السبت18/8/2007
اخر بقايا الاستعمار في اسيا، مقالة كرشنا مينون، والتي بداها في التعليق علي ترهات الجنون التاريخي للدول الاستعمارية وكيفية تبجحها بسياساتها العدوانية والمبالغة فيها، متخذا من كتابات وادعاءات المؤرخين البرتغاليين عن دور وسيادة دولتهم علي الهند وجنوب شرق اسيا. كما انه عرض للوحشية التي مارستها جيوش الاستعمار وزراعة روح كراهيتها من قبل ضحاياها من الهنود. (لماذا يكرهوننا؟ سؤال الرئيس الامريكي بوش الثاني والمحافظين الجدد اليوم) ونقل مقتطفات منها وصورا من الصراعات والحروب والمعارك التي دارت خلالها في القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين. وبعد ظهور دول استعمارية اخري ومسعاها الي اقتسام الممتلكات ومناطق النفوذ، فمثلا عبر عن راي له او كان يمكن ان يكون مقترحا منه في تعامله مع نوع من تلك السياسات: "وربما كان البرتغاليون خليقين بان يظلوا محتفظين بمستعمرة "هوغلي" حتي اليوم لو انهم اقتصروا علي التجارة الشريفة ولكنهم القساة الاجلاف انخرطوا في تجارة شنيعة ظالمة هي تجارة الرقيق، فدرجوا علي اختطاف النساء المسلمات والهندوسيات من المناطق المجاورة لهم وسوقهن للبيع في غوا حيث قامت سوق شهيرة للجواري عرفت تاريخيا باسم "روا ديريتا". و(...)هكذا تكشف البرتغاليون منذ البداية عن فساد خلقي وقلة دراية وقصر بصر وقلة لياقة في الحكم والادارة. والواقع انه ما من ادارة في مثل ذلك الفساد تستطيع قهر اي بلد والسيطرة عليه. معلقا في هذا النص علي سمات الاستعمار المعروفة في النهب والسرقة والتمييز الاثني والطائفي والاضطهاد الديني والتبشير بالقوة وغيرها من الممارسات الاجرامية، باضافة سمة اخري هي التجارة بالرقيق، كما حصل مع شعوب افريقيا، وكانها صفحات في كتاب واحد عن الوحشية والجرائم التي نفذها المستعمرون، حيثما حلوا، في افريقيا او اسيا او امريكا.
وتحت عنوان: اعتصار غوا كالليمونة .... سياسة الاستثمار الاقتصادي البرتغالية. (كما ترجم في النص)، شرح وحشية اساليب تلك السياسة الاستعمارية، مشيرا بوقائع ملموسة الي "ان الحاكم البرتغالي اقتحم المعبد الهندوسي وقبض علي الكهنة فيه وعرضهم لعذاب شنيع حتي يبوحوا له بمخبأ كنوز المعبد واذ فعلوا ذبحهم كالنعاج وحمل معه برميلين مليئين بالذهب. وفي طريق عودته الي غوا نهب معبدا اخر وعاد بما يكفي من المال". "وقد لجأ الحاكم فرنسيسكو باريتو المشهور بقسوته الفاحشة عام 1955 الي هذه السابقة عندما شعر بحاجة الي المال. فقد انزل رجاله علي شاطئ السند وهاجم مدينة تاتا وذبح تسعة آلاف من سكانها المسلمين ثم ملأ عنابر سفنه بما نهبه في اكبر وانجح عملية نهب عرفتها الهند". واسهب في شرح اساليب الاستغلال البرتغالية للاقتصاد في المستعمرة، واطناب الفوضي والخلل في الميزان التجاري واعتصار السكان بفرض الضرائب الشديدة وخاصة علي المبالغ التي يتلقونها من مهاجريهم في الخارج. واضاف: ولعل السبب الرئيسي في تأخر غوا اقتصاديا الي حد مخيف يكمن في ان السياسة الاستعمارية البرتغالية لم تجنح مطلقا الي تشجيع الصناعة او تحسين الزراعة بل حصرت همها في انتهاب المال من السكان، وهذه سمة صارخة لكل استعمار.
علي صعيد السلطة والحريات واعلانات الحكومات بما يحقق لها اهدافها المباشرة في فرض سيطرتها وانجاز مهماتها الاستعمارية، ارخ الكاتب استفحال الارتكابات، منذ مجيء ادارة الدكتاتور البرتغالي سالازار عام 1932، لتشن حربا علنية علي كل المبادئ الحرة او الديمقراطية. تمثلت هذه الحرب في اساليب الحكم الاستبدادية التي نفذت في المدن الساحلية الثلاث التي كانت تحتلها وتديرها البرتغال. مؤكدا علي ان السكان محرومون من اي صوت لهم في صياغة القوانين التي يحكمون بموجبها كما ليست لهم اية كلمة في تقرير الضرائب التي تجبي منهم. اما حرية الكلام والتعبير فمعدومة في تلك المناطق ولا يمكن عقد اي اجتماع مهما كان هدفه فاضلا دون ترخيص من السلطات. ووصف اساليب المنع الاخري في المجالات الثقافية والتعليمية ونماذج منها. واشار الي ان الصحف ممنوعة من نشر كل خبر سياسي هندي المصدر اذا كان لا يروق للسلطات البرتغالية التي منعت دخول العشرات من الصحف والمنشورات الدورية الهندية والاجنبية. ومقابل ذلك تدفع الحكومة البرتغالية مساعدات مالية لبعض الصحف والكتاب في غوا للقيام بدعاية معادية للهند. واستمرار ذلك مع العمل الحزبي والسياسي المحلي، وصولا الي ترويج مغالطات تاريخية عن اسباب بقاء الاستعمار والسيطرة العسكرية بالزعم، كما نقل عن وزير المستعمرات البرتغالي السابق: "انه لم تظهر في غوا مظاهرات تدعو الي طرد الرجل الابيض او الاستيلاء علي الادارة او علي الاقل تدعو الي اشتراك الوطنيين في الجهاز الاداري الذي يعمل علي حاله منذ مئات السنين". لكن التاريخ سجل اكثر من خمسين مرة ثار فيها شعب غوا علي الحكم البرتغالي معربا عن رغبته الصادقة في التخلص من ربقة ذلك الحكم، بالاستناد الي معلومات من التقويم السنوي الرسمي للدولة البرتغالية الذي اشار الي تلك الثورات التي نشبت ضد الحكم البرتغالي في المدن والمناطق التي كانت تحت سيطرته.
كل ما اشير له سواء من النص او الاشارات التي سجلها الكاتب كرشنا مينون تفيد بان اساليب الاستعمار يعاد انتاجها منذ بدء مفهوم الاستعمار، بمعناه الكارثي الاجرامي، وصراع الدول الاوروبية فيما بينها او سوية علي البلدان المستعمرة وممارسة ابشع الاساليب الوحشية تجاه شعوب هذه البلدان، ونهب ثرواتها وتقسيمها غنائم واسواق ومناطق نفوذ واستثمار لامبراطوريات كارثية، فكما اطلعنا علي ما كتبه ايميه سيزار عن استعمار افريقيا، نقرأ هنا عن جنوب اسيا، وعن استعمار اخر لا يختلف عن سابقه. وفي هذه الصور الكثير مما تناسل في مختلف الحالات والقارات. وبذل الكاتب في مقالته جهده في تكذيب ادعاءات كهنة الاستعمار ومؤرخيهم فيما كتبوه عن تلك الفترات الاستعمارية معريا بشاعاتها وما الحقته من اضرار تاريخية ونفسية خطيرة.
لقد خلص الكاتب الي ان تاريخ الاستعمار هو صفحات فظائع لم تكن وليدة ظروف قسرية مؤقتة بل كانت سياسة ارهابية مخططة، ومثالها ما اقترفه فاسكو دا غاما وآلميدا والبوكريك ليضربوا ابشع الامثال علي الوحشية عبر التاريخ. "فكان دا غاما يوقع شر العذاب بالصيادين العزل وكان آلميدا يفقأ عيون رجال قبيلة النير وكان البوكريك يجدع انوف النساء ويقطع ايدي الرجال وكان يجد لذة في احراق الناس وهم احياء". وكأن هذه الصور الماساوية جزء من سلسلة، او شريط طويل من احداث ووقائع اصبحت معروفة ومكررة في اغلب الامكنة والازمنة.
وتحت عنوان: اعتصار غوا كالليمونة .... سياسة الاستثمار الاقتصادي البرتغالية. (كما ترجم في النص)، شرح وحشية اساليب تلك السياسة الاستعمارية، مشيرا بوقائع ملموسة الي "ان الحاكم البرتغالي اقتحم المعبد الهندوسي وقبض علي الكهنة فيه وعرضهم لعذاب شنيع حتي يبوحوا له بمخبأ كنوز المعبد واذ فعلوا ذبحهم كالنعاج وحمل معه برميلين مليئين بالذهب. وفي طريق عودته الي غوا نهب معبدا اخر وعاد بما يكفي من المال". "وقد لجأ الحاكم فرنسيسكو باريتو المشهور بقسوته الفاحشة عام 1955 الي هذه السابقة عندما شعر بحاجة الي المال. فقد انزل رجاله علي شاطئ السند وهاجم مدينة تاتا وذبح تسعة آلاف من سكانها المسلمين ثم ملأ عنابر سفنه بما نهبه في اكبر وانجح عملية نهب عرفتها الهند". واسهب في شرح اساليب الاستغلال البرتغالية للاقتصاد في المستعمرة، واطناب الفوضي والخلل في الميزان التجاري واعتصار السكان بفرض الضرائب الشديدة وخاصة علي المبالغ التي يتلقونها من مهاجريهم في الخارج. واضاف: ولعل السبب الرئيسي في تأخر غوا اقتصاديا الي حد مخيف يكمن في ان السياسة الاستعمارية البرتغالية لم تجنح مطلقا الي تشجيع الصناعة او تحسين الزراعة بل حصرت همها في انتهاب المال من السكان، وهذه سمة صارخة لكل استعمار.
علي صعيد السلطة والحريات واعلانات الحكومات بما يحقق لها اهدافها المباشرة في فرض سيطرتها وانجاز مهماتها الاستعمارية، ارخ الكاتب استفحال الارتكابات، منذ مجيء ادارة الدكتاتور البرتغالي سالازار عام 1932، لتشن حربا علنية علي كل المبادئ الحرة او الديمقراطية. تمثلت هذه الحرب في اساليب الحكم الاستبدادية التي نفذت في المدن الساحلية الثلاث التي كانت تحتلها وتديرها البرتغال. مؤكدا علي ان السكان محرومون من اي صوت لهم في صياغة القوانين التي يحكمون بموجبها كما ليست لهم اية كلمة في تقرير الضرائب التي تجبي منهم. اما حرية الكلام والتعبير فمعدومة في تلك المناطق ولا يمكن عقد اي اجتماع مهما كان هدفه فاضلا دون ترخيص من السلطات. ووصف اساليب المنع الاخري في المجالات الثقافية والتعليمية ونماذج منها. واشار الي ان الصحف ممنوعة من نشر كل خبر سياسي هندي المصدر اذا كان لا يروق للسلطات البرتغالية التي منعت دخول العشرات من الصحف والمنشورات الدورية الهندية والاجنبية. ومقابل ذلك تدفع الحكومة البرتغالية مساعدات مالية لبعض الصحف والكتاب في غوا للقيام بدعاية معادية للهند. واستمرار ذلك مع العمل الحزبي والسياسي المحلي، وصولا الي ترويج مغالطات تاريخية عن اسباب بقاء الاستعمار والسيطرة العسكرية بالزعم، كما نقل عن وزير المستعمرات البرتغالي السابق: "انه لم تظهر في غوا مظاهرات تدعو الي طرد الرجل الابيض او الاستيلاء علي الادارة او علي الاقل تدعو الي اشتراك الوطنيين في الجهاز الاداري الذي يعمل علي حاله منذ مئات السنين". لكن التاريخ سجل اكثر من خمسين مرة ثار فيها شعب غوا علي الحكم البرتغالي معربا عن رغبته الصادقة في التخلص من ربقة ذلك الحكم، بالاستناد الي معلومات من التقويم السنوي الرسمي للدولة البرتغالية الذي اشار الي تلك الثورات التي نشبت ضد الحكم البرتغالي في المدن والمناطق التي كانت تحت سيطرته.
كل ما اشير له سواء من النص او الاشارات التي سجلها الكاتب كرشنا مينون تفيد بان اساليب الاستعمار يعاد انتاجها منذ بدء مفهوم الاستعمار، بمعناه الكارثي الاجرامي، وصراع الدول الاوروبية فيما بينها او سوية علي البلدان المستعمرة وممارسة ابشع الاساليب الوحشية تجاه شعوب هذه البلدان، ونهب ثرواتها وتقسيمها غنائم واسواق ومناطق نفوذ واستثمار لامبراطوريات كارثية، فكما اطلعنا علي ما كتبه ايميه سيزار عن استعمار افريقيا، نقرأ هنا عن جنوب اسيا، وعن استعمار اخر لا يختلف عن سابقه. وفي هذه الصور الكثير مما تناسل في مختلف الحالات والقارات. وبذل الكاتب في مقالته جهده في تكذيب ادعاءات كهنة الاستعمار ومؤرخيهم فيما كتبوه عن تلك الفترات الاستعمارية معريا بشاعاتها وما الحقته من اضرار تاريخية ونفسية خطيرة.
لقد خلص الكاتب الي ان تاريخ الاستعمار هو صفحات فظائع لم تكن وليدة ظروف قسرية مؤقتة بل كانت سياسة ارهابية مخططة، ومثالها ما اقترفه فاسكو دا غاما وآلميدا والبوكريك ليضربوا ابشع الامثال علي الوحشية عبر التاريخ. "فكان دا غاما يوقع شر العذاب بالصيادين العزل وكان آلميدا يفقأ عيون رجال قبيلة النير وكان البوكريك يجدع انوف النساء ويقطع ايدي الرجال وكان يجد لذة في احراق الناس وهم احياء". وكأن هذه الصور الماساوية جزء من سلسلة، او شريط طويل من احداث ووقائع اصبحت معروفة ومكررة في اغلب الامكنة والازمنة.