الراية- د. كاظم الموسوي
السبت20/8/2005
اتساع الحرب الأمريكية علي الشعوب العربية والإسلامية وكثرة ضحاياها وتفنن وزارة الحرب الأمريكية وقادتها العسكريين في انتهاك القوانين والمعاهدات واستخدام أنواع الأسلحة والوسائل المحرمة دوليا وأخلاقيا في إبادة البشر والحجر والشجر في اكثر من مدينة، مباشرة أو بالواسطة والدعم الكامل، العلني أو السري، يحمل الإدارة الأمريكية المسئولية كاملة ويرد علي الرئيس الأمريكي بوش، والمسئول الأول في البنتاغون، دونالد رامسفيلد، ويفضح ادعاء الانتصارات المحققة علي العدو المتربص بالولايات المتحدة الأمريكية، وبمشروعها الإمبراطوري العدواني، وحجم جرائم الحرب والإبادة البشرية والعقوبات الجماعية المرتكبة كما تبثها وسائل الاعلام وتنشرها أجهزتها الدعائية، ويثير الغضب والاحتجاج عالميا.
ولا تسلم الإدارة نفسها او ما حولها من حالة الغضب والتذمر، ومن بين ما تناقلته وسائل الإعلام مؤخرا بعض من الانتقادات إلي العواقب الوخيمة التي تحصدها تلك السياسات الهمجية والعدوان الواسع والحروب التي لا تلد إلا هزائم حقيقية في العمق الإنساني وان اختلفت الأهداف والاتجاهات والنتائج فيها. وليس آخرها طبعا تشكيك اثنين من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، هما الديموقراطي في لجنة الشؤون الخارجية جوزيف بيدين والجمهوري جون ماكين، في الطريقة التي يعالج بها البنتاغون الوضع في العراق، حيث أكدا انهما فقدا الثقة في دونالد رامسفيلد، وطالبا بتقديم استقالته في لقاءات تلفزيونية، معربين عن قلقهما من تصريحات المسئولين العسكريين وغياب الوقائع وتهميش الحقائق، رغم تناقضها واختلاف وجهات النظر وتباين مواقعها وتعبيراتها الأمريكية أساسا، خاصة بعد تزايد وصول جثث قتلي الجنود الأمريكيين وتوقع تصاعد وتائر أعدادها خلال الأيام المقبلة وفشل تطمينات الإدارة الأمريكية ودجلها في ادعاءات تقدم أو انتصارات جديدة علي (العدو العراقي)!!.
ولم يخف ماكين، المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة لعام 2008، غضبه حيال التصريحات التي أدلي بها مؤخرا الجنرال جورج كيسي، القائد الأعلي للجيش الأمريكي في العراق، وغيره من مسئولي البنتاغون عن احتمالات سحب أعداد كبيرة من الجنود العام القادم. ورد بأسلوب أمريكي ساخر في تصريح لشبكة فوكس التلفزيونية لدي فكرة لمخططي البنتاغون في بلادنا: اليوم الذي أستطيع فيه الهبوط في مطار بغداد وركوب سيارة غير مدرعة علي الطريق السريع باتجاه المنطقة الخضراء هو اليوم الذي ابدأ التفكير فيه بسحب القوات من العراق . وحمل بيدين رامسفيلد شخصيا الإخفاق الأمريكي في تحالفاته العسكرية.
بعد هذين الموقفين المشابهين لعدد آخر من اضرابهما وبقدر الكيل الأمريكي لما يهم المصالح الأمريكية أولا، تحتل تصريحات هنري كيسنجر إلي شبكة سي إن إن الأمريكية مؤخراً، أهمية بارزة، خاصة وهو مهندس حرب أمريكا علي فيتنام قبل أكثر من 30 عاماً. حيث عبّر عن ظهور بعض عوامل التشابه مع الحرب الفيتنامية وتآكل الدعم للحرب الأمريكية في العراق. وطالب بسحب القوات الأمريكية غير الضرورية لتحقيق ما أسماه الهدف الأمريكي المتعلق باستقرار العراق، بعد تحديد الهدف أولاً.
وأضاف كيسنجر: بالنسبة لي، كانت مأساة فيتنام تتمثل في الانقسامات التي حدثت في الولايات المتحدة، بحيث أصبح من المستحيل، في نهاية الأمر، تحقيق النتائج التي تنسجم والتضحيات التي تم تقديمها . وكشف كيسنجر عن أهداف إضافية لما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية وادعاء خوضها حرباً تستهدف وقف المد الإسلامي الذي وصفه بالمتطرف في العراق. في قوله: إذ ما قامت حكومة متطرفة في بغداد، أو إذا ما تحول أي جزء من العراق إلي ما كانت عليه أفغانستان سابقاً، فإن الأمر سيتحول إلي كارثة للعالم .
تصريحات المسئولين الأمريكيين هذه قد تكون بدايات أو إشارات لما يختلج داخل المطبخ الأمريكي وأصداء خارجية لما يحصل علي الأرض العراقية خصوصا وغيرها عموما، وتشابهها رغم كل الفوارق بما كانت عليه الحالة بفيتنام. لاسيما إذا تتبعنا تدني الدعم الشعبي وصراعات الرأي العام الأمريكي المتصاعدة حول الورطة التي وقعت بها إدارة بوش ورامسفيلد.
أظهر آخر استطلاع مشترك لعينة من الامريكيين قامت به شبكة سي إن إن وصحيفة يو أس توداي ومعهد غالوب، أن 54 في المائة منهم يعتقدون أن الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003 كان خطأ.
كما أكدت نتائج استطلاع جديد علي تصاعد القلق إزاء الوجود والتدخل الأمريكيين في العراق، وتراجع الرضا عن أسلوب بوش في أداء عمله بصفة عامة، حسبما نشرتها وكالات الأنباء. وذكرت أن الاستطلاع سينشر في عدد شهر سبتمبر من مجلة الشؤون الخارجية الصادرة عن مجلس العلاقات الخارجية وأن ستة من كل عشرة أمريكيين يشعرون بالقلق إزاء نتائج الحرب في العراق. وإن الاتجاه العام للتفكير حتي الآن مزيج مثير للانزعاج من القلق البالغ والشك المتزايد في السياسة الحالية وعدم إجماع علي البديل الذي يتعين علي البلاد أن تفعله . والاستطلاع هو الأول في سلسلة جديدة من الاستطلاعات ستجري كل ستة اشهر تحت اسم مؤشر السياسة الخارجية، رد فيه 56 في المائة ممن شملهم الاستطلاع بالنفي علي سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة تحقق أهدافها في العراق، بينما رد 39 في المائة بالإيجاب. وكتبت دانييل يانكيلوفيتش رئيسة مجموعة بابليك أجندا للأبحاث والتي أجرت الاستطلاع لحساب مجلس العلاقات الخارجية: ربما يصبح التذمر قريبا اكثر مما يمكن لإدارة بوش أن تتجاهله .
تصدر موضوع العراق وقضية الإرهاب إجابات من شملهم الاستطلاع عن أهم المشاكل العالمية التي تواجه الولايات المتحدة. كما أن قضية الهجرة ومسألة العلاقات الأمريكية بالعالم الإسلامي في طريقها لتصبح من أهم الموضوعات لدي الرأي العام الأمريكي. وأبدي 75 في المائة ممن شملهم الاستطلاع قلقهم من احتمال أن تفقد الولايات المتحدة ثقة وصداقة دول أخري، ومن احتمال تزايد الكراهية للولايات المتحدة في الدول الإسلامية. وتضمن الاستطلاع سؤالا مفتوحا عن نظرة العالم للولايات المتحدة، أجاب عنه ما يقرب من ثلثي العينة العشوائية سلبيا.
ما سبق يؤكد أن سياسات الإدارة والبنتاغون لم تجن ما خططت له وأخذت عواقبها الكارثية تدق أجراس الإنذار داخل حدود الولايات المتحدة، لاسيما إذا استمرت بعنجهيتها واستفرادها الجنوني وانجرارها وراء مشاريع وخطط تدميرية للعالم من اجل فوضي بناءة يراد منها استثمارا اكبر للمجمعين الصناعيين العسكري والنفطي والشركات التي كان يديرها أو سيحصل علي وظائف فيها المسئولون الآن عن الحرب والخراب.
الوقائع اليومية بالعراق المحتل امريكيا تعكس تخوفات كيسنجر وغضب المشرعين الأمريكيين وترد علي تمنياتهم وخطاباتهم، وترسم بقوة شبح فيتنام عراقي سيجول خارج العراق وداخل البيت الأمريكي أساسا.
ولا تسلم الإدارة نفسها او ما حولها من حالة الغضب والتذمر، ومن بين ما تناقلته وسائل الإعلام مؤخرا بعض من الانتقادات إلي العواقب الوخيمة التي تحصدها تلك السياسات الهمجية والعدوان الواسع والحروب التي لا تلد إلا هزائم حقيقية في العمق الإنساني وان اختلفت الأهداف والاتجاهات والنتائج فيها. وليس آخرها طبعا تشكيك اثنين من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي، هما الديموقراطي في لجنة الشؤون الخارجية جوزيف بيدين والجمهوري جون ماكين، في الطريقة التي يعالج بها البنتاغون الوضع في العراق، حيث أكدا انهما فقدا الثقة في دونالد رامسفيلد، وطالبا بتقديم استقالته في لقاءات تلفزيونية، معربين عن قلقهما من تصريحات المسئولين العسكريين وغياب الوقائع وتهميش الحقائق، رغم تناقضها واختلاف وجهات النظر وتباين مواقعها وتعبيراتها الأمريكية أساسا، خاصة بعد تزايد وصول جثث قتلي الجنود الأمريكيين وتوقع تصاعد وتائر أعدادها خلال الأيام المقبلة وفشل تطمينات الإدارة الأمريكية ودجلها في ادعاءات تقدم أو انتصارات جديدة علي (العدو العراقي)!!.
ولم يخف ماكين، المرشح المحتمل لانتخابات الرئاسة لعام 2008، غضبه حيال التصريحات التي أدلي بها مؤخرا الجنرال جورج كيسي، القائد الأعلي للجيش الأمريكي في العراق، وغيره من مسئولي البنتاغون عن احتمالات سحب أعداد كبيرة من الجنود العام القادم. ورد بأسلوب أمريكي ساخر في تصريح لشبكة فوكس التلفزيونية لدي فكرة لمخططي البنتاغون في بلادنا: اليوم الذي أستطيع فيه الهبوط في مطار بغداد وركوب سيارة غير مدرعة علي الطريق السريع باتجاه المنطقة الخضراء هو اليوم الذي ابدأ التفكير فيه بسحب القوات من العراق . وحمل بيدين رامسفيلد شخصيا الإخفاق الأمريكي في تحالفاته العسكرية.
بعد هذين الموقفين المشابهين لعدد آخر من اضرابهما وبقدر الكيل الأمريكي لما يهم المصالح الأمريكية أولا، تحتل تصريحات هنري كيسنجر إلي شبكة سي إن إن الأمريكية مؤخراً، أهمية بارزة، خاصة وهو مهندس حرب أمريكا علي فيتنام قبل أكثر من 30 عاماً. حيث عبّر عن ظهور بعض عوامل التشابه مع الحرب الفيتنامية وتآكل الدعم للحرب الأمريكية في العراق. وطالب بسحب القوات الأمريكية غير الضرورية لتحقيق ما أسماه الهدف الأمريكي المتعلق باستقرار العراق، بعد تحديد الهدف أولاً.
وأضاف كيسنجر: بالنسبة لي، كانت مأساة فيتنام تتمثل في الانقسامات التي حدثت في الولايات المتحدة، بحيث أصبح من المستحيل، في نهاية الأمر، تحقيق النتائج التي تنسجم والتضحيات التي تم تقديمها . وكشف كيسنجر عن أهداف إضافية لما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية وادعاء خوضها حرباً تستهدف وقف المد الإسلامي الذي وصفه بالمتطرف في العراق. في قوله: إذ ما قامت حكومة متطرفة في بغداد، أو إذا ما تحول أي جزء من العراق إلي ما كانت عليه أفغانستان سابقاً، فإن الأمر سيتحول إلي كارثة للعالم .
تصريحات المسئولين الأمريكيين هذه قد تكون بدايات أو إشارات لما يختلج داخل المطبخ الأمريكي وأصداء خارجية لما يحصل علي الأرض العراقية خصوصا وغيرها عموما، وتشابهها رغم كل الفوارق بما كانت عليه الحالة بفيتنام. لاسيما إذا تتبعنا تدني الدعم الشعبي وصراعات الرأي العام الأمريكي المتصاعدة حول الورطة التي وقعت بها إدارة بوش ورامسفيلد.
أظهر آخر استطلاع مشترك لعينة من الامريكيين قامت به شبكة سي إن إن وصحيفة يو أس توداي ومعهد غالوب، أن 54 في المائة منهم يعتقدون أن الغزو الأمريكي للعراق في العام 2003 كان خطأ.
كما أكدت نتائج استطلاع جديد علي تصاعد القلق إزاء الوجود والتدخل الأمريكيين في العراق، وتراجع الرضا عن أسلوب بوش في أداء عمله بصفة عامة، حسبما نشرتها وكالات الأنباء. وذكرت أن الاستطلاع سينشر في عدد شهر سبتمبر من مجلة الشؤون الخارجية الصادرة عن مجلس العلاقات الخارجية وأن ستة من كل عشرة أمريكيين يشعرون بالقلق إزاء نتائج الحرب في العراق. وإن الاتجاه العام للتفكير حتي الآن مزيج مثير للانزعاج من القلق البالغ والشك المتزايد في السياسة الحالية وعدم إجماع علي البديل الذي يتعين علي البلاد أن تفعله . والاستطلاع هو الأول في سلسلة جديدة من الاستطلاعات ستجري كل ستة اشهر تحت اسم مؤشر السياسة الخارجية، رد فيه 56 في المائة ممن شملهم الاستطلاع بالنفي علي سؤال عما إذا كانت الولايات المتحدة تحقق أهدافها في العراق، بينما رد 39 في المائة بالإيجاب. وكتبت دانييل يانكيلوفيتش رئيسة مجموعة بابليك أجندا للأبحاث والتي أجرت الاستطلاع لحساب مجلس العلاقات الخارجية: ربما يصبح التذمر قريبا اكثر مما يمكن لإدارة بوش أن تتجاهله .
تصدر موضوع العراق وقضية الإرهاب إجابات من شملهم الاستطلاع عن أهم المشاكل العالمية التي تواجه الولايات المتحدة. كما أن قضية الهجرة ومسألة العلاقات الأمريكية بالعالم الإسلامي في طريقها لتصبح من أهم الموضوعات لدي الرأي العام الأمريكي. وأبدي 75 في المائة ممن شملهم الاستطلاع قلقهم من احتمال أن تفقد الولايات المتحدة ثقة وصداقة دول أخري، ومن احتمال تزايد الكراهية للولايات المتحدة في الدول الإسلامية. وتضمن الاستطلاع سؤالا مفتوحا عن نظرة العالم للولايات المتحدة، أجاب عنه ما يقرب من ثلثي العينة العشوائية سلبيا.
ما سبق يؤكد أن سياسات الإدارة والبنتاغون لم تجن ما خططت له وأخذت عواقبها الكارثية تدق أجراس الإنذار داخل حدود الولايات المتحدة، لاسيما إذا استمرت بعنجهيتها واستفرادها الجنوني وانجرارها وراء مشاريع وخطط تدميرية للعالم من اجل فوضي بناءة يراد منها استثمارا اكبر للمجمعين الصناعيين العسكري والنفطي والشركات التي كان يديرها أو سيحصل علي وظائف فيها المسئولون الآن عن الحرب والخراب.
الوقائع اليومية بالعراق المحتل امريكيا تعكس تخوفات كيسنجر وغضب المشرعين الأمريكيين وترد علي تمنياتهم وخطاباتهم، وترسم بقوة شبح فيتنام عراقي سيجول خارج العراق وداخل البيت الأمريكي أساسا.