الجمعة، 29 يونيو 2007

من يعرف عدد الجنود البريطانيين بالعراق

الراية- د. كاظم الموسوي
الجمعة4/11/2005
اشترك رئيس الوزراء البريطاني توني بلير مع الرئيس الأمريكي بوش الابن في شن العدوان والحرب وغزو العراق، وقدم قوات عسكرية، ومعدات وأجهزة وحصة في (الدم والمال) كما يقول المسئولون الأمريكان، واستلمت قواته المنطقة الجنوبية من العراق، وساهمت بعمليات خاصة مع المارينز في حصار الفلوجة، وغيرها من مدن المقاومة والرفض الشعبي للاحتلال. وبالتأكيد هناك كثير من الأسئلة عن هذه المشاركة ودورها وتداعياتها وأسبابها وأهدافها ونتائجها، ولكن السؤال هنا: كم من القوات البريطانية شاركت بالحرب واحتلال العراق- ومن يعرف عددها الآن-.
في وسائل الاعلام البريطانية إشارات للعدد والعدة، وتنشر أو تذيع أحيانا تقارير عنها وعن عملياتها ونشاطاتها المسموح للإعلان عنها، خاصة من جهة الوفود الإعلامية العديدة التي نقلتها وزارة الحرب البريطانية علي نفقتها لزيارة وحداتها بالعراق والإعلان عنها في وسائلها المعروفة، إضافة للمصاحبين لها من كتبة موضوعات مطلوبة رسميا. ولكن الأرقام تتفاوت بين وسيلة وأخري، وتصريح رسمي وآخر، وتتباين الاختلافات بينها بالآلاف من الجنود، حتي في القتلي والجرحي والمرضي منهم، فليس ثمة إحصائيات موثقة من مصادر رسمية، أو مصادر محايدة مسموح لها، وهذه كلها من أساليب السياسة البريطانية التي تتعاون مع حليفتها الأمريكية في الغش والاحتيال والدجل والخداع، في كل هذه الأمور وصولا إلي، أو انطلاقا من رفض كشف الأهداف والخطط الحقيقية والدوافع الفعلية لكل ما حصل وجري بالعراق، وقبله بفلسطين وأفغانستان ورواندا والبلقان واسيا الوسطي، وباقي القائمة المعلنة حاليا.
تشير تقارير صحفية إلي أن عدد الجنود البريطانيين يتراوح بين الثمانية والعشرة آلاف، والمقصود بذلك عدد الذين يرتدون الزي العسكري، أما غيرهم فلا إحصائيات أو تقارير موضوعية إطلاقا عنهم، وهم قد يفوقون هذه الأرقام بمضاعفاتها، وموجودون تحت مختلف التسميات أو العناوين، معظمهم من حملة جنسيتها من غير البريطانيين ولادة، الذين يقدمون لها خدمات متنوعة، ليست نشاطات مجانية لوجه الله تعالي بالتأكيد، وإنما لمسميات معنونة بالشعارات البراقة التي حملتها قوات الغزو معها ووزعتها حسب اختصاصات وإمكانات وطاقات مجنديها غير العسكريين، ومن بينهم أيضا حراس الشركات الخاصة، والمشاريع الخاصة أو المختصة، خاصة من المولودين ببريطانيا، من العسكريين السابقين، والمتدربين علي مختلف أنواع العمل العسكري والحربي والاستخباري، كما بات معروفا ومشهورا. وفي كل الأحوال فان الأعداد قد لا تكون مهمة جدا بقدر الأفعال التي تقوم بها هذه الأعداد والمهمات الموكولة لها، منذ الغزو والي الآن. أما الجنود العسكريون، فقد أشارت تقارير إعلامية جديدة عنهم بأنهم في نقص متزايد، ليس في العدد وحده، وإنما في المعنويات والقدرات الشخصية. لاسيما بعد تضارب مواعيد انسحابهم أو إكمالهم (المهمة)! بين من أرسلهم رسميا كجهة عسكرية أو من يقودهم سياسيا، فكل مصدر يبلغهم بموعد يتغير مثل الأنواء الجوية نحو استمرار لا يعرف مداه ولا تحسب آثاره عليهم وعلي أهالي البلد المحتل.
حيث تتناقض القرارات بين انسحاب جزئي أو زيادة في الأعداد واستمرار للاحتلال، وبين تسليم بعض المهمات إلي قوات عراقية وبقائها إلي جانبها فترة غير معلومة، تطول إلي عشر سنوات علي الأقل، كما صرح وزير الخارجية البريطانية جاك سترو. وتسرب بعض الأخبار إلي بعض وسائل الاعلام عن خطط انسحاب كامل من داخل المدن أولا والتجمع في قواعد عسكرية مخطط لها ومبنية خارج المدن ثانيا، ويتم سحب بعضها وبقاء الآخر احتياطا ودعما سريعا لقوات عراقية محلية ثالثا. وتبث أخبار مسربة طبعا بقصد من أن القوات البريطانية حينما تكمل مهمتها تنسحب بالكامل، وتدرس مع قياداتها الأمريكية مثل هذه الخطوات، وقد بلغّت ذلك حلفاءها اليابانيين والأستراليين والإيطاليين الذين يتقاسمون معها المال والدم في جنوب العراق. بينما تبث أخبار أخري عن تدريب أعداد جديدة من الجنود، قدرت بخمسة آلاف، في مدن بنيت علي غرار مدن العراق الجنوبية للبقاء هناك أطول فترة وهي تتعلم اللغة العربية واللهجات والتقاليد والثقافات المحلية، ونشر عن طلب أمريكي بزيادة إضافية بما لا يقل عن 25% من العدد الحالي، مثلما هو حاصل مع عدد القوات الأمريكية الفعلية، لتوسيع السيطرة وتعويض الخسائر اليومية في الأعداد والعدد، فأي الأخبار المسربة منها صحيحة وأي منها للاستهلاك الإعلامي والمحلي، ببريطانيا والعراق وغيره من الدول المبتلية بأحلام الإمبراطورية الجديدة-. ورغم كل ذلك فان ما نشر عن هبوط معنويات الجنود لم يكن أبدا لصالح كل الإشارات السابقة والمسربة منها خصوصا، فقد تواترت الأنباء عنها، حتي بلغت أرقاما كبيرة، تدق أجراس إنذار فعلية في دوائر الحرب ومجالس العدوان. حيث ذكر أن حوالي 6000 عسكري من وحدات الجيش المدربة والمجهزة للعمليات العسكرية الخارجية تركوا الخدمة منذ غزو العراق، وان نسبة التجنيد الجديد، مثلها في أمريكا تعاني من نقص حاد لم يحصل بتاريخ الجيش منذ عشرات السنين، وحتي منذ الحرب علي كوريا في مطلع الخمسينات، ولم تنفع 3 ملايين جنيه إسترليني إعلانات تشجيع الشباب للانخراط في الخدمة العسكرية شيئا كبيرا، بسبب عواقب العدوان علي العراق واحتلاله، وما يصل من صور عن المشهد الحقيقي بالعراق يوميا. ولأول مرة لا تخدع مؤسسات حكومية في ذكر الأرقام والأعداد في مثل هذه الحالات، وكذلك إزاء ما نقل عن استطلاع قامت به مصلحة الحرب البريطانية أعطي لها الجواب الواقعي عن مشاعر العراقيين الحقيقية في رفض الاحتلال وشرعية المقاومة الوطنية وضرورة الانسحاب الفوري قبل فوات الأوان، تلك التي لا يريد الرئيس الأمريكي بوش ولا بلير تصديقها أبدا، كما يظهران في خطبهما ومؤتمراتهما الإعلامية.
أرقام الاستطلاع ترد بوضوح علي كل أرقام ما تعلنه السفارة الأمريكية بلسان عراقيين وظفوا لأداء هذه المهمة. وكانت قد نشرتها صحيفة الصنداي تلغراف البريطانية (23/10/2005) في تقريرها الذي قالت فيه عن الاستطلاع بأنه اجري بطلب من وزارة الحرب البريطانية وكانت نتيجته أن أكثرية العراقيين يؤيدون الهجمات ضد الجنود البريطانيين. وأفادت بأن الاستطلاع أنجزه فريق من الباحثين في جامعة عراقية لم يكن علي علم بأنه لصالح قوات الاحتلال !. وكشف فيه أن 45 في المائة من العراقيين يؤيدون العمليات ضد قوات الاحتلال، وترتفع النسبة إلي 65 في المائة في مدينة العمارة من جنوب العراق التي تتواجد فيها القوات البريطانية. وان 82 في المائة من العراقيين يعارضون بشدة وجود قوات الاحتلال في العراق، بينما يري 67 في المائة أن وجود الجيوش الأجنبية بالعراق خطر علي أمنهم.
رغم كل ادعاءات الشفافية وحرية المعلومات وتطور التقنية الإلكترونية، ليس من اليسر معرفة الأعداد الحقيقية للجنود البريطانيين بالعراق الآن!، سواء بالزي العسكري أو المدني أو بغيره. ولكن ماذا ستغير من مشاعر العراقيين تجاههم- وهل ينسي العراقيون وعود أسلافهم-.
وأين تمثال الجنرال مود-. تلك هي المسألة!.