الراية- د. كاظم الموسوي
23/09/2005
هل باكستان التي تمتلك السلاح النووي مضطرة للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، قبل أن تري أي تقدم في الصراع العربي الصهيوني؟، وهل هناك ضرورة لكسر أسوار الجدران الإسلامية أمام الزحف الصهيوني، قبل أن تسقط كل الجدران العربية؟. ولماذا تمت هذه الخطوة في عاصمة إسلامية وبإشراف مباشر من العراب الإمبراطوري الذي يشرع بمخططات الهيمنة والتفتيت ورسم خرائط جديدة، سياسية وجغرافية واقتصادية، حسب ما تتحدث عنه مؤسسات الظلام الأمريكية؟.
ما الذي دفع باكستان علي السير وراء "الصفقة" وإخراج مسرحيات المصافحات والمفاوضات المباشرة علي موائد الليكوديين، في تل ابيب وواشنطن وغيرها من العواصم النائمة؟. وهل يفيد التصريح بالتبريرات القديمة المعروفة، بعدم تبادل السفارات أو رفرفة الاعلام في العواصم المعنية قبل قبول الفلسطينيين، وما علاقة عواصم عربية في الضغوط السرية علي إقامة واستمرار مثل هذه الحفلات الراقصة؟. ولماذا لا تبدأ هي بنفسها وتكشف المستور عنها؟. وماذا تبقي من كل الاتفاقيات وقرارات القمم العربية والإسلامية السابقة والتي سميت في الكثير من الأحيان بأسماء أصحابها وقادت إلي هذه الحنجلات الخجولة؟. هي طويت القضية المركزية والقدس الشريف؟. أسئلة كثيرة وقد لا تنتهي، والأجوبة عنها مثلها تثير أسئلة أخري، لان الوقائع لم تعد مقنعة لكل ما يجري، ولان الأحداث تبين أن الحنجلة السائرة الآن أسرع من توقعات الكثير من المراقبين لها، من جهة، وأفضح لكثير من الخبايا والأسرار التي أرادها أصحابها أن تظل مخفية أو وراء الكواليس العلنية، من جهة أخري. ولم يعد الحديث عن السلام وخارطة الطريق والأمن في المنطقة هو الشائع والمعروف حتي داخل أوساط الرأي العام أو القوي المؤيدة للقضايا الشعبية العادلة.
أكد وزير خارجية الكيان الإسرائيلي بوجود مفاوضات واتصالات مع عدد من حكام بلدان عربية واسلامية، وطالب بالإعلان عنها قبل زلة لسانه وكشفها. وقد قالها في اكثر من ملتقي أو مناسبة له، ونشرتها كل وسائل الاعلام العربية، حتي بات اسمه علما اكثر شهرة من كثير من أسماء "زملائه" وزراء خارجية بلدان عربية وإسلامية، فضلا عن زياراته العلنية والسرية لعدد من العواصم العربية والإسلامية. كما أن أي منتدي رسمي إقليمي أو عالمي، سياسي أو اقتصادي، وحتي في مناسبات عزاء أو فرح، يكشف عن قصص متعددة عن لقاءات مباشرة أو مصافحات أو تبادل (ابتسامات) بين ممثلين حكوميين عرب وإسلاميين وممثلي الكيان الإسرائيلي، الذين مجرد حضورهم فيها، ترفع الغطاء عن طبيعة الكثير من هذه (الحفلات شبه التنكرية) وأهدافها البعيدة.
ويبدو أن قمة الأمم المتحدة العالمية قد وفرت فرصة مؤاتية لإعلان صريح لعدد من تلك الحنجلات، متوجة بالتبريك الواسع لخطوة باكستان، وطاووسية رئيسها الانقلابي في أروقة الأمم المتحدة وفي اللقاءات الأخري، التي أعطت صورة عن سيرة تاريخية لحكومته في الاتصالات بتلك المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية، ونشاطها المشترك لرفع الأغطية عن تلك الحكومات وتلك البلدان وتلك العلاقات. ليس سرا إذا ثمة اتصالات رسمية سرية أولا حول تطبيع العلاقات بين باكستان والكيان الصهيوني، في تلك المؤسسات الصهيونية، التي اعتبرت نفسها سفارات متقدمة تحت مسميات أخري لخدمة تلك الأهداف والعمل كلوبي ضاغط داخل مؤسسات التشريع والقرار الأمريكي أيضا. وليست مصادفة غريبة ثانيا أن تكشف علنا في عاصمة إسلامية وسيطة، تضيف لتلك السلسلة حلقة أخري. وهي هنا تقدم خدمة ليست قليلة لأهداف لا يمكن أن تكون بمصلحة القضايا العربية والإسلامية مهما كانت التبريرات والتفسيرات، حيث الحقائق علي الأرض تشير إلي ما يخالفها اسما ومعني.
تحت قوة صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته للمشروع الصهيوني وتقديمه التضحيات الجسيمة، علي طريق حقوقه الوطنية المشروعة، وانتظار دعم ومناصرة أشقائه وإخوانه في الدين والقومية والإنسانية، انسحب شارون من غزة منفردا، بقراره السياسي وحساباته المتفق عليها مع الإدارة الأمريكية، مهددا ومعيدا صورته المعروفة عنه من أيام صبرا وشاتيلا مرورا بجنين ورفح والخليل وبيت لحم وغيرها من البلدات الفلسطينية. وهو لما يزل محتلا حدود غزة وسماءها ومياهها، ولم يترك فرحة عودة بعض الأرض لأهلها كاملة، فكل يوم يعمدها بالدم الفلسطيني الزكي بقصف أو اغتيال. وما كان الانسحاب من غزة تحريرا لأرض فلسطين وتلبية لحقوق شعبها كاملة، بل خطوة أولي علي طريق طويل، أعاد الكيان الإسرائيلي انتشار قواته المحتلة في منطقة غزة والتفرغ لغيرها وتنفيذ مشاريعه الصهيونية فيها. وعلي تلك الخلفية تسارعت أخبار الصفقات السياسية علي مكافأته لما قام به دون تحميله مسئولية ما اقترفه من جرائم حرب واحتلال..، وللأسف اعتبرت بعض الحكومات العربية والإسلامية تلك العملية فرصة للركض قبل غيرها، وكأنها علي موعد سباقات رياضية علي ملعب احتفالية الأمم المتحدة، تلك المنظمة الدولية المسئولة الأولي عن قرار التقسيم وتشريد الشعب الفلسطيني وقراراتها اللاحقة التي لم تنفذها وتركتها منتظرة كل تلك السنوات تحت رحمة الإدارات المتعاقبة وحكومات عصابات الحروب والقتل الجماعي.
في هذه الصفحات التاريخية يبدو العرب والمسلمون مقارنة باستراتيجيات العدو مشبعين بالمفارقات والتناقضات الحادة. لقد عمل الكيان منذ تأسيسه بقرار الأمم المتحدة علي تفريق الدول العربية ومحاربتها وإضعافها وتدمير تقدمها وبنائها الداخلي والخارجي، كما هو معروف تاريخيا وواقعيا، وانتهز كل الفرص لعزل العالم العربي وتكريس تفتيته بمختلف السبل والإمكانيات. ومن ثم العمل علي إخراج كل دولة منه بمفردها من محيطها والتوقيع معه أو تكبيلها بمعاهدات وألتزامات واتفاقات مذلة ومشئومة. مبتدءا من دول الطوق والتصدي له، ومتحركا بالتدريج علي دول الجوار العربي ومن ثم الدخول منها إلي ما يجاورها أو يبعدها جغرافية واتصالا، ومنتهيا أو متوصلا إلي ابعد من العالم العربي وجواره إلي العالم الإسلامي ومن تبقي من داخل العالمين. محققا بكل ذلك خططه الاستراتيجية واختراقات جدية علي صعيد العلاقات الرسمية مع الحكومات والحكام في كل تلك البلدان وراسما له دوائر تؤيده وتجعله قادرا علي المناورة معها وعلي حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة.
كشفت العلاقات الباكستانية الإسرائيلية فجوة كبيرة في فهم وإدراك طبيعة العلاقات العربية والإسلامية والقضايا العادلة للشعوب، وتحقيق مخططات الأعداء علي حساب الأصدقاء والأشقاء، كما قدمت وقائع تكرس الاتجاهات المضادة لتطلعات الشعوب في رفض الحروب والهيمنة الإمبراطورية الأمريكية، بل وتسهل لها مشاريعها العدوانية، إذا لم تساهم بها وتعبد لها طرقها وتحرج الشعوب والقوي والفعاليات المؤيدة لقضاياها.
الأخطر في كل ما يقال أن الراقصين قبل باكستان وبعدها لم يعرفوا بادراك حقيقي خطورة خطواتهم اللاحقة ولم يتحسبوا لما يأتي بعدها، وكل ما يحصل اليوم من تجاوزات واضحة علي أسس الصراع والمستقبل تعرقل عمليا وتضر واقعيا بعمليات السلام والأمن والحرية والديمقراطية وغيرها، وليس العكس كما يدعي المحنجلون والراقصون والدافعون لهم في السباق.
هل باكستان التي تمتلك السلاح النووي مضطرة للتطبيع مع الكيان الإسرائيلي، قبل أن تري أي تقدم في الصراع العربي الصهيوني؟، وهل هناك ضرورة لكسر أسوار الجدران الإسلامية أمام الزحف الصهيوني، قبل أن تسقط كل الجدران العربية؟. ولماذا تمت هذه الخطوة في عاصمة إسلامية وبإشراف مباشر من العراب الإمبراطوري الذي يشرع بمخططات الهيمنة والتفتيت ورسم خرائط جديدة، سياسية وجغرافية واقتصادية، حسب ما تتحدث عنه مؤسسات الظلام الأمريكية؟.
ما الذي دفع باكستان علي السير وراء "الصفقة" وإخراج مسرحيات المصافحات والمفاوضات المباشرة علي موائد الليكوديين، في تل ابيب وواشنطن وغيرها من العواصم النائمة؟. وهل يفيد التصريح بالتبريرات القديمة المعروفة، بعدم تبادل السفارات أو رفرفة الاعلام في العواصم المعنية قبل قبول الفلسطينيين، وما علاقة عواصم عربية في الضغوط السرية علي إقامة واستمرار مثل هذه الحفلات الراقصة؟. ولماذا لا تبدأ هي بنفسها وتكشف المستور عنها؟. وماذا تبقي من كل الاتفاقيات وقرارات القمم العربية والإسلامية السابقة والتي سميت في الكثير من الأحيان بأسماء أصحابها وقادت إلي هذه الحنجلات الخجولة؟. هي طويت القضية المركزية والقدس الشريف؟. أسئلة كثيرة وقد لا تنتهي، والأجوبة عنها مثلها تثير أسئلة أخري، لان الوقائع لم تعد مقنعة لكل ما يجري، ولان الأحداث تبين أن الحنجلة السائرة الآن أسرع من توقعات الكثير من المراقبين لها، من جهة، وأفضح لكثير من الخبايا والأسرار التي أرادها أصحابها أن تظل مخفية أو وراء الكواليس العلنية، من جهة أخري. ولم يعد الحديث عن السلام وخارطة الطريق والأمن في المنطقة هو الشائع والمعروف حتي داخل أوساط الرأي العام أو القوي المؤيدة للقضايا الشعبية العادلة.
أكد وزير خارجية الكيان الإسرائيلي بوجود مفاوضات واتصالات مع عدد من حكام بلدان عربية واسلامية، وطالب بالإعلان عنها قبل زلة لسانه وكشفها. وقد قالها في اكثر من ملتقي أو مناسبة له، ونشرتها كل وسائل الاعلام العربية، حتي بات اسمه علما اكثر شهرة من كثير من أسماء "زملائه" وزراء خارجية بلدان عربية وإسلامية، فضلا عن زياراته العلنية والسرية لعدد من العواصم العربية والإسلامية. كما أن أي منتدي رسمي إقليمي أو عالمي، سياسي أو اقتصادي، وحتي في مناسبات عزاء أو فرح، يكشف عن قصص متعددة عن لقاءات مباشرة أو مصافحات أو تبادل (ابتسامات) بين ممثلين حكوميين عرب وإسلاميين وممثلي الكيان الإسرائيلي، الذين مجرد حضورهم فيها، ترفع الغطاء عن طبيعة الكثير من هذه (الحفلات شبه التنكرية) وأهدافها البعيدة.
ويبدو أن قمة الأمم المتحدة العالمية قد وفرت فرصة مؤاتية لإعلان صريح لعدد من تلك الحنجلات، متوجة بالتبريك الواسع لخطوة باكستان، وطاووسية رئيسها الانقلابي في أروقة الأمم المتحدة وفي اللقاءات الأخري، التي أعطت صورة عن سيرة تاريخية لحكومته في الاتصالات بتلك المنظمات الصهيونية في الولايات المتحدة الأمريكية، ونشاطها المشترك لرفع الأغطية عن تلك الحكومات وتلك البلدان وتلك العلاقات. ليس سرا إذا ثمة اتصالات رسمية سرية أولا حول تطبيع العلاقات بين باكستان والكيان الصهيوني، في تلك المؤسسات الصهيونية، التي اعتبرت نفسها سفارات متقدمة تحت مسميات أخري لخدمة تلك الأهداف والعمل كلوبي ضاغط داخل مؤسسات التشريع والقرار الأمريكي أيضا. وليست مصادفة غريبة ثانيا أن تكشف علنا في عاصمة إسلامية وسيطة، تضيف لتلك السلسلة حلقة أخري. وهي هنا تقدم خدمة ليست قليلة لأهداف لا يمكن أن تكون بمصلحة القضايا العربية والإسلامية مهما كانت التبريرات والتفسيرات، حيث الحقائق علي الأرض تشير إلي ما يخالفها اسما ومعني.
تحت قوة صمود الشعب الفلسطيني ومقاومته للمشروع الصهيوني وتقديمه التضحيات الجسيمة، علي طريق حقوقه الوطنية المشروعة، وانتظار دعم ومناصرة أشقائه وإخوانه في الدين والقومية والإنسانية، انسحب شارون من غزة منفردا، بقراره السياسي وحساباته المتفق عليها مع الإدارة الأمريكية، مهددا ومعيدا صورته المعروفة عنه من أيام صبرا وشاتيلا مرورا بجنين ورفح والخليل وبيت لحم وغيرها من البلدات الفلسطينية. وهو لما يزل محتلا حدود غزة وسماءها ومياهها، ولم يترك فرحة عودة بعض الأرض لأهلها كاملة، فكل يوم يعمدها بالدم الفلسطيني الزكي بقصف أو اغتيال. وما كان الانسحاب من غزة تحريرا لأرض فلسطين وتلبية لحقوق شعبها كاملة، بل خطوة أولي علي طريق طويل، أعاد الكيان الإسرائيلي انتشار قواته المحتلة في منطقة غزة والتفرغ لغيرها وتنفيذ مشاريعه الصهيونية فيها. وعلي تلك الخلفية تسارعت أخبار الصفقات السياسية علي مكافأته لما قام به دون تحميله مسئولية ما اقترفه من جرائم حرب واحتلال..، وللأسف اعتبرت بعض الحكومات العربية والإسلامية تلك العملية فرصة للركض قبل غيرها، وكأنها علي موعد سباقات رياضية علي ملعب احتفالية الأمم المتحدة، تلك المنظمة الدولية المسئولة الأولي عن قرار التقسيم وتشريد الشعب الفلسطيني وقراراتها اللاحقة التي لم تنفذها وتركتها منتظرة كل تلك السنوات تحت رحمة الإدارات المتعاقبة وحكومات عصابات الحروب والقتل الجماعي.
في هذه الصفحات التاريخية يبدو العرب والمسلمون مقارنة باستراتيجيات العدو مشبعين بالمفارقات والتناقضات الحادة. لقد عمل الكيان منذ تأسيسه بقرار الأمم المتحدة علي تفريق الدول العربية ومحاربتها وإضعافها وتدمير تقدمها وبنائها الداخلي والخارجي، كما هو معروف تاريخيا وواقعيا، وانتهز كل الفرص لعزل العالم العربي وتكريس تفتيته بمختلف السبل والإمكانيات. ومن ثم العمل علي إخراج كل دولة منه بمفردها من محيطها والتوقيع معه أو تكبيلها بمعاهدات وألتزامات واتفاقات مذلة ومشئومة. مبتدءا من دول الطوق والتصدي له، ومتحركا بالتدريج علي دول الجوار العربي ومن ثم الدخول منها إلي ما يجاورها أو يبعدها جغرافية واتصالا، ومنتهيا أو متوصلا إلي ابعد من العالم العربي وجواره إلي العالم الإسلامي ومن تبقي من داخل العالمين. محققا بكل ذلك خططه الاستراتيجية واختراقات جدية علي صعيد العلاقات الرسمية مع الحكومات والحكام في كل تلك البلدان وراسما له دوائر تؤيده وتجعله قادرا علي المناورة معها وعلي حساب الحقوق الوطنية الفلسطينية المشروعة.
كشفت العلاقات الباكستانية الإسرائيلية فجوة كبيرة في فهم وإدراك طبيعة العلاقات العربية والإسلامية والقضايا العادلة للشعوب، وتحقيق مخططات الأعداء علي حساب الأصدقاء والأشقاء، كما قدمت وقائع تكرس الاتجاهات المضادة لتطلعات الشعوب في رفض الحروب والهيمنة الإمبراطورية الأمريكية، بل وتسهل لها مشاريعها العدوانية، إذا لم تساهم بها وتعبد لها طرقها وتحرج الشعوب والقوي والفعاليات المؤيدة لقضاياها.
الأخطر في كل ما يقال أن الراقصين قبل باكستان وبعدها لم يعرفوا بادراك حقيقي خطورة خطواتهم اللاحقة ولم يتحسبوا لما يأتي بعدها، وكل ما يحصل اليوم من تجاوزات واضحة علي أسس الصراع والمستقبل تعرقل عمليا وتضر واقعيا بعمليات السلام والأمن والحرية والديمقراطية وغيرها، وليس العكس كما يدعي المحنجلون والراقصون والدافعون لهم في السباق.