السبت4/8/2007
تلعب الارقام دورا في تقييم عمل الادارات بشكل عام، عبر استطلاعات الرأي والاحصائيات التي تقوم بها مؤسسات مختصة. ولعل اخر تلك الارقام بشان ما انجزته ادارة الرئيس الامريكي بوش الثاني بشأن حروبه واحتلاله العراق خصوصا تثبت ما لم يخفه الرئيس الامريكي السابق بيل كلنتون بلسانه، معتبراً أنه لا دليل علي إحراز أي تقدم علي المستويات السياسية والدبلوماسية والعسكرية في العراق. كما تبينه اعتراضات اعضاء بارزين من حزب الرئيس الحاكم، وبالتأكيد تجسده يوميا نتائج الحصاد المر بالارواح والخسائر المادية التي تتسرب اخبارها الواقعية احيانا الي وسائل الاعلام.
أفاد استطلاع للرأي أجرته مجموعة البحث الأمريكية (أي.آر.جي) نشر يوم 6/7/2007، إن 45% من الأمريكيين مستعدون لتأييد مجلس النواب إذا ما أقدم علي إقالة الرئيس، في حين عارض ذلك 46%. وإن 54% من الأمريكيين سيدعمون إقالة ديك تشيني، مقابل معارضة 40% فقط. وهذا استطلاع واحد من بين غيره كشف وصول شعبية الرئيس بوش الثاني وادارته إلي حضيض تاريخي، وصلت إلي 26%. (وينص الدستور الأمريكي علي إقالة الرئيس أو نائبه في حالة "الخيانة والفساد والجنح والجرائم المماثلة". ويجري التصويت علي هذا الإجراء في مجلس النواب بالأكثرية البسيطة علي أن يؤكده ثلثا مجلس الشيوخ. وقد واجه رئيسان أمريكيّان إجراء الإقالة بناء علي مبادرة من مجلس النواب إلا أن مجلس الشيوخ برأهما، وهما أندرو جونسون عام 1868 وبيل كلينتون في التسعينات. واستقال الرئيس ريتشارد نيكسون الذي تورط في فضيحة ووترغيت عام 1974 قبل أن يصوت مجلس النواب علي إقالته).
كما أظهرت استطلاعات رأي اخري نتائج غير مسبوقة تجاه مسار الحرب بالعراق، حيث رأي وللمرة الأولي حوالي 95% من الأمريكيين ضرورة اجراء تغيير في سياسة الإدارة الحالية بالعراق بحلول سبتمبر المقبل. في وقت تتزايد الخلافات والنقاشات بين مشرعي الحزبين والرأي العام وتقارير دوائر البنتاغون والخارجية والاستخبارات القومية حول هذه السياسة وتداعياتها وارقام الخسائر فيها والبحث عن حلول لها. فأظهر استطلاع رأي، اجرته مؤسسة "غالوب" وصحيفة "يو اس ايه توداي"، أن 40% من الأمريكيين رأوا أن علي الكونغرس الإسراع بالتصرف والتدخل الآن، بينما رأي 55% أن علي الكونغرس الانتظار قليلاً لحين تقديم القائد الأعلي للقوات الأمريكية بالعراق الجنرال ديفيد بيترايوس والسفير الامريكي تقريرهما للكونغرس. وكشف الاستطلاع ارتفاع نسبة معارضة الحرب بالعراق لأعلي مستوي لها منذ الغزو الأمريكي وسجل انخفاض نسبة التأييد الشعبي للرئيس الأمريكي ايضا بشكل غير مسبوق حيث حصل أداء بوش بالنسبة للعراق علي 29% فقط.
هذه الارقام مهما كانت حدود صحتها والمصداقية في نقلها للحس الشعبي واتجاهات الرأي العام ومهما نتج عنها من تأثيرات واقعية علي صانعي ومشرعي القرار الامريكي، ومهما تلاعبت بها دوائر معينة تستهدف منها اغراضا او استعان بها معارضو الرئيس وادارته فإنها في الواقع حصيلة اولية ومقدمة لما ستأتي به التقارير التي ينتظرها الرأي العام والكونغرس والرئيس نفسه، الذي دعا الجميع الي الصبر وانتظار ما تحمله له ولادارته بعد قراراته بزيادة القوات وخطط قتاله الدموية بالعراق. واذا كانت بهذه الحالة من التردي المعنوي والواقعي، بشكل عام، فكيف ستكون عليه حين تتكشف كل الحقائق والفضائح والفظائع؟. واذا اعتبرت هذه النتائج استطلاعية واستباقية فانها بالتأكيد بعد معرفة وقائع ما سينقله القائد العسكري والسفير الامريكي ببغداد في تقريرهما، ومن خلال ما استبقته تصريحاتهما او من أناب عنهما، فان الارقام هذه لن تبقي كما هي وستؤشر من جديد الي خيبة امل الادارة ومؤسساتها والي نفاد صبر الرئيس ومؤيديه ولابد حينها من تغييرات استراتيجية، ولكن الرياح لا تجري كما تشتهي السفن دائما. فما يحصل علي الارض من تصاعد المقاومة الوطنية ضد الاحتلال وممارساته الوحشية علي مختلف الصعد هو الذي سيوصل الرسالة الواقعية الي الادارة الامريكية وسيعطي بالارقام الجديدة مدي دعوة صبر بوش الثاني.
وقد يكون ما طالب به المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة زلماي خليل زاد بتعيين "موفد دولي خاص للعراق"، يكون قادراً علي جمع العراقيين وقوي إقليمية كإيران وتركيا والسعودية مؤشرا اخر او ردا مباشرا علي تلك الارقام او استباقا لها ايضا. دعوة خليل زاد في مقابلة له في مجلة شتيرن الألمانية (19/7/2007)، ونشرها في مقالة له تناقلتها وسائل اعلام عديدة، وقبولها من قبل امين عام الامم المتحدة، وحصوله علي الضوء الأخضر من واشنطن اعلان جديد اخر علي نتائج ما حملته الارقام، او اعتراف ضمني بما طالبت به اوساط متعددة، امريكية او دولية او اقليمية بضرورة الانسحاب العسكري وتوسيع دور الامم المتحدة والدول المجاورة في حفظ الامن والسلام.
كان خليل زاد سفير واشنطن في بغداد قبل أن يخلفه السفير الحالي ريان كروكر في وقت سابق من العام الجاري، فهو خبير المنطقة من جهة ولسان حال مجموعات القرار المحيطة بالرئيس وادارته، وليس منصبه الحالي هو الذي دفعه للتفكير بمثل هذه الآراء وتوسيع دور المنظمة الدولية والجوار العراقي في حل المازق الامريكي. وقال رداً علي سؤال بشأن السبب الذي يتوجب علي العالم إصلاح ما أفسدته الولايات المتحدة، ان هناك مصلحة أمنية مشتركة في المنطقة. وأشار إلي أنه "يجب أن نتأكد من أن يتحرك العراق في الاتجاه الصحيح. التطورات في العراق يمكن أن تشكل تهديداً للمنطقة وللعالم كله". حسب ما جاء في وكالات الانباء.
هذه الاقوال (الجديدة) وغيرها بالتقابل مع ما يجري داخل الكونغرس وما يعلنه الديمقراطيون في مواقفهم من سياسات الرئيس بوش الثاني في العراق، والتحضير لحملات انتخابات الرئاسة القادمة، تعني الكثير في التوقعات امام استراتيجية الادارة الامريكية، ولكن الامر الأهم في كل ذلك، هو أن المشاريع المطروحة للنقاش في المجلسين والادارة والبنتاغون وحتي تصريحات خليل زاد، لا تصل الي انهاء الاحتلال العسكري المباشر، وسحب كامل القوات الأمريكية من العراق بل مجرد طلب إعادة انتشار لها في البلد المحتل لحمايتها من هجمات المقاومة، وتقليل نسبة الخسائر في الأرواح والمعدات والآليات، وبناء قواعد عسكرية أمريكية استراتيجية، والادعاء ببقاء جزء منها "لمكافحة الارهاب ومطاردة القاعدة وحراسة الحدود العراقية وحماية المصالح والمنشآت الأمريكية وتدريب قوات عراقية". وفق ما تعلنه اوساط الادارة والاعلام الامريكي ايضا، اي في النهاية استمرار الاحتلال باتفاق مشرعي الحزبين والادارة واجهزتها المختلفة.
لكن ارقام الحقل ليست هي ارقام البيدر، وستخبر الحرب بما لم يخبر به بوش.
تلعب الارقام دورا في تقييم عمل الادارات بشكل عام، عبر استطلاعات الرأي والاحصائيات التي تقوم بها مؤسسات مختصة. ولعل اخر تلك الارقام بشان ما انجزته ادارة الرئيس الامريكي بوش الثاني بشأن حروبه واحتلاله العراق خصوصا تثبت ما لم يخفه الرئيس الامريكي السابق بيل كلنتون بلسانه، معتبراً أنه لا دليل علي إحراز أي تقدم علي المستويات السياسية والدبلوماسية والعسكرية في العراق. كما تبينه اعتراضات اعضاء بارزين من حزب الرئيس الحاكم، وبالتأكيد تجسده يوميا نتائج الحصاد المر بالارواح والخسائر المادية التي تتسرب اخبارها الواقعية احيانا الي وسائل الاعلام.
أفاد استطلاع للرأي أجرته مجموعة البحث الأمريكية (أي.آر.جي) نشر يوم 6/7/2007، إن 45% من الأمريكيين مستعدون لتأييد مجلس النواب إذا ما أقدم علي إقالة الرئيس، في حين عارض ذلك 46%. وإن 54% من الأمريكيين سيدعمون إقالة ديك تشيني، مقابل معارضة 40% فقط. وهذا استطلاع واحد من بين غيره كشف وصول شعبية الرئيس بوش الثاني وادارته إلي حضيض تاريخي، وصلت إلي 26%. (وينص الدستور الأمريكي علي إقالة الرئيس أو نائبه في حالة "الخيانة والفساد والجنح والجرائم المماثلة". ويجري التصويت علي هذا الإجراء في مجلس النواب بالأكثرية البسيطة علي أن يؤكده ثلثا مجلس الشيوخ. وقد واجه رئيسان أمريكيّان إجراء الإقالة بناء علي مبادرة من مجلس النواب إلا أن مجلس الشيوخ برأهما، وهما أندرو جونسون عام 1868 وبيل كلينتون في التسعينات. واستقال الرئيس ريتشارد نيكسون الذي تورط في فضيحة ووترغيت عام 1974 قبل أن يصوت مجلس النواب علي إقالته).
كما أظهرت استطلاعات رأي اخري نتائج غير مسبوقة تجاه مسار الحرب بالعراق، حيث رأي وللمرة الأولي حوالي 95% من الأمريكيين ضرورة اجراء تغيير في سياسة الإدارة الحالية بالعراق بحلول سبتمبر المقبل. في وقت تتزايد الخلافات والنقاشات بين مشرعي الحزبين والرأي العام وتقارير دوائر البنتاغون والخارجية والاستخبارات القومية حول هذه السياسة وتداعياتها وارقام الخسائر فيها والبحث عن حلول لها. فأظهر استطلاع رأي، اجرته مؤسسة "غالوب" وصحيفة "يو اس ايه توداي"، أن 40% من الأمريكيين رأوا أن علي الكونغرس الإسراع بالتصرف والتدخل الآن، بينما رأي 55% أن علي الكونغرس الانتظار قليلاً لحين تقديم القائد الأعلي للقوات الأمريكية بالعراق الجنرال ديفيد بيترايوس والسفير الامريكي تقريرهما للكونغرس. وكشف الاستطلاع ارتفاع نسبة معارضة الحرب بالعراق لأعلي مستوي لها منذ الغزو الأمريكي وسجل انخفاض نسبة التأييد الشعبي للرئيس الأمريكي ايضا بشكل غير مسبوق حيث حصل أداء بوش بالنسبة للعراق علي 29% فقط.
هذه الارقام مهما كانت حدود صحتها والمصداقية في نقلها للحس الشعبي واتجاهات الرأي العام ومهما نتج عنها من تأثيرات واقعية علي صانعي ومشرعي القرار الامريكي، ومهما تلاعبت بها دوائر معينة تستهدف منها اغراضا او استعان بها معارضو الرئيس وادارته فإنها في الواقع حصيلة اولية ومقدمة لما ستأتي به التقارير التي ينتظرها الرأي العام والكونغرس والرئيس نفسه، الذي دعا الجميع الي الصبر وانتظار ما تحمله له ولادارته بعد قراراته بزيادة القوات وخطط قتاله الدموية بالعراق. واذا كانت بهذه الحالة من التردي المعنوي والواقعي، بشكل عام، فكيف ستكون عليه حين تتكشف كل الحقائق والفضائح والفظائع؟. واذا اعتبرت هذه النتائج استطلاعية واستباقية فانها بالتأكيد بعد معرفة وقائع ما سينقله القائد العسكري والسفير الامريكي ببغداد في تقريرهما، ومن خلال ما استبقته تصريحاتهما او من أناب عنهما، فان الارقام هذه لن تبقي كما هي وستؤشر من جديد الي خيبة امل الادارة ومؤسساتها والي نفاد صبر الرئيس ومؤيديه ولابد حينها من تغييرات استراتيجية، ولكن الرياح لا تجري كما تشتهي السفن دائما. فما يحصل علي الارض من تصاعد المقاومة الوطنية ضد الاحتلال وممارساته الوحشية علي مختلف الصعد هو الذي سيوصل الرسالة الواقعية الي الادارة الامريكية وسيعطي بالارقام الجديدة مدي دعوة صبر بوش الثاني.
وقد يكون ما طالب به المندوب الأمريكي في الأمم المتحدة زلماي خليل زاد بتعيين "موفد دولي خاص للعراق"، يكون قادراً علي جمع العراقيين وقوي إقليمية كإيران وتركيا والسعودية مؤشرا اخر او ردا مباشرا علي تلك الارقام او استباقا لها ايضا. دعوة خليل زاد في مقابلة له في مجلة شتيرن الألمانية (19/7/2007)، ونشرها في مقالة له تناقلتها وسائل اعلام عديدة، وقبولها من قبل امين عام الامم المتحدة، وحصوله علي الضوء الأخضر من واشنطن اعلان جديد اخر علي نتائج ما حملته الارقام، او اعتراف ضمني بما طالبت به اوساط متعددة، امريكية او دولية او اقليمية بضرورة الانسحاب العسكري وتوسيع دور الامم المتحدة والدول المجاورة في حفظ الامن والسلام.
كان خليل زاد سفير واشنطن في بغداد قبل أن يخلفه السفير الحالي ريان كروكر في وقت سابق من العام الجاري، فهو خبير المنطقة من جهة ولسان حال مجموعات القرار المحيطة بالرئيس وادارته، وليس منصبه الحالي هو الذي دفعه للتفكير بمثل هذه الآراء وتوسيع دور المنظمة الدولية والجوار العراقي في حل المازق الامريكي. وقال رداً علي سؤال بشأن السبب الذي يتوجب علي العالم إصلاح ما أفسدته الولايات المتحدة، ان هناك مصلحة أمنية مشتركة في المنطقة. وأشار إلي أنه "يجب أن نتأكد من أن يتحرك العراق في الاتجاه الصحيح. التطورات في العراق يمكن أن تشكل تهديداً للمنطقة وللعالم كله". حسب ما جاء في وكالات الانباء.
هذه الاقوال (الجديدة) وغيرها بالتقابل مع ما يجري داخل الكونغرس وما يعلنه الديمقراطيون في مواقفهم من سياسات الرئيس بوش الثاني في العراق، والتحضير لحملات انتخابات الرئاسة القادمة، تعني الكثير في التوقعات امام استراتيجية الادارة الامريكية، ولكن الامر الأهم في كل ذلك، هو أن المشاريع المطروحة للنقاش في المجلسين والادارة والبنتاغون وحتي تصريحات خليل زاد، لا تصل الي انهاء الاحتلال العسكري المباشر، وسحب كامل القوات الأمريكية من العراق بل مجرد طلب إعادة انتشار لها في البلد المحتل لحمايتها من هجمات المقاومة، وتقليل نسبة الخسائر في الأرواح والمعدات والآليات، وبناء قواعد عسكرية أمريكية استراتيجية، والادعاء ببقاء جزء منها "لمكافحة الارهاب ومطاردة القاعدة وحراسة الحدود العراقية وحماية المصالح والمنشآت الأمريكية وتدريب قوات عراقية". وفق ما تعلنه اوساط الادارة والاعلام الامريكي ايضا، اي في النهاية استمرار الاحتلال باتفاق مشرعي الحزبين والادارة واجهزتها المختلفة.
لكن ارقام الحقل ليست هي ارقام البيدر، وستخبر الحرب بما لم يخبر به بوش.