الراية- د. كاظم الموسوي
السبت29/10/2005
يوم الثامن من شهر نوفمبر من العام الماضي اجتاحت القوات الأمريكية مدينة الفلوجة العراقية، بعد حصار متعدد الأوجه لأكثر من شهرين بالتعاون مع قوات بريطانية خاصة، وقصف يكاد يكون يوميا بمختلف الوسائل الحربية، طيران ومدفعية وغيرها، للمرة الثانية بعد الاجتياح الأول الذي اقترف قبل خمسة اشهر منه، في شهر أبريل، والذي سبقه، كما صار معروفا، ولحقه عدد من الغارات العسكرية والاجتياحات السريعة، وقتل وأُعتقل واُختطف عدد من سكان المدينة وقصف بعض المساجد والمستشفيات والدوائر الحكومية بما فيها مراكز للشرطة أو نقاط حراسة وحواجز مشتركة وغيرها. وهذه العمليات العسكرية لم تتوقف طيلة فترة احتلال العراق في هذه المناطق بشكل متعمد ولأهداف معروفة في تاريخ كل استعمار أجنبي واحتلال عدواني، ودون تردد أو توقف أو خشية من حساب أو نقد أو إدانة دولية أو عربية، أو من المتعاونين معها من أبناء البلاد، الذين يتناغمون مع دمار بلادهم وقتل أهاليهم إذا اعتبروا أنفسهم من أهل العراق. كم عدد الشهداء في هذه المدينة فقط؟، كم عدد العوائل التي أجبرت علي ترك المدينة والعيش في العراء، أو في مخيمات لاجئين؟، كم عدد البيوت التي هدمت وخربت؟، كم عدد الأرواح التي قتلت أو دمرت؟.
الآن هل هناك من يتذكر، أو يتحدث، أو يطالب بمحاكمة المسؤول أو من يتحمل المسئولية عنها؟ والي أين تستمر هذه الجرائم الواضحة العناوين والمرامي ولماذا؟، هل يكفي القول إنها توصف حسب القانون الدولي واتفاقيات جنيف الأربعة وميثاق الأمم المتحدة بجرائم حرب وإبادة بشرية وعقاب جماعي؟. أين المنظمات الإنسانية وحقوق الإنسان ومجلس الأمن والأمم المتحدة؟. لقد سجل بعض المنظمات الدولية تقارير عامة عما حصل وحدث، ونطق بعض الأصوات الشريفة من الإعلاميين والكتاب عاليا بما شاهدوه بأعينهم وثبتوا ذلك كوثائق وشهادات إنسانية للتاريخ والحقيقة المغيبة والمخفية من ملفات المجازر الأمريكية في العراق وغيره، رغم أن قوات الاحتلال والإدارة الأمريكية منعت حتي المصاحبين معها من الإعلاميين من تصوير ونقل الصورة كاملة من هناك، وحتي ما تسرب منها بالصوت والصورة تمت لفلفته وتغطيته بغيره من الجرائم المستمرة، وصورة الجرحي الذين قتلوا في المسجد الكبير والتي بثتها كل وسائل الاعلام حينها كصورة إعلانية مسربة من مسلسل الإرهاب الجماعي الأمريكي لسكان المدينة وخارجها، ما زالت شاخصة في الذاكرة، رغم التناسخ وكثرة الصور المشابهة والأخبار اليومية المتواصلة معها. وفي إطار تسجيل الأحداث ومتابعتها تنشط القوي والتيارات والحركات المناهضة للحرب والاحتلال في استخدام كل الوسائل الإعلامية المتاحة ومنها موقع إلكتروني حمل اسم: تذكروا الفلوجة www.rememberfallujah.org يريد أن يعيد إلي الذاكرة قصة هذه المدينة وأهاليها وما تعرضوا له خلال تلك الأيام القاسية والصعبة، كمحاولة إلكترونية لإعادة تركيب الصورة وإحياء قدرات الذاكرة الإنسانية علي المراجعة والموقف منها.
فقد نشرت بعض وسائل الاعلام حينها أن وحدات المارينز الأمريكية والقوات البريطانية التي نقلت جوا وخصيصا من البصرة إلي محيط مدينة الفلوجة قامت بحصار كامل المدينة واستخدام كل الأسلحة ومنها المحرمة في ضرب المدينة، مثل الأسلحة العنقودية أو الفسفورية وغيرها، وقتل الآلاف من السكان، أكثريتهم من الأطفال والنساء والشيوخ، فضلا عن إجبار أعداد كبيرة من المدنيين علي ترك بيوتهم والخروج من المدينة إلي القري والمدن الاخري خارج الحصار العسكري. وقدر عددهم بأكثر من 100 ألف مواطن مدني، مازالوا يعانون من صعوبات حياتية ومعيشية مخجلة لحقوق الإنسان وادعاءات الحرية والديمقراطية البراقة!. ولاشك أن الكثيرين يتذكرون ما حملت الأخبار والرسائل من أصداء تلك الأحداث، من أيام مأساوية وصمت دولي مريب واستهانة بالحياة البشرية وإعادة قصص المدن والبلدات الفيتنامية التي تعرضت كما سجل التاريخ لأبشع الجرائم الأمريكية التي اقترفت وسجلها إعلاميون أمريكان بعد فوات الأوان، ولكنها ظلت شاهدة للوحشية والإجرام والدموية التي تمارسها قوات الاحتلال الأمريكية هناك، وخلفها قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية وغيرها هنا. وهي قصة مستمرة لحد الآن حسب ما تنشره وسائل الاعلام يوميا. ونقلت بعض تلك الوسائل عبر أساليبها بعض الصور أو الرسائل من أهالي المدينة وما عاشوه من مشاهدات صارخة عن المجازر التي قامت بها قوات الاحتلال وممارساتها التي أصابت بعض جنودها بعقد نفسية وأمراض لم يشفوا منها، فكيف هي القصة الحقيقية؟. ولماذا يتوجب ذكر مدن المجازر والإشارة إليها دائما؟. أين قصة الفلوجة في كارثة الاحتلال المتواصل للبلد كله؟ والأخطار التي تتوالد من بعده، ليس علي العراق وحده وحسب؟. ليست الفلوجة إلا مثال صارخ وواضح لسياسات الاحتلال ومجازره اليومية ضد الشعب العراقي. وشهدت مدن كثيرة نماذج تطبيقية لها، ولم تكن صورة الفلوجة متفردة بما حصل لها، رغم أنها تفردت بتكرار المجازر والتدمير والخراب، الذي لا يستطيع أي أمريكي أو متعاون معه الدجل والادعاء بعكسه، فالوقائع علي الأرض، والقصة مستمرة ولابد هنا من العودة إلي تلك الأيام كل مرة لاستعادة الذاكرة والتقريب مما يحيط بها من قصص أخري في مدن أخري. تذكروا الفلوجة كمشهد واحد من مشاهد العراق المحتل، هذه قصة من الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق الجديد. وتذكروا ما يقوله الجنرالات الأمريكان عنها وعن عملياتهم العسكرية الإجرامية ضد المدن الاخري، انهم يحاربون ويقاتلون (الأعداء) في هذه المدن، وان كل مدينة تحمل اسم الشيطان حين تبدأ عمليات محاصرتها وقتل أبنائها، واعتقال الآلاف من شبابها، وتدمير معالمها وحيواتها وتحويلها إلي خرائب وأشباح مدن تسجل للاحتلال كسبه للعقول والقلوب العراقية!!، وتنعت المدن وسكانها بكل الأسماء التي تروج إعلاميا وتسقط عليها مسمياتها التي تتفنن بها مثل الإرهاب الرسمي وعصاباته وفرق الموت المعروفة به تلك البلدان وحلفائها خاصة. وكل مرة تدعي أنها انتهت من(تحرير) تلك المدينة تعود إليها بعد اشهر بشراسة اكثر واكبر وتدمر ما بقي سالما منها، وكأنها بلا ذاكرة أو تجربة ماضية معها.
في المجزرة الأولي في الفلوجة نشرت وسائل الاعلام مقتل 731 مواطنا مدنيا. وفي المجزرة الثانية نقلت وسائل الاعلام أيضا عن مدير المستشفي المركزي في المدينة مقتل 700 مواطن مدني، من بينهم 555 من النساء والأطفال، كما ذكر عن اعتقال الآلاف من الشباب من سكان المدينة. ومثل هذه الأرقام أو الأحداث تكررت في معظم المدن الاخري، وهي بكل الأحوال ليست الأرقام الحقيقية أو تعبيرا عن وقائع ما حصل فعلا، ولكنها حتي بمقاربتها لما حدث، أين توضع مثل هذه الوقائع في سجلات الاحتلال وتاريخ العراق السياسي المعاصر؟. تذكروا الفلوجة شاهدا ونموذجا عن قيم الاحتلال واخلاق المحتلين وتابعيهم!؟.
الآن هل هناك من يتذكر، أو يتحدث، أو يطالب بمحاكمة المسؤول أو من يتحمل المسئولية عنها؟ والي أين تستمر هذه الجرائم الواضحة العناوين والمرامي ولماذا؟، هل يكفي القول إنها توصف حسب القانون الدولي واتفاقيات جنيف الأربعة وميثاق الأمم المتحدة بجرائم حرب وإبادة بشرية وعقاب جماعي؟. أين المنظمات الإنسانية وحقوق الإنسان ومجلس الأمن والأمم المتحدة؟. لقد سجل بعض المنظمات الدولية تقارير عامة عما حصل وحدث، ونطق بعض الأصوات الشريفة من الإعلاميين والكتاب عاليا بما شاهدوه بأعينهم وثبتوا ذلك كوثائق وشهادات إنسانية للتاريخ والحقيقة المغيبة والمخفية من ملفات المجازر الأمريكية في العراق وغيره، رغم أن قوات الاحتلال والإدارة الأمريكية منعت حتي المصاحبين معها من الإعلاميين من تصوير ونقل الصورة كاملة من هناك، وحتي ما تسرب منها بالصوت والصورة تمت لفلفته وتغطيته بغيره من الجرائم المستمرة، وصورة الجرحي الذين قتلوا في المسجد الكبير والتي بثتها كل وسائل الاعلام حينها كصورة إعلانية مسربة من مسلسل الإرهاب الجماعي الأمريكي لسكان المدينة وخارجها، ما زالت شاخصة في الذاكرة، رغم التناسخ وكثرة الصور المشابهة والأخبار اليومية المتواصلة معها. وفي إطار تسجيل الأحداث ومتابعتها تنشط القوي والتيارات والحركات المناهضة للحرب والاحتلال في استخدام كل الوسائل الإعلامية المتاحة ومنها موقع إلكتروني حمل اسم: تذكروا الفلوجة www.rememberfallujah.org يريد أن يعيد إلي الذاكرة قصة هذه المدينة وأهاليها وما تعرضوا له خلال تلك الأيام القاسية والصعبة، كمحاولة إلكترونية لإعادة تركيب الصورة وإحياء قدرات الذاكرة الإنسانية علي المراجعة والموقف منها.
فقد نشرت بعض وسائل الاعلام حينها أن وحدات المارينز الأمريكية والقوات البريطانية التي نقلت جوا وخصيصا من البصرة إلي محيط مدينة الفلوجة قامت بحصار كامل المدينة واستخدام كل الأسلحة ومنها المحرمة في ضرب المدينة، مثل الأسلحة العنقودية أو الفسفورية وغيرها، وقتل الآلاف من السكان، أكثريتهم من الأطفال والنساء والشيوخ، فضلا عن إجبار أعداد كبيرة من المدنيين علي ترك بيوتهم والخروج من المدينة إلي القري والمدن الاخري خارج الحصار العسكري. وقدر عددهم بأكثر من 100 ألف مواطن مدني، مازالوا يعانون من صعوبات حياتية ومعيشية مخجلة لحقوق الإنسان وادعاءات الحرية والديمقراطية البراقة!. ولاشك أن الكثيرين يتذكرون ما حملت الأخبار والرسائل من أصداء تلك الأحداث، من أيام مأساوية وصمت دولي مريب واستهانة بالحياة البشرية وإعادة قصص المدن والبلدات الفيتنامية التي تعرضت كما سجل التاريخ لأبشع الجرائم الأمريكية التي اقترفت وسجلها إعلاميون أمريكان بعد فوات الأوان، ولكنها ظلت شاهدة للوحشية والإجرام والدموية التي تمارسها قوات الاحتلال الأمريكية هناك، وخلفها قوات الاحتلال الأمريكية والبريطانية وغيرها هنا. وهي قصة مستمرة لحد الآن حسب ما تنشره وسائل الاعلام يوميا. ونقلت بعض تلك الوسائل عبر أساليبها بعض الصور أو الرسائل من أهالي المدينة وما عاشوه من مشاهدات صارخة عن المجازر التي قامت بها قوات الاحتلال وممارساتها التي أصابت بعض جنودها بعقد نفسية وأمراض لم يشفوا منها، فكيف هي القصة الحقيقية؟. ولماذا يتوجب ذكر مدن المجازر والإشارة إليها دائما؟. أين قصة الفلوجة في كارثة الاحتلال المتواصل للبلد كله؟ والأخطار التي تتوالد من بعده، ليس علي العراق وحده وحسب؟. ليست الفلوجة إلا مثال صارخ وواضح لسياسات الاحتلال ومجازره اليومية ضد الشعب العراقي. وشهدت مدن كثيرة نماذج تطبيقية لها، ولم تكن صورة الفلوجة متفردة بما حصل لها، رغم أنها تفردت بتكرار المجازر والتدمير والخراب، الذي لا يستطيع أي أمريكي أو متعاون معه الدجل والادعاء بعكسه، فالوقائع علي الأرض، والقصة مستمرة ولابد هنا من العودة إلي تلك الأيام كل مرة لاستعادة الذاكرة والتقريب مما يحيط بها من قصص أخري في مدن أخري. تذكروا الفلوجة كمشهد واحد من مشاهد العراق المحتل، هذه قصة من الاحتلال الأمريكي البريطاني للعراق الجديد. وتذكروا ما يقوله الجنرالات الأمريكان عنها وعن عملياتهم العسكرية الإجرامية ضد المدن الاخري، انهم يحاربون ويقاتلون (الأعداء) في هذه المدن، وان كل مدينة تحمل اسم الشيطان حين تبدأ عمليات محاصرتها وقتل أبنائها، واعتقال الآلاف من شبابها، وتدمير معالمها وحيواتها وتحويلها إلي خرائب وأشباح مدن تسجل للاحتلال كسبه للعقول والقلوب العراقية!!، وتنعت المدن وسكانها بكل الأسماء التي تروج إعلاميا وتسقط عليها مسمياتها التي تتفنن بها مثل الإرهاب الرسمي وعصاباته وفرق الموت المعروفة به تلك البلدان وحلفائها خاصة. وكل مرة تدعي أنها انتهت من(تحرير) تلك المدينة تعود إليها بعد اشهر بشراسة اكثر واكبر وتدمر ما بقي سالما منها، وكأنها بلا ذاكرة أو تجربة ماضية معها.
في المجزرة الأولي في الفلوجة نشرت وسائل الاعلام مقتل 731 مواطنا مدنيا. وفي المجزرة الثانية نقلت وسائل الاعلام أيضا عن مدير المستشفي المركزي في المدينة مقتل 700 مواطن مدني، من بينهم 555 من النساء والأطفال، كما ذكر عن اعتقال الآلاف من الشباب من سكان المدينة. ومثل هذه الأرقام أو الأحداث تكررت في معظم المدن الاخري، وهي بكل الأحوال ليست الأرقام الحقيقية أو تعبيرا عن وقائع ما حصل فعلا، ولكنها حتي بمقاربتها لما حدث، أين توضع مثل هذه الوقائع في سجلات الاحتلال وتاريخ العراق السياسي المعاصر؟. تذكروا الفلوجة شاهدا ونموذجا عن قيم الاحتلال واخلاق المحتلين وتابعيهم!؟.