الخميس 10/1/2008
عرف عن الدبلوماسيين الأمريكيين الكثير من الأدوار السياسية وخاصة الخطيرة منها، أو التي تداخلت في مصائر شعوب عديدة في اكثر من مكان في العالم. وحفظ التاريخ صفحات عديدة لهم وسجلات طويلة من القصص والمغامرات والمؤامرات. وفي العقود الأخيرة ازدادت مثل هذه الأدوار، وتنوعت في أيام الحرب أو السلم وفي الانقلابات أو الصراعات الداخلية، وجلها تشترك بديهيا في تنفيذ سياسات الدولة الخارجية والتي اغلبها لا تمثل المصالح الحقيقية للشعب الأمريكي. ومع كل ذلك لفت الانتباه مؤخرا دور آخر لسفراء الولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما ممن ترك الخدمة لظروف مختلفة، وتفرغ للعمل في دعم المؤسسات الأخرى، البحثية أو الخيرية الأمريكية والبلدان أو المناطق التي كانوا يعملون فيها، أو تقاعد عن العمل الدبلوماسي واستمر في العمل العام مشاركا فيما اعتبر صرخات تنبيه أو إنذار من تداعيات أو عواقب السياسات الأمريكية الخطيرة، وتصب في خدمة المصالح الحقيقية للشعب والدولة الأمريكية. ولكن ليس كل ما ينشر ويقال يعني بالتأكيد انه قرار أو له تأثير في القرار السياسي لمن يمتلك مفاتيح القرار الأمريكي، ولكنه حفر أو ضربات في الصخر السياسي.
شهدت الخارجية الأمريكية، وقد يكون أول مرة في السنوات القريبة الماضية، ما سمته وسائل الإعلام بانتفاضة الدبلوماسيين الأمريكيين الذين اجتمعوا على رفض قرارات الوزارة والعمل الدبلوماسي في اخطر بلد على حياة الإنسان بفعل السياسات الأمريكية الرعناء في شن حروب وعدوان ودعم لامحدود لسياسة الاستيطان والجدران والقتل اليومي للشعب الفلسطيني. بلا شك سبقت الانتفاضة احتجاجات مختلفة الأشكال والحجوم، وتنوعت في أساليبها، من الرسائل الداخلية إلى المعلنة والمنشورة في وسائل الإعلام إلى البيانات المشتركة والعلنية، وغيرها من الوسائل المعبرة عن مواقف انتقادية، ولكن الأخيرة كانت واضحة ومؤثرة وتركت أصداءها.
كشف مسح أجرته رابطة الدبلوماسيين الأمريكيين اكثر من وسيلة أو أسباب أخرى، مثلما اظهر بان نحو نصف الدبلوماسيين الأمريكيين الذين لا يريدون الخدمة في العراق قالوا أن السبب الرئيسي لذلك هو انهم لا يؤيدون سياسات إدارة الرئيس جورج بوش هناك. وأشار المسح الذي أجرته الرابطة التي تمثل الدبلوماسيين المحترفين وليس السياسيين المعينين أن معظم الدبلوماسيين الأمريكيين يشعرون بالاستياء مما يرون انه نقص في الموارد. واعتقد أربعة دبلوماسيين من بين كل عشرة أن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس لا تدعمهم على نحو كاف.
أكد المسح في نتائجه ما ذكر من انتفاضة حيث شمل استطلاع 4311 عضوا من العاملين في السلك الدبلوماسي من العدد الإجمالي الذي يبلغ 11500، وان ما قاله كثير منهم هو مشاعر استياء متنامية في صفوف هذه الشريحة التي تقوم بوظيفتها الدبلوماسية أو تتكلف بمهمات أخرى متعلقة بها أمريكيا.
بصفة عامة أحدثت الحرب على أفغانستان والعراق والوضع في فلسطين توترات داخل صفوف الدبلوماسيين الأمريكيين خصوصا بعد فقدان شعبية الحروب العدوانية وتناقص الدعم السياسي لها وصراع الإرادات حولها. وأظهر المسح أن 48 في المائة من الدبلوماسيين الذين شملهم قالوا انهم لن يتطوعوا للعمل في العراق بسبب معارضتهم للسياسة الأمريكية بشأن العراق. ومن الأسباب الأخرى القلق الأمني وقضاء وقت بعيدا عن الأسرة "والعقبات التي تعترض القيام بالمهام المطلوبة." كل هذه الأسباب تركت تأثيرها على مستوى وسمعة العمل الدبلوماسي الأمريكي وفضحت الغطاء القانوني والأخلاقي.
وإذا أضفنا لها الحقائق والوقائع لما يجري في تلك البلدان التي سببت تلك الحالات وشجعت رفع الصوت ضدها، لاسيما بما يتعلق بالقوات الأمريكية وقواعدها المنتشرة في أركان المعمورة والبحار والمحيطات أو مئات الآلاف منهم في العراق وجيرانه، فان الصورة تتضح اكثر وتعكس تفاعلاتها. فعدد القتلى والجرحى والمرضى في صفوفهم في ازدياد مستمر، بالرغم من الإعلانات المطولة عن انخفاض أو تراجع العنف في العراق مثلا، فان الأعداد التي لم تنشر عن القتلى والجرحى والهاربين من الخدمة وغير ذلك تثير الفزع، مع الخسائر المادية وتأثيراتها المباشرة على الأوضاع المعاشية لأغلبية الشعب الأمريكي. هذا فضلا عما لحق بسمعة الولايات المتحدة من أضرار مباشرة وغير مباشرة وأدى ويؤدي إلى ازدياد الكراهية والحقد على كلما ما هو أمريكي، الأمر الذي افشل مشاريع تحسين صورة الولايات المتحدة في خارجها واستقالة عدد متوال ومتسلسل من الذين كلفوا بإدارة هذه المهمة إلى جانب ومع دعم عمل السفارات والدبلوماسيين الأمريكيين في أعمالها ومهماتها الدبلوماسية المعروفة.
أظهر المسح الذي اجري في نهاية العام الماضي أن 68 في المائة عارضوا قرار رايس ببحث إجبار العاملين على الذهاب إلى العراق حيث تعاني السفارة من نقص عدد العاملين. ورغم أيجاد حلول لهذه التوترات وخفوت الأصوات العلنية لأسبابها المختلفة أيضا، إلا أن ما تسرب منها يكفي لتبيان حالات متحركة داخل أروقة الخارجية الأمريكية، ولاسيما انكشاف أدوار الكثير من السفراء، سواء بما حصل على الأرض أو ما نشروه بعد ذلك في مذكراتهم وكتبهم التي فضحت تلك السياسات.
لعل ما دار بين الدبلوماسيين كمجموعة مجربة وذات خبرة طويلة في السياسات الخارجية والأوضاع في البلدان التي تعرضت أو تتعرض لانتهاكات صارخة من قبل الولايات المتحدة حافزا مؤكدا، وسقوط كثير من الرهانات الخاسرة، والمغامرة في ورط فعلية، يضاف إلى المسح وغيره وما سبقه ويصبح مؤشرا الى اطار جديد للدبلوماسيين الأمريكيين بلا حدود يؤثر في تغيير أو تصحيح السياسات الخارجية الأمريكية.
عرف عن الدبلوماسيين الأمريكيين الكثير من الأدوار السياسية وخاصة الخطيرة منها، أو التي تداخلت في مصائر شعوب عديدة في اكثر من مكان في العالم. وحفظ التاريخ صفحات عديدة لهم وسجلات طويلة من القصص والمغامرات والمؤامرات. وفي العقود الأخيرة ازدادت مثل هذه الأدوار، وتنوعت في أيام الحرب أو السلم وفي الانقلابات أو الصراعات الداخلية، وجلها تشترك بديهيا في تنفيذ سياسات الدولة الخارجية والتي اغلبها لا تمثل المصالح الحقيقية للشعب الأمريكي. ومع كل ذلك لفت الانتباه مؤخرا دور آخر لسفراء الولايات المتحدة الأمريكية، لاسيما ممن ترك الخدمة لظروف مختلفة، وتفرغ للعمل في دعم المؤسسات الأخرى، البحثية أو الخيرية الأمريكية والبلدان أو المناطق التي كانوا يعملون فيها، أو تقاعد عن العمل الدبلوماسي واستمر في العمل العام مشاركا فيما اعتبر صرخات تنبيه أو إنذار من تداعيات أو عواقب السياسات الأمريكية الخطيرة، وتصب في خدمة المصالح الحقيقية للشعب والدولة الأمريكية. ولكن ليس كل ما ينشر ويقال يعني بالتأكيد انه قرار أو له تأثير في القرار السياسي لمن يمتلك مفاتيح القرار الأمريكي، ولكنه حفر أو ضربات في الصخر السياسي.
شهدت الخارجية الأمريكية، وقد يكون أول مرة في السنوات القريبة الماضية، ما سمته وسائل الإعلام بانتفاضة الدبلوماسيين الأمريكيين الذين اجتمعوا على رفض قرارات الوزارة والعمل الدبلوماسي في اخطر بلد على حياة الإنسان بفعل السياسات الأمريكية الرعناء في شن حروب وعدوان ودعم لامحدود لسياسة الاستيطان والجدران والقتل اليومي للشعب الفلسطيني. بلا شك سبقت الانتفاضة احتجاجات مختلفة الأشكال والحجوم، وتنوعت في أساليبها، من الرسائل الداخلية إلى المعلنة والمنشورة في وسائل الإعلام إلى البيانات المشتركة والعلنية، وغيرها من الوسائل المعبرة عن مواقف انتقادية، ولكن الأخيرة كانت واضحة ومؤثرة وتركت أصداءها.
كشف مسح أجرته رابطة الدبلوماسيين الأمريكيين اكثر من وسيلة أو أسباب أخرى، مثلما اظهر بان نحو نصف الدبلوماسيين الأمريكيين الذين لا يريدون الخدمة في العراق قالوا أن السبب الرئيسي لذلك هو انهم لا يؤيدون سياسات إدارة الرئيس جورج بوش هناك. وأشار المسح الذي أجرته الرابطة التي تمثل الدبلوماسيين المحترفين وليس السياسيين المعينين أن معظم الدبلوماسيين الأمريكيين يشعرون بالاستياء مما يرون انه نقص في الموارد. واعتقد أربعة دبلوماسيين من بين كل عشرة أن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس لا تدعمهم على نحو كاف.
أكد المسح في نتائجه ما ذكر من انتفاضة حيث شمل استطلاع 4311 عضوا من العاملين في السلك الدبلوماسي من العدد الإجمالي الذي يبلغ 11500، وان ما قاله كثير منهم هو مشاعر استياء متنامية في صفوف هذه الشريحة التي تقوم بوظيفتها الدبلوماسية أو تتكلف بمهمات أخرى متعلقة بها أمريكيا.
بصفة عامة أحدثت الحرب على أفغانستان والعراق والوضع في فلسطين توترات داخل صفوف الدبلوماسيين الأمريكيين خصوصا بعد فقدان شعبية الحروب العدوانية وتناقص الدعم السياسي لها وصراع الإرادات حولها. وأظهر المسح أن 48 في المائة من الدبلوماسيين الذين شملهم قالوا انهم لن يتطوعوا للعمل في العراق بسبب معارضتهم للسياسة الأمريكية بشأن العراق. ومن الأسباب الأخرى القلق الأمني وقضاء وقت بعيدا عن الأسرة "والعقبات التي تعترض القيام بالمهام المطلوبة." كل هذه الأسباب تركت تأثيرها على مستوى وسمعة العمل الدبلوماسي الأمريكي وفضحت الغطاء القانوني والأخلاقي.
وإذا أضفنا لها الحقائق والوقائع لما يجري في تلك البلدان التي سببت تلك الحالات وشجعت رفع الصوت ضدها، لاسيما بما يتعلق بالقوات الأمريكية وقواعدها المنتشرة في أركان المعمورة والبحار والمحيطات أو مئات الآلاف منهم في العراق وجيرانه، فان الصورة تتضح اكثر وتعكس تفاعلاتها. فعدد القتلى والجرحى والمرضى في صفوفهم في ازدياد مستمر، بالرغم من الإعلانات المطولة عن انخفاض أو تراجع العنف في العراق مثلا، فان الأعداد التي لم تنشر عن القتلى والجرحى والهاربين من الخدمة وغير ذلك تثير الفزع، مع الخسائر المادية وتأثيراتها المباشرة على الأوضاع المعاشية لأغلبية الشعب الأمريكي. هذا فضلا عما لحق بسمعة الولايات المتحدة من أضرار مباشرة وغير مباشرة وأدى ويؤدي إلى ازدياد الكراهية والحقد على كلما ما هو أمريكي، الأمر الذي افشل مشاريع تحسين صورة الولايات المتحدة في خارجها واستقالة عدد متوال ومتسلسل من الذين كلفوا بإدارة هذه المهمة إلى جانب ومع دعم عمل السفارات والدبلوماسيين الأمريكيين في أعمالها ومهماتها الدبلوماسية المعروفة.
أظهر المسح الذي اجري في نهاية العام الماضي أن 68 في المائة عارضوا قرار رايس ببحث إجبار العاملين على الذهاب إلى العراق حيث تعاني السفارة من نقص عدد العاملين. ورغم أيجاد حلول لهذه التوترات وخفوت الأصوات العلنية لأسبابها المختلفة أيضا، إلا أن ما تسرب منها يكفي لتبيان حالات متحركة داخل أروقة الخارجية الأمريكية، ولاسيما انكشاف أدوار الكثير من السفراء، سواء بما حصل على الأرض أو ما نشروه بعد ذلك في مذكراتهم وكتبهم التي فضحت تلك السياسات.
لعل ما دار بين الدبلوماسيين كمجموعة مجربة وذات خبرة طويلة في السياسات الخارجية والأوضاع في البلدان التي تعرضت أو تتعرض لانتهاكات صارخة من قبل الولايات المتحدة حافزا مؤكدا، وسقوط كثير من الرهانات الخاسرة، والمغامرة في ورط فعلية، يضاف إلى المسح وغيره وما سبقه ويصبح مؤشرا الى اطار جديد للدبلوماسيين الأمريكيين بلا حدود يؤثر في تغيير أو تصحيح السياسات الخارجية الأمريكية.