الجمعة 25/9/2009
منذ سنوات حذر خبراء وعلماء وكتاب من حروب المياه القادمة في العالم، وها نرى اليوم أشكالا منها، بداياتها في تجفيف الموارد المائية والتحكم في حياة البشر والأرض والتنمية في الكثير من البلدان التي كانت ومازالت أسماؤها مرتبطة بهبات أنهارها. ما يبقى من تسمية العراق بلا نهريه، بلاد الرافدين والفراتين وما بين النهرين؟. وهل يمكن الحديث عن مصر والسودان دون ذكر النيل؟. وأفادت الأخبار عن المناورات والخطط العديدة التي تعمل على حصار الشعب العربي في هذين البلدين، مصر والسودان، وغيرهما، وشن حرب المياه إضافة إلى ما يخطط لهما وللوطن العربي من مشاريع الأعداء والمتربصين له ولثرواته ومستقبل أجياله. وليس آخر ما ورد في الأخبار عن عطش الفراتين وجفاف ارض السواد.
المعروف أن هذه الأنهار، النيل ودجلة والفرات مثالا، تنبع من أراض خارج العالم العربي، وان اتفاقيات دولية تلزم كل البلدان، سواء تلك التي تنبع منها أو تمر بها أو تصب فيها، وان هذا التعاون بين هذه البلدان في هذا المجال بات حجر زاوية في طبيعة العلاقات بينها وفي علاقاتها الدولية الأخرى. ومع مرور الزمان اكتسبت هذه العلاقات احتراما متبادلا وتقديرا شعبيا رغم ما شابها في أحيان معينة من اضطرابات وسوء فهم. وفي نفس الوقت ولخصوصيتها وأهميتها تتعرض بين فترة وأخرى إلى ضغوط من أطراف بعيدة عنها، أو لا صلة لها بالأنهار مباشرة ولكنها تخطط ضمن إطار العدوان والحصار والحروب والهيمنة لاستغلال هذه الموارد الطبيعية في مشاريعها الاستعمارية والتهديد بها مستغلة دورها وتأثيرها وعلاقاتها وأساليبها الأخرى المعروفة. فما علاقة الكيان الإسرائيلي بتمويل مشاريع سدود مائية ضخمة على منابع النيل مثلا؟!. وهل يعقل أن يعيش العراق أزمة مياه حقيقية؟ وتجف الكثير من أراضيه واهواره وبحيراته؟ وهل يصدق أن أبناء الفراتين يقاسون من شحة مياه الشرب؟. بل وصل الحد إلى الهجرة من ارض الأجداد بحثا عن الماء، وان التصحر أصاب أكثر من نصف الأراضي الزراعية التي كانت غلة البلاد الزراعية الرئيسية.
ما تنشره وسائل الإعلام الغربية خصوصا وتهتم به كثيرا يعكس خطورة ما تجمله الوقائع والحقائق والمتغيرات، وما يعانيه المواطنون من هذه الأزمة الخطيرة والتي تتطلب شعورا عاليا بالمسؤولية من كل المعنيين بحاضر ومستقبل البلاد. ولا يمكن التباطؤ بها، فالدراسات والتقارير العلمية عنها تنذر كثيرا وتضع صورا مرعبة إذا استمرت الحالة هذه ولم تجر معالجتها بكل السبل العلمية والإجرائية القانونية والسياسية، إقليميا ودوليا. إن أزمة المياه صورة للوضع العام وأي بلاد تعاني منها تعكس ما تعيشه البلاد ويكابده الشعب. وتزيد هذه الأزمة من حالة العراق المأساوية تحت الاحتلال وسيطرة قواته ومستشاريه ومشاريعه الخطيرة لمستقبله وثرواته. تصعب المقارنة هنا في تصور الأزمة والمعاناة حين يعرف أن جنود الاحتلال ومرتزقته يغتسلون بقناني المياه النقية المستوردة لهم والمدفوعة لهم من الأموال العراقية والعربية ولا يجد ابن الفراتين كاس ماء صاف يروي به ظمأه.
قبل فترة نشرت وسائل إعلام أمريكية عن جفاف الاهوار العراقية وعن هجرة الفلاحين من تلك المناطق وكذلك عن هجرات أخرى لسكان مناطق زراعية مشهورة حنوب الاهوار أيضا، ما يعني أن المناطق الجنوبية التي يصب فيها الفراتان تعاني من شحة وصول كميات كافية من المياه إليها. وهي حالة لا تتعلق بالنهرين وتغيرات المناخ والتغيرات في السياسات المحلية للدول التي تنبع منها الأنهار وحسب وإنما أيضا ترتبط بالسياسات والعلاقات الإقليمية وضرورة العمل بمسؤولية عالية لإيجاد الحلول المناسبة التي تخدم المصالح المشتركة ولا تترك المواطنين إلى ما يتعرضون له الآن. وكذلك في الخطط الإستراتيجية الوطنية والمسؤولية الرسمية عنها.
هبوط نسب المياه وتأثيراتها على الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية تضع السؤال عن غياب الخطط الإستراتيجية وطبيعة أو اتجاهات الحوار والاتفاقيات مع الجارتين، تركيا وإيران، من جهة والشقيقة سوريا من جهة أخرى، إضافة إلى تشوش التفكير بالاستفادة القصوى من الروافد والمساحات المائية الداخلية، وهي قضايا ليست جديدة ولكنها تطرح من جديد، أو تلح على الظهور بقسوتها، وفي الظروف الحالية من تفاقم الأزمة المائية والمعاناة الصعبة التي تضاف إلى المحنة العامة.
اغرب ما يمكن سماعه عن العراق هو شحة المياه، أو صعوبة الحصول على مياه الشرب، وهجرة الفلاحين الاضطرارية بحثا عن مناطق زراعية أخرى بعد أن جفت أراضيهم الزراعية التي كانوا يفلحونها لمئات السنين. هذه الغرابة تتأتى من بلاد الرافدين خصوصا الآن، والظواهر الطبيعية الغريبة التي تبرز فيه خلال سنوات الاحتلال العجاف عليه، كالعواصف الرملية والترابية المستمرة، والخشية من حالات الطمر والتصحر والتغييرات الجغرافية الأخرى، وترسم لائحة مطالب كبيرة وعلامات استفهام اكبر عليها. وأي بلد يصاب بما هو عليه الأمر الآن يبحث في كل السبل الممكنة التي توفر الحلول الناجعة وتخلص العباد من الأزمة وتوفر الاحتياجات الضرورية، ولاسيما المياه، الهبة التي تمتع بها العراق خصوصا برافديه الرئيسيين، وأرضه المعطاء. ولا يمكن تصور وضع الأزمة المائية في العراق بدون تحميل المسؤولية إلى الاحتلال وسلطاته ودوره في التخريب والتدمير للبلاد والثروات. إضافة إلى خطط ومشاريع دول المنابع، التي احاطتها بمشاريع وسياسات داخلية لها حساباتها الضيقة، بعيدا عن التعامل القانوني والسياسي والأخلاقي مع الحاجات الطبيعية للشعوب والثروات التي تستغلها وتستثمرها سوية في المنطقة. إن منابع الفراتين الخارجية تتطلب تفاهما واضحا من كل الإطراف والعمل على تسويات مفيدة لها وتخدم مصالحها الدائمة والأمن والسلم العام.
عطش الفراتين اليوم ظاهرة أخرى من ظواهر العراق "الجديد". والأزمة المائية الحالية تنذر بإخطار كبيرة وواسعة على مستويات متعددة، اليوم وغدا، وهي مع غيرها تتراكم ليس في العراق وحسب.
منذ سنوات حذر خبراء وعلماء وكتاب من حروب المياه القادمة في العالم، وها نرى اليوم أشكالا منها، بداياتها في تجفيف الموارد المائية والتحكم في حياة البشر والأرض والتنمية في الكثير من البلدان التي كانت ومازالت أسماؤها مرتبطة بهبات أنهارها. ما يبقى من تسمية العراق بلا نهريه، بلاد الرافدين والفراتين وما بين النهرين؟. وهل يمكن الحديث عن مصر والسودان دون ذكر النيل؟. وأفادت الأخبار عن المناورات والخطط العديدة التي تعمل على حصار الشعب العربي في هذين البلدين، مصر والسودان، وغيرهما، وشن حرب المياه إضافة إلى ما يخطط لهما وللوطن العربي من مشاريع الأعداء والمتربصين له ولثرواته ومستقبل أجياله. وليس آخر ما ورد في الأخبار عن عطش الفراتين وجفاف ارض السواد.
المعروف أن هذه الأنهار، النيل ودجلة والفرات مثالا، تنبع من أراض خارج العالم العربي، وان اتفاقيات دولية تلزم كل البلدان، سواء تلك التي تنبع منها أو تمر بها أو تصب فيها، وان هذا التعاون بين هذه البلدان في هذا المجال بات حجر زاوية في طبيعة العلاقات بينها وفي علاقاتها الدولية الأخرى. ومع مرور الزمان اكتسبت هذه العلاقات احتراما متبادلا وتقديرا شعبيا رغم ما شابها في أحيان معينة من اضطرابات وسوء فهم. وفي نفس الوقت ولخصوصيتها وأهميتها تتعرض بين فترة وأخرى إلى ضغوط من أطراف بعيدة عنها، أو لا صلة لها بالأنهار مباشرة ولكنها تخطط ضمن إطار العدوان والحصار والحروب والهيمنة لاستغلال هذه الموارد الطبيعية في مشاريعها الاستعمارية والتهديد بها مستغلة دورها وتأثيرها وعلاقاتها وأساليبها الأخرى المعروفة. فما علاقة الكيان الإسرائيلي بتمويل مشاريع سدود مائية ضخمة على منابع النيل مثلا؟!. وهل يعقل أن يعيش العراق أزمة مياه حقيقية؟ وتجف الكثير من أراضيه واهواره وبحيراته؟ وهل يصدق أن أبناء الفراتين يقاسون من شحة مياه الشرب؟. بل وصل الحد إلى الهجرة من ارض الأجداد بحثا عن الماء، وان التصحر أصاب أكثر من نصف الأراضي الزراعية التي كانت غلة البلاد الزراعية الرئيسية.
ما تنشره وسائل الإعلام الغربية خصوصا وتهتم به كثيرا يعكس خطورة ما تجمله الوقائع والحقائق والمتغيرات، وما يعانيه المواطنون من هذه الأزمة الخطيرة والتي تتطلب شعورا عاليا بالمسؤولية من كل المعنيين بحاضر ومستقبل البلاد. ولا يمكن التباطؤ بها، فالدراسات والتقارير العلمية عنها تنذر كثيرا وتضع صورا مرعبة إذا استمرت الحالة هذه ولم تجر معالجتها بكل السبل العلمية والإجرائية القانونية والسياسية، إقليميا ودوليا. إن أزمة المياه صورة للوضع العام وأي بلاد تعاني منها تعكس ما تعيشه البلاد ويكابده الشعب. وتزيد هذه الأزمة من حالة العراق المأساوية تحت الاحتلال وسيطرة قواته ومستشاريه ومشاريعه الخطيرة لمستقبله وثرواته. تصعب المقارنة هنا في تصور الأزمة والمعاناة حين يعرف أن جنود الاحتلال ومرتزقته يغتسلون بقناني المياه النقية المستوردة لهم والمدفوعة لهم من الأموال العراقية والعربية ولا يجد ابن الفراتين كاس ماء صاف يروي به ظمأه.
قبل فترة نشرت وسائل إعلام أمريكية عن جفاف الاهوار العراقية وعن هجرة الفلاحين من تلك المناطق وكذلك عن هجرات أخرى لسكان مناطق زراعية مشهورة حنوب الاهوار أيضا، ما يعني أن المناطق الجنوبية التي يصب فيها الفراتان تعاني من شحة وصول كميات كافية من المياه إليها. وهي حالة لا تتعلق بالنهرين وتغيرات المناخ والتغيرات في السياسات المحلية للدول التي تنبع منها الأنهار وحسب وإنما أيضا ترتبط بالسياسات والعلاقات الإقليمية وضرورة العمل بمسؤولية عالية لإيجاد الحلول المناسبة التي تخدم المصالح المشتركة ولا تترك المواطنين إلى ما يتعرضون له الآن. وكذلك في الخطط الإستراتيجية الوطنية والمسؤولية الرسمية عنها.
هبوط نسب المياه وتأثيراتها على الأراضي الزراعية والثروة الحيوانية تضع السؤال عن غياب الخطط الإستراتيجية وطبيعة أو اتجاهات الحوار والاتفاقيات مع الجارتين، تركيا وإيران، من جهة والشقيقة سوريا من جهة أخرى، إضافة إلى تشوش التفكير بالاستفادة القصوى من الروافد والمساحات المائية الداخلية، وهي قضايا ليست جديدة ولكنها تطرح من جديد، أو تلح على الظهور بقسوتها، وفي الظروف الحالية من تفاقم الأزمة المائية والمعاناة الصعبة التي تضاف إلى المحنة العامة.
اغرب ما يمكن سماعه عن العراق هو شحة المياه، أو صعوبة الحصول على مياه الشرب، وهجرة الفلاحين الاضطرارية بحثا عن مناطق زراعية أخرى بعد أن جفت أراضيهم الزراعية التي كانوا يفلحونها لمئات السنين. هذه الغرابة تتأتى من بلاد الرافدين خصوصا الآن، والظواهر الطبيعية الغريبة التي تبرز فيه خلال سنوات الاحتلال العجاف عليه، كالعواصف الرملية والترابية المستمرة، والخشية من حالات الطمر والتصحر والتغييرات الجغرافية الأخرى، وترسم لائحة مطالب كبيرة وعلامات استفهام اكبر عليها. وأي بلد يصاب بما هو عليه الأمر الآن يبحث في كل السبل الممكنة التي توفر الحلول الناجعة وتخلص العباد من الأزمة وتوفر الاحتياجات الضرورية، ولاسيما المياه، الهبة التي تمتع بها العراق خصوصا برافديه الرئيسيين، وأرضه المعطاء. ولا يمكن تصور وضع الأزمة المائية في العراق بدون تحميل المسؤولية إلى الاحتلال وسلطاته ودوره في التخريب والتدمير للبلاد والثروات. إضافة إلى خطط ومشاريع دول المنابع، التي احاطتها بمشاريع وسياسات داخلية لها حساباتها الضيقة، بعيدا عن التعامل القانوني والسياسي والأخلاقي مع الحاجات الطبيعية للشعوب والثروات التي تستغلها وتستثمرها سوية في المنطقة. إن منابع الفراتين الخارجية تتطلب تفاهما واضحا من كل الإطراف والعمل على تسويات مفيدة لها وتخدم مصالحها الدائمة والأمن والسلم العام.
عطش الفراتين اليوم ظاهرة أخرى من ظواهر العراق "الجديد". والأزمة المائية الحالية تنذر بإخطار كبيرة وواسعة على مستويات متعددة، اليوم وغدا، وهي مع غيرها تتراكم ليس في العراق وحسب.