الجمعة، 29 يونيو 2007

رسالة أصفهان وتهديدات تشيني

الراية- د. كاظم الموسوي
الأحد14/8/2005

من جديد عادت قضية الملف النووي الايراني الي الواجهة. خاصة بعد تسلم الرئيس الايراني الجديد محمود احمدي نجاد مهامه بعد انتخابه ديمقراطيا بأغلبية واضحة، وموقفه الحاسم من كل الملفات التي لم تحسم مع الولايات المتحدة الامريكية خصوصا وقاعدتها الاستراتيجية بالمنطقة. ومن بينها طبعا الملف النووي. وقضية الملف لم تعد خاصة بايران، بل تشغل بال الكثيرين في العالم، لما لتداعياتها السياسية والعسكرية من اخطار وآثار علي العلاقات الدولية والامن والسلم العالمي وفي المنطقة.
اصبحت قضية فتح اقفال المفاعل النووي باصفهان بعد اعلان رسمي وتوافقات متفاهم عليها مع الوكالة الدولية للطاقة النووية وتحت اشرافها واطلاعها واقرارها بحق ايران استخدام مفاعلاتها لاستخداماتها السلمية، فجأة تحت الضوء العالمي لأسباب بعيدة عنها، وتتقاسمها التصريحات والمحاولات والنداءات والجهود النزيهة وغيرها بين الامين العام للامم المتحدة والدول الاوروبية عبر وفد الترويكا من بريطانيا وفرنسا وألمانيا، وتهديدات واشنطن وتل أبيب، ومن بينها تهديدات نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني والطلب من البنتاغون تهيئة خطط لمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية والتلويح بضغوط أمريكية وبريطانية جديدة لطرح القضية علي مجلس الأمن الدولي لفرض عقوبات أولا ومن ثم المخططات المبيتة ثانيا.
رغم كل ذلك فالجهود السياسية للاتحاد الأوروبي مستمرة في طريق استمرار المفاوضات الدبلوماسية مع إيران حول برنامجها النووي، والتأكيد علي انه لم يجد وسيلة أفضل من الحوار مع دولة تعتبر من أهم دول المنطقة، وصولا إلي ضمانات موضوعية بشأن عدم قيامها ببناء أية أسلحة للدمار الشامل لأن أية زيادة في هذه الأسلحة ستكون لها نتائج وخيمة للغاية علي العالمين العربي والاسلامي والمنطقة بأسرها، بحسب تفكير الاتحاد بمصالحه وبأهمية بذل الجهود من أجل تجنب وصول الامور الي نهاياتها المرسومة لها تحت الضغوط الصهيونية المكشوفة، وعواقبها المؤثرة علي الجميع، لاسيما توازنات القوي الدولية.
اعادة التهديدات والتصريحات واثارتها الان تعيد إلي الأذهان أهدافا وخططا كان المحافظون المتشددون في إدارة بوش وعلي رأسهم ديك تشيني يريدونها ويسعون اليها، عبر وسائل مختلفة من بينها رفض اعتماد مبدأ الدبلوماسية وحده مع إيران والتأكيد بين حين وآخر علي القوة العسكرية كأسلوب وحيد لتخلي إيران عن طموحاتها النووية، حسب اهدافهم ومراميهم.
تشير التطورات الاخيرة الي استمرار تلك المخططات وتزايد المخاطر من نوايا وتوجهات الادارة الامريكية واصحاب القرار فيها مما يجعل المنطقة تعيش من جديد أزمة أخري تحاول الادارة الامريكية بها اشغالها وابعاد الانظار عما تقترفه خاصة بالعراق من عمليات عسكرية وابادة جماعية وعقوبات جماعية وجرائم حرب بكل الاعراف والقوانين، وما تحاول عبره من البحث عن حلول من الورطة الكبيرة التي وقعت بها مع غطرستها من جهة وتنفيذ خطط الضغوط الصهيونية من جهة اخري ايضا.
تأتي هذه التطورات والعالم يحيي ذكري دمار مدينتي هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين والاثار المدمرة التي مازالت شاهدة علي فظاعة الجريمة الامريكية بحق هاتين المدينتين المسالمتين واعداد الضحايا والخسائر فيهما، التي مازالت تشهد للفظاعة النووية واخطارها الكبيرة علي البشرية والطبيعة ، وكما يتبين ذلك من حجم الاحتجاجات الدولية ونداءات الرأي العام العالمي ضدها والدعوة للتخلص من تكرارها او التهديدات باستخدامها وإعادة انتاجها مرة اخري، ومن بينها تصريحات الفني المعروف مردخاي فعنونو وتحذيراته المستمرة من اخطار المفاعلات النووية في الكيان واثارها الخطيرة التي من الممكن ان تحصل في المنطقة بسببها اولا ورعونة حكومتها الصهيونية المتطرفة وزعيمها الارهابي المعروف، الذي يخطط هو الاخر مع صقور الادارة الامريكية الي تأجيج الصراعات وصناعة الفوضي البناءة التي يدعونها ثانيا .
لاشك ان تهديدات تشيني والضغوط الصهيونية المعروفة ليست كلاما فقط وان المخاطر المحدقة كبيرة والقضية مطروحة بجدية هذه المرة
ولابد من معالجات سلمية وسريعة تضعها في مسارها الطبيعي والقانوني وتحمي الشعوب من مغامرات امبراطورية وحشية جديدة