الاثنين، 7 يونيو 2010

رسالة من المغرب






الرفيقات العزيزات



الرفاق الأعزاء



تحية طيبة
بدعوة كريمة من حزب التقدم والاشتراكية المغربي حضرت أشغال المؤتمر الوطني الثامن له. عقد المؤتمر في ضاحية بوزنيقة، القريبة من الرباط، أيام 28 و29 و30 من شهر أيار/ مايو. شمل برنامج المؤتمر إضافة لأعمال الحزب الداخلية لقاءات بين الضيوف والمكتب السياسي ووزيري الحزب في الحكومة الحالية ومن ثم ساعة تضامن مشترك.
الضيوف من شخصيات وممثلي الأحزاب الشيوعية واليسارية والتقدمية من: العراق، سوريا، لبنان، فلسطين (3 وفود)، تونس، ليبيا، الجزائر (وفدان)، موريتانيا (5 وفود)، قبرص، اليونان، اسبانيا، فرنسا، السنغال، انغولا، فيتنام، الصين، اليابان.
قبل جلسة الافتتاح، جرى استقبال رسمي وترحيب بالضيوف "الأجانب" والتعارف مع قيادات الحزب المضيف والأحزاب الوطنية المدعوة أيضا، ومن ضمنهم رئيس الوزراء ورئيس مجلس النواب ووزراء آخرون، ورحب بهم مرة أخرى من قبل رئيس جلسة الافتتاح، وبعد نشيد طلائع الحزب، قدم الأمين العام للحزب، إسماعيل العلوي لإلقاء كلمته الافتتاحية إلى المؤتمر، ابتدأها بتذكر مؤسسي الحزب والشهداء وقرأ سورة الفاتحة مع وقوف دقيقة حداد عليهم، وتطرق إلى صفحات من تاريخ الحزب ونضاله الوطني، ومن ثم لخص برامج الحزب ومواقفه، فيما يتعلق في الشؤون الداخلية، الاقتصادية والسياسية، وقضية الصحراء والتحالفات السياسية. وفي الشؤون العربية، كرر المواقف المنشورة في مسودة البرنامج المطروحة إلى المؤتمر. دعم الشعب العراقي في استقلاله وسيادته ووحدة أراضيه، وتحرير الأراضي المحتلة اللبنانية والسورية ودعم نضال الشعب السوداني واليمني من اجل قضاياهما العادلة، وتأييد سياسة منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية في الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
في صباح اليوم الثاني استقبل الأمين العام وأعضاء من المكتب السياسي الوفود المشاركة في قاعة الضيوف وتم تبادل الآراء في الشؤون السياسية ومواقف الحزب منها. قدم الأمين العام مطالعة موسعة أعاد فيها ما سبق وعرضه يوم أمس في كلمة الافتتاح للمؤتمر. وسأل عدد من الحاضرين عن مواقف الحزب من التطورات الفكرية والتحولات الكبيرة عالميا وآثارها محليا، ولاسيما الموقف من الماركسية اللينينية والاشتراك في حكومة برجوازية وقضايا الحريات العامة والإصلاحات الدستورية وغيرها من القضايا. ومن ثم جرى اللقاء مع وزيري الحزب في الحكومة، السيدة نزهة الصقلي، وزيرة الشؤون الاجتماعية والأسرة، وخالد الناصري، وزير الاتصال والناطق بأسم الحكومة، وتم معهما التطرق إلى قوانين المرأة والحريات العامة ولاسيما الإعلام والاعتقالات في صفوف الإعلاميين والتضييق على نشاطهم في المغرب.
ومساء خصص في البرنامج ساعة ونصف من الوقت لكلمات الضيوف، إلا ان برنامج المؤتمر لم يتحقق كاملا، إذ اختصر الوقت بسبب تداخل المهمات والالتزامات المطلوبة أكثر من وقتها المحدد. فأعطيت كلمة مطولة للسيد حسين آيت احمد، الزعيم الجزائري، الذي قرأ كلمته أولا باللغة العربية، شكر المؤتمر وتحدث عن ضرورة الحريات والمواطنة، وثم تلا ترجمتها بالفرنسية ولخصها بالأمازيغية أيضا. وأعطيت من بعده كلمات لممثلي أحزاب فيتنام وفرنسا واسبانيا وانغولا والسنغال، وعربيا اهتم بكلمات لثلاثة وفود فلسطينية، (فتح، الديمقراطية، الشعب)، وأعطيت دقائق لممثلي أحزاب سوريا ولبنان وتونس. ووعد بنشر الكلمات الأخرى في جريدة الحزب كاملة بعد ان أخذت كلمات شكر للمؤتمر من باقي الضيوف، ومنها مني ونشرت في اليوم التالي في صحيفة الحزب اليومية، بيان اليوم، مصحوبة بصورتي. وأرفق كلمتي طيا.
في اليوم الثالث تفرغ المؤتمرون بعد إقرار الوثائق إلى الترشيح والتصويت على انتخاب اللجنة المركزية الجديدة. عدد المؤتمرين ألف وثمانمائة وثلاثة وأربعون، رشح إلى اللجنة المركزية تسعمائة وعشرون عضوا، وكان عددها أربعمائة، وعدد المكتب السياسي خمسة وعشرين، والجديد في المؤتمر هذا هو تنحي الأمين العام اختيارا ودرسا ديمقراطيا وانتخاب أمين عام جديد، وقد ترشح عضوان من المكتب السياسي، هما نبيل بن عبد الله، وسعيد السعدي، وفاز الأول بعد جولة ثانية من التصويت والانتخاب. وسيشكل مجلس رئاسة جديد أيضا برئاسة الأمين العام السابق، العلوي، وأعضاء من المكتب السياسي.
كانت أيام المؤتمر واللقاءات حميمية عكست نجاح الحزب في تنظيم قواه وتعزيز دوره في الساحة السياسية المغربية، وفي التناوب الحكومي والمشاركة السياسية في الحكومة. وكان شعار المؤتمر: جيل جديد من الإصلاحات لمغرب الديمقراطية، وهو يعبر عن رغبة الحزب في المزيد من الإصلاحات والتعاون السياسي، وكذلك إدراكه ضرورة وحدة قوى اليسار المغربي المشتت ودورها في العمل السياسي في المغرب. وتم تبادل الرأي في التطورات السياسية والهموم والآمال لكل من شعوبنا وبلداننا وآفاق العمل على تنظيم لقاءات لوحدة اليسار في العالم العربي، وحوض المتوسط، ووضع أوراق عمل لها.

كلمة

إلى

المؤتمر الوطني الثامن
لحزب التقدم والاشتراكية- المغرب
الرفيقات العزيزات
الرفاق الأعزاء
أعضاء وضيوف المؤتمر الوطني الثامن لحزب التقدم والاشتراكية

أحييكم وأشكركم على الدعوة الكريمة لي لأكون معكم في أشغال المؤتمر الوطني الثامن لحزبكم المناضل، متعايشا معكم ومع شعبي وبلدي الثاني واسمحوا لي ان أتمنى لكم كل النجاحات في أعمال مؤتمركم هذا، لكم ولحزبكم، حزب الكادحين المغاربة، شغيلة اليد والفكر، حزب المكافحين من اجل التقدم والعدالة والحداثة والتغيير، حزب البطولات في معارك التحرير ضد الاستعمار الفرنسي من اجل حرية الشعب وسعادته وحماية استقلاله وسيادته وفي سبيل الاستمرار في الانتقال الديمقراطي والتحول المنشود، ومن اجل بناء التحالف اليساري الديمقراطي الذي يحقق للشعب المغربي ما ناضل وما قدم من تضحيات جسام في سبيل النهوض به وتحقيق الأهداف، في التحرر والتقدم والتنمية والحرية والكرامة والعدالة والتغيير الديمقراطي، والتي بدونه لا يمكن ان تنجز لمصالحه ومستقبله.
ينعقد مؤتمركم هذا في ظل ظروف دولية وعربية محتدمة التناقض والصعوبات. تكتنفها أزمات متلاحقة على مختلف الصعد والاتجاهات. وتشهد صراعات دولية متعددة الأوجه والمجالات، وتحت شراسة هجمة الامبريالية العالمية على مكتسبات الشعوب، وخاصة مخططات الامبريالية الأمريكية الصهيونية، التي استفردت بالقرار الدولي فترة سوداء في ممارساتها ووحشيتها في النهب والهيمنة والاستعمار والاستغلال، ومن ابرز ما قامت به في عالمنا العربي والإسلامي، شن حرب ضروس على أفغانستان، وغزو واحتلال العراق، ودعم عدوان همجي على لبنان وغزة.. وتريد ان تواصل حروبها في أكثر من بلد من عالمنا العربي والإسلامي وبشتى السبل، ومنها نشر قواعدها العسكرية وأجهزة مخابراتها وإعلامها في كل تلك البقعة من الكرة الأرضية لتمعن في الهيمنة عليها وعلى ثرواتها وتفتيت شعوبها وأوطانها وتغرقها في أتون أزماتها وصراعاتها الدولية.
كما تواصل الامبريالية الأمريكية سياسات دعمها للكيان الإسرائيلي الصهيوني الذي كما ترون يواصل مشاريعه في قضم الأرض الفلسطينية وتهجير الشعب الفلسطيني واسر أبنائه وبناته وأطفاله في معسكرات اعتقاله ويرهب ليس الشعب الفلسطيني، المحتل لأرضه وحسب، وإنما كل منطقتنا العربية ويهدد العالمين العربي والإسلامي بتفوقه النووي ومخططاته الإرهابية والدموية التي امتاز بها منذ زرعه في قلب الوطن العربي والى يومنا هذا. ان هذه المخططات المشتركة الأمريكية والصهيونية تشكل سيفا مسلطا على نضالات شعوبنا العربية والإسلامية وتضغط باتجاه تعميق التخلف والتجزئة والتمزق وكذلك توسيع اطر الهيمنة الاستعمارية بأساليبها القديمة على ثروات وطموحات شعوبنا وبلداننا التي كافحتها عقودا طويلة وسجلت صفحات مجيدة في حركة تحررها الوطني. وللأسف تمكنت هذه السياسات والمخططات من تعميق الارتباطات الرسمية في اغلب البلدان العربية والإسلامية بها ودفع حكوماتها إلى التراجع عن انجاز مهمات التحرر الوطني والاستقلال والسيادة، والى الإمعان في سياسات القمع والسجون والتعذيب وانتهاك الحريات العامة وحقوق الإنسان، وتعميق التفاوت الطبقي والاجتماعي والتفريط بالثروات والأوطان ومستقبل الأجيال.
ورغم الهجمة الشرسة للامبريالية فان الشعوب وحركات تحررها وتقدمها في أكثر من مكان على المعمورة لن تركع، بل قدمت صورا كفاحية وتضحيات كبيرة دفعت الامبريالية إلى التراجع عن مواصلة سيرها أو التفكير بتبديل مخططاتها، كما هو حاصل الآن في انتصارات اليسار التقدمي في اغلب بلدان أمريكا اللاتينية عبر صناديق الانتخابات وبالوسائل السلمية والبرامج الديمقراطية، وصمود كوبا وفيتنام وكوريا الشمالية وحتى الصين، كما ان حركات المقاومة العربية والإسلامية في أكثر من بلد هي الأخرى قد أوقفت الكثير من مشاريع العدوان والغزو والهيمنة الامبريالية، كما حصل في التصدي الشجاع إلى حروب العدوان الغاشمة على شعوبنا في لبنان وفلسطين والعراق خصوصا، رغم اختلال موازين القوة والقوى الغازية. ومفيد ان ننظر أيضا إلى فشل ما سمته وسائل إعلام الامبريالية العالمية بالثورات الملونة، القرنفلية والبرتقالية وغيرها بعد ان جربت حركاتها حظها في السلطة والحكم ورفضتها الشعوب التي غرر بها، ولاسيما في بلدان المنظومة الاشتراكية سابقا التي تعرضت إلى حملات وانقلابات بالضد من مصالح شعوبها الحقيقية، مستغلة تباطؤ تنميتها الاقتصادية والبشرية وتكلس عمليات التجديد والتغيير في مؤسساتها الحاكمة وبنائها السياسي. كل ذلك أدى إلى توقف في المد الاستعماري بأوجهه المختلفة في أكثر من منطقة في العالم، وكذلك تفاقم مستويات الأزمات السياسية والاقتصادية داخل معسكر الامبريالية نفسها، عززتها ما حملته من عوامل داخلية ودوافع متنوعة كشفت عمق أزمة الرأسمالية البنيوية وسياسات بلدانها العدوانية والوحشية.
هذه القضايا وغيرها تعطي مؤشرات جديدة على تأزم وتراجع الامبريالية العالمية عن مشاريعها الدولية وهيمنتها واستفرادها القطبي الواحد، من جهة، ومن جهة أخرى ترسم تصاعدا جديدا في حركة النهوض والتقدم والتغيير العالمية، في التظاهرات المليونية في العواصم العالمية ونشاطات الحركات المناهضة للحروب والتكتلات الرأسمالية والمدافعة عن البيئة والسلام والعدالة الاجتماعية والتعاون الدولي. كما ان اتساع الثورة العلمية والتقنية ووسائل الاتصالات العالمية، سهلت من معرفة تلك الأزمات والحالات وتطوراتها داخليا وخارجيا، محليا ودوليا، ودفعت بالشعوب إلى التفكير المخلص بحاضرها ومستقبلها ومطالبها ومصالحها، والتهيؤ لمواجهة التحديات الإستراتيجية.
أيتها الأخوات أيها الإخوة
أيتها الجماهير الأبية
لا تنسى مشاهد تضامنكم الشعبية مع قضايا الشعوب العادلة، وتعززت بروح التلاحم مع شعب العراق، الذي احتل وطنه قبل سبع سنوات، ومازال يقارع الاحتلال بكل الأساليب والوسائل المشروعة. وأصبح واضحا ومعلوما أن مقاومته الوطنية الباسلة في صمودها وتصديها، وبمختلف فصائلها وقواها، الإسلامية والقومية واليسارية، هي التي أوقفت توسع مشاريع الامبريالية الصهيونية العدوانية عليه وعلى المنطقة كما رسمت وخطط لها، وكبدت إدارات وقوات الاحتلال الخسائر الكبيرة، المادية والبشرية، التي عمقت من أزماتها الاقتصادية والأخلاقية والقانونية والإنسانية. وكما تعرفون من تاريخ العراق السياسي، امتداد وتواصل صفحات نضال شعبه من ثورة العشرين وثورة تموز/ يوليو من القرن الماضي وانتفاضاته الشعبية التي هزت أركان الإمبراطورية البريطانية حينها وكسرت قيود أحلاف الامبريالية التي أرادت تكبيله والمنطقة في خدمة استراتيجياتها الحربية وعدوانها الإجرامي. وبالتأكيد ستتكلل تضحيات المقاومة الوطنية، السلمية والمسلحة، بانتصار إرادة الشعب العراقي، وتصاب المشاريع الاستعمارية بالفشل والخيبة كسابقاتها. وكما تعلمون من خبرتكم وتجاربكم في كفاحكم ضد الاستعمار الفرنسي وتجارب الشعوب الأخرى المكافحة ضد كل أشكال الاستعمار والاحتلال وانتهاكات حقوقها المشروعة، تتطلب نضالات الشعوب ومقاوماتها الشجاعة من كل القوى التقدمية والمناضلة ضد الامبريالية مساندتها ودعم جهودها الوطنية في التحرر من الاحتلال وبناء بلادها وفق إرادة شعبها وقواه الحية.
أيتها المناضلات.. أيها المناضلون
مرت على قوانا اليسارية والديمقراطية خلال العقدين الماضيين ظروف قاسية، وضغوط كبيرة من أطراف متعددة، داخلية وخارجية، ولعبت عوامل كثيرة، ذاتية وموضوعية، دورها في تفتيت الطاقات وتشتيت الإمكانات، ومحاصرة الفاعلية المعروفة لهذه القوى والتيارات التي لا يمكن ان تتطور الحياة السياسية وتتجدد في الأساليب والمناهج والأهداف وتتعزز نشاطاتها وقدراتها بدونها. ولا يمكن بدون نضالاتها وبرامجها وعملها وتوجهاتها ان تنهض وتتطور حركة التغيير في عالمنا العربي، ولهذا من هذا المنبر، اسمحوا لي، ان ادعوكم إلى تحفيز النقاش حول سبل بناء حركة اليسار في عالمنا العربي وتنظيم لقاءاتها وحواراتها مجددا ودعم جهودها لبناء وتقدم شعوبنا نحو الحرية والديمقراطية، نحو التنمية والعدالة، نحو التقدم والاشتراكية.
عاش المؤتمر الوطني الثامن لحزب التقدم والاشتراكية،
عاشت العلاقات اليسارية بين كل القوى المناهضة للامبريالية وسياساتها العدوانية،
النصر لكفاح الشعوب في سبيل تحررها وتقدمها وحقوقها العادلة.