدعوة تظل لفظية ما دامت الولايات المتحدة هي التي تسيّر شؤون المنظمة وما يسمونه شرعية دولية حاليا، بينما يتطلب لمثل هذه الدعوة العمل العاجل على تحقيقها لحماية ملايين من البشر معرضين للإبادة بأشكال مختلفة من تلك الأنواع من الأسلحة التي تنتجها أو تخطط لها الإدارة الأمريكية وحلفاؤها.
في ذكرى المجزرة البشعة تظل صور الضحايا التي صورت وانتشرت الآن عبر وسائل الإعلام والتقنية الإلكترونية شاهدة على تلك الجريمة ومنددة بمن يواصل مسعاه لتكرارها بأساليب أصبحت واضحة لكل مبصر حقيقي. وهذه الصور المتبقية والأشخاص الأحياء منها دليل إثبات وحكم مسبق على ارتكاب جريمة الحرب والإبادة الجماعية والقتل العمد للسكان المدنيين الآمنين، كما يحصل اليوم في اكثر من منطقة من الكرة الأرضية.
كما صدرت كتب ومذكرات ومشاهدات عن المدينتين الضحيتين، وأنتجت أفلام وعروض ومشاهد سينمائية ومسرحية وتلفزيونية، ولكنها مرة أخرى ظلت محصورة في أماكنها ومناخاتها، وظلت أيدي الإدارة والمسؤولين عن الجرائم طليقة دون محاكمات وعقوبات رادعة، وما زالت كذلك رغم كل الدروس والعبر والتجارب، ورغم الحراك الشعبي والتضامن العالمي ونضالات القوى السياسية المناهضة للحروب والغزو والاحتلال.
قالت شيغيكو ساساموري، إحدى ضحايا هيروشيما الأحياء في مقابلة تلفزيونية لها في الذكرى الستين للجريمة، وهي ترى ما يحصل من جديد: "مرت كل هذه السنين على سقوط القنبلة، ستون سنة انقضت، ولم يتعلم الناس بعد من هذا الحدث لاسيما الأميركيين الذين واصلوا إلى يومنا هذا صنع القنابل النووية,(...) ما قامت به أميركا كان جرماً لا يغتفر لذلك أشعر بقوة وأدعو الناس بشدة أن يفتحوا قلوبهم وأعينهم ليطلعوا على ما يجرى من حولهم اليوم, الحرب شيء مريع وعلينا أن نتعلم من الماضي بل أكثر من ذلك علينا أن نحمد الرب لأجل معارضة الكثير من الأميركيين والناس الطيبين للحرب والأسلحة النووية, لقد التقيت بنشطاء السلام وآخرين كلهم ناهضوا هذه الأمور وكل هذا يفعمني بالأمل فتراني أتوسل للناس أينما التقيتهم بأن يحاولوا جهدهم وأن يعملوا سوية لوضع حد للحرب النووية".
لم يتوقف السباق النووي وما زالت الدول "الكبرى" تنتج وتبيع أنواعا من الأسلحة النووية والفتاكة، وتجرب وتطور أسلحة جديدة ضد البشرية. ولهذا لابد من تذكر دائم لهيروشيما وناغازاكي، والاعتبار منهما وأن تمنع الضمائر الحية في هذا العالم سوية تكرارها، وتنتصر لحركات تحرر الشعوب الرازحة اليوم ضحايا لأشكال أخرى من تلك الجرائم ضد الإنسانية.