السبت 1/3/2008
لم يكن العمل العسكري التركي داخل الحدود العراقية الأول ولا الأخير بحكم أسبابه وعوامله وأساليب معالجة موضوعه الرئيسي، ولن يكون، مثل ما يقال عنه، إجراء عسكريا محدودا وسينتهي بانتهاء مهماته، فهذه هي المرة الخامسة والعشرون منذ عام 1987 التي يقوم بها الجيش التركي بمثل هذه الإجراءات ويعود بعد هدوء مؤقت، مثل استراحة المحارب، لينفجر بأشد من المرة السابقة. ويتميز الأخير الذي يجري الآن عن سابقاته بحجمه وأهدافه القديمة الجديدة، والتأييد المعلن له من أطراف كثيرة معنية به ومسؤولة عنه وعن الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وهي تثير أو تدير مخططات هيمنة استراتيجية.
فما نسب إلي مصادر إعلامية تركية بان ما يقوم به الجيش التركي لن ينتهي إلا بحسم مشكلة حزب العمال الكردستاني التركي في شمال العراق عسكريا وأمنيا وسياسيا، ومن ثم الانتقال إلي مواقعه الداخلية في جنوب شرق تركيا يؤكد جسامة ما يحصل الآن، رغم انه استمرار لما سبقه، ولكن يبين أن متغيرات تصاحبه مما يعني أن التوغل لا يتوقف عند المعلن فقط، ومستخدماً وسائل عسكرية متنوعة بما فيها الطائرات الحربية وغيرها، حائزا علي موافقة الإدارة الأمريكية علي هذه العمليات العسكرية في شمال العراق، متجاوزة ما كان معلوما من اتفاقيات وتحالفات مع القوي السياسية الكردية كلها بما فيها المستهدفة حاليا، وقد تم ذلك بعد لقاء رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بالرئيس الأمريكي جورج بوش في 5 نوفمبر الماضي وتفاهمهما علي اتخاذ مثل هذه الإجراءات العسكرية الكبيرة والواسعة والخطيرة في طرقها ومدياتها ومن ثم تداعياتها الآنية والمستقبلية. ومن يعرف القضية وأسبابها ومعالجتها يقدر حجم المعاناة التي ستحصل جراءها والخسائر البشرية والمادية التي ستتكلف بها.
اختلفت وسائل الإعلام في توصيف العمليات العسكرية، فمرة تسميها توغلا ومرة أخري اجتياحا وبعضها سمتها غزوا، وطالبت سلطات محلية وأحزاب وحركات سياسية بإعلان الاستنكار والشجب، وغيرها بالإدانة لها والانسحاب من الأراضي العراقية.
والمفارقات في هذه الحالة أصبحت كثيرة وهي كلها مفاتيح أزمة حادة تتفاقم كل مرة وتترك آثارها علي الجميع، أبرزهم الضحايا المدنيون العزل الذين يعانون من تصاعدها وتوتراتها العسكرية واستخدام أنواع الأسلحة، بما فيها الفتاكة في العمليات العسكرية ضدها.
ومن هذه المفارقات تبادل تحميل المسئوليات والمواقف بين حكومتي إقليم كردستان العراق وبغداد المركزية، التي تطالب باتخاذ موقف واضح من الغزو التركي والإجراءات العسكرية التي تنتهك استقلال وسيادة الدولة العراقية في التوغل داخل الأراضي العراقية، وكانت تمنع دخول القوات المركزية إلي الإقليم، وتوافق علي إقامة قواعد عسكرية أمريكية، وتتهم أوساط من الحزب الكردي التركي رئيس العراق (الكردي) بالتواطؤ مع العسكر التركي ومن اتفق معه في تنفيذ العملية العسكرية، الكبيرة والواسعة، حسب وصف وسائل الإعلام، ووفق ما تصف به الطرفين بوقوعهما تحت الاحتلال وبدعم قواته تتحرك في مساحات أسمائها التي تتداول بها وتتعامل معها ذاتيا دون حساب للوقائع ومتغيراتها ولا اعتبار لعبر التاريخ والجغرافية ودروسهما القاسية.
ومن المفارقات الأوصاف التي تطلق علي الضحايا، وشمولها الأحزاب السياسية، فحزب العمال الكردستاني التركي منظمة إرهابية لأنه يناضل في تركيا بمثل كل الأحزاب الكردية، في العراق وإيران، بينما تسمي الأخيرة من الجهات نفسها، منظمات حليفة لها وتتلقي دعمها وإسنادها بمختلف المستويات، لتقول بوضوح عن ازدواجية المعايير والتناقضات الصارخة التي تتحكم في التحالفات السياسية والارتهانات المصيرية في مستقبل المنطقة ودولها وشعوبها.
ومن المفارقات المضحكة أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تحتل العراق وتتحمل وفق القانون الدولي مسؤولية الدفاع عنه وحمايته من أي اعتداء خارجي، أو السماح له بالدفاع عن نفسه وتزويده بمعدات الدفاع وتجهيزاته، تعلن عن تفهم العملية العسكرية وأملها أن يكون أمدها قصيرا.
بعد أن كانت قد أعطت الضوء الأخضر لها، كما أشير سابقا، وبعد أن فسرتها بحق تركيا في الدفاع وحماية مواطنيها، في الوقت الذي تواصل حكومتا بغداد، وكردستان نداءاتهما لوقف العمليات العسكرية وإدانة الانتهاكات لسيادة واستقلال العراق المثلوم سلفا، والتوسط لدي الرئيس الأمريكي شخصيا لإنقاذ حلفائه والتستر عليهم.
هذه الواقعة تكشف لكل ذي بصر طبيعة العلاقات الدولية السائدة ومصالح الدول الكبري التي تفرضها، لاسيما في منطقة حساسة، مثل المثلث العراقي التركي الإيراني، وقضاياه الساخنة حاليا والتي تتناقض فيه كل السياسات والتعاملات القانونية والأخلاقية والإنسانية عموما.
وتشير إلي تبدلات في المواقف فيها وفي رسم الأدوار السياسية القادمة لكل طرف منها، ولا يهم السياسات الأمريكية إشعال بعض الحرائق وتقديم الضحايا - القرابين حتي من حلفاء لها أو أصدقاء متغيرين حسب تطورات وتحديات الوقائع علي الأرض والأهداف الاستراتيجية في المنطقة.
ما يحصل داخل الحدود العراقية يعبر عن هشاشة وضع العراق السياسي والأزمات المتسلسلة فيه، والقضية الكردية، وفي علاقاته وجيرانه، وهو تحت الاحتلال وضمن خططه ومشاريعه التوسعية والعدوانية، وتعكس هذه الحالة وقائع التدهور الذي تعيشه المنطقة برمتها، بسبب السياسات الأمريكية وخطورة أهدافها الاستراتيجية.
وهي في كل الأحوال تطورات ليست في مصلحة شعوب المنطقة ولا مستقبل أجيالها وثرواتها، ومن جهة أخري يعكس طبيعة المخططات الاستعمارية وأساليب معالجتها للقضايا القومية وحقوق الشعوب وأمنها واستقرارها وازدياد عدد الضحايا والخراب والدمار.
لقد خبرت شعوب المنطقة أن الحلول العسكرية والارتهانات الخارجية لن تجدي نفعا في تحقيق الأهداف والمطالب المشروعة دون الاستناد علي الإرادات الشعبية واحترام خياراتها التاريخية والواقعية. وكلما توسعت العمليات العسكرية توضحت أهدافها ودوافعها ودور التحالفات السياسية والمصالح الدولية.
لم يكن العمل العسكري التركي داخل الحدود العراقية الأول ولا الأخير بحكم أسبابه وعوامله وأساليب معالجة موضوعه الرئيسي، ولن يكون، مثل ما يقال عنه، إجراء عسكريا محدودا وسينتهي بانتهاء مهماته، فهذه هي المرة الخامسة والعشرون منذ عام 1987 التي يقوم بها الجيش التركي بمثل هذه الإجراءات ويعود بعد هدوء مؤقت، مثل استراحة المحارب، لينفجر بأشد من المرة السابقة. ويتميز الأخير الذي يجري الآن عن سابقاته بحجمه وأهدافه القديمة الجديدة، والتأييد المعلن له من أطراف كثيرة معنية به ومسؤولة عنه وعن الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، وهي تثير أو تدير مخططات هيمنة استراتيجية.
فما نسب إلي مصادر إعلامية تركية بان ما يقوم به الجيش التركي لن ينتهي إلا بحسم مشكلة حزب العمال الكردستاني التركي في شمال العراق عسكريا وأمنيا وسياسيا، ومن ثم الانتقال إلي مواقعه الداخلية في جنوب شرق تركيا يؤكد جسامة ما يحصل الآن، رغم انه استمرار لما سبقه، ولكن يبين أن متغيرات تصاحبه مما يعني أن التوغل لا يتوقف عند المعلن فقط، ومستخدماً وسائل عسكرية متنوعة بما فيها الطائرات الحربية وغيرها، حائزا علي موافقة الإدارة الأمريكية علي هذه العمليات العسكرية في شمال العراق، متجاوزة ما كان معلوما من اتفاقيات وتحالفات مع القوي السياسية الكردية كلها بما فيها المستهدفة حاليا، وقد تم ذلك بعد لقاء رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان بالرئيس الأمريكي جورج بوش في 5 نوفمبر الماضي وتفاهمهما علي اتخاذ مثل هذه الإجراءات العسكرية الكبيرة والواسعة والخطيرة في طرقها ومدياتها ومن ثم تداعياتها الآنية والمستقبلية. ومن يعرف القضية وأسبابها ومعالجتها يقدر حجم المعاناة التي ستحصل جراءها والخسائر البشرية والمادية التي ستتكلف بها.
اختلفت وسائل الإعلام في توصيف العمليات العسكرية، فمرة تسميها توغلا ومرة أخري اجتياحا وبعضها سمتها غزوا، وطالبت سلطات محلية وأحزاب وحركات سياسية بإعلان الاستنكار والشجب، وغيرها بالإدانة لها والانسحاب من الأراضي العراقية.
والمفارقات في هذه الحالة أصبحت كثيرة وهي كلها مفاتيح أزمة حادة تتفاقم كل مرة وتترك آثارها علي الجميع، أبرزهم الضحايا المدنيون العزل الذين يعانون من تصاعدها وتوتراتها العسكرية واستخدام أنواع الأسلحة، بما فيها الفتاكة في العمليات العسكرية ضدها.
ومن هذه المفارقات تبادل تحميل المسئوليات والمواقف بين حكومتي إقليم كردستان العراق وبغداد المركزية، التي تطالب باتخاذ موقف واضح من الغزو التركي والإجراءات العسكرية التي تنتهك استقلال وسيادة الدولة العراقية في التوغل داخل الأراضي العراقية، وكانت تمنع دخول القوات المركزية إلي الإقليم، وتوافق علي إقامة قواعد عسكرية أمريكية، وتتهم أوساط من الحزب الكردي التركي رئيس العراق (الكردي) بالتواطؤ مع العسكر التركي ومن اتفق معه في تنفيذ العملية العسكرية، الكبيرة والواسعة، حسب وصف وسائل الإعلام، ووفق ما تصف به الطرفين بوقوعهما تحت الاحتلال وبدعم قواته تتحرك في مساحات أسمائها التي تتداول بها وتتعامل معها ذاتيا دون حساب للوقائع ومتغيراتها ولا اعتبار لعبر التاريخ والجغرافية ودروسهما القاسية.
ومن المفارقات الأوصاف التي تطلق علي الضحايا، وشمولها الأحزاب السياسية، فحزب العمال الكردستاني التركي منظمة إرهابية لأنه يناضل في تركيا بمثل كل الأحزاب الكردية، في العراق وإيران، بينما تسمي الأخيرة من الجهات نفسها، منظمات حليفة لها وتتلقي دعمها وإسنادها بمختلف المستويات، لتقول بوضوح عن ازدواجية المعايير والتناقضات الصارخة التي تتحكم في التحالفات السياسية والارتهانات المصيرية في مستقبل المنطقة ودولها وشعوبها.
ومن المفارقات المضحكة أن الولايات المتحدة الأمريكية التي تحتل العراق وتتحمل وفق القانون الدولي مسؤولية الدفاع عنه وحمايته من أي اعتداء خارجي، أو السماح له بالدفاع عن نفسه وتزويده بمعدات الدفاع وتجهيزاته، تعلن عن تفهم العملية العسكرية وأملها أن يكون أمدها قصيرا.
بعد أن كانت قد أعطت الضوء الأخضر لها، كما أشير سابقا، وبعد أن فسرتها بحق تركيا في الدفاع وحماية مواطنيها، في الوقت الذي تواصل حكومتا بغداد، وكردستان نداءاتهما لوقف العمليات العسكرية وإدانة الانتهاكات لسيادة واستقلال العراق المثلوم سلفا، والتوسط لدي الرئيس الأمريكي شخصيا لإنقاذ حلفائه والتستر عليهم.
هذه الواقعة تكشف لكل ذي بصر طبيعة العلاقات الدولية السائدة ومصالح الدول الكبري التي تفرضها، لاسيما في منطقة حساسة، مثل المثلث العراقي التركي الإيراني، وقضاياه الساخنة حاليا والتي تتناقض فيه كل السياسات والتعاملات القانونية والأخلاقية والإنسانية عموما.
وتشير إلي تبدلات في المواقف فيها وفي رسم الأدوار السياسية القادمة لكل طرف منها، ولا يهم السياسات الأمريكية إشعال بعض الحرائق وتقديم الضحايا - القرابين حتي من حلفاء لها أو أصدقاء متغيرين حسب تطورات وتحديات الوقائع علي الأرض والأهداف الاستراتيجية في المنطقة.
ما يحصل داخل الحدود العراقية يعبر عن هشاشة وضع العراق السياسي والأزمات المتسلسلة فيه، والقضية الكردية، وفي علاقاته وجيرانه، وهو تحت الاحتلال وضمن خططه ومشاريعه التوسعية والعدوانية، وتعكس هذه الحالة وقائع التدهور الذي تعيشه المنطقة برمتها، بسبب السياسات الأمريكية وخطورة أهدافها الاستراتيجية.
وهي في كل الأحوال تطورات ليست في مصلحة شعوب المنطقة ولا مستقبل أجيالها وثرواتها، ومن جهة أخري يعكس طبيعة المخططات الاستعمارية وأساليب معالجتها للقضايا القومية وحقوق الشعوب وأمنها واستقرارها وازدياد عدد الضحايا والخراب والدمار.
لقد خبرت شعوب المنطقة أن الحلول العسكرية والارتهانات الخارجية لن تجدي نفعا في تحقيق الأهداف والمطالب المشروعة دون الاستناد علي الإرادات الشعبية واحترام خياراتها التاريخية والواقعية. وكلما توسعت العمليات العسكرية توضحت أهدافها ودوافعها ودور التحالفات السياسية والمصالح الدولية.