الخميس 3/1/2008
انتهى عام وجاء آخر. تنوعت الأمنيات واختلفت الرغبات والاحتفالات وظلت وحدها الوقائع صارخة تدق النواقيس لكل ذي عقل وبصر وضمير. من بينها ما نقلته وسائل الإعلام عن إحصائيات القتلى في اكثر البلدان التي تحتلها قوات أجنبية، تقودها الولايات المتحدة، والأبرز فيها ما حصل في العراق ومن ثم البلدان الاخرى.. فلسطين وأفغانستان وحتى باكستان و...الخ. بدلا عن نقل ما أنجزته الدولة الكبرى، وحققته لهذه البلدان، وتثبت مصداقيتها في الشعارات التي رفعتها وما تزال في فرض وجودها واحتلالها. ارقام تستهين بحياة الانسان وحقوقه والقانون الدولي والانساني والاتفاقيات الدولية التي عدت، على اهميتها وضرورتها واستغلت اعلاميا، منجزا عالميا ودوليا لكل البشرية على المعمورة. وعرفت بأسماء التفضيل وكأنها قليلة ومحددة زمنيا وليست متواصلة، وهي في كل الأحوال كارثية. الولايات المتحدة الأمريكية بإدارتها الحالية لا تعير اهتماما لها وتتناقض مع نفسها فيما تشير إليه وتدعيه وتنفذه على الأرض، فهذه الأرقام خطيرة وكبيرة في عدد القتلى، والإعلان عنها إعلاميا بشكل عام ودون إثبات موضوعي أو بحث علمي، ومن جهات مشكوك بها وبمحاولات دوران حول الحقائق والفظائع، في زمن التضليل ينبغي ألا يصمت عليها، ويتوجب أن تحسب كليا بصوت عال ومحاسبة شعبية ومحاكمة تاريخية.
الأرقام دليل ومستمسك قانوني لإدانة الغزو والحرب والاحتلال، تتحمل الإدارة الأمريكية مباشرة المسؤولية عنها. وتكشف سياساتها العدوانية وأعمالها العسكرية وقواعدها المنتشرة في العالم ضخامة الجريمة المقترفة وحقيقة المخططات الاستعمارية والأهداف الإمبراطورية التي تعيد إنتاج حلقات تاريخ سوداء، دفعت شعوب العالم وحركات التحرر فيها أثمانا باهضة من اجل التخلص منها وبناء عالم جديد آخر خال من آثارها وتداعياتها المهينة للحضارة الإنسانية والتقدم البشري. لابد من التوقف عندها وقراءتها بوعي تاريخي ومساءلة حقوقية وأخلاقية وقانونية لوقف نزيف الدم المستمر بسببها وبقراراتها وتواصلها في مخططاتها ومشاريعها الوحشية، على مختلف الصعد والمجالات، بما فيها البيئة والخيرات الطبيعية وثروات الشعوب والأوطان. والتصدي لمساعي الإدارات المتنفذة إلى التزوير في هذه الوثائق الدامغة.
العراق مثلا، ما نقل عنه وبالأرقام الرسمية التي هي كما عرفت بالتجربة لا تمثل الوقائع ولا تعكس ما حصل فعلا وتشوه صورته دائما بما يصعب الوثوق بها. حتى هذه الأرقام أشارت إلى أن عام 2007 أكثر الأعوام دموية في العراق منذ الغزو في مارس/آذار 2003، ناسبة إلى الداخلية العراقية أن 16،232 مدنياً قتلوا العام الماضي، ومعلقة بالرغم من أن المحصلة هي الأعلى منذ الغزو، إلا أن آخر شهور العام شهد أدنى محصلة ضحايا بمقتل 481 مدنياً. في حين ذكر أنه خلال العام 2006 قتل 12،371 مدنياً. وتضاربت أرقام الإحصائيات الأخرى وأختلفت في العدد خلال شهر واحد فكيف بالسنوات وحقائق ما يجري وحصل على الأرض؟. وأوضحت اغلب الوكالات بالمصطلحات التي تعمل من اجل نشرها وبثها وضخها في كل ما تنشره عنها وسائل الإعلام الأخرى، أن 480 مدنيا قتلوا وأصيب 730 آخرون بجروح خلال الفترة ذاتها. ومن ضمنها جرت الإشارة إلى مقتل 88 من عناصر الأمن بينهم 24 عسكرياً و64 شرطياً واصابة 277 آخرين منهم بجروح، مقارنة بمثل هذه الشهر من العام الأسبق، لخلط الأوراق بين الضحايا المدنيين ومن يقترف جرائم قتلهم.
وقفت الوكالة الفرنسية في تقريرها عند الأرقام وكيفية إحصائها بالإشارة إلى أن تقديم إحصائية دقيقة للقتلى المدنيين تتسم بصعوبة بالغة، وتساءلت بشأن الإجراء الذي تتبعه المصادر الحكومية لتحديد ضحايا الحرب. ونقلت تقدير الأمم المتحدة لمصرع أكثر من 34 ألف مدني عراقي جراء العنف (؟!) عام 2006. فكم ستقدر العام الماضي وكيف هي المفارقة بين تقديراتها والحكومية التي أشارت لها الوكالة، بينما نشرت منظمة بريطانية أن اكثر من 24 ألف مواطن عراقي قتلوا عام 2007. والحصيلة كم من الضحايا ذهبت خلال سنوات الاحتلال؟.
أرقام متناقضة بقصد وإحصاءات منقوصة وتناقضات واضحة مصحوبة بحملات إعلامية مضادة على ما يفضحها، مثل ما حصل ضد التقارير العلمية التي نشرتها المجلة البريطانية الرصينة (لانسيت)، وقد بينت علميا طرق إحصاء الضحايا ومعدلات تصاعدها مع موازاتها بما تهوّله قوات الاحتلال من عمليات أمنية كما تسميها. ومقارنة أخرى بما ينشر من هذه الأرقام مع ما ينشر من أعداد القتلى الأمريكيين، العسكريين والمدنيين في العراق، وما تؤشر له الأرقام من وقائع الحياة والغضب والدمار والمقاومة. ورغم تصاعدها المستمر أيضا وضرورة تحميل مسئوليتها إلى أصحاب القرار في تقديمها ودفعها إلى هذه النتائج المأساوية تبقى التأكيدات عليها بحاجة إلى التوثيق والرصد والتسجيل المستقل. وكأن هذه الإحصائيات تسليات إعلامية لا تهم الكونغرس الأميركي ومجلس الشيوخ الذي فشلت الأغلبية فيه عن تحقيق المهمة التي انتخبت على أساسها. واعتراف زعيمها هاري ريد بالإحباط إزاء عدم القيام بالمزيد لإنهاء الحرب في العراق. وقوله انه "ضمن الحدود التي فرضها رئيس متعنت ومتشبث وبرلمانيون جمهوريون لا يسعهم سوى الامتثال لخياراته فان الديموقراطيين أحدثوا تغييرا". وأشار بصورة خاصة بهذا الصدد إلى أن المعارضة الديموقراطية "فضحت تهور الرئيس". ولم يشر إلى التصديق على ميزانية الحرب وتهديد مصر والسلطة الوطنية الفلسطينية في تقليص المساعدات السنوية وتحذيرهما أو مقايضتهما كالعادة للضغط عليهما، ولا عدد ضحاياه أيضا!.
اجل... اكثر دموية واسوا الأعوام في عدد القتلى عموما، ولكن السؤال: ما هو المطلوب قبل الإحصاءات والتوصيف والإحباط والتهديد وصرف المليارات لاستمرار آلة الحرب؟!!.
انتهى عام وجاء آخر. تنوعت الأمنيات واختلفت الرغبات والاحتفالات وظلت وحدها الوقائع صارخة تدق النواقيس لكل ذي عقل وبصر وضمير. من بينها ما نقلته وسائل الإعلام عن إحصائيات القتلى في اكثر البلدان التي تحتلها قوات أجنبية، تقودها الولايات المتحدة، والأبرز فيها ما حصل في العراق ومن ثم البلدان الاخرى.. فلسطين وأفغانستان وحتى باكستان و...الخ. بدلا عن نقل ما أنجزته الدولة الكبرى، وحققته لهذه البلدان، وتثبت مصداقيتها في الشعارات التي رفعتها وما تزال في فرض وجودها واحتلالها. ارقام تستهين بحياة الانسان وحقوقه والقانون الدولي والانساني والاتفاقيات الدولية التي عدت، على اهميتها وضرورتها واستغلت اعلاميا، منجزا عالميا ودوليا لكل البشرية على المعمورة. وعرفت بأسماء التفضيل وكأنها قليلة ومحددة زمنيا وليست متواصلة، وهي في كل الأحوال كارثية. الولايات المتحدة الأمريكية بإدارتها الحالية لا تعير اهتماما لها وتتناقض مع نفسها فيما تشير إليه وتدعيه وتنفذه على الأرض، فهذه الأرقام خطيرة وكبيرة في عدد القتلى، والإعلان عنها إعلاميا بشكل عام ودون إثبات موضوعي أو بحث علمي، ومن جهات مشكوك بها وبمحاولات دوران حول الحقائق والفظائع، في زمن التضليل ينبغي ألا يصمت عليها، ويتوجب أن تحسب كليا بصوت عال ومحاسبة شعبية ومحاكمة تاريخية.
الأرقام دليل ومستمسك قانوني لإدانة الغزو والحرب والاحتلال، تتحمل الإدارة الأمريكية مباشرة المسؤولية عنها. وتكشف سياساتها العدوانية وأعمالها العسكرية وقواعدها المنتشرة في العالم ضخامة الجريمة المقترفة وحقيقة المخططات الاستعمارية والأهداف الإمبراطورية التي تعيد إنتاج حلقات تاريخ سوداء، دفعت شعوب العالم وحركات التحرر فيها أثمانا باهضة من اجل التخلص منها وبناء عالم جديد آخر خال من آثارها وتداعياتها المهينة للحضارة الإنسانية والتقدم البشري. لابد من التوقف عندها وقراءتها بوعي تاريخي ومساءلة حقوقية وأخلاقية وقانونية لوقف نزيف الدم المستمر بسببها وبقراراتها وتواصلها في مخططاتها ومشاريعها الوحشية، على مختلف الصعد والمجالات، بما فيها البيئة والخيرات الطبيعية وثروات الشعوب والأوطان. والتصدي لمساعي الإدارات المتنفذة إلى التزوير في هذه الوثائق الدامغة.
العراق مثلا، ما نقل عنه وبالأرقام الرسمية التي هي كما عرفت بالتجربة لا تمثل الوقائع ولا تعكس ما حصل فعلا وتشوه صورته دائما بما يصعب الوثوق بها. حتى هذه الأرقام أشارت إلى أن عام 2007 أكثر الأعوام دموية في العراق منذ الغزو في مارس/آذار 2003، ناسبة إلى الداخلية العراقية أن 16،232 مدنياً قتلوا العام الماضي، ومعلقة بالرغم من أن المحصلة هي الأعلى منذ الغزو، إلا أن آخر شهور العام شهد أدنى محصلة ضحايا بمقتل 481 مدنياً. في حين ذكر أنه خلال العام 2006 قتل 12،371 مدنياً. وتضاربت أرقام الإحصائيات الأخرى وأختلفت في العدد خلال شهر واحد فكيف بالسنوات وحقائق ما يجري وحصل على الأرض؟. وأوضحت اغلب الوكالات بالمصطلحات التي تعمل من اجل نشرها وبثها وضخها في كل ما تنشره عنها وسائل الإعلام الأخرى، أن 480 مدنيا قتلوا وأصيب 730 آخرون بجروح خلال الفترة ذاتها. ومن ضمنها جرت الإشارة إلى مقتل 88 من عناصر الأمن بينهم 24 عسكرياً و64 شرطياً واصابة 277 آخرين منهم بجروح، مقارنة بمثل هذه الشهر من العام الأسبق، لخلط الأوراق بين الضحايا المدنيين ومن يقترف جرائم قتلهم.
وقفت الوكالة الفرنسية في تقريرها عند الأرقام وكيفية إحصائها بالإشارة إلى أن تقديم إحصائية دقيقة للقتلى المدنيين تتسم بصعوبة بالغة، وتساءلت بشأن الإجراء الذي تتبعه المصادر الحكومية لتحديد ضحايا الحرب. ونقلت تقدير الأمم المتحدة لمصرع أكثر من 34 ألف مدني عراقي جراء العنف (؟!) عام 2006. فكم ستقدر العام الماضي وكيف هي المفارقة بين تقديراتها والحكومية التي أشارت لها الوكالة، بينما نشرت منظمة بريطانية أن اكثر من 24 ألف مواطن عراقي قتلوا عام 2007. والحصيلة كم من الضحايا ذهبت خلال سنوات الاحتلال؟.
أرقام متناقضة بقصد وإحصاءات منقوصة وتناقضات واضحة مصحوبة بحملات إعلامية مضادة على ما يفضحها، مثل ما حصل ضد التقارير العلمية التي نشرتها المجلة البريطانية الرصينة (لانسيت)، وقد بينت علميا طرق إحصاء الضحايا ومعدلات تصاعدها مع موازاتها بما تهوّله قوات الاحتلال من عمليات أمنية كما تسميها. ومقارنة أخرى بما ينشر من هذه الأرقام مع ما ينشر من أعداد القتلى الأمريكيين، العسكريين والمدنيين في العراق، وما تؤشر له الأرقام من وقائع الحياة والغضب والدمار والمقاومة. ورغم تصاعدها المستمر أيضا وضرورة تحميل مسئوليتها إلى أصحاب القرار في تقديمها ودفعها إلى هذه النتائج المأساوية تبقى التأكيدات عليها بحاجة إلى التوثيق والرصد والتسجيل المستقل. وكأن هذه الإحصائيات تسليات إعلامية لا تهم الكونغرس الأميركي ومجلس الشيوخ الذي فشلت الأغلبية فيه عن تحقيق المهمة التي انتخبت على أساسها. واعتراف زعيمها هاري ريد بالإحباط إزاء عدم القيام بالمزيد لإنهاء الحرب في العراق. وقوله انه "ضمن الحدود التي فرضها رئيس متعنت ومتشبث وبرلمانيون جمهوريون لا يسعهم سوى الامتثال لخياراته فان الديموقراطيين أحدثوا تغييرا". وأشار بصورة خاصة بهذا الصدد إلى أن المعارضة الديموقراطية "فضحت تهور الرئيس". ولم يشر إلى التصديق على ميزانية الحرب وتهديد مصر والسلطة الوطنية الفلسطينية في تقليص المساعدات السنوية وتحذيرهما أو مقايضتهما كالعادة للضغط عليهما، ولا عدد ضحاياه أيضا!.
اجل... اكثر دموية واسوا الأعوام في عدد القتلى عموما، ولكن السؤال: ما هو المطلوب قبل الإحصاءات والتوصيف والإحباط والتهديد وصرف المليارات لاستمرار آلة الحرب؟!!.