الجمعة، 29 يونيو 2007

العالم كله يتظاهر في هذا اليوم

الراية- د. كاظم الموسوي
الجمعة9/9/2005
يوم آخر يسجل في التاريخ، يوم 24 من شهر أيلول/ سبتمبر هذا العام، حيث سيشهد العالم كله، تظاهرات شعبية واسعة، في عواصم دول العدوان، وقريبا من دوائر مخططي الغزو والاحتلال، أولا، وفي أنحاء كثيرة من بلدان أخري عرفت بالوقائع والفواجع ثانيا، تعلن موقف الشعوب ضد استمرار الحرب والعدوان والاحتلال الأمريكي وتوابعه وتدعو إلي ضرورة إعادة القوات الغازية إلي مواقعها ومعسكراتها الأصلية للقيام بواجباتها المنصوص عليها في دساتير بلدانها وحماية شعوبها مما يحصل لها من كوارث الطبيعة والسياسات الإمبريالية والرأسمالية المتوحشة، وبناء جسور إنسانية للتعاون والتعامل الدولي في شؤون عالمية مشتركة ومهمة كحماية البيئة ومكافحة الأمراض والفقر والمجاعات وغيرها التي تستشري في اكثر من منطقة من المعمورة.
في هذا اليوم من هذا العام تستعيد القوي العالمية المناهضة للحرب والعدوان والغزو الوحشي والاحتلال العسكري والاستيطاني ونهب الخيرات واضطهاد الشعوب، والمتضامنة من اجل السلام والأمن والخير في العالم حراكها السياسي ونشاطها التضامني وفعلها الكفاحي وتبرز إمكاناتها العملية في الضغط علي الإدارات المتسلطة والمؤسسات الليكودية المتحكمة في القرار السياسي الدولي ودفعها إلي التفكير بمصيرها والعالم وبحياة البشرية علي هذا الكوكب، وتسجل فيه يوما آخر مشهودا وشهادة عالمية بصوت عال وبإعلان جماعي مشترك عن رفض الحرب والعدوان ومخططات الإمبراطورية الإمبريالية العدوانية وجرائم الرأسمالية المتعولمة، والدفاع عن مصالح الشعوب وحقوقها الطبيعية في الحياة الكريمة والسعيدة في بلدانها وثرواتها ومستقبل أجيالها. وقد تكون صدفة، ولكنها مهمة جدا، وقائع ما يحصل بالولايات الأمريكية الآن من نتائج تلك السياسات العدوانية الإمبراطورية ضد الشعوب الأخري وعجزها عن حماية أبناء شعبها من كوارث الطبيعة ومآسيها التي فضحت جوهرها العنصري اللاإنساني أمام شعبها أولا وفي أركان الكرة الأرضية ثانيا وللتاريخ أخيرا، وبينت مفارقات ادعاءاتها وحروبها العدوانية من جهة وبين هروبها وتلكؤها الرسمي من جهة أخري.
حيث عجز الرئيس الأمريكي وإدارته عن درء مخاطر ما يحصل علي ارض بلاده وتباطأ في حماية سكانها، الذين فقدوا اكثر من عشرين ألف ضحية، كان بالإمكان انقاد آلاف منهم، وليكشف عمق التمييز والاستهانة بحياة البشر وحقوقهم الطبيعية وجل أبنائهم من يدفعون ضريبة الدم في حروب عدوانية جائرة واحتلال غاشم لأراضي الغير في أصقاع بعيدة عن أمريكا. هذه الحقائق فضحت كل ادعاءات الإدارة الأمريكية وحلفائها عن حرية الشعوب التي غزوها وديمقراطية الاباتشي والمارينز والتوماهوك التي وعدوا بها أو تغنوا بنماذجها، حيث ردت عليها الوقائع المصورة والأحداث الكارثية بشكل صريح وصارخ لا مجال للمراوغة واللف والدوران فيه.
من جهة أخري تتكشف كل يوم فداحة الحرب علي أفغانستان والعراق وكلفتها لحد الآن بآلاف الأرواح وآلاف الجرحي والمعاقين والمرضي النفسيين وغيرهم أمريكيا، وكذلك البلايين من الدولارات، الأمر الذي يدفع بكل القوي التقدمية بأمريكا للتظاهر ورفض تلك السياسات العدوانية، لاسيما وان تلك التكاليف تمس كل مواطن بالولايات المتحدة الأمريكية. حيث سجلت مساعدة وزير الخزانة الأمريكي السابقة، ليندا بليمس، في مقالة لها في نيويورك تايمز يوم 20 آب/ أغسطس 2005 بعنوان: حرب التريليون دولار، إحصائيات رسمية عن الخسائر البشرية والمالية، من بينها ما ذكرته بأن الحرب كلفت اكثر من 250 بليون دولار لحد الآن، بمعدل شهري حوالي 6 بلايين دولار، ولكنها تشير إلي أن هذا الرقم هو ما يعلنه البنتاغون ويخفي ما يصرفه علي عقوده الخاصة، وعلي النفقات الأخري والمساعدات التي تقدمها الإدارة بسبب حربها، ومن بينها مصروفات لتطوير الجيش حسب مكتب ميزانية الكونغرس اكثر من عشرين بليون دولار سنويا. وتضيف إلي الخسائر الأخري جراء الحرب وعواقبها وما تجبر الإدارة علي صرفه، من خلال ما يتم الآن دفعه بما يقدر اكثر من بليونين سنويا لإعادة تأهيل وطبابة اكثر من 159 ألف عسكري من العائدين من حرب الخليج الثانية، حيث تقدر بأن تكاليف ما تتوقعه من نفس العملية للعدد الجديد من القوات المتواجدة في العراق وأفغانستان ب 7 بلايين دولار سنويا ولمدة 45 عاما قادمة، وتذكر العدد ب 525 ألف عسكري، إضافة إلي نفقات أخري ومصاعب متولدة منها، كارتفاع أسعار النفط، فتذكر أن الحرب ستكلف، إذا بقيت القوات الأمريكية لخمس سنوات أخري اكثر من 1,300 تريليون دولار، أي بمعدل 11,300 دولار لكل دافع ضريبة في أمريكا، حسب مقالتها. هذا يعني أن هذه الحرب التي خطط لها لقيادة العالم من ورائها ستدفع بكل أمريكي أن يدفع ثمنها يوميا من قوته ومستقبله وكذلك من حقوقه الطبيعية، دون أن يري منها ما ينفعه ويسعده، بل العكس من كل ذلك، وما حصل في الولايات الجنوبية أبرز شاهد.
ولا يختلف الحال ببريطانيا، حليفة الإدارة الأمريكية الرئيسية في حروبها، فالتظاهرات فيها التي تنظمها تحالفات أوقفوا الحرب، وضد الأسلحة النووية وممثلو الجاليات الإسلامية والعربية، تطالب بوقف الغزو والحرب وقصف الشعوب، والتسبب بالتفجيرات العشوائية التي تقتل الأبرياء، تحت مسميات الحرب علي الإرهاب، تلك السياسات التي عرضت العالم إلي خطورة اكثر مما كان عليه قبلها، والتي رفضها 85 بالمائة من الشعب البريطاني، وعبر عن رفضه بشتي الوسائل والاستطلاعات. كما تدعو تظاهرات 24 أيلول/ سبتمبر القادم حماية الجاليات الإسلامية من أية دعوات أو قرارات أو قوانين تعسفية أو اتهامات بالإرهاب الذي تنشط منظمات معادية إلي توجيهها إليها، والعمل علي تحميلها مسؤولية ما حصل ويحدث من عمليات وتفجيرات محلية لها أسبابها ونتائجها وأعراضها، وليست لها علاقة بالدين الإسلامي أو الجاليات المسلمة والعربية فيها. كما تطالب الحملة الجماهيرية إلي حماية الحقوق المدنية للشعب البريطاني، وعدم المساس بها وتقييدها بحجج مردودة عليها، ومرفوض الإصرار عليها دون تقديم تبريرات واقعية وعملية لها، وكل ما حصل من تفجيرات مكشوفة أسبابهاوعلي أصحاب القرار فيها الاعتراف بحقيقتها ودوافعها والعمل علي إنقاذ البلاد والعباد، ليس ببريطانيا وحسب، وإنما بكل المعمورة، من استمرار الحروب والغزو الاستعماري والنهب الإمبراطوري والإرهاب الحكومي.
وأخيرا وليس آخرا المطالبة بإعادة القوات البريطانية إلي معسكراتها في بلادها قبل رأس السنة الميلادية لتحتفل مع أهلها بأعياد الميلاد. وتري اللجنة المنظمة للحملة ضرورة الإعادة ليس بسبب أحداث السابع من تموز/ يوليو الماضي بلندن، بل بسبب الأعداد الكبيرة من الضحايا العراقيين أولا، والفوضي وصور التعذيب والجريمة المنظمة والإبادة التي تمارس ضد الشعب العراقي ثانيا، وانكشاف تزوير أسباب الغزو وبطلان التبريرات ثالثا، إضافة إلي مقتل اكثر من 90 عسكريا بريطانيا وجرح وإصابة المئات، فضلا عما تقوم به المحاكم العسكرية البريطانية من توجيه اتهامات لعدد منهم بارتكاب جرائم قتل عمد ضد مدنيين عراقيين. كل ذلك يتطلب الوقوف ضد الحرب والاحتلال والعدوان والضغط لردع كل من يريد الاستمرار بخرق القانون الدولي والاتفاقيات والمواثيق المعترف بها، والدعوة إلي احترام ارادات الشعوب باختياراتها الوطنية.
يوم 24 أيلول/ سبتمبر القادم صفحة في سجل نضالات الشعوب الأممية، من اجل سعادة الإنسان وكرامته وإنهاء الغزو والعدوان والاحتلال
الغاشم وبناء عالم جديد. هل سيشارك العرب فيه؟.