الجمعة 17/10/2008
تقارير المؤسسات الأمريكية السياسية والعسكرية والاستخبارية، وتصريحات المسؤولين تكشف أن الانزلاق إلى الهاوية هو النتيجة أو الخاتمة لما انتهجته سياسات الإدارة في الغزو والإحتلال، ولم تنفعها مخططاتها في إعادة إنتاج الهيمنة والاستعمار بالقوة وتحطيم البلدان وإرادات الشعوب. وتؤكد فشلها فيما استهدفته وزيادة عزلتها والكراهية لها، وإن الإمبراطور يتنازل الآن عن عنجهيته ويطالب بالحوار مع ما تسميه آلته الإعلامية والاستخبارية بـ (الأعداء)، لا بل يريد أن يعيد الأعداء إلى السلطة التي أسقطهم منها، بأي شكل يحفظ له ما تبقى من ثياب قديمة، فقد فضحت ثيابه الجديدة، في الأزمات الاقتصادية المستفحلة في بيته وحديقته وجيرانه ولم يعد قادرا على الصمود طويلا. وصار كما تقول هذه الوثائق، صراحة أو ضمنا، يبحث في دفاتره القديمة، كأي تاجر مفلس، باحثا فيها عن ديون قديمة وأوراق بالية عسى أن يعيد ثمنا لما سفحه على أراضي أصحابها من مال ودم.
الانهيارات المالية وضعت الإدارة الأمريكية أمام الحائط وبدأت صورتها تتحدث عنها وخطاياها وعن تداعياتها المتواصلة. سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، حيث اختلطت الأوضاع وتفاقمت أزماتها. فالوضع في العراق لا يبشر كثيرا لواشنطن، رغم التحسن كما تقول تقارير مؤسساتها الاستخبارية والعسكرية وتدعيه بالنسبة إلى قلة أعداد قتلى جنودها، وبات هشا، وقد يعود إلى ما كان عليه قبل هذا الادعاء. وان الصراع بين "طوائفه"، كما تسميهم، على السلطة والثروة اصبح يهدد وينذر بالخطر من جديد، ولهذا تتسابق الزيارات السرية والعلنية للحيلولة دونه، ولتوقيع اتفاقيات ومعاهدات تضمن للمخططات الإمبراطورية بعض ما كانت تريده نموذجا لكل المستعمرات الجديدة، أو الراضية بهذه التسمية من جيران العراق أو الأبعد منهم جغرافيا، إلا أن أحداث جورجيا وخيبة ما سمي بالإندفاعة البوشية أحبطت تلك المساعي وأعادت الوعي إلى من تعلق بحبال وهم جبروت الهجمة الإمبريالية وإمكاناتها في غزو واحتلال بلدان وتهديد أخرى وخشوع غيرها.. وإذا كان الوضع في العراق وكل الجهود والمخططات لم تعط ثمارا مرغوبة فأين يمكن أن تحصل هذه الإدارة على ما تريده بعد كل السحب السوداء التي لفت سماء العالم خلال حكم الرئيس المدبر بوش الثاني؟. وحين يجري الحديث عن العراق يقترن مباشرة بمثيله في أفغانستان. حيث نشرت وسائل الإعلام عن مصادر مطلعة إن مستشار الرئيس الأميركي لشؤون العراق وأفغانستان، دوغلاس لوت، أبلغ مسؤولي الاستخبارات في وزارتي الدفاع والخارجية ضرورة التركيز على مسائل أساسية عن ما هي الأهداف الأميركية في أفغانستان والعراق وغيرهما، وما الذي تأمل واشنطن تحقيقه، وما هي مواردها وماهية دور حلفائها، وما هي حدود معرفة الولايات المتحدة بواقع عدوها في أفغانستان وباكستان؟ وهو يناقش ما أورده تقرير استخباري لمجلس الاستخبارات القومي، والذي قد ينشر بعد الانتخابات الأمريكية. ورصد التقرير تدهور الأوضاع بالنسبة للمصالح الأمريكية بعد الزيارة العلنية الأخيرة التي قام بها كل من وزيرة الخارجية رايس ووزير البنتاغون غيتس الى افغانستان وأعربا بعدها عن تشاؤمهما من تدهور الحال. وشكك التقرير الاستخباري في قدرة "الحكومة الأفغانية" الحالية على التصدي لحركة طالبان، وفي الأوضاع الحالية في العراق، الأمر الذي قد يدفع أو يعجل بانسحاب القوات الأميركية من العراق وإرسالها إلى أفغانستان. وهو ما أشارت له صحيفة نيويورك تايمز صراحة وذكرت أن الولايات المتحدة في طريقها إلى الانسحاب من العراق بصرف النظر عن المرشح الذي سيفوز في الانتخابات الرئاسية. وهذا التقرير يوضح الصورة، ولا يقر بالهزيمة ولكنه يعترف بتدني الأوضاع في البلدين اللذين احتلا بتهور ورعونة إمبراطورية وارتكبت فيهما جرائم حرب حسب اغلب المنظمات الدولية لحقوق الإنسان والصليب الأحمر وشخصيات أمريكية مثل الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر.
في هذه الأجواء تصبح دعوة الجنرال بترايوس، قائد القيادة الوسطى في الجيوش الأمريكية المختصة، إلى الحوار مع حركة طالبان، لا غيرها، وهي المنظمة الإرهابية حسب الوصف الأمريكي والمسؤولة عن حماية منظمة القاعدة ورئيسها ابن لادن، العدو الأول والرئيس للرئيس الأمريكي بوش وإدارته، تحصيل حاصل أو استمرارا لمنهج الهزيمة والتراجع. وليس هو الأول طبعا، حيث سبقه أيضا مسؤولون آخرون، أمريكان وأفغان، بما فيهم الرئيس الأفغاني المنتخب بالتعيين الأمريكي حميد قرضاي. وكان قد أوصى بتبني هذه الاستراتيجية، كخطوة منه في إرشاد الإدارة الأمريكية في واشنطن ومن سيدخل البيت الأبيض لاحقا، لخارطة طريق للخروج من الهاوية. أعطت تصريحات الجنرال الأمريكي وتواترها مع من سبقه، مصادر إعلامية، إشارات قالت بأنه استفاد من تجربته في العراق في مفاوضاته مع ما سموه بالصحوات وشراء صمت أفراد منها على الاحتلال وما يمارسه ضد شعبها ووطنها، أو التعاون معه في تنفيذ مشاريعه الإستعمارية المعلومة الأهداف لكل ذي بصر وعقل وانتباه وكرامة إنسانية. ورغم ذلك فحسابات الحقل ليست دائما متوافقة مع البيدر.
أي مؤشر تعطي هذه التصريحات والتقارير؟. وما يمكن الاستنتاج منها، إذا ما أخذناها بعد الانهيارات المالية والخسائر البشرية والمادية؟. بالتأكيد تعكس المصير المعروف لمثل هكذا مغامرات محكوم عليها بالفشل، مهما طالت أيامها وأدعت إستراتيجيتها ورسمت مخططاتها؟. لاسيما أن هذه التقارير والتصريحات ليست إعلامية، أو مسربة للإعلام لغايات معلومة، وإنما مسؤولة ومن مصادر أساسية في القرار السياسي والعسكري في واشنطن، التي كما يبدو قد تغيرت لديها الأسماء والمصطلحات وباتت ترى في أعداء الأمس أصدقاء المصالح الجديدة ونست حكمة (المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين)!.
تقارير المؤسسات الأمريكية السياسية والعسكرية والاستخبارية، وتصريحات المسؤولين تكشف أن الانزلاق إلى الهاوية هو النتيجة أو الخاتمة لما انتهجته سياسات الإدارة في الغزو والإحتلال، ولم تنفعها مخططاتها في إعادة إنتاج الهيمنة والاستعمار بالقوة وتحطيم البلدان وإرادات الشعوب. وتؤكد فشلها فيما استهدفته وزيادة عزلتها والكراهية لها، وإن الإمبراطور يتنازل الآن عن عنجهيته ويطالب بالحوار مع ما تسميه آلته الإعلامية والاستخبارية بـ (الأعداء)، لا بل يريد أن يعيد الأعداء إلى السلطة التي أسقطهم منها، بأي شكل يحفظ له ما تبقى من ثياب قديمة، فقد فضحت ثيابه الجديدة، في الأزمات الاقتصادية المستفحلة في بيته وحديقته وجيرانه ولم يعد قادرا على الصمود طويلا. وصار كما تقول هذه الوثائق، صراحة أو ضمنا، يبحث في دفاتره القديمة، كأي تاجر مفلس، باحثا فيها عن ديون قديمة وأوراق بالية عسى أن يعيد ثمنا لما سفحه على أراضي أصحابها من مال ودم.
الانهيارات المالية وضعت الإدارة الأمريكية أمام الحائط وبدأت صورتها تتحدث عنها وخطاياها وعن تداعياتها المتواصلة. سواء على الصعيد الداخلي أو الخارجي، حيث اختلطت الأوضاع وتفاقمت أزماتها. فالوضع في العراق لا يبشر كثيرا لواشنطن، رغم التحسن كما تقول تقارير مؤسساتها الاستخبارية والعسكرية وتدعيه بالنسبة إلى قلة أعداد قتلى جنودها، وبات هشا، وقد يعود إلى ما كان عليه قبل هذا الادعاء. وان الصراع بين "طوائفه"، كما تسميهم، على السلطة والثروة اصبح يهدد وينذر بالخطر من جديد، ولهذا تتسابق الزيارات السرية والعلنية للحيلولة دونه، ولتوقيع اتفاقيات ومعاهدات تضمن للمخططات الإمبراطورية بعض ما كانت تريده نموذجا لكل المستعمرات الجديدة، أو الراضية بهذه التسمية من جيران العراق أو الأبعد منهم جغرافيا، إلا أن أحداث جورجيا وخيبة ما سمي بالإندفاعة البوشية أحبطت تلك المساعي وأعادت الوعي إلى من تعلق بحبال وهم جبروت الهجمة الإمبريالية وإمكاناتها في غزو واحتلال بلدان وتهديد أخرى وخشوع غيرها.. وإذا كان الوضع في العراق وكل الجهود والمخططات لم تعط ثمارا مرغوبة فأين يمكن أن تحصل هذه الإدارة على ما تريده بعد كل السحب السوداء التي لفت سماء العالم خلال حكم الرئيس المدبر بوش الثاني؟. وحين يجري الحديث عن العراق يقترن مباشرة بمثيله في أفغانستان. حيث نشرت وسائل الإعلام عن مصادر مطلعة إن مستشار الرئيس الأميركي لشؤون العراق وأفغانستان، دوغلاس لوت، أبلغ مسؤولي الاستخبارات في وزارتي الدفاع والخارجية ضرورة التركيز على مسائل أساسية عن ما هي الأهداف الأميركية في أفغانستان والعراق وغيرهما، وما الذي تأمل واشنطن تحقيقه، وما هي مواردها وماهية دور حلفائها، وما هي حدود معرفة الولايات المتحدة بواقع عدوها في أفغانستان وباكستان؟ وهو يناقش ما أورده تقرير استخباري لمجلس الاستخبارات القومي، والذي قد ينشر بعد الانتخابات الأمريكية. ورصد التقرير تدهور الأوضاع بالنسبة للمصالح الأمريكية بعد الزيارة العلنية الأخيرة التي قام بها كل من وزيرة الخارجية رايس ووزير البنتاغون غيتس الى افغانستان وأعربا بعدها عن تشاؤمهما من تدهور الحال. وشكك التقرير الاستخباري في قدرة "الحكومة الأفغانية" الحالية على التصدي لحركة طالبان، وفي الأوضاع الحالية في العراق، الأمر الذي قد يدفع أو يعجل بانسحاب القوات الأميركية من العراق وإرسالها إلى أفغانستان. وهو ما أشارت له صحيفة نيويورك تايمز صراحة وذكرت أن الولايات المتحدة في طريقها إلى الانسحاب من العراق بصرف النظر عن المرشح الذي سيفوز في الانتخابات الرئاسية. وهذا التقرير يوضح الصورة، ولا يقر بالهزيمة ولكنه يعترف بتدني الأوضاع في البلدين اللذين احتلا بتهور ورعونة إمبراطورية وارتكبت فيهما جرائم حرب حسب اغلب المنظمات الدولية لحقوق الإنسان والصليب الأحمر وشخصيات أمريكية مثل الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر.
في هذه الأجواء تصبح دعوة الجنرال بترايوس، قائد القيادة الوسطى في الجيوش الأمريكية المختصة، إلى الحوار مع حركة طالبان، لا غيرها، وهي المنظمة الإرهابية حسب الوصف الأمريكي والمسؤولة عن حماية منظمة القاعدة ورئيسها ابن لادن، العدو الأول والرئيس للرئيس الأمريكي بوش وإدارته، تحصيل حاصل أو استمرارا لمنهج الهزيمة والتراجع. وليس هو الأول طبعا، حيث سبقه أيضا مسؤولون آخرون، أمريكان وأفغان، بما فيهم الرئيس الأفغاني المنتخب بالتعيين الأمريكي حميد قرضاي. وكان قد أوصى بتبني هذه الاستراتيجية، كخطوة منه في إرشاد الإدارة الأمريكية في واشنطن ومن سيدخل البيت الأبيض لاحقا، لخارطة طريق للخروج من الهاوية. أعطت تصريحات الجنرال الأمريكي وتواترها مع من سبقه، مصادر إعلامية، إشارات قالت بأنه استفاد من تجربته في العراق في مفاوضاته مع ما سموه بالصحوات وشراء صمت أفراد منها على الاحتلال وما يمارسه ضد شعبها ووطنها، أو التعاون معه في تنفيذ مشاريعه الإستعمارية المعلومة الأهداف لكل ذي بصر وعقل وانتباه وكرامة إنسانية. ورغم ذلك فحسابات الحقل ليست دائما متوافقة مع البيدر.
أي مؤشر تعطي هذه التصريحات والتقارير؟. وما يمكن الاستنتاج منها، إذا ما أخذناها بعد الانهيارات المالية والخسائر البشرية والمادية؟. بالتأكيد تعكس المصير المعروف لمثل هكذا مغامرات محكوم عليها بالفشل، مهما طالت أيامها وأدعت إستراتيجيتها ورسمت مخططاتها؟. لاسيما أن هذه التقارير والتصريحات ليست إعلامية، أو مسربة للإعلام لغايات معلومة، وإنما مسؤولة ومن مصادر أساسية في القرار السياسي والعسكري في واشنطن، التي كما يبدو قد تغيرت لديها الأسماء والمصطلحات وباتت ترى في أعداء الأمس أصدقاء المصالح الجديدة ونست حكمة (المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين)!.