الراية- د. كاظم الموسوي
الجمعة16/9/2005
أهمية اعتراف وزير الخارجية الأمريكية السابق الجنرال كولن باول وندمه علي أعماله المشجعة والمبررة لغزو العراق واحتلاله ليست في توقيتها وحسب وإنما من موقعه السياسي ودوره في صنع القرارات التي اقترفت انتهاكات خطيرة بحق القانون الدولي والإنساني وميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية. ولا ينفعه كثيرا الإقرار بأن ما اقترفه وصمة في سيرته وان الأجهزة الاستخبارية غشته، مثلما لا يجدي تأكيده ببطلانها كمبررات للغزو وعدم وجود صلة بين تنظيم القاعدة والنظام العراقي قبل الغزو، وان ما قدمه أمام العالم من وثائق كانت مزورة وكاذبة، وكل تلك الصور والمعلومات لفقت داخل مؤسسات الاستخبارات الأمريكية. ولكن بلا شك أن هذا الاعتراف هو شهادة أولية له كمتهم أمام القانون الدولي بجريمة المشاركة بالحرب والعدوان علي بلدان آمنة وعضو بهيئات الأمم المتحدة والإقليمية وتشملها كل القوانين الضامنة لها من أي عدوان، حيث يعتبر أي عدوان جريمة حرب، وهذا ما أراد باول قوله محاولا تبرئة نفسه من عواقب الجريمة القانونية، والمثول أمام العدالة الدولية، عاجلا أم آجلا، هو وكل من اشترك بجرائم الحرب، في أي مكان من العالم، وخصوصا في منطقتنا العربية.
لقد كان باول كغيره من موظفي الإدارة الأمريكية يدافع بشراسة عن سياسة بلاده العدوانية، وتثبت سيرته الشخصية إخلاصه الوظيفي للإدارة التي عمل فيها عسكريا ودبلوماسيا، دون أن تتأثر مصداقيته الفردية من الأعمال التي مارسها. واكتشف مؤخرا أن المبادئ التي كان يدافع عنها كما كان يصرح في اكثر من مؤتمر صحفي هي جملة أكاذيب وخدع مرتبة في دوائر أمراء الظلام الأمريكي، وأستخدم هو وأمثاله لترويجها دون اختبار صدقية أو اهتمام فعلي باحترامها لكلمة المبادئ أو القيم أو الأعراف التي تخدم الإنسانية وتبني علاقات بين الأمم والشعوب عادلة ومنصفة وصادقة.
تصريحات باول الأخيرة كشفت تجاهله لكل الأصوات الأخري التي فندت واقعيا وعلميا عبر وسائل الاعلام العالمية كل ما قام به في ذلك اليوم المشئوم في الأمم المتحدة، وقبل الغزو وبعده، إذ أن ما قدمه من (براهين) و(إثباتات) علي وجود مصانع لأسلحة الدمار الشامل في شمال العراق، ومساع لتطويرها، وخطط لاستخدامها، لم تصمد أمام وقائعها، وقبل أن تفضحه تقارير اللجان الأمريكية التي قدمت بعد احتلال العراق وكذبت كل براهينه، كان هناك من كذبه عيانيا، حيث قام صحافي بريطاني بزيارة ميدانية لمناطق عرضها باول أمام الأمم المتحدة بأنها أماكن صنع أسلحة كيمياوية، ونشر تقريرا مصورا في صحيفته البريطانية بعد أسبوع واحد فقط من إعلانات باول في الخامس من فبراير 2003، وضح فيه خداع الادعاءات، وعدم وجود أي اثر لمصانع أو مواد كيمياوية بالمنطقة، وان سكانها طلبوا منه حبوب أسبرين لشفاء مرضاهم، وقصفت الطائرات الأمريكية تلك المناطق بكل أنواع الأسلحة المحرمة وقتلت العديد من سكانها بسبب ما قدمه باول من أكاذيب. كما أن عالما وفنيا عراقيا عمل في مؤسسات علمية عراقية يقيم خارج العراق حاليا رد علي تلك التصريحات في وسائل إعلام أمريكية مفندا بأسلوب علمي ومن خبرته الفنية ومعرفته بالتفاصيل وما حصل لتلك المؤسسات، كل تلك المعلومات والبراهين الاستخبارية التي قادت إلي الحرب والغزو والاحتلال، مؤكدا علي أنها حجج واهية لا تصمد أمام الواقع والضمير والأخلاق العلمية والسياسية والمهنية في كل الأحوال.
بالتأكيد لا يعني كثيرا اعتراف كولن باول وندمه لما حصل بالعراق منه، ومن غيره من أسلحة الخداع الشامل التي مارستها الإدارة الأمريكية وحلفاؤها ضد الشعب العراقي وضد العراق والمنطقة حاليا. ولكن أن يعترف أحد رموز حزب الرئيس الحاكم وأحد رجال اليمين الأمريكي له دلالاته ومعناه، بأن ثمة انتباهة جديدة تدور في أجواء الإدارة الأمريكية ورموزها وتصارعها بين أجنحتها ومؤسساتها التي تقرر سياستها العدوانية. وبلا شك لولا صمود الشعب العراقي ومقاومة الوجود العسكري الأمريكي ورفضه الاحتلال وسياساته العدوانية وتكبد قوات الاحتلال خسائر بالغة، لما اعترف باول ولا غيره من المشرعين الأمريكان والدبلوماسيين وغيرهم ومطالباتهم في إعادة النظر في سياسات الإدارة والبحث عن مخارج جديدة، بما فيها الانسحاب العسكري السريع وكسب ماء الوجه بدلا من الهروب والهزيمة المدوية المنتظرة.
ومثلما يجري في أروقة الولايات الأمريكية، يحصل مثله في بريطانيا، الحليف الرئيسي لعدوان الإدارة الأمريكية وسياساتها الخارجية، لاسيما داخل حزب المعارضة، اليمين البريطاني، حزب المحافظين، بشكل ملفت للنظر. حيث صرح المرشح لرئاسة الحزب كين كلارك في حملته الانتخابية أن قرار المشاركة البريطانية في الحرب علي العراق كان كارثيا. وان المبررات التي قدمت إلي البرلمان لغزو العراق كانت ملفقة. هذا الاعتراف من زعيم محافظ يأتي أيضا ضمن هذه الأجواء، وليس هو الأول من حزبه من عارض الحرب، ولكنه الأول من أعلن في حملته الانتخابية لرئاسة حزب المحافظين مثل هذا الاعتراف والموقف من الحرب علي العراق واحتلاله الآن. وبلا شك الخسائر الكبيرة التي تدفعها بريطانيا عسكريا وبشريا واقتصاديا هي من العوامل الرئيسية في كل ذلك. فأعداد القتلي من الجنود الأمريكان والبريطانيين حسب إحصاءات وزارات الحرب بلغ الألفين وعدد الجرحي تجاوز العشرين ألفاً، والخسائر المادية المباشرة لإدامة الاحتلال تجاوزت الستة بلايين دولار شهريا، يضاف لها بلايين أخري تدفع بشكل غير مباشر، لعقود مدنية ومساعدات خارجية ونفقات إضافية لأبواب مختلفة من صفحات الحرب والاحتلال. وكل هذه الأرقام تؤثر مباشرة علي حياة المواطنين في البلدين مباشرة ويوميا، من أخبار القتلي والجرحي إلي دفع الضرائب وارتفاع الأسعار. وبالتأكيد جاءت عواقب إعصار كاترينا فضيحة اكبر لجبروت الإدارة الأمريكية وحلفائها وعماها السياسي وعجزها عن حماية سكان بلادها من كوارث طبيعية معروفة ومحسوبة مسبقا. وفي تعليقات مختلفة علي تصريحات كلارك من أعضاء حزبه أشير فيها إلي صحة ما استمر عليه من مواقف مناهضة للحرب وتصعيدها إلي تسميتها باسمها الصحيح، الكارثة، وما حصل بعدها من إرهاب عام داخل العراق وخارجه، ومنها بريطانيا، جعل كلامه اكثر أهمية من السابق للمحافظين خاصة، الذين يتحالفون مع الإدارة الأمريكية اليمينية دون اعتراض، وذكر أحدهم بقول للمستشار السابق لشئون الأمن القومي الأمريكي بريجنسكي: ليس دائما الرئيس الأمريكي علي صواب. وطالبوا بأخذ ما قاله كلارك علي محمل الجد، والانتباه لما يحصل داخل الإدارة الأمريكية ولاسيما من أولئك المعروفين بمواقفهم المؤيدة للإدارة والذين بدأوا يدقون أجراس الإنذار لها قبل فوات الأوان.
صحوة المعتدلين في اليمين الأمريكي والبريطاني والانتباه إلي عواقب الكارثة التي وصلوا إليها، هل تقنع أصحاب القرار من المتطرفين اليمينين في إدراك خطورة ما يرتكبون بحق الشعوب، ويقرون بوصمة العار التي جلبوها لشعوبهم؟.
أهمية اعتراف وزير الخارجية الأمريكية السابق الجنرال كولن باول وندمه علي أعماله المشجعة والمبررة لغزو العراق واحتلاله ليست في توقيتها وحسب وإنما من موقعه السياسي ودوره في صنع القرارات التي اقترفت انتهاكات خطيرة بحق القانون الدولي والإنساني وميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيات الدولية. ولا ينفعه كثيرا الإقرار بأن ما اقترفه وصمة في سيرته وان الأجهزة الاستخبارية غشته، مثلما لا يجدي تأكيده ببطلانها كمبررات للغزو وعدم وجود صلة بين تنظيم القاعدة والنظام العراقي قبل الغزو، وان ما قدمه أمام العالم من وثائق كانت مزورة وكاذبة، وكل تلك الصور والمعلومات لفقت داخل مؤسسات الاستخبارات الأمريكية. ولكن بلا شك أن هذا الاعتراف هو شهادة أولية له كمتهم أمام القانون الدولي بجريمة المشاركة بالحرب والعدوان علي بلدان آمنة وعضو بهيئات الأمم المتحدة والإقليمية وتشملها كل القوانين الضامنة لها من أي عدوان، حيث يعتبر أي عدوان جريمة حرب، وهذا ما أراد باول قوله محاولا تبرئة نفسه من عواقب الجريمة القانونية، والمثول أمام العدالة الدولية، عاجلا أم آجلا، هو وكل من اشترك بجرائم الحرب، في أي مكان من العالم، وخصوصا في منطقتنا العربية.
لقد كان باول كغيره من موظفي الإدارة الأمريكية يدافع بشراسة عن سياسة بلاده العدوانية، وتثبت سيرته الشخصية إخلاصه الوظيفي للإدارة التي عمل فيها عسكريا ودبلوماسيا، دون أن تتأثر مصداقيته الفردية من الأعمال التي مارسها. واكتشف مؤخرا أن المبادئ التي كان يدافع عنها كما كان يصرح في اكثر من مؤتمر صحفي هي جملة أكاذيب وخدع مرتبة في دوائر أمراء الظلام الأمريكي، وأستخدم هو وأمثاله لترويجها دون اختبار صدقية أو اهتمام فعلي باحترامها لكلمة المبادئ أو القيم أو الأعراف التي تخدم الإنسانية وتبني علاقات بين الأمم والشعوب عادلة ومنصفة وصادقة.
تصريحات باول الأخيرة كشفت تجاهله لكل الأصوات الأخري التي فندت واقعيا وعلميا عبر وسائل الاعلام العالمية كل ما قام به في ذلك اليوم المشئوم في الأمم المتحدة، وقبل الغزو وبعده، إذ أن ما قدمه من (براهين) و(إثباتات) علي وجود مصانع لأسلحة الدمار الشامل في شمال العراق، ومساع لتطويرها، وخطط لاستخدامها، لم تصمد أمام وقائعها، وقبل أن تفضحه تقارير اللجان الأمريكية التي قدمت بعد احتلال العراق وكذبت كل براهينه، كان هناك من كذبه عيانيا، حيث قام صحافي بريطاني بزيارة ميدانية لمناطق عرضها باول أمام الأمم المتحدة بأنها أماكن صنع أسلحة كيمياوية، ونشر تقريرا مصورا في صحيفته البريطانية بعد أسبوع واحد فقط من إعلانات باول في الخامس من فبراير 2003، وضح فيه خداع الادعاءات، وعدم وجود أي اثر لمصانع أو مواد كيمياوية بالمنطقة، وان سكانها طلبوا منه حبوب أسبرين لشفاء مرضاهم، وقصفت الطائرات الأمريكية تلك المناطق بكل أنواع الأسلحة المحرمة وقتلت العديد من سكانها بسبب ما قدمه باول من أكاذيب. كما أن عالما وفنيا عراقيا عمل في مؤسسات علمية عراقية يقيم خارج العراق حاليا رد علي تلك التصريحات في وسائل إعلام أمريكية مفندا بأسلوب علمي ومن خبرته الفنية ومعرفته بالتفاصيل وما حصل لتلك المؤسسات، كل تلك المعلومات والبراهين الاستخبارية التي قادت إلي الحرب والغزو والاحتلال، مؤكدا علي أنها حجج واهية لا تصمد أمام الواقع والضمير والأخلاق العلمية والسياسية والمهنية في كل الأحوال.
بالتأكيد لا يعني كثيرا اعتراف كولن باول وندمه لما حصل بالعراق منه، ومن غيره من أسلحة الخداع الشامل التي مارستها الإدارة الأمريكية وحلفاؤها ضد الشعب العراقي وضد العراق والمنطقة حاليا. ولكن أن يعترف أحد رموز حزب الرئيس الحاكم وأحد رجال اليمين الأمريكي له دلالاته ومعناه، بأن ثمة انتباهة جديدة تدور في أجواء الإدارة الأمريكية ورموزها وتصارعها بين أجنحتها ومؤسساتها التي تقرر سياستها العدوانية. وبلا شك لولا صمود الشعب العراقي ومقاومة الوجود العسكري الأمريكي ورفضه الاحتلال وسياساته العدوانية وتكبد قوات الاحتلال خسائر بالغة، لما اعترف باول ولا غيره من المشرعين الأمريكان والدبلوماسيين وغيرهم ومطالباتهم في إعادة النظر في سياسات الإدارة والبحث عن مخارج جديدة، بما فيها الانسحاب العسكري السريع وكسب ماء الوجه بدلا من الهروب والهزيمة المدوية المنتظرة.
ومثلما يجري في أروقة الولايات الأمريكية، يحصل مثله في بريطانيا، الحليف الرئيسي لعدوان الإدارة الأمريكية وسياساتها الخارجية، لاسيما داخل حزب المعارضة، اليمين البريطاني، حزب المحافظين، بشكل ملفت للنظر. حيث صرح المرشح لرئاسة الحزب كين كلارك في حملته الانتخابية أن قرار المشاركة البريطانية في الحرب علي العراق كان كارثيا. وان المبررات التي قدمت إلي البرلمان لغزو العراق كانت ملفقة. هذا الاعتراف من زعيم محافظ يأتي أيضا ضمن هذه الأجواء، وليس هو الأول من حزبه من عارض الحرب، ولكنه الأول من أعلن في حملته الانتخابية لرئاسة حزب المحافظين مثل هذا الاعتراف والموقف من الحرب علي العراق واحتلاله الآن. وبلا شك الخسائر الكبيرة التي تدفعها بريطانيا عسكريا وبشريا واقتصاديا هي من العوامل الرئيسية في كل ذلك. فأعداد القتلي من الجنود الأمريكان والبريطانيين حسب إحصاءات وزارات الحرب بلغ الألفين وعدد الجرحي تجاوز العشرين ألفاً، والخسائر المادية المباشرة لإدامة الاحتلال تجاوزت الستة بلايين دولار شهريا، يضاف لها بلايين أخري تدفع بشكل غير مباشر، لعقود مدنية ومساعدات خارجية ونفقات إضافية لأبواب مختلفة من صفحات الحرب والاحتلال. وكل هذه الأرقام تؤثر مباشرة علي حياة المواطنين في البلدين مباشرة ويوميا، من أخبار القتلي والجرحي إلي دفع الضرائب وارتفاع الأسعار. وبالتأكيد جاءت عواقب إعصار كاترينا فضيحة اكبر لجبروت الإدارة الأمريكية وحلفائها وعماها السياسي وعجزها عن حماية سكان بلادها من كوارث طبيعية معروفة ومحسوبة مسبقا. وفي تعليقات مختلفة علي تصريحات كلارك من أعضاء حزبه أشير فيها إلي صحة ما استمر عليه من مواقف مناهضة للحرب وتصعيدها إلي تسميتها باسمها الصحيح، الكارثة، وما حصل بعدها من إرهاب عام داخل العراق وخارجه، ومنها بريطانيا، جعل كلامه اكثر أهمية من السابق للمحافظين خاصة، الذين يتحالفون مع الإدارة الأمريكية اليمينية دون اعتراض، وذكر أحدهم بقول للمستشار السابق لشئون الأمن القومي الأمريكي بريجنسكي: ليس دائما الرئيس الأمريكي علي صواب. وطالبوا بأخذ ما قاله كلارك علي محمل الجد، والانتباه لما يحصل داخل الإدارة الأمريكية ولاسيما من أولئك المعروفين بمواقفهم المؤيدة للإدارة والذين بدأوا يدقون أجراس الإنذار لها قبل فوات الأوان.
صحوة المعتدلين في اليمين الأمريكي والبريطاني والانتباه إلي عواقب الكارثة التي وصلوا إليها، هل تقنع أصحاب القرار من المتطرفين اليمينين في إدراك خطورة ما يرتكبون بحق الشعوب، ويقرون بوصمة العار التي جلبوها لشعوبهم؟.