الراية- د. كاظم الموسوي
22/10/2005
قد لا تثير استقالة وزير البنتاغون دونالد رامسفيلد أو إقالته كثيرا، بالرغم من مشاركته في قرارات الادارة الأمريكية
وتحمله مسؤولية ما خُطط له وما أراد هو أن يقوم به في الحروب الإمبراطورية، ولم يشارك زميله وزير الخارجية الجنرال كولن باول بالاستقالة. وقد طالبه بها عدد من أعضاء الكونغرس الأمريكي، من الجمهوريين والديمقراطيين علي السواء، وعدد من كتاب الرأي في أعمدة الصحف الأمريكية وغيرها من وسائل الاعلام. ولكن بعد جلسة المساءلة الأخيرة أمام لجنة القوات المسلحة في الكونغرس الأمريكي، برزت مسألة استقالة رامسفيلد أو إقالته اكثر وضوحا أو إلحاحا، وقد تكون عبرة بعد كل تلك الخدمات، إذ أشارت الأسئلة والأجوبة فيها إلي مسؤوليته المباشرة عما حصل للسياسات العسكرية والأمنية الأمريكية الخارجية وما تبعها داخليا من عجز كبير في أداء الواجبات المطلوبة، وخارجيا في إنجاز الأمن والطمأنينة لكل مواطن أمريكي. وكانت ردود رامسفيلد نفسه وأجوبة جنرالين آخرين، هما جون أبي زيد قائد القيادة المركزية وجورج كيسي قائد القوات البرية، علي أسئلة أعضاء اللجنة بشأن خطط البنتاغون ومنها دورات الإعداد الأمريكية لتدريب قوات عراقية وتقديرات الانسحاب من العراق، وكذلك خبر وتوقيت استبدال رئيس الأركان العامة وغيرها من تغييرات داخل البنتاغون، ناطقة بما هو جلي عن تدهور الخطط الأمريكية التي قادها رامسفيلد في حروبه علي أفغانستان والعراق وعلي ما ادعوه باسم الإرهاب. وتبين أن كل استعدادات الخطط الأمريكية لم تنجز مهماتها طيلة الأعوام الماضية، وتوضحت اكثر بما حملته أرقام الخسائر البشرية والاقتصادية الأمريكية وتداعياتها العامة علي المواطنين الأمريكان بشكل لا لبس فيه. وانعكست كلها في مستويات الإدانة والرفض في استطلاعات الرأي العام الأمريكي عموما، وفي نقد إدارة الرئيس جورج بوش خصوصا، التي تراجعت إلي اقل نسبة حصل عليها رئيس أمريكي، خاصة منذ تسليمه الرئاسة ودخوله البيت الأبيض، حيث هبطت إلي نسب متدنية جدا، فضلا عن التحولات الكبيرة في المجالات الاخري، الاقتصادية الداخلية والأمنية والثقافية والاجتماعية، وطبيعة الإجراءات الرسمية التي تعلن عنها وتعبر بها أو تمارسها الإدارة الأمريكية وخططها الاستراتيجية المعلنة وغيرها، التي تؤشر إلي متغيرات جديدة في آليات النظام العام في الولايات المتحدة الأمريكية، وانعكاساتها الدولية، لاسيما لدي حلفائها المباشرين في الضفة الاخري من الأطلسي.
وانعكست أيضا فيما نقلته وسائل الاعلام العالمية (13/9/2005) عن فشل الجيش الأمريكي للسنة الأولي منذ عام 1999 في تحقيق هدفه باجتذاب أكبر عدد من المجندين الجدد إلي صفوفه، الأمر الذي قد يرجح العودة إلي نظام التجنيد الإجباري الذي ألغي عام 1973 خلال الحرب علي فيتنام في حال استمرار العجز في انضمام العدد الكافي. كما طلب البنتاغون من الكونغرس رفع سقف العمر المسموح به للتطوع العسكري إلي 42 عاما، بدلا من 35 للخدمة الفعلية و39 عاماً للاحتياط والحرس الوطني، وتقديم حوافز مادية ونشر إعلانات تشجيعية للشباب ولحماسهم الوطني. إضافة إلي تزايد أعداد الهاربين من الخدمة العسكرية، لاسيما العائدين من العدوان وغزو العراق، والمصابين بأمراض نفسية أو بآثار الأسلحة المحرمة التي استخدمت ضد الشعوب في العراق وأفغانستان وغيرها من البلدان.
هذه التطورات وغيرها أثارت انتقادات قيادات أمريكية سياسية مختلفة، مثل الرئيس الأمريكي بيل كلنتون الذي خرج عن الأعراف التي تقضي بعدم توجيه الرؤساء السابقين انتقادات علنية ضد الإدارات التي تحكم البلاد. قال كلينتون إن إدارة بوش قررت غزو العراق بمفردها تقريبا وقبل اكتمال عمليات التفتيش الدولية من دون حاجة ملحة حقيقية ومن دون دليل علي وجود أسلحة دمار شامل بالعراق. وأشار إلي إن الحرب علي العراق حولت انتباه الولايات المتحدة عن الحرب علي الإرهاب وقوضت فرص أي دعم كان من الممكن إن نحصل عليه . وأكد إن افضل استراتيجية تتبعها الولايات المتحدة هي محاولة إنشاء قوات جيش وشرطة عراقية قادرة علي تولي المسؤوليات في البلاد دون دعم أمريكي، إلا انه قال اعتقد إن المشكلة ربما لن تتوافر قوات علي المدي القصير للقيام بذلك . وهذا ما تحدث فيه جنرالات البنتاغون في تلك الجلسة وفي زياراتهم الميدانية للعراق، كما أثارها أعضاء كونغرس زاروا العراق وأفغانستان ولخصوا رؤيتهم المشابهة للنتائج التي تحدث يوميا بالعراق، وتثبت استنتاجات وتوصيات تقارير اللجان المستقلة والبحثية عن تطورات الأوضاع الدموية وقسوة الاحتلال.
من بين الانتقادات الاخري تحذير وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت من استمرار الوجود الأمريكي في العراق قائلة إنه لا توجد خيارات جيدة في هذا الاتجاه، وإن الأسوأ ربما ينتظرنا . وقالت أولبرايت إن اجتياح العراق عام 2003 قاد لسلسة من المحن كان يمكن تداركها. وأبلغت الوزيرة الأمريكية السابقة مؤتمرا صحفيا يوم 23/9/2005 أن حرب العراق أفسدت علاقاتنا مع عدد من الدول في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بدلا من كسب أصدقاء جدد لأمريكا . وهي تري من منطلقاتها الأمريكية إذا وضع الأمر في استفتاء فإن العراقيين ربما يريدون من القوات الأمريكية أن تبقي لفترة من الزمن، ولكن الذي لا يرغبون فيه هو الشعور بأننا سنبقي هناك إلي الأبد .
تصريحات قيادات سياسية وعسكرية وتوصيات العديد من اللجان والمؤسسات داخل الولايات المتحدة وخارجها تتجه ضد الوجود الأمريكي العسكري المستمر في العراق وتصب في الجدل الدائر داخل دوائر القرار السياسي الأمريكية، ومن بينها البنتاغون حول سحب القوات العسكرية الأمريكية، وإدخال تعديلات علي الاستراتيجية الأمريكية بالعراق.
لاشك إن ما طرح علنا داخل جلسة المساءلة في لجنة الكونغرس عن تدهور الوجود العسكري الأمريكي وخطط البنتاغون ووزيره رامسفيلد، وفشله في إدارتها وتعنته في الاستمرار فيها دون النظر لكل المتغيرات والتطورات، من جهة، وعدم الاعتراف بها، وهي مقارنة بالحال الذي كانت عليه الحرب علي فيتنام وظروفها تشهد تصاعدا ومضاعفة لأرقام الخسائر الأمريكية، وما تلحقه علي المواطن الأمريكي، من جهة أخري، يؤشر إلي إن عمر رامسفيلد الوظيفي في عد تنازلي وان الإشاعات بدأت تنتشر.
ليست استقالة رامسفيلد أو إقالته هي القضية المهمة للشعوب ومحكمة التاريخ، رغم ما تعنيه سياسيا وعسكريا عن التوقعات في مصير الاستراتيجية الإمبراطورية، إلا إن السؤال الأهم: ماذا سيقول هو شخصيا عن حروبه الوحشية ومعاهداته وقراراته وممارسات قواته في السجون والتعذيب والإبادة الجماعية وتدمير المدن، مقارنة باعترافات زميله باول، الذي اعتبر ما قام به أمام الأمم المتحدة بخصوص العراق وصمة عار في تاريخه- وهل ستذاع قريبا-
وانعكست أيضا فيما نقلته وسائل الاعلام العالمية (13/9/2005) عن فشل الجيش الأمريكي للسنة الأولي منذ عام 1999 في تحقيق هدفه باجتذاب أكبر عدد من المجندين الجدد إلي صفوفه، الأمر الذي قد يرجح العودة إلي نظام التجنيد الإجباري الذي ألغي عام 1973 خلال الحرب علي فيتنام في حال استمرار العجز في انضمام العدد الكافي. كما طلب البنتاغون من الكونغرس رفع سقف العمر المسموح به للتطوع العسكري إلي 42 عاما، بدلا من 35 للخدمة الفعلية و39 عاماً للاحتياط والحرس الوطني، وتقديم حوافز مادية ونشر إعلانات تشجيعية للشباب ولحماسهم الوطني. إضافة إلي تزايد أعداد الهاربين من الخدمة العسكرية، لاسيما العائدين من العدوان وغزو العراق، والمصابين بأمراض نفسية أو بآثار الأسلحة المحرمة التي استخدمت ضد الشعوب في العراق وأفغانستان وغيرها من البلدان.
هذه التطورات وغيرها أثارت انتقادات قيادات أمريكية سياسية مختلفة، مثل الرئيس الأمريكي بيل كلنتون الذي خرج عن الأعراف التي تقضي بعدم توجيه الرؤساء السابقين انتقادات علنية ضد الإدارات التي تحكم البلاد. قال كلينتون إن إدارة بوش قررت غزو العراق بمفردها تقريبا وقبل اكتمال عمليات التفتيش الدولية من دون حاجة ملحة حقيقية ومن دون دليل علي وجود أسلحة دمار شامل بالعراق. وأشار إلي إن الحرب علي العراق حولت انتباه الولايات المتحدة عن الحرب علي الإرهاب وقوضت فرص أي دعم كان من الممكن إن نحصل عليه . وأكد إن افضل استراتيجية تتبعها الولايات المتحدة هي محاولة إنشاء قوات جيش وشرطة عراقية قادرة علي تولي المسؤوليات في البلاد دون دعم أمريكي، إلا انه قال اعتقد إن المشكلة ربما لن تتوافر قوات علي المدي القصير للقيام بذلك . وهذا ما تحدث فيه جنرالات البنتاغون في تلك الجلسة وفي زياراتهم الميدانية للعراق، كما أثارها أعضاء كونغرس زاروا العراق وأفغانستان ولخصوا رؤيتهم المشابهة للنتائج التي تحدث يوميا بالعراق، وتثبت استنتاجات وتوصيات تقارير اللجان المستقلة والبحثية عن تطورات الأوضاع الدموية وقسوة الاحتلال.
من بين الانتقادات الاخري تحذير وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة مادلين أولبرايت من استمرار الوجود الأمريكي في العراق قائلة إنه لا توجد خيارات جيدة في هذا الاتجاه، وإن الأسوأ ربما ينتظرنا . وقالت أولبرايت إن اجتياح العراق عام 2003 قاد لسلسة من المحن كان يمكن تداركها. وأبلغت الوزيرة الأمريكية السابقة مؤتمرا صحفيا يوم 23/9/2005 أن حرب العراق أفسدت علاقاتنا مع عدد من الدول في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي بدلا من كسب أصدقاء جدد لأمريكا . وهي تري من منطلقاتها الأمريكية إذا وضع الأمر في استفتاء فإن العراقيين ربما يريدون من القوات الأمريكية أن تبقي لفترة من الزمن، ولكن الذي لا يرغبون فيه هو الشعور بأننا سنبقي هناك إلي الأبد .
تصريحات قيادات سياسية وعسكرية وتوصيات العديد من اللجان والمؤسسات داخل الولايات المتحدة وخارجها تتجه ضد الوجود الأمريكي العسكري المستمر في العراق وتصب في الجدل الدائر داخل دوائر القرار السياسي الأمريكية، ومن بينها البنتاغون حول سحب القوات العسكرية الأمريكية، وإدخال تعديلات علي الاستراتيجية الأمريكية بالعراق.
لاشك إن ما طرح علنا داخل جلسة المساءلة في لجنة الكونغرس عن تدهور الوجود العسكري الأمريكي وخطط البنتاغون ووزيره رامسفيلد، وفشله في إدارتها وتعنته في الاستمرار فيها دون النظر لكل المتغيرات والتطورات، من جهة، وعدم الاعتراف بها، وهي مقارنة بالحال الذي كانت عليه الحرب علي فيتنام وظروفها تشهد تصاعدا ومضاعفة لأرقام الخسائر الأمريكية، وما تلحقه علي المواطن الأمريكي، من جهة أخري، يؤشر إلي إن عمر رامسفيلد الوظيفي في عد تنازلي وان الإشاعات بدأت تنتشر.
ليست استقالة رامسفيلد أو إقالته هي القضية المهمة للشعوب ومحكمة التاريخ، رغم ما تعنيه سياسيا وعسكريا عن التوقعات في مصير الاستراتيجية الإمبراطورية، إلا إن السؤال الأهم: ماذا سيقول هو شخصيا عن حروبه الوحشية ومعاهداته وقراراته وممارسات قواته في السجون والتعذيب والإبادة الجماعية وتدمير المدن، مقارنة باعترافات زميله باول، الذي اعتبر ما قام به أمام الأمم المتحدة بخصوص العراق وصمة عار في تاريخه- وهل ستذاع قريبا-