الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009

من يشعل الحرائق في العالم؟

الجمعة 13/11/2009
سؤال بسيط، من يشعل الحرائق في العالم؟ أو لماذا؟. والجواب عليه يبدأ في التشعب حين يُعرف أنه يكمن بكلمة أولها تجار الأسلحة، الشركات والدول. والأسلحة أنواع، ولكلٍ قصته وتطوراتها، وكذلك لأصحابه ومؤسساتهم ومصانعه وكارتيلاتهم، ولوبياتهم ومخططاتهم. وتصعب الإجابة بعدُ إذا عُرف أن المجمع الصناعي العسكري في أي بلد يقرر استراتيجيات البلد والعالم من تحت الطاولة وأحيانا من فوقها وبدون حرج. ولذلك فما تعده مراكز الأبحاث والمؤسسات الإعلامية عنه يسلط بعض الضوء على خفاياه ويفسح المجال لنشر بعض أخباره. أما آثار الأسلحة عمليا وتداعياتها الكارثية فتبثها صباح مساء وكالات الأنباء ووسائل الإعلام. ورغم انتهاء الحرب الباردة والتغيرات العالمية ما زالت الحرائق تغطي خريطة العالم. حرائق من كل الألوان، حرائق بسيطة ومركبة تحت مسميات حروب مختلفة.. أهلية وداخلية، صراعات الحدود والطوائف والأقليات والقوميات، نزاعات الحقوق والشرعية والثروات. وصولا إلى الاحتلال والاستعمار بإشكال متعددة وأساليب متنوعة، من زرع القواعد العسكرية إلى الحكم المباشر أو غيره بواسطة محلية، وتحت إشراف رؤوس المجمعات، كما حصل ويحصل الآن جهارا نهارا.
كل عام يصدر معهد استكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) تقريرا مهما "يؤكد فيه على عدة حقائق هي:
1- الدول النامية والفقيرة هي المستورد الأكبر للسلاح في العالم.
2- الدول الصناعية الكبرى هي المورد الأكبر للسلاح في العالم.
3- الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي الذي يفترض فيه أن يكون شرطي العالم وحافظ أمنه وسلامته هي في الحقيقة، المورد الأكبر للسلاح في العالم!
4- تجارة السلاح العالمية لا تزال السبب الأكبر للفقر في العالم لأن المبالغ التي تنفق على شراء السلاح عالميا تستطيع القضاء على الفقر عالميا في غضون سنوات قليلة.
5- الدول المستوردة للسلاح تدفع ثمن مشترياتها من الأسلحة من الأموال المتأتية من تصدير وبيع واستغلال ثرواتها الخام من بترول وغاز ومعادن وثروات طبيعية أخرى."
هذه الحقائق هي بعض الرد على السؤال. وهي كشف عما يعانيه العالم من تناقضات وازدواجية معايير وموازين تتحكم في مشهده الصارخ.. ومبيعات الأسلحة تزداد كل عام، وتفضح التقارير ذلك ولا أجوبة عليها. تقرير 2007 عرض أن مبيعات السلاح نمت لتصل إلى 1.2 تريليون دولار في عام 2005، وأن مبيعات أكبر 100 شركة سلاح في العالم (من بينها 40 شركة أمريكية) وصلت لـ 290 مليار دولار. وقد بلغت قيمة مبيعات الشركات الأمريكية الأربعين نحو 100 مليار دولار، فيما باعت 29 شركة سلاح أوروبية، ما قيمته 90 مليار دولار، هي أيضا حصيلة مبيعات 32 شركة أوروبية بين المائة شركة الكبرى للسلاح في العالم. أما الشركات الروسية، وعددها 9 شركات فقد باعت ما قيمته 5 مليارات دولار، وجاءت شركات من اليابان والكيان الإسرائيلي والهند والصين وجنوب إفريقيا والبرازيل لتستكمل النسبة الباقية من المبيعات.
سجل تقرير البنتاغون أن مبيعات الأسلحة الأمريكية بلغت 16.9 مليار دولار عام 2006 بنسبة 41.9 % من حجم السوق العالمية، فيما بلغت مبيعات روسيا 8.7 مليار دولار، ما نسبته 21.6%. بينما في عام 2008، حسب صحيفة نيويورك تايمز، الولايات المتحدة شاركت في 68.4 % من المبيعات العالمية للسلاح، قافزة نحو 50 % على الرغم من الركود الاقتصادي العالمي، من 25.4 مليار دولار في العام السابق إلى 37.8 مليار دولار. واحتلت روسيا المركز الثالث بمبيعات تراجعت إلى 3.5 مليار دولار في 2008 مقابل 10.8 مليار دولار في 2007. بينما احتلت ايطاليا المركز الثاني بجمعها 3.7 مليار دولار من مبيعات السلاح. ونسبت الصحيفة الزيادة في المبيعات الأمريكية، كما ورد في التقرير، إلى طلبيات كبيرة جديدة في الشرق "الأوسط" وفي أسيا بالإضافة إلى استمرار تعاقدات المعدات وخدمات الدعم مع زبائن الولايات المتحدة العالميين. واحتلت الولايات المتحدة أيضا الصدارة في مبيعات السلاح للعالم "النامي" حيث وقعت على 70.1 في المائة من اتفاقيات السلاح تلك بقيمة 29.6 مليار دولار في 2008. ومن بين مثل تلك الاتفاقيات مع العالم النامي، كما تسميه، اتفاقية بقيمة 6.5 مليار دولار لأنظمة دفاع جوي لدولة الإمارات العربية المتحدة و2.1 مليار دولار طائرات مقاتلة للمغرب ومليارا دولار طائرات هليكوبتر هجومية لتايوان. وقالت الصحيفة إن الهند والعراق والسعودية ومصر وكوريا الجنوبية والبرازيل عقدت اتفاقيات سلاح مع الولايات المتحدة. وكشف التقرير أن دولة الإمارات العربية المتحدة هي اكبر مشتر للسلاح في العالم النامي حيث بلغت مشترياتها من السلاح 9.7 مليار دولار في 2008. وجاءت السعودية في المركز الثاني باتفاقيات سلاح بلغت قيمتها 8.7 مليار دولار والمغرب في المركز الثالث بصفقات قيمتها 5.4 مليار دولار.
من جهة أخرى أفادت أنباء عن مصدر في المجمع العسكري الصناعي الروسي انجاز تحضير سلسلة من العقود لتسليم الأسلحة والتكنولوجيات العسكرية الروسية إلى المملكة العربية السعودية بقيمة ملياري دولار وكذلك الإمارات العربية المتحدة.. وتوقع أن تشتري الرياض 150 مروحية (30 مروحية هجومية "مي-35" وحتى 120 مروحية نقل مي-17)، وأكثر من 150 دبابة "تي- 90 أس" وحوالي 250 آلية مدرعة وعشرات الأنظمة الدفاعية المضادة للطائرات، بحسب المصدر نفسه. وأوضح المصدر أن عقود بيع الدبابات والمروحيات ستوقع هذا العام (2009).
هذه أسلحة تقليدية معلنة، أما الأسلحة التي تستخدمها قوات الاحتلال وشن الحروب فهي بلا إحصاء علني أو أرقام للإعلام. وهي التي تفتك بالضحايا الذين لا يجد قادة القوات وقتا لإحصائهم، كما حدث في العراق وفق تصريح قائد قوات الغزو الجنرال تومي فرانكس. وفي كل الأحوال، الضحايا والخسائر الكبرى هي في مناطقنا وعالمنا وللأسف، عربيا وإسلاميا، لم نجد بعدُ إحصاءً أو تذكيرا أو محاسبة عليها.