21/12/2007 الجمعة
كل فترة تشتعل هذه المنطقة، الحدود العراقية التركية، وبينها الأكراد. والأسباب داخلية وخارجية، وتوصف في اكثر الأحيان بالأزمة بين كل هذه الأطراف، وخاصة الاهم فيما بينها الان، الا وهو الطرف الامريكي، الذي تتواجد قواته في المنطقة ايضا، سواء بقواعد واتفاقات او باحتلال شرعن بلا قانون. وتكاد تكون الأزمة ، بهذا المعنى، شاملة الأطراف كلها، فكل طرف له مصالحه المتبادلة والمشتركة والمتوازية مع الآخر، من جهة وارتباطات وارتهانات محسوبة افتراضا أو مبنية على أوهام لم تتعظ من تجارب التاريخ ودروسه، من جهة اخرى. فضلا عن الصراع الفعلي حاليا وحساسية المواقف المعلنة أو التي تتزامن في توقيتاتها.
تركيا حليفة استراتيجية لأمريكا وعضو حلف الأطلسي والقوة العسكرية الأكبر المحملة بمهمات اوسع من حدودها الجغرافية واللغوية والدينية. وأزماتها الداخلية متراكمة ومتداخلة، وتعمل بحنكة واقتدار ووظيفية منتظمة ومخطط لها أحيانا أو تخدم موقعها الاستراتيجي وخططها القومية والاستراتيجية المتشابكة مع غيرها في المنطقة. فمن يتمكن العبث بهذه المكانة ويتهرب من استحقاقاتها الكبرى؟. قد يقرصها بموضع معين ولكن يعمل على مداواتها بسرعة وتوفير ما يسهل لها تحمل القرصة، كما حصل بقانون إدانة إبادة الأرمن مثلا، مع تقدير أو تفهم ضغوطه وظروفه أيضا، وقد لا يتكرر مثله في المدى القريب. ولكن قد تستمر اللسعات العابرة للتنبيه أو لتصعيد الضغط لأفاق ابعد.
والعراق منذ الثمانينات وخطة القرن الأمريكي ومشروع الامبراطورية هو مركز الثقل والانطلاقة والهدف الاستراتيجي الاكبر الذي تبذل الولايات المتحدة بكل اداراتها من اجله جهود الدم والمال على السواء، وهو ما حصل منذ احتلال القوات المتحالفة بقيادة الولايات المتحدة عام 2003 ومازالت تسرح في أراضيه عشرات آلاف القوات العسكرية والمدنية المدججة بمختلف الأسلحة. وهنا في راس كل الحسابات، أمنه واستقراره ونجاح مشروعه وقدرات الاستمرار فيه بدون منغصات مؤلمة على الأقل. وأي تحرك عسكري خارجي يدخل في الإطارات المرسومة أو على الأقل لا يؤثر كثيرا في الاستراتيجيات المعلنة والمخفية.
والأكراد قوة رئيسية في العراق وفي الاستراتيجية الأمريكية المرسومة له ولهم، وعندهم دورهم في كل ما حصل وما جرى في المنطقة، وتاريخ هنري كيسنغر لم يعد مخفيا او اسرارا في الارشيفات الامريكية. وتحول القضية الكردية إلى ورقة في العمل السياسي أو عاملا من عوامل الحراك في السياسات والمخططات المعروفة في المنطقة له ثمنه، سواء مباشرة على الشعب الكردي أو غير مباشر على القضية الكردية والقيادات السياسية لها. وهذا ما يعكس وجها للازمة التي يصمت عنها حين يراد ذلك، مثلما حصل في اكثر من فترة راح فيها ضحايا كثر من أبناء الشعب الكردي في المنطقة نفسها والمنطق ذاته.
فهل مصادفة أن يجري التدخل أو التوغل العسكري التركي داخل الحدود العراقية في اليوم نفسه الذي تتسلل وزيرة الخارجية الأمريكية إلى مدينة كركوك العراقية، ويتم قصف القرى العراقية وسكانها الكرد؟ وهل اصبح فجاة حزب العمال الكردستاني عدوا لكل الاطراف المتشابكة والقضاء عليه مصلحة مشتركة لها، وفق تصريح لرايس؟. قد يكون الأمر مصادفة للمفاجآت في كل ما يحصل اليوم في العراق خصوصا والإدارة الأمريكية وقد يتحول الحزب إلى الضحية للتشابك والتعقيد لدى الأطراف المعنية، ولكنه يبقى بالنهاية حزب كردي ومعبر عن الأهداف التي تعمل في سبيلها الاطراف الكردية الاخرى في هذه الأزمة المفتوحة في المنطقة، مفككة العبارة ومركبة الكارثة. وهو في هذه الحالة يزيد من صعوبات وتعقيدات الوضع ويكشف في الوقت نفسه عن أزمته في العمل العسكري من خارج حدوده المعترف له بها وتعرضه لتداخلاتها وشروطها .
خلاصة ما يحدث على الحدود يعبر عن تفاقم الأزمات بين ومن وراء هذه الحدود، أو من هو فيها فعلا، ويفسر طبيعة التحالفات وأوهامها، ولغة التحذيرات والاستعدادات للتغامز فيها وبيع القضايا بين ثناياها، وبالاخير تاجيل او تخدير الانفجارات لازمان اخرى او لظروف معينة يحين وقتها.
تكشف صورة ما يحصل على الحدود بين العراق وتركيا تاريخيا وبينهما الأكراد عمق ازمة السياسة الامريكية وتخبطها بين المصالح والوعود، وبين الاستراتيجيات والتحالفات الانية، وبين ثبات المواقف ودبلوماسية الزيارات المفاجئة والعلاقات العامة. وتنعكس على رسم مستقبل المنطقة وشعوبها وثرواتها والآمال التي تعقدها عليها. وإذا صح خبر موافقة وتزويد الجيش التركي بمعلومات أمريكية لتنفيذ الغارات والتوغلات التي نفذها داخل الحدود العراقية والتنسيق بين الطرفين، الامريكي والتركي فيها على هذا المستوى، وهو كذلك في طبيعة الامر، فيصبح وضع الحدود متناسبا مع المصالح المشتركة بينهما على حسابات أخرى. ويكون ما قام به المسئولون الأكراد، بعدم اللقاء بوزيرة الخارجية الأمريكية في بغداد أو كركوك التي تسللت لها للمصالحة بين مجموعاتها الاثنية والدينية المختلفة فيها، كما نشر حينها، صرخة جريح في جبال قنديل، لا تسمع ولا تعني كثيرا عند الطرف الرئيسي في معادلات الصراع والقضايا المخطط لها في المنطقة، وقد تسجل في ردود الأفعال التي توضع على الرف مؤقتا. وهي في كل الأحوال تعيد تجربة الأكراد مع سياسة حليفهم ومصالحه في المنطقة وتذكير بليغ بدروس هنري كيسنغر.
للأسف يدفع الشعب الكردي وبالتالي شعوب المنطقة أيضا أثمانا باهضة جراء هذه السياسات ولم تتعظ القيادات السياسية من تجارب التاريخ البعيد والقريب، وتستفيد من دروسها الرئيسة في الاعتماد الواقعي على خيارات الشعوب واراداتها ومصالحها الحقيقية في السلم والامن، وبناء علاقات سليمة لمستقبل سعيد، لا كلمات وصف للحال مثل العنوان.
كل فترة تشتعل هذه المنطقة، الحدود العراقية التركية، وبينها الأكراد. والأسباب داخلية وخارجية، وتوصف في اكثر الأحيان بالأزمة بين كل هذه الأطراف، وخاصة الاهم فيما بينها الان، الا وهو الطرف الامريكي، الذي تتواجد قواته في المنطقة ايضا، سواء بقواعد واتفاقات او باحتلال شرعن بلا قانون. وتكاد تكون الأزمة ، بهذا المعنى، شاملة الأطراف كلها، فكل طرف له مصالحه المتبادلة والمشتركة والمتوازية مع الآخر، من جهة وارتباطات وارتهانات محسوبة افتراضا أو مبنية على أوهام لم تتعظ من تجارب التاريخ ودروسه، من جهة اخرى. فضلا عن الصراع الفعلي حاليا وحساسية المواقف المعلنة أو التي تتزامن في توقيتاتها.
تركيا حليفة استراتيجية لأمريكا وعضو حلف الأطلسي والقوة العسكرية الأكبر المحملة بمهمات اوسع من حدودها الجغرافية واللغوية والدينية. وأزماتها الداخلية متراكمة ومتداخلة، وتعمل بحنكة واقتدار ووظيفية منتظمة ومخطط لها أحيانا أو تخدم موقعها الاستراتيجي وخططها القومية والاستراتيجية المتشابكة مع غيرها في المنطقة. فمن يتمكن العبث بهذه المكانة ويتهرب من استحقاقاتها الكبرى؟. قد يقرصها بموضع معين ولكن يعمل على مداواتها بسرعة وتوفير ما يسهل لها تحمل القرصة، كما حصل بقانون إدانة إبادة الأرمن مثلا، مع تقدير أو تفهم ضغوطه وظروفه أيضا، وقد لا يتكرر مثله في المدى القريب. ولكن قد تستمر اللسعات العابرة للتنبيه أو لتصعيد الضغط لأفاق ابعد.
والعراق منذ الثمانينات وخطة القرن الأمريكي ومشروع الامبراطورية هو مركز الثقل والانطلاقة والهدف الاستراتيجي الاكبر الذي تبذل الولايات المتحدة بكل اداراتها من اجله جهود الدم والمال على السواء، وهو ما حصل منذ احتلال القوات المتحالفة بقيادة الولايات المتحدة عام 2003 ومازالت تسرح في أراضيه عشرات آلاف القوات العسكرية والمدنية المدججة بمختلف الأسلحة. وهنا في راس كل الحسابات، أمنه واستقراره ونجاح مشروعه وقدرات الاستمرار فيه بدون منغصات مؤلمة على الأقل. وأي تحرك عسكري خارجي يدخل في الإطارات المرسومة أو على الأقل لا يؤثر كثيرا في الاستراتيجيات المعلنة والمخفية.
والأكراد قوة رئيسية في العراق وفي الاستراتيجية الأمريكية المرسومة له ولهم، وعندهم دورهم في كل ما حصل وما جرى في المنطقة، وتاريخ هنري كيسنغر لم يعد مخفيا او اسرارا في الارشيفات الامريكية. وتحول القضية الكردية إلى ورقة في العمل السياسي أو عاملا من عوامل الحراك في السياسات والمخططات المعروفة في المنطقة له ثمنه، سواء مباشرة على الشعب الكردي أو غير مباشر على القضية الكردية والقيادات السياسية لها. وهذا ما يعكس وجها للازمة التي يصمت عنها حين يراد ذلك، مثلما حصل في اكثر من فترة راح فيها ضحايا كثر من أبناء الشعب الكردي في المنطقة نفسها والمنطق ذاته.
فهل مصادفة أن يجري التدخل أو التوغل العسكري التركي داخل الحدود العراقية في اليوم نفسه الذي تتسلل وزيرة الخارجية الأمريكية إلى مدينة كركوك العراقية، ويتم قصف القرى العراقية وسكانها الكرد؟ وهل اصبح فجاة حزب العمال الكردستاني عدوا لكل الاطراف المتشابكة والقضاء عليه مصلحة مشتركة لها، وفق تصريح لرايس؟. قد يكون الأمر مصادفة للمفاجآت في كل ما يحصل اليوم في العراق خصوصا والإدارة الأمريكية وقد يتحول الحزب إلى الضحية للتشابك والتعقيد لدى الأطراف المعنية، ولكنه يبقى بالنهاية حزب كردي ومعبر عن الأهداف التي تعمل في سبيلها الاطراف الكردية الاخرى في هذه الأزمة المفتوحة في المنطقة، مفككة العبارة ومركبة الكارثة. وهو في هذه الحالة يزيد من صعوبات وتعقيدات الوضع ويكشف في الوقت نفسه عن أزمته في العمل العسكري من خارج حدوده المعترف له بها وتعرضه لتداخلاتها وشروطها .
خلاصة ما يحدث على الحدود يعبر عن تفاقم الأزمات بين ومن وراء هذه الحدود، أو من هو فيها فعلا، ويفسر طبيعة التحالفات وأوهامها، ولغة التحذيرات والاستعدادات للتغامز فيها وبيع القضايا بين ثناياها، وبالاخير تاجيل او تخدير الانفجارات لازمان اخرى او لظروف معينة يحين وقتها.
تكشف صورة ما يحصل على الحدود بين العراق وتركيا تاريخيا وبينهما الأكراد عمق ازمة السياسة الامريكية وتخبطها بين المصالح والوعود، وبين الاستراتيجيات والتحالفات الانية، وبين ثبات المواقف ودبلوماسية الزيارات المفاجئة والعلاقات العامة. وتنعكس على رسم مستقبل المنطقة وشعوبها وثرواتها والآمال التي تعقدها عليها. وإذا صح خبر موافقة وتزويد الجيش التركي بمعلومات أمريكية لتنفيذ الغارات والتوغلات التي نفذها داخل الحدود العراقية والتنسيق بين الطرفين، الامريكي والتركي فيها على هذا المستوى، وهو كذلك في طبيعة الامر، فيصبح وضع الحدود متناسبا مع المصالح المشتركة بينهما على حسابات أخرى. ويكون ما قام به المسئولون الأكراد، بعدم اللقاء بوزيرة الخارجية الأمريكية في بغداد أو كركوك التي تسللت لها للمصالحة بين مجموعاتها الاثنية والدينية المختلفة فيها، كما نشر حينها، صرخة جريح في جبال قنديل، لا تسمع ولا تعني كثيرا عند الطرف الرئيسي في معادلات الصراع والقضايا المخطط لها في المنطقة، وقد تسجل في ردود الأفعال التي توضع على الرف مؤقتا. وهي في كل الأحوال تعيد تجربة الأكراد مع سياسة حليفهم ومصالحه في المنطقة وتذكير بليغ بدروس هنري كيسنغر.
للأسف يدفع الشعب الكردي وبالتالي شعوب المنطقة أيضا أثمانا باهضة جراء هذه السياسات ولم تتعظ القيادات السياسية من تجارب التاريخ البعيد والقريب، وتستفيد من دروسها الرئيسة في الاعتماد الواقعي على خيارات الشعوب واراداتها ومصالحها الحقيقية في السلم والامن، وبناء علاقات سليمة لمستقبل سعيد، لا كلمات وصف للحال مثل العنوان.