الجمعة، 3 أكتوبر 2008

وداعا أبا الحسن البغدادي


تمر الذكرى العاشرة لرحيل المفكر العربي هادي العلوي، أبي الحسن، مثل صدمة أخرى لغيابه، عشر سنوات انقضت، فيها الكثير مما كان يختصره حضوره ويتوقعه قلمه ويكابده محبوه، وفيها القليل من الوفاء له، والكثير من الإجحاف في حقه، والنكران لموقعه، والجحود لدوره، من الذين سهر من أجلهم وعانى مثلهم وسعى بكل جهده لشعب سعيد، كريم، ووطن حر ...
لم أجد كلمات كافية في هذه الذكرى فلجأت إلى ما كتبته عنه في مجلة الجسر،( مجلة ثقافية شهرية، كنت أرأس تحريرها، في العدد الأول، السنة الخامسة، تشرين الأول/ أكتوبر 1998)، وحسرة كبيرة، أعوذ بها إليه، أعيدها مرة أخرى، عسى أن تلفت الانتباه وتعيد مع ما يكتبه الاصلاء ممن عايشه أو شاركه العمل والأمل بعض حقه علينا، وعلى الجميع..

لِمَ تعجلت يا أبا الحسن؟
ما زالت دار الدنيا بحاجة إليك، وشعبك ووطنك في انتظارك. لمَ تودعنا هكذا بعجالة كأنك تسبق خطوك؟ ما غرك في هذا الرحيل السريع؟.
بالله عليك تمهل...!
وهل ينفع بعد مثل هذا الخطاب..؟ وقد أهيل التراب وقامت الشاهدة.
ولكن أبا الحسن باق في حمله الثقيل الذي أودعه بيننا، وتركه لنا.. ثقيلا من أسفاره ومخطوطاته وصفحات من سيرته النادرة ومآثره المشهودة.
.. ترجل صامتا في غربته ومنفاه، في عقر داره وموطنه.
عذبا في رجاحة عقله، صافيا في سلسبيل مواقفه، مؤثرا ومتأثرا في شواهد زمانه، مستلهما نبهات أسلافه ولقطات أعلامه، صارخا في برية مأهولة.
ودودا ومحبا، صوفيا وشيوعيا، معلما وتلميذا، عراقيا/ شاميا وصينيا. جامعا النقيضين بدراية، ومبدعا موسوعيا لافت الانتباه، مجددا عن أقدميه، مغتربا في مسقطه، منفيا في بحار توجده، عالما بحق وكفوءا بلا اختلاف.
هذا هو العلامة الجليل هادي العلوي..
سلاما أذن.. أيها الغيور على شعبك ووطنك، مثل بحثك وعلمك، مثل حلمك وفكرك، مثل قلبك ونظرتك..
سلاما أذن أيها المنفي في موتك، والغريب في وطنك!.
سلاما عليك..
ووداعا..!.

ما تركه الفقيد في سطور:
* ولد الراحل في بغداد عام 1932، وتخرج من كلية الاقتصاد في جامعة بغداد عام 1956، ودرس التاريخ والفقه والفلسفة الإسلامية والصينية وله مؤلفات عديدة من بينها:
- نظرية الحركة الجوهرية عند الشيرازي.
- فصول من تاريخ الإسلام السياسي.
= فلسفة التاو.
- شخصيات قلقة في الإسلام.
- مدارات صوفية.
- المنتخب من اللزوميات.
- المستطرف الجديد.
- محطات في التاريخ والتراث.
إضافة إلى مشروعه الكبير: المعجم العربي المعاصر، الذي صدر منه جزءان.
توفي في دمشق صباح يوم الأحد 27/9/1998 وشيعه محبوه في اليوم التالي.
* عرف عنه الزهد والطهرانية والتعفف والمواقف الوطنية والإنسانية.
* تنقل وعاش في الصين وبيروت وقبرص ولندن ودمشق، حيث مثواه يقيم.
* فقدت الحركة الفكرية العربية بوفاته علما يشهد له ويشار إليه.