مازال كثير من الحكومات الغربية، وحاليا أكثرها من أحزاب اليمين ويمين الوسط السياسي، تتشدق بالحريات العامة وحقوق الإنسان وتعلن مراوغة تمسكها بالقيم والأخلاق وغيرها من الشعارات البراقة التي أثبتت الوقائع والفظائع والفضائح حقيقتها وعرت مصداقية تلك الحكومات واعتباراتها وادعاءاتها المخادعة. وكل مرة تتكشف أمام الجميع حقائق وقصص مروعة عن انتهاكات وارتكابات فظيعة ارتكبتها وترتكبها قوات الغزو والاحتلال الغربية للبلدان والشعوب العربية والإسلامية خصوصا. وكالعادة تبدأ تلك الحكومات بالإنكار لها ومن ثم تدخلها في دوامة النقاشات واللجان والاجتماعات حتى تبهتها أولا ومن ثم تبعدها عن الأثر المباشر لها وتداعياتها الأخلاقية والقانونية والسياسية ثانيا، وصولا إلى وضعها في موازين القوى السياسية وأحيانا في تحميل غيرها مسؤوليتها تهربا منها أو تجنبا لمفاعيلها الإنسانية الجارحة.
نشرت بعض وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية، في أحايين متفرقة، بعض تلك الصور، من أمثال صور سجن ابوغريب في العراق، وسجن باغرام في أفغانستان إلى السجن الأمريكي الذي أصبح علامة بارزة للولايات المتحدة الامريكية، سجن غوانتانامو، بديلا واقعيا عن نصب الحرية الذي تفتخر به الإدارات الامريكية، إلى السجون العائمة في البواخر والسفن الغربية إلى السجون السرية الموزعة في العديد من البلدان الحليفة والتابعة لسياسات الولايات المتحدة الامريكية والمنفذة لها بأشد وأصعب من توجيهاتها. وفي كل هذه السجون جرت انتهاكات منظمة وفضحت ادعاءات مخادعة بكل المعاني وفقدت حكومات الدول التي مارستها مصداقيتها وأحكامها التي تحاول ترويجها واتهام غيرها بها، أو الادعاء على غيرها بمثل ما قامت به. ولم يزل العديد من المرتكبين لتلك الجرائم طليقي السراح ويتمتعون بحمايات منوعة من قبل تلك الحكومات الغربية، التي توظف المحكمة الجنائية والقانون الدولي لاتهام أشخاص آخرين وتتشدد بالأحكام والإجراءات ضد آخرين غيرهم بعيدين عن بلدانها بينما تترك المرتكبين في بلدانها دون محاكمة عادلة وتسعى لمساعدتهم للإفلات من الجزاء العادل بحقهم على ما ارتكبوه مباشرة أو بقرارات منهم بحكم مسؤوليتهم الإدارية والسياسية والأخلاقية وغيرها. وتضيّع في ممارساتها تلك بين حجم الجرائم والارتكابات وبين محاكمتها والعدالة الإنسانية والقانون الدولي والإنساني.
كشفت وثائق ويكيليكس بعض هذه القصص الكارثية ولاسيما المثبتة بالفيديو، صورة وصوتا واسما، وأعطت بعض الوثائق صورة موثقة عن المسؤولين عنها والدوائر التي قامت بها، وهي غيض من فيض من تاريخ اسود لقوى الاحتلال والغزو والتعذيب والانتهاك المنظم في العالمين العربي والإسلامي.
وقد تكون قصة الضحية العراقية بهاء موسى واحدة من قصص جرائم الحرب والقتل العمد والتعذيب، ونموذجا بسيطا وواضحا لسلسلة من الانتهاكات التي اقترفتها قوات الاحتلال الامريكية والبريطانية وغيرها في العراق. كما أنها تعبر ببساطة كاملة عن العديد من أمثالها التي أثبتت في وثائق أو صور أو برهن عليها من خلال ضحاياها وشكواهم العامة. وقد يكون بعض الفضل في الكثير من الكشوف لمثل هذه الجرائم لوسائل الإعلام وبعض المنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان أو تحمل تلك التسمية وترفع تلك القضايا وتنشرها للعالم. وبعض الأحيان من جهل مرتكبيها واعترافاتهم المنشورة، سواء في مذكراتهم أو في تصريحات معلنة وموثقة.
سرد قصة بهاء موسى والتحقيقات التي تمت بشأنها تعطي دلالات ومشاهد عن سير القضية ومثالا يفضح عمليات التضليل والتمويه، حتى في مثل هذه القضية الصارخة في الوضوح. لقد استمر التحقيق فيها 3 سنوات، انتهى التقرير إلى أن الضحية بهاء موسى ، وهو موظف استقبال في فندق في مدينة البصرة العراقية، مات رهن احتجاز الفرقة الأولى من الفوج البريطاني المعروف باسم كوين لانكشاير في عام 2003. كان قد تعرض للضرب المتكرر وعومل معاملة لا إنسانية ومهينة شملت أعمالا مثل "تغطية الرأس" وإجباره على اتخاذ أوضاع مجهدة، وهي الممارسات التي قالت عنها الحكومة البريطانية عام 1972 إنها لن تستخدمها ثانية أبداً. انتهى فحص الطب الجنائي لإصابته بـ 93 جرحا، منها كسر في الأنف وكسور في الضلوع. أدان التقرير عدم ملائمة إجراءات الاحتجاز، وإخفاقات القيادة وضعف التدريب وعدم الالتزام بقواعد الانضباط ونقص "الشجاعة الأدبية" لدى الجنود الذين لم يبلغوا عن وقوع الانتهاكات.
كانت منظمة هيومن رايتس ووتش الامريكية قد اهتمت بهذه النتائج وسجل كلايف بالدوين، مستشار قانوني أول في المنظمة ما يلي: "قضية بهاء موسى هي الأشهر، لكنها واحدة من عدة قضايا، ويظهر منها وقوع انتهاكات جسيمة في مركز احتجاز بريطاني في العراق. على الحكومة أن تضمن مثول جميع المحتجزين من الآن فصاعدا أمام القضاة مع محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وجرائم حرب ومثولهم أمام القضاء بغض النظر عن مناصبهم". جاء هذا بعد ان عرفت المنظمة إن نتائج التحقيق في وفاة موسى الذي احتجزه جنود بريطانيون عام 2003 – وهي النتائج التي ظهرت في 8 سبتمبر/أيلول 2011 – واعتبرتها فرصة للحكومة البريطانية كي تبدأ في إصلاح نظام احتجازها العسكري ونظامها القضائي. وذكرت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة البريطانية أن تضمن محاسبة المسؤولين عن هذه الواقعة، مع ضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مرة أخرى. ونشرت وكالات الأنباء حينها توصيات التحقيق الأساسية التي جاءت بعد تلك الفضائح، والتي شملت حظرا شاملا وتاما لأعمال تغطية الرأس والأوضاع المجهدة وغيرها من الأساليب المحظورة في عام 1972، وتفتيشا مستقلا على مراكز الاحتجاز العسكرية، ويُفضل أن يتم ذلك مع المشاركة الكاملة لهيئة تفتيش السجون المدنية البريطانية (هيئة صاحبة الجلالة لتفتيش السجون). وتخصيص ضابط واحد مسؤول عن الإشراف على السجون. كما يتم تحسين نظام سجلات الاحتجاز والسجن.
كل هذه النتائج والانتهاكات وصمة عار في السياسات الغربية وادعاءاتها الكاذبة عن حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية.. وعسى ان تكون هذه شهادات كافية لإدانتها ومحاكمتها أيضا.
نشرت بعض وسائل الإعلام والمنظمات الحقوقية، في أحايين متفرقة، بعض تلك الصور، من أمثال صور سجن ابوغريب في العراق، وسجن باغرام في أفغانستان إلى السجن الأمريكي الذي أصبح علامة بارزة للولايات المتحدة الامريكية، سجن غوانتانامو، بديلا واقعيا عن نصب الحرية الذي تفتخر به الإدارات الامريكية، إلى السجون العائمة في البواخر والسفن الغربية إلى السجون السرية الموزعة في العديد من البلدان الحليفة والتابعة لسياسات الولايات المتحدة الامريكية والمنفذة لها بأشد وأصعب من توجيهاتها. وفي كل هذه السجون جرت انتهاكات منظمة وفضحت ادعاءات مخادعة بكل المعاني وفقدت حكومات الدول التي مارستها مصداقيتها وأحكامها التي تحاول ترويجها واتهام غيرها بها، أو الادعاء على غيرها بمثل ما قامت به. ولم يزل العديد من المرتكبين لتلك الجرائم طليقي السراح ويتمتعون بحمايات منوعة من قبل تلك الحكومات الغربية، التي توظف المحكمة الجنائية والقانون الدولي لاتهام أشخاص آخرين وتتشدد بالأحكام والإجراءات ضد آخرين غيرهم بعيدين عن بلدانها بينما تترك المرتكبين في بلدانها دون محاكمة عادلة وتسعى لمساعدتهم للإفلات من الجزاء العادل بحقهم على ما ارتكبوه مباشرة أو بقرارات منهم بحكم مسؤوليتهم الإدارية والسياسية والأخلاقية وغيرها. وتضيّع في ممارساتها تلك بين حجم الجرائم والارتكابات وبين محاكمتها والعدالة الإنسانية والقانون الدولي والإنساني.
كشفت وثائق ويكيليكس بعض هذه القصص الكارثية ولاسيما المثبتة بالفيديو، صورة وصوتا واسما، وأعطت بعض الوثائق صورة موثقة عن المسؤولين عنها والدوائر التي قامت بها، وهي غيض من فيض من تاريخ اسود لقوى الاحتلال والغزو والتعذيب والانتهاك المنظم في العالمين العربي والإسلامي.
وقد تكون قصة الضحية العراقية بهاء موسى واحدة من قصص جرائم الحرب والقتل العمد والتعذيب، ونموذجا بسيطا وواضحا لسلسلة من الانتهاكات التي اقترفتها قوات الاحتلال الامريكية والبريطانية وغيرها في العراق. كما أنها تعبر ببساطة كاملة عن العديد من أمثالها التي أثبتت في وثائق أو صور أو برهن عليها من خلال ضحاياها وشكواهم العامة. وقد يكون بعض الفضل في الكثير من الكشوف لمثل هذه الجرائم لوسائل الإعلام وبعض المنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان أو تحمل تلك التسمية وترفع تلك القضايا وتنشرها للعالم. وبعض الأحيان من جهل مرتكبيها واعترافاتهم المنشورة، سواء في مذكراتهم أو في تصريحات معلنة وموثقة.
سرد قصة بهاء موسى والتحقيقات التي تمت بشأنها تعطي دلالات ومشاهد عن سير القضية ومثالا يفضح عمليات التضليل والتمويه، حتى في مثل هذه القضية الصارخة في الوضوح. لقد استمر التحقيق فيها 3 سنوات، انتهى التقرير إلى أن الضحية بهاء موسى ، وهو موظف استقبال في فندق في مدينة البصرة العراقية، مات رهن احتجاز الفرقة الأولى من الفوج البريطاني المعروف باسم كوين لانكشاير في عام 2003. كان قد تعرض للضرب المتكرر وعومل معاملة لا إنسانية ومهينة شملت أعمالا مثل "تغطية الرأس" وإجباره على اتخاذ أوضاع مجهدة، وهي الممارسات التي قالت عنها الحكومة البريطانية عام 1972 إنها لن تستخدمها ثانية أبداً. انتهى فحص الطب الجنائي لإصابته بـ 93 جرحا، منها كسر في الأنف وكسور في الضلوع. أدان التقرير عدم ملائمة إجراءات الاحتجاز، وإخفاقات القيادة وضعف التدريب وعدم الالتزام بقواعد الانضباط ونقص "الشجاعة الأدبية" لدى الجنود الذين لم يبلغوا عن وقوع الانتهاكات.
كانت منظمة هيومن رايتس ووتش الامريكية قد اهتمت بهذه النتائج وسجل كلايف بالدوين، مستشار قانوني أول في المنظمة ما يلي: "قضية بهاء موسى هي الأشهر، لكنها واحدة من عدة قضايا، ويظهر منها وقوع انتهاكات جسيمة في مركز احتجاز بريطاني في العراق. على الحكومة أن تضمن مثول جميع المحتجزين من الآن فصاعدا أمام القضاة مع محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وجرائم حرب ومثولهم أمام القضاء بغض النظر عن مناصبهم". جاء هذا بعد ان عرفت المنظمة إن نتائج التحقيق في وفاة موسى الذي احتجزه جنود بريطانيون عام 2003 – وهي النتائج التي ظهرت في 8 سبتمبر/أيلول 2011 – واعتبرتها فرصة للحكومة البريطانية كي تبدأ في إصلاح نظام احتجازها العسكري ونظامها القضائي. وذكرت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة البريطانية أن تضمن محاسبة المسؤولين عن هذه الواقعة، مع ضمان عدم تكرار مثل هذه الانتهاكات مرة أخرى. ونشرت وكالات الأنباء حينها توصيات التحقيق الأساسية التي جاءت بعد تلك الفضائح، والتي شملت حظرا شاملا وتاما لأعمال تغطية الرأس والأوضاع المجهدة وغيرها من الأساليب المحظورة في عام 1972، وتفتيشا مستقلا على مراكز الاحتجاز العسكرية، ويُفضل أن يتم ذلك مع المشاركة الكاملة لهيئة تفتيش السجون المدنية البريطانية (هيئة صاحبة الجلالة لتفتيش السجون). وتخصيص ضابط واحد مسؤول عن الإشراف على السجون. كما يتم تحسين نظام سجلات الاحتجاز والسجن.
كل هذه النتائج والانتهاكات وصمة عار في السياسات الغربية وادعاءاتها الكاذبة عن حقوق الإنسان والحرية والديمقراطية.. وعسى ان تكون هذه شهادات كافية لإدانتها ومحاكمتها أيضا.