رحل الرفيق ابو احمد فؤاد قبل اسابيع ولكنه مازال بيننا اسما وشهادة وقيمة ومقاما ومواقفا، وهي كل ما يتبقى للانسان. فالرحيل قائم والفقد مستمر، ليس بايدينا هذه سنة الحياة وديدنها، كل امرء وله يومه، مبكرا او متاخرا.
شكرا لكم على الاحتفاء بأربعينية الرفيق القائد، اللواء داوود مراغة، وفاء واثباتا لدور ومكانة واسم الراحل، المناضل الكبير. بالتاكيد الرحيل خسارة، والفقدان قاس، فما كان لم يعد وهو ما يجعل هذا الاحتفاء ليس تذكيرا وحسب وانما تعبيرا عن تقدير واعتزاز وشهادةًَ من الذين عاشوا تلك السنوات ومارسوا مهامها وتحملوا همومها وعرفوا الفقيد المحترم عن قرب او بالتذاكر مع من خاض النضال والكفاح والتضحية والصدق والأمانة والاخلاص معه، في معتركات الكفاح الوطني، في البناء السياسي والعسكري، الذي عرف به. وهذه كلها صفات قلما تتوفر في صور الحياة الا عند شخصيات تفرض وجودها وتبقي اسمها مؤشرا واعلاما عن قدراتها وعن دورها في مسيرة تاريخية عن القضية الجامعة، قضية فلسطين، وما عاشته وتطلبت، في الصمود والمقاومة والتضحيات، والتي ظلت هاجسه وامتحانه وخبراته وصورته التي ترتسم امامنا ونحن نتذكره.
هو ابن القضية، ولد في عاصمتها، القدس، وحمل جراحها كل عمره في ساحات الكفاح والنضال الوطني والقومي، وهو رافع راية القضية التي عرفته وعرفها، فضلا عن كونها القضية المركزية للامة التي حملتها خلال المراحل التاريخية من سرديتها الفلسطينية، العربية، الانسانية، منذ بداياتها وحتى يومنا هذا. وللراحل الكبير حصته في صفحات تاريخها وتجاربها ومنعطفاتها وتحولاتها، وكان بارزا فيها، شهدت له المواقع التنظيمية، السياسية والعسكرية، التي كلف بها او اختير لها، في اغلب مقراتها الجغرافية المحيطة بارضها، فلسطين، وظلت شهادة له نتحدث عنها الان بتفاصيل مضيئة، ونعلقها له في قلوب المحبين والصابرين.
من اللقطات الباقية بيننا، اخر لقاء معه، كنت في اخر زيارة للشام، مطلع العام الماضي، وقد جُمعنا في لمة رفاقية في مطعم دمشقي وسط المدينة بدعوة من الرفيق المناضل الدكتور ماهر الطاهر وبحضوره والرفاق المناضلين ابو علي حسن وابو نضال الرفاعي وابنه احمد، وباجواء ومناخ متميز فتح شهية الذكريات وصفحات ايام النضال الفلسطيني والعروبي وظروفه المعقدة او المشتبكة في محنة العرب وسياسات الحكومات العربية وضغوط الامبريالية ودولها وجرائمها المعروفة وما قابلها من البطولات في التصدي لها ودحرها في اكثر من مشهد ومكان وزمان. وكشف الحوار حرص الرفيق على العلاقات الوطنية والقومية والاممية واهمية التطورات المتواصلة على مختلف الصعد السياسية والفكرية والعسكرية وضرورة متابعتها والاثراء منها، شخصيا وحزبيا، حاضرا ومستقبلا.
كما لابد من الاشارة الى متابعاتي لظهوره الاعلامي في فضائيات تستضيفه ويعبر فيها عن رؤاه الفكرية وموقف الجبهة الشعبية التي افنى عمره في مسيرتها النضالية من اجل تحرير فلسطين والعودة الى الديار، الحلم الفلسطيني.
رحل القائد الكبير ونحتفي اليوم بتذكره والاستشهاد بدوره ومكانه في الحركة التحررية وبيننا، وسنظل نتذكره وننتظر يوم الانتصار لنرفع اسمه وصورته في الحفل المنتظر.
الثوريون لا يموتون، الرحمة والذكر الدائم لروحه واسمه وعزاؤنا مشترك …
والسلام عليكم
* مشاركة في مجلس التابين الذي اقامته جمعية الشتات الفلسطيني في السويد وتجمع عائدون يوم الجمعة 2025/02/28