الراية- د. كاظم الموسوي
السبت24/12/2005
في خطبه المكررة حاول الرئيس الأمريكي بوش، كإمبراطور ديمقراطي، أن يرسل الكرة المهاجمة لإدارته ولسياساتها العدوانية إلي ضاربيها من معارضيه وناصحيه لما هو خير له ولبلاده وللعالم قبل فوات الأوان ، ولكنه رغم عدم تنكره للوقائع التي دفعت بالنتائج الكارثية التي تحدث علي الأرض قام بالالتفاف عليها والتهرب من تحمل المسئولية عن تداعياتها وعواقبها، كعادته ومخطط إمبراطوريته الوهمية. فهو لم يعرف، كما يبدو، قيمة ما كسبه من مراحل استمرار احتلاله لأفغانستان والعراق وفلسطين بالنيابة. لقد صبرت شعوب هذه البلدان علي تحمل المآسي التي جلبتها لها القوات العسكرية الأمريكية وحلفاؤها وطائراتها وفسفورها الأبيض ونابالمها ودباباتها وسياراتها المصفحة وأسلحتها غير المجربة إلا في أراضيها وعلي أبنائها، وأجبرت علي المشاركة في انتخابات وطنية وتصنيع برلمانات وحكومات غير معادية لأمريكا، ولكنها مشترطة بإرادة كل شعب حر وديمقراطي حقا، المطالبة برحيل القوات المسلحة العسكرية والمدنية الأجنبية إلي مواقعها ومعسكراتها الأصلية، واعتبر كثير من المراقبين ذلك وما سموه بالعملية السياسية هدايا كبيرة، إلا أن بوش في خطبه افصح بأنه لم يتقبلها بل رد عليها بما يوضح عنجهيته وكل الأوصاف التي وصفها به فنان الشعب الأمريكي مايكل مور.فاعترف الرئيس الأمريكي بما لم يقله طيلة ثلاث سنوات من خطط عدوانه وحربه واحتلاله لأفغانستان والعراق، واستمرار دعمه المشروع الصهيوني لتدمير حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبينا انه خاض الحرب علي معلومات مضللة وتقارير استخباراتية كاذبة، وتأكد من عدم امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وصلات مع تنظيم القاعدة، الذي اعتبره عدوه الرئيس المنافس له في بناء إمبراطورية أخري علي نفس أحلامه في بناء إمبراطوريته الجديدة وسلبه ثيابه التي يتغازل بها أمام مرآته المتكسرة في مدن الغضب العراقي. في خطبه الموجهة للعراق، والتي قيل عنها أنها أربعة وتكاثرت بعدها، خلال الأسابيع الماضية، اقر الإمبراطور بأخطاء وفضائح كارثية، تعكس انتهاكاته لدستور بلاده ولقوانين كونغرسه ولأعراف الإدارة الأمريكية أولا، مما زاد في اغترابه عن الرأي العام الأمريكي، حيث أشارت كل الاستطلاعات إلي تدني شعبيته وزيادة الغضب الشعبي من تهور الإدارة وفشلها في تحقيق ما وعدت به وما يجب أن تقوم به، وخاصة في شئون الأمن الوطني وحماية مستقبل المواطن الأمريكي، داخل وخارج بلاده. حيث تقود بديهيا السياسات الخاطئة والعدوان علي الشعوب إلي عداوات متواصلة وكراهية متفاقمة ورفض عام لكل ما هو أمريكي وإمبراطوري خيالي في عقول المحافظين الجدد، الذين ربطت مناهجهم بسياسة الليكود الصهيوني الدولية.فبعد ألف يوم واكثر من العدوان والاحتلال للعراق لا يكفي الإقرار بالأخطاء وحسب وإنما يتطلب وضع استراتيجية مقابلة لتلك التي دفعت إلي حصول ما حصل، ردا علي نتائجها الكارثية ودرء استمرارها وانزلاقاتها الخطيرة وغير المحسوبة أو المنتظمة. أي بمعني خطط الانسحاب الكامل والسريع مقابل خطط العدوان العسكري والاحتلال. وتسليم القيادة إلي أبناء الأرض التي يحرصون عليها اكثر من أية قوة أجنبية خارجية لا صلة لها بها. أعلن بوش أن قواته قتلت 30 ألفا من العراقيين، وتحركت إدارته إلي تصحيح الأرقام وتخفيف الإقرار بها، وكأنه ممثل مسرحي أخطأ في قول نص أو تحريف قول، وليس الإمبراطور الحاكم، وهي بكل الأحوال أرقام أمريكية رسمية مخالفة للواقع ومتعارضة مع أدني الإحصائيات العلمية التي قامت بها مؤسسات علمية غربية مثل فرق بحث مجلة لانسيت الطبية أو غيرها من مراكز الأبحاث والمعاهد. ولكن الإدارة كما هو معلوم لم تستطع إعادة دم أبناء العراق الذين قتلتهم قواتها المحتلة ولا تعوض عوائلهم فقدان أعزاء لهم تعرضوا لأنواع من المصائر التي وضعتهم فيها قوات وسياسات الاحتلال. الأمر الذي وضع تلك الأحداث موضع جرائم حرب وإبادة بشرية، كما تصفها قرارات القانون الدولي الإنساني وشرائع محكمة نورمبرغ، واعتبار رؤساء البلدان التي خاضت الحرب وأرسلت قواتها إلي القيام بتلك الجرائم بمجرمي حرب. ومن بينها ما أعلنه الأستاذ الجامعي الماليزي الدكتور شاد فاروقي والأستاذ الأمريكي فرانسيس أ. بويل، القائلين بأن ما اقترف بحق العراق هو جريمة حرب، وطالب فاروقي الأمم المتحدة بإصدار قرار عاجل بإنهاء الاحتلال ومحاكمة القائمين به، وعدم التحكم بمصير ثروات البلاد واختياراته السياسية إلا من قبل شعبه وإرادته الوطنية. صحيفة (شوم سُّفْ )حفٌف يف( مكمٍقمْ ،71 5002 .إذا كان ما اعترف به بوش في خطبه من هذا النوع من الكوارث والفضائح فما هو الأجدي له ولأمثاله من دعاة الديمقراطية والحرية، وكيف يقنعون العالم بما يدعون من شعاراتها وما يمارسون من خداع مستمر وكذب مفضوح . فبعد اعترافه واصل خداع نفسه وشعبه والعالم بأن العراق حليف له ضد ما سماه بالإرهاب الذي أعلن اكثر من مرة بأنه نقل الإرهاب له دفاعا عن أمن الولايات المتحدة الأمريكية وقتل الإرهابيين، كما يسميهم، هناك!. وانه وضع سياسة استراتيجية جديدة، تؤكد علي الاحتلال والاستثمار، تقوم علي ثلاثة محاور: الأول: تحقيق الأمن عن طريق تجهيز وتدريب قوات عراقية، بلغت الآن 125 ألف فرد، لتتمكن من التصدي لمن وصفهم بالإرهابيين. الثاني: مساعدة (الحكومة العراقية) علي إقامة نظام ديمقراطي يمثل كل العراقيين. وأوضح أن مشاركة 10 ملايين عراقي في الانتخابات الأخيرة، بمن فيهم (السنة) الذين قاطعوا انتخابات سابقة، يشير إلي التقدم في هذا المجال. الثالث: الاستمرار في عملية إعادة بناء (الاقتصاد العراقي)، وذكر أن نحو 7 من كل 10 عراقيين يرون أن حياتهم تتحسن(!!). يصر الإمبراطور في هذه الاستراتيجية علي سياساته التي لا تتوافق والوقائع علي الأرض العراقية، فلا يعترف بما ينقله له كبار ضباطه عن أيام العراق الدموية، ولا يريد الإقرار بفشل ما أغري به من أحلام الليكوديين المتحكمين بقراره في إدارته. وبالتالي عدم سماع نصيحة زبيغنيو بريجنسكي الذي حذره من نهاية انتحارية لحكمه، في قوله: ''قبل نحو ستين عاماً، استنتج أرنولد توينبي في عمله الضخم ''دراسة التاريخ'' أن السبب الأساسي وراء انهيار الإمبراطوريات هو ''الحكم الانتحاري''. لسوء حظ مكانة جورج دبليو بوش في التاريخ - وأهم من ذلك بكثير - لسوء حظ مستقبل أميركا، تنطبق تلك العبارة الصائبة أكثر فأكثر علي السياسات التي تتبعها الولايات المتحدة منذ زلزال 11 أيلول. علي الرغم من بعض التلميحات بأن إدارة بوش قد تبدأ بإعادة تقويم أهداف تدخلها العسكري غير الناجح في العراق، هذه الأهداف المحددة حتي الآن بشعارات في معظمها، أعادنا خطاب الرئيس بوش يوم الخميس (6/10/2005) إلي العبارات الديماغوجية التي استعملها أثناء حملته الرئاسية عام 2004 لتبرير حرب بدأها هو بنفسه ''. فما نفع الاعترافات بعد كل هذه الوقائع والي متي يمكن للصبر أن يحقق للإمبراطور أحلامه
في خطبه المكررة حاول الرئيس الأمريكي بوش، كإمبراطور ديمقراطي، أن يرسل الكرة المهاجمة لإدارته ولسياساتها العدوانية إلي ضاربيها من معارضيه وناصحيه لما هو خير له ولبلاده وللعالم قبل فوات الأوان ، ولكنه رغم عدم تنكره للوقائع التي دفعت بالنتائج الكارثية التي تحدث علي الأرض قام بالالتفاف عليها والتهرب من تحمل المسئولية عن تداعياتها وعواقبها، كعادته ومخطط إمبراطوريته الوهمية. فهو لم يعرف، كما يبدو، قيمة ما كسبه من مراحل استمرار احتلاله لأفغانستان والعراق وفلسطين بالنيابة. لقد صبرت شعوب هذه البلدان علي تحمل المآسي التي جلبتها لها القوات العسكرية الأمريكية وحلفاؤها وطائراتها وفسفورها الأبيض ونابالمها ودباباتها وسياراتها المصفحة وأسلحتها غير المجربة إلا في أراضيها وعلي أبنائها، وأجبرت علي المشاركة في انتخابات وطنية وتصنيع برلمانات وحكومات غير معادية لأمريكا، ولكنها مشترطة بإرادة كل شعب حر وديمقراطي حقا، المطالبة برحيل القوات المسلحة العسكرية والمدنية الأجنبية إلي مواقعها ومعسكراتها الأصلية، واعتبر كثير من المراقبين ذلك وما سموه بالعملية السياسية هدايا كبيرة، إلا أن بوش في خطبه افصح بأنه لم يتقبلها بل رد عليها بما يوضح عنجهيته وكل الأوصاف التي وصفها به فنان الشعب الأمريكي مايكل مور.فاعترف الرئيس الأمريكي بما لم يقله طيلة ثلاث سنوات من خطط عدوانه وحربه واحتلاله لأفغانستان والعراق، واستمرار دعمه المشروع الصهيوني لتدمير حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة، مبينا انه خاض الحرب علي معلومات مضللة وتقارير استخباراتية كاذبة، وتأكد من عدم امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل وصلات مع تنظيم القاعدة، الذي اعتبره عدوه الرئيس المنافس له في بناء إمبراطورية أخري علي نفس أحلامه في بناء إمبراطوريته الجديدة وسلبه ثيابه التي يتغازل بها أمام مرآته المتكسرة في مدن الغضب العراقي. في خطبه الموجهة للعراق، والتي قيل عنها أنها أربعة وتكاثرت بعدها، خلال الأسابيع الماضية، اقر الإمبراطور بأخطاء وفضائح كارثية، تعكس انتهاكاته لدستور بلاده ولقوانين كونغرسه ولأعراف الإدارة الأمريكية أولا، مما زاد في اغترابه عن الرأي العام الأمريكي، حيث أشارت كل الاستطلاعات إلي تدني شعبيته وزيادة الغضب الشعبي من تهور الإدارة وفشلها في تحقيق ما وعدت به وما يجب أن تقوم به، وخاصة في شئون الأمن الوطني وحماية مستقبل المواطن الأمريكي، داخل وخارج بلاده. حيث تقود بديهيا السياسات الخاطئة والعدوان علي الشعوب إلي عداوات متواصلة وكراهية متفاقمة ورفض عام لكل ما هو أمريكي وإمبراطوري خيالي في عقول المحافظين الجدد، الذين ربطت مناهجهم بسياسة الليكود الصهيوني الدولية.فبعد ألف يوم واكثر من العدوان والاحتلال للعراق لا يكفي الإقرار بالأخطاء وحسب وإنما يتطلب وضع استراتيجية مقابلة لتلك التي دفعت إلي حصول ما حصل، ردا علي نتائجها الكارثية ودرء استمرارها وانزلاقاتها الخطيرة وغير المحسوبة أو المنتظمة. أي بمعني خطط الانسحاب الكامل والسريع مقابل خطط العدوان العسكري والاحتلال. وتسليم القيادة إلي أبناء الأرض التي يحرصون عليها اكثر من أية قوة أجنبية خارجية لا صلة لها بها. أعلن بوش أن قواته قتلت 30 ألفا من العراقيين، وتحركت إدارته إلي تصحيح الأرقام وتخفيف الإقرار بها، وكأنه ممثل مسرحي أخطأ في قول نص أو تحريف قول، وليس الإمبراطور الحاكم، وهي بكل الأحوال أرقام أمريكية رسمية مخالفة للواقع ومتعارضة مع أدني الإحصائيات العلمية التي قامت بها مؤسسات علمية غربية مثل فرق بحث مجلة لانسيت الطبية أو غيرها من مراكز الأبحاث والمعاهد. ولكن الإدارة كما هو معلوم لم تستطع إعادة دم أبناء العراق الذين قتلتهم قواتها المحتلة ولا تعوض عوائلهم فقدان أعزاء لهم تعرضوا لأنواع من المصائر التي وضعتهم فيها قوات وسياسات الاحتلال. الأمر الذي وضع تلك الأحداث موضع جرائم حرب وإبادة بشرية، كما تصفها قرارات القانون الدولي الإنساني وشرائع محكمة نورمبرغ، واعتبار رؤساء البلدان التي خاضت الحرب وأرسلت قواتها إلي القيام بتلك الجرائم بمجرمي حرب. ومن بينها ما أعلنه الأستاذ الجامعي الماليزي الدكتور شاد فاروقي والأستاذ الأمريكي فرانسيس أ. بويل، القائلين بأن ما اقترف بحق العراق هو جريمة حرب، وطالب فاروقي الأمم المتحدة بإصدار قرار عاجل بإنهاء الاحتلال ومحاكمة القائمين به، وعدم التحكم بمصير ثروات البلاد واختياراته السياسية إلا من قبل شعبه وإرادته الوطنية. صحيفة (شوم سُّفْ )حفٌف يف( مكمٍقمْ ،71 5002 .إذا كان ما اعترف به بوش في خطبه من هذا النوع من الكوارث والفضائح فما هو الأجدي له ولأمثاله من دعاة الديمقراطية والحرية، وكيف يقنعون العالم بما يدعون من شعاراتها وما يمارسون من خداع مستمر وكذب مفضوح . فبعد اعترافه واصل خداع نفسه وشعبه والعالم بأن العراق حليف له ضد ما سماه بالإرهاب الذي أعلن اكثر من مرة بأنه نقل الإرهاب له دفاعا عن أمن الولايات المتحدة الأمريكية وقتل الإرهابيين، كما يسميهم، هناك!. وانه وضع سياسة استراتيجية جديدة، تؤكد علي الاحتلال والاستثمار، تقوم علي ثلاثة محاور: الأول: تحقيق الأمن عن طريق تجهيز وتدريب قوات عراقية، بلغت الآن 125 ألف فرد، لتتمكن من التصدي لمن وصفهم بالإرهابيين. الثاني: مساعدة (الحكومة العراقية) علي إقامة نظام ديمقراطي يمثل كل العراقيين. وأوضح أن مشاركة 10 ملايين عراقي في الانتخابات الأخيرة، بمن فيهم (السنة) الذين قاطعوا انتخابات سابقة، يشير إلي التقدم في هذا المجال. الثالث: الاستمرار في عملية إعادة بناء (الاقتصاد العراقي)، وذكر أن نحو 7 من كل 10 عراقيين يرون أن حياتهم تتحسن(!!). يصر الإمبراطور في هذه الاستراتيجية علي سياساته التي لا تتوافق والوقائع علي الأرض العراقية، فلا يعترف بما ينقله له كبار ضباطه عن أيام العراق الدموية، ولا يريد الإقرار بفشل ما أغري به من أحلام الليكوديين المتحكمين بقراره في إدارته. وبالتالي عدم سماع نصيحة زبيغنيو بريجنسكي الذي حذره من نهاية انتحارية لحكمه، في قوله: ''قبل نحو ستين عاماً، استنتج أرنولد توينبي في عمله الضخم ''دراسة التاريخ'' أن السبب الأساسي وراء انهيار الإمبراطوريات هو ''الحكم الانتحاري''. لسوء حظ مكانة جورج دبليو بوش في التاريخ - وأهم من ذلك بكثير - لسوء حظ مستقبل أميركا، تنطبق تلك العبارة الصائبة أكثر فأكثر علي السياسات التي تتبعها الولايات المتحدة منذ زلزال 11 أيلول. علي الرغم من بعض التلميحات بأن إدارة بوش قد تبدأ بإعادة تقويم أهداف تدخلها العسكري غير الناجح في العراق، هذه الأهداف المحددة حتي الآن بشعارات في معظمها، أعادنا خطاب الرئيس بوش يوم الخميس (6/10/2005) إلي العبارات الديماغوجية التي استعملها أثناء حملته الرئاسية عام 2004 لتبرير حرب بدأها هو بنفسه ''. فما نفع الاعترافات بعد كل هذه الوقائع والي متي يمكن للصبر أن يحقق للإمبراطور أحلامه