السبت8/9/2007
للمرة الثالثة يغامر الرئيس الامريكي بوش الثاني ومعه اركان ادارته للتسلل الي ارض العراق سرا، دون اعلان واستقبال ومراسيم دبلوماسية. هكذا وصل رئيس دولة الاحتلال، اكبر دولة تسعي للهيمنة علي العالم والاستفراد بالسياسة الدولية، من حدائق البيت الابيض الي صحراء الانبار، محتميا بقاعدة الاسد الجوية المحتلة من قبل الاف من القوات الامريكية، والمرصودة منذ اسابيع متتالية. حسب محللين بان الاخبار عن كل ما حصل تم بعد انتهاء المغامرة، وما تسرب عنها استهدف توجيه رسائل سياسية فارغة، لا تؤثر في تغيير للمواقف والاراء، سواء داخل الكونغرس الامريكي او الراي العام، ولا يفرح كل المتعاونين معه في المنطقة الخضراء ببغداد او خارجها، اذ سحبهم من مكاتبهم الي مخبئه المكشوف دون ان يلحق اغلبهم الي حلاقة وجهه للتبرك بمصافحة تلفزيونية مذلة. الا ان ما حصل أعطي اشارات كافية لعمق المأزق الذي تعيشه ادارة بوش الثاني، وكل التحرك البهلواني وما نشر عنه وبث اعلاميا أضاف الي الورطة ابعادا اسوا منه. وحاولت الادارةوالبنتاغون توصيف ما تم بانه الاجتماع الأخير الكبير بين المستشارين العسكريين للرئيس مع القيادة العراقية، قبل أن يقرر الرئيس خطواته التالية. وسماه ناطق باسم البنتاغون ب مجلس الحرب قبل أيام من تقديم تقرير الجنرال دافيد بترايوس، قائد القوات الأمريكية في العراق والسفير رايان كروكر، الي الكونغرس حول مسار استراتيجية زيادة القوات التي اتخذها بوش الثاني بداية هذا العام، لمناقشته بعد العاشر من هذا الشهر سبتمبر 2007 . وقال الناطق إن الرئيس عقد مجلس حربه هنا مع القادة العراقيين كي يناقشوا الطريق إلي الأمام. أما وسائل اعلام مرافقة او مطلعة فقالت إن الأسبوعين القادمين سيكونان حرجين لاستراتيجية بوش، بسبب تصاعد الجدل في واشنطن حول الطرق الممكنة للاستمرار، من جهة، وما سيحتويه التقرير المعد الي الكونغرس وطبيعة ما يجري علي الارض، التي لم يجرؤ احد علي البوح بها من جهة اخري، وخلاصة الامر توضح ابعادا كثيرة اكبر حجما وتاثيرا من الصور السريعة والابتسامات الخادعة والكلمات المعدة سلفا وبحذر كبير.
الوقائع تقول بغير ذلك، احداثا وارقاما وتقارير ايضا، وهي الصورة الواقعية الحقيقية لكل ما جري وحصل وسيحدث بعدها. فعن اي مجلس حرب ينفخ البنتاغون به بعد اكثر من اربع سنوات ونصف من الاحتلال العسكري الدموي وبوجود اكثر من ربع مليون عسكري ومرتزق امريكي وحليف له علي ارض العراق؟!. وكان بوش الثاني نفسه، كما اظهرته صورته، محاولا التشبث بقشة ما، تأتيه حتي من رمل الصحراء المدججة بالاسلحة الامريكية. وقد وصف في خطابه أمام حوالي 750 من قوات الجيش الأمريكي جمعت له، خطوات الاحتلال بأنها مخيبة للآمال، وأن قرار سحب القوات من العراق يعود إلي القادة العسكريين الأمريكيين في العراق لا إلي ردود فعل انفعالية من قبل بعض الساسة في واشنطن. مكررا هذا القول كما في اغلب خطبه ورده علي المهاجمين لسياساته الحمقاء، ولكنه افصح عن خيارات تعذر عليه النطق بها، مضطرا لها، من بين اساليب المحافظين الجدد، في خططهم لاستباق الاحداث. وفي الوقت نفسه، ورغم التهويل والتضليل واجهته الخطوة المقررة، انسحاب القوات البريطانية، علي الأقل من مدينة البصرة، اشارة تنبيه اولية. فحين دخل بوش الثاني خرج حلفاؤه، علق محلل سياسي اوروبي، ان هذا اليوم لم يكن قطعاً دون دلالات رمزية فبينما كان الرئيس الأمريكي في زيارته المفاجئة للعراق، يؤطر ملامح قراراته الجديدة في قاعدة عسكرية جوية، ويعلن عن خطوات في استراتيجيته الجديدة، كان حليفه الأهم في العراق يعد العدة لانسحاب مشرف لا يعطي انطباع الهزيمة . او هكذا يحاول ذلك، الا ان الراي العام البريطاني، اغلبه علي الاقل، مقتنع بان ما حدث هزيمة عسكرية وسياسية لقرارات غير شعبية وغير مرغوب بها من لدن الشعب العراقي، الذي اجبر القوات وقياداتها السياسية والعسكرية علي تجرع سم الخسارة.
وقبل ان تصبح المفاجأة في هوامش الاخبار اليومية، رد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور هاري ريد عليها ببيان جاء فيه كل تقييم هادف أظهر حتي اللحظة أن استراتيجية الرئيس الفاشلة أخفقت في تحقيق هدفها المفترض: حل سياسي للعراق. وتابع عقب قرابة خمسة أعوام، وفقد 3700 جندي أرواحهم، وتكلفة تعدت نصف تريليون دولار، حان الوقت لأن يدرك الجمهوريون الحقيقة علي أرض الواقع.. قفوا بوجه الرئيس بوش وساعدوا الديمقراطيين لإيجاد نهاية للحرب.
وتتناقض تعليقات الصحف والتقارير الامريكية والبريطانية وتصريحات المسئولين السياسيين والعسكريين في نقلها صورة الوضع في العراق اليوم، فبين صحيفة نيويورك تايمز التي تورد ان الاغلبية في الولايات المتحدة باتت شبه متفقة علي حقيقتين أساسيتين في العراق: أن هناك زخما عسكريا بالنسبة للقوات الأمريكية- العراقية المشتركة وهناك شلل سياسي في بغداد. وتختم إنه بالنظر إلي استمرار العنف وغياب التقدم السياسي، فالعراق ليس في طريقه الآن إلي تحقيق الاستقرار الدائم، وأمريكا ليست لديها بعد استراتيجية واضحة للخروج من العراق.
صحيفة يو إس إيه توداي تفاءلت في افتتاحيتها بأن الأوضاع بدت أفضل قليلاً في العراق هذا الصيف، مشيرة إلي تقارير لبعض القادة العسكريين الأمريكيين والمراقبين المستقلين. وذكرت أن أي تراجع في العنف في العراق وأي تقدم ضد القاعدة يجب أن يحتفي به ويشجع، لكن مع ذلك فهناك تقريران جديدان يظهران بما لا يدع مجالاً للشك أن النصر في العراق بعيد المنال. وكشفت الصحيفة أن أحد هذين التقريرين هو تقرير الاستخبارات القومية الذي اشتركت في وضعه 16 وكالة استخبارات أمريكية وأفاد بأن مستويات العنف إجمالاً تبقي مرتفعة و الجماعات الطائفية في العراق لا تزال رافضة للمصالحة. وقال التقرير إن الحكومة العراقية قد تصبح أكثر زعزعة علي مدار الستة إلي الإثني عشر شهراً القادمة وأن قواتها الأمنية، وعلي الرغم من إظهارها تحسناً، لا تزال غير قادرة علي العمل بدون مساعدة. أما التقرير الثاني فهو التقرير الصادر عن مكتب المحاسبة العامة، التابع للكونغرس، والذي شكك في التقارير الرسمية التي تفيد بتحقيق نجاح عسكري في العراق وفي تصوير حجم الإخفاقات السياسية، وختمت الصحيفة افتتاحيتها: إن إدارة بوش ذهبت إلي العراق علي فرضية أن كل شيء سيصبح علي ما يرام بمجرد إسقاط نظام صدام حسين، وثبت لها أنها وقعت بكارثة وأخطأت في التقدير. لكن وبعد أربع سنوات من بداية هذه الكارثة، وبرغم بعض الأنباء السارة مؤخراً، لا زال التفاؤل هو السائد، وليست الاستراتيجية .
فهل المجلس الذي اجتمع كان للحرب ام للانسحاب ولوضع سر الهزيمة، الاستراتيجية التي سيجبر بوش الثاني عليها، مثلما يتذكر فيتنام اليوم؟!.
للمرة الثالثة يغامر الرئيس الامريكي بوش الثاني ومعه اركان ادارته للتسلل الي ارض العراق سرا، دون اعلان واستقبال ومراسيم دبلوماسية. هكذا وصل رئيس دولة الاحتلال، اكبر دولة تسعي للهيمنة علي العالم والاستفراد بالسياسة الدولية، من حدائق البيت الابيض الي صحراء الانبار، محتميا بقاعدة الاسد الجوية المحتلة من قبل الاف من القوات الامريكية، والمرصودة منذ اسابيع متتالية. حسب محللين بان الاخبار عن كل ما حصل تم بعد انتهاء المغامرة، وما تسرب عنها استهدف توجيه رسائل سياسية فارغة، لا تؤثر في تغيير للمواقف والاراء، سواء داخل الكونغرس الامريكي او الراي العام، ولا يفرح كل المتعاونين معه في المنطقة الخضراء ببغداد او خارجها، اذ سحبهم من مكاتبهم الي مخبئه المكشوف دون ان يلحق اغلبهم الي حلاقة وجهه للتبرك بمصافحة تلفزيونية مذلة. الا ان ما حصل أعطي اشارات كافية لعمق المأزق الذي تعيشه ادارة بوش الثاني، وكل التحرك البهلواني وما نشر عنه وبث اعلاميا أضاف الي الورطة ابعادا اسوا منه. وحاولت الادارةوالبنتاغون توصيف ما تم بانه الاجتماع الأخير الكبير بين المستشارين العسكريين للرئيس مع القيادة العراقية، قبل أن يقرر الرئيس خطواته التالية. وسماه ناطق باسم البنتاغون ب مجلس الحرب قبل أيام من تقديم تقرير الجنرال دافيد بترايوس، قائد القوات الأمريكية في العراق والسفير رايان كروكر، الي الكونغرس حول مسار استراتيجية زيادة القوات التي اتخذها بوش الثاني بداية هذا العام، لمناقشته بعد العاشر من هذا الشهر سبتمبر 2007 . وقال الناطق إن الرئيس عقد مجلس حربه هنا مع القادة العراقيين كي يناقشوا الطريق إلي الأمام. أما وسائل اعلام مرافقة او مطلعة فقالت إن الأسبوعين القادمين سيكونان حرجين لاستراتيجية بوش، بسبب تصاعد الجدل في واشنطن حول الطرق الممكنة للاستمرار، من جهة، وما سيحتويه التقرير المعد الي الكونغرس وطبيعة ما يجري علي الارض، التي لم يجرؤ احد علي البوح بها من جهة اخري، وخلاصة الامر توضح ابعادا كثيرة اكبر حجما وتاثيرا من الصور السريعة والابتسامات الخادعة والكلمات المعدة سلفا وبحذر كبير.
الوقائع تقول بغير ذلك، احداثا وارقاما وتقارير ايضا، وهي الصورة الواقعية الحقيقية لكل ما جري وحصل وسيحدث بعدها. فعن اي مجلس حرب ينفخ البنتاغون به بعد اكثر من اربع سنوات ونصف من الاحتلال العسكري الدموي وبوجود اكثر من ربع مليون عسكري ومرتزق امريكي وحليف له علي ارض العراق؟!. وكان بوش الثاني نفسه، كما اظهرته صورته، محاولا التشبث بقشة ما، تأتيه حتي من رمل الصحراء المدججة بالاسلحة الامريكية. وقد وصف في خطابه أمام حوالي 750 من قوات الجيش الأمريكي جمعت له، خطوات الاحتلال بأنها مخيبة للآمال، وأن قرار سحب القوات من العراق يعود إلي القادة العسكريين الأمريكيين في العراق لا إلي ردود فعل انفعالية من قبل بعض الساسة في واشنطن. مكررا هذا القول كما في اغلب خطبه ورده علي المهاجمين لسياساته الحمقاء، ولكنه افصح عن خيارات تعذر عليه النطق بها، مضطرا لها، من بين اساليب المحافظين الجدد، في خططهم لاستباق الاحداث. وفي الوقت نفسه، ورغم التهويل والتضليل واجهته الخطوة المقررة، انسحاب القوات البريطانية، علي الأقل من مدينة البصرة، اشارة تنبيه اولية. فحين دخل بوش الثاني خرج حلفاؤه، علق محلل سياسي اوروبي، ان هذا اليوم لم يكن قطعاً دون دلالات رمزية فبينما كان الرئيس الأمريكي في زيارته المفاجئة للعراق، يؤطر ملامح قراراته الجديدة في قاعدة عسكرية جوية، ويعلن عن خطوات في استراتيجيته الجديدة، كان حليفه الأهم في العراق يعد العدة لانسحاب مشرف لا يعطي انطباع الهزيمة . او هكذا يحاول ذلك، الا ان الراي العام البريطاني، اغلبه علي الاقل، مقتنع بان ما حدث هزيمة عسكرية وسياسية لقرارات غير شعبية وغير مرغوب بها من لدن الشعب العراقي، الذي اجبر القوات وقياداتها السياسية والعسكرية علي تجرع سم الخسارة.
وقبل ان تصبح المفاجأة في هوامش الاخبار اليومية، رد زعيم الأغلبية الديمقراطية في مجلس الشيوخ السيناتور هاري ريد عليها ببيان جاء فيه كل تقييم هادف أظهر حتي اللحظة أن استراتيجية الرئيس الفاشلة أخفقت في تحقيق هدفها المفترض: حل سياسي للعراق. وتابع عقب قرابة خمسة أعوام، وفقد 3700 جندي أرواحهم، وتكلفة تعدت نصف تريليون دولار، حان الوقت لأن يدرك الجمهوريون الحقيقة علي أرض الواقع.. قفوا بوجه الرئيس بوش وساعدوا الديمقراطيين لإيجاد نهاية للحرب.
وتتناقض تعليقات الصحف والتقارير الامريكية والبريطانية وتصريحات المسئولين السياسيين والعسكريين في نقلها صورة الوضع في العراق اليوم، فبين صحيفة نيويورك تايمز التي تورد ان الاغلبية في الولايات المتحدة باتت شبه متفقة علي حقيقتين أساسيتين في العراق: أن هناك زخما عسكريا بالنسبة للقوات الأمريكية- العراقية المشتركة وهناك شلل سياسي في بغداد. وتختم إنه بالنظر إلي استمرار العنف وغياب التقدم السياسي، فالعراق ليس في طريقه الآن إلي تحقيق الاستقرار الدائم، وأمريكا ليست لديها بعد استراتيجية واضحة للخروج من العراق.
صحيفة يو إس إيه توداي تفاءلت في افتتاحيتها بأن الأوضاع بدت أفضل قليلاً في العراق هذا الصيف، مشيرة إلي تقارير لبعض القادة العسكريين الأمريكيين والمراقبين المستقلين. وذكرت أن أي تراجع في العنف في العراق وأي تقدم ضد القاعدة يجب أن يحتفي به ويشجع، لكن مع ذلك فهناك تقريران جديدان يظهران بما لا يدع مجالاً للشك أن النصر في العراق بعيد المنال. وكشفت الصحيفة أن أحد هذين التقريرين هو تقرير الاستخبارات القومية الذي اشتركت في وضعه 16 وكالة استخبارات أمريكية وأفاد بأن مستويات العنف إجمالاً تبقي مرتفعة و الجماعات الطائفية في العراق لا تزال رافضة للمصالحة. وقال التقرير إن الحكومة العراقية قد تصبح أكثر زعزعة علي مدار الستة إلي الإثني عشر شهراً القادمة وأن قواتها الأمنية، وعلي الرغم من إظهارها تحسناً، لا تزال غير قادرة علي العمل بدون مساعدة. أما التقرير الثاني فهو التقرير الصادر عن مكتب المحاسبة العامة، التابع للكونغرس، والذي شكك في التقارير الرسمية التي تفيد بتحقيق نجاح عسكري في العراق وفي تصوير حجم الإخفاقات السياسية، وختمت الصحيفة افتتاحيتها: إن إدارة بوش ذهبت إلي العراق علي فرضية أن كل شيء سيصبح علي ما يرام بمجرد إسقاط نظام صدام حسين، وثبت لها أنها وقعت بكارثة وأخطأت في التقدير. لكن وبعد أربع سنوات من بداية هذه الكارثة، وبرغم بعض الأنباء السارة مؤخراً، لا زال التفاؤل هو السائد، وليست الاستراتيجية .
فهل المجلس الذي اجتمع كان للحرب ام للانسحاب ولوضع سر الهزيمة، الاستراتيجية التي سيجبر بوش الثاني عليها، مثلما يتذكر فيتنام اليوم؟!.