الجمعة 5/10/2007
وعد رئيس وزراء بريطانيا الجديد غوردون براون بسحب قوات بلاده من العراق حين يتسلم منصبه، وها هو يرتب أوراقه في هذه المسألة، فقد زار واشنطن وتحدث مع الرئيس الأميركي ولم يرشح عن اللقاء بينهما ما يفيد بتغيير الوجهة، وواصل بعد إرسال سلفه مندوبا أميركيا للرباعية الدولية، نهجه المعلن هذا، في خطبه وتصريحات عدد من وزرائه المقربين، خصوصا خلال المؤتمر السنوي لحزبه الحاكم ، قبل أيام ، وإعلان ما يعني بوجود مؤشرات متنامية في تأييد شعبي له في حالة إجراء انتخابات جديدة خلال الأسابيع القريبة القادمة، وانكماش موقعي حزبي المعارضة، الأحرار الليبرالي والمحافظين في المشهد السياسي.هل يفي براون بوعده ومتى؟. زار براون بغداد، عاصمة العراق المحتل، يوم 2/10/2007 تسللا كغيره من زعماء دول الغزو والاحتلال، وأجرى مباحثات مع القيادات العسكرية الأميركية والبريطانية، ضمن ما قام به من اعتراف ضمني بواقع الحال في المنطقة الخضراء. قبيل أسبوع من مخاطبته لأعضاء مجلس العموم والوقوف أمامهم من جديد في اختبار آخر لمواجهة الحقيقة. وكان قد التقى أغلبهم في لندن قبل أسابيع، وسمع منهم ما لا يسره في تنفيذ وعوده. واستنتج خططا آخرى بانسحاب متدرج ولأشهر متتالية حتى القرار الذي لا ينتظره طبعا. وكعادة القادة الغربيين استمر في التفنن في إنكار الحقائق والإصرار على التمويه والخداع والتهرب من تحمل المسئولية والاعتراف بالنتائج الواقعية وإقرار الهزيمة قبل كارثيتها عليه وعلى قواته، والاعتذار عما قامت به قواته من خرق للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة ولكل الأعراف والقواعد البشرية.لماذا وعد رئيس الحكومة البريطانية ولماذا يواصل العمل عليه؟. الواقع الذي تعيشه قواته على الأرض ويعرفه تماما، وهو غير الأوهام والمشاريع العسكرية الأميركية وتقارير الإعلام المضللة، والذي تؤكده مناشدات قادته الميدانيين وما يسجله له مراسلوا وسائل الإعلام المرابطين مع القوات وما يتسرب منهم إلى القيادات العسكرية والسياسية، والتي كلها تثبت وقائع تعرض الوحدات العسكرية يوميا إلى مقاومة وطنية عنيدة ورفض شعبي يتزايد ولا مخرج لها إلا بالانسحاب الكامل. وكذلك تسريبات حلفائه الأميركان الإعلامية والمعلنة بخسارة البصرة وهزيمة بريطانيا فيها. ومهما كانت الوعود الجديدة والتسريبات الإعلامية فإن تصريحات القادة العسكريين البريطانيين المتكررة في وسائل الإعلام تسبق كل قول بالهزيمة المحققة.كانت صحيفة الاندبندنت قد طالبت براون في افتتاحية لها قبل أسابيع (19/8/2007) بالوفاء بوعده وسحب القوات البريطانية من العراق بأسرع وقت. وأشارت إلى أن كبار القادة العسكريين البريطانيين أبلغوا براون بوجوب سحب القوات من دون أي تأجيل، وأن هذه القوات قد فعلت كل ما تستطيع ولم يعد بوسعها إنجاز أي شيء. وأوضحت الافتتاحية أنه قبل غزو العراق قيل للضباط البريطانيين بأن هدف الحرب هو جلب الديمقراطية للعراق والمنطقة كلها، ولكن الطموحات تراجعت على نحو مؤسف، حسب رأيها، ولذلك من الأولوية الآن انسحاب منظم يحفظ سمعة وقدرة القوات ويحافظ على مصداقية بريطانيا كحليف. هذا رأي محرر الصحيفة البريطانية ومن منطلق بريطاني، بوجهته العامة، وليس فضح الخداع والأكاذيب التي كانت تتذرع فيها قوات الاحتلال، إلا أنه يعبر بشكل ما عن رأي عام غالب يطالب بانسحاب سريع قبل أن تتحول الهزيمة الحالية إلى تاريخية لا تستطيع حكومة براون وحزبه التعامل معها، وبالتالي خسارة كبيرة على مختلف الصعد. وتبهت إنجازاته وما عليه الآن من أوضاع لصالحه داخليا على الأقل. وهناك آراء اخرى تربط هذا الانسحاب بمخططات صهيو أميركية آخرى للمنطقة، تتعلق بالتوتر السائد فيها والتهديدات الصارخة والاستعدادات الكبيرة للحرب على الجمهورية الإسلامية في إيران، وعدم الرغبة في بقاء هذه القوات أكياس رمل أمام ما سيستجد من أوضاع عسكرية، وتحويلها إلى رهينة سهلة ومباشرة. وطرح مثل هذه الآراء ينفي، في حالة صحتها، اصطناع توترات بين واشنطن ولندن الآن، رغم أن ما يسرب أيضا عن مثل تلك التوترات والخلافات بشأن الانسحاب العسكري، لا يعبر عن حقيقة ما بينهما من صلات متشعبة واستراتيجية، لا تؤثر عليها اختلافات وجهات نظر في هذه القضية، رغم أهميتها وخطورتها على طبيعة تلك الارتباطات. كما أن هناك من يقول بأن وجود القوات البريطانية لم يقدم ما كان مطلوبا منها في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة التي احتلتها، بل فاقم من المشكلات المحلية واختصر بحارس لخطوط الإمدادات للقوات الأميركية وليس مشاركة في الأهداف المرسومة للاحتلال، التي أقنع بها الضباط البريطانيين، أو على الأقل القيادات العسكرية العليا منها. وفي كل الأحوال، فكل المؤشرات والآراء تجمع على أن ساعة الرحيل قد أزفت، وما سيتمخض عن زيارته/ تسلله الى العراق لا يغير من أمر الانسحاب/ الهزيمة، بل يزيد من سرعة الأخذ بها وتقبل كل ما يلزمها ويترافق معها. وقد يكون هجوم المحافظين الصهاينة بواشنطن على سياسة غوردون براون وبالاسم دليلا على غضب صهيوني من محاولات براون الابتعاد عن سياسات سلفه توني بلير التابعة والمنفذة لما يتعارض مع توجهات الحكومة وأعضاء الحزب الحاكم ومصالح الشعب البريطاني الفعلية.وضح وزير الخارجية البريطاني الجديد الذي اختاره براون، في مؤتمر الحزب أن سياسة الحكومة والحزب تنطلق من فهم الوقائع المرة، والتعلم من "الجراح الناتجة عن عشرة أعوام في الحكومة" والتركيز على قضايا جديدة. إذ ذكر "أن الحرب في العراق أثارت انقساما في حزبنا وفي بلادنا. كان ذلك قرارا ضخما وكانت العواطف من كل الجوانب صادقة ويمكن تفهمها.. أيا كان الصواب والخطأ.. وقد كانت هناك أمور تقبل الاحتمالين.. فعلينا ان نركز على المستقبل". واشار الى ان على بريطانيا ان تواصل دعم تطوير قوات الأمن العراقية لتكون فعالة وأن تفي بوعودها للعراقيين بأن يكون لهم نصيبهم في تحديد مستقبل بلادهم. جلي في هذا الخطاب محاولة للخروج من تبعات سياسات بلير وما جرته من مصائب على بلاده. أضافت له اجراءات براون من بغداد لسحب قواته بجدول غير معلن، شمل ما بقي، حوالي خمسة آلاف عسكري، وغيرهم من غير العسكريين، ليؤكد أن الوقائع فرضت ذلك، وأنه على وعده، كما تتطلب منه، مثلما نشر إعلاميا، أن يفكر بمصير المترجمين والمتعاونين مع قواته (حوالي 15 ألف عراقي، وفق صحيفة التايمز البريطانية) والتفكير أكثر بمشاريع آخرى وسبل أنجع له ولشركاته المتلهفة. وبالتالي فإن تصريحات براون وحكومته وقادة قواته تنتهي بقرار انسحاب وهزيمة بلا رتوش، وهذا هو المطلوب الآن، وبعده الحساب!.
وعد رئيس وزراء بريطانيا الجديد غوردون براون بسحب قوات بلاده من العراق حين يتسلم منصبه، وها هو يرتب أوراقه في هذه المسألة، فقد زار واشنطن وتحدث مع الرئيس الأميركي ولم يرشح عن اللقاء بينهما ما يفيد بتغيير الوجهة، وواصل بعد إرسال سلفه مندوبا أميركيا للرباعية الدولية، نهجه المعلن هذا، في خطبه وتصريحات عدد من وزرائه المقربين، خصوصا خلال المؤتمر السنوي لحزبه الحاكم ، قبل أيام ، وإعلان ما يعني بوجود مؤشرات متنامية في تأييد شعبي له في حالة إجراء انتخابات جديدة خلال الأسابيع القريبة القادمة، وانكماش موقعي حزبي المعارضة، الأحرار الليبرالي والمحافظين في المشهد السياسي.هل يفي براون بوعده ومتى؟. زار براون بغداد، عاصمة العراق المحتل، يوم 2/10/2007 تسللا كغيره من زعماء دول الغزو والاحتلال، وأجرى مباحثات مع القيادات العسكرية الأميركية والبريطانية، ضمن ما قام به من اعتراف ضمني بواقع الحال في المنطقة الخضراء. قبيل أسبوع من مخاطبته لأعضاء مجلس العموم والوقوف أمامهم من جديد في اختبار آخر لمواجهة الحقيقة. وكان قد التقى أغلبهم في لندن قبل أسابيع، وسمع منهم ما لا يسره في تنفيذ وعوده. واستنتج خططا آخرى بانسحاب متدرج ولأشهر متتالية حتى القرار الذي لا ينتظره طبعا. وكعادة القادة الغربيين استمر في التفنن في إنكار الحقائق والإصرار على التمويه والخداع والتهرب من تحمل المسئولية والاعتراف بالنتائج الواقعية وإقرار الهزيمة قبل كارثيتها عليه وعلى قواته، والاعتذار عما قامت به قواته من خرق للقانون الدولي ولميثاق الأمم المتحدة ولكل الأعراف والقواعد البشرية.لماذا وعد رئيس الحكومة البريطانية ولماذا يواصل العمل عليه؟. الواقع الذي تعيشه قواته على الأرض ويعرفه تماما، وهو غير الأوهام والمشاريع العسكرية الأميركية وتقارير الإعلام المضللة، والذي تؤكده مناشدات قادته الميدانيين وما يسجله له مراسلوا وسائل الإعلام المرابطين مع القوات وما يتسرب منهم إلى القيادات العسكرية والسياسية، والتي كلها تثبت وقائع تعرض الوحدات العسكرية يوميا إلى مقاومة وطنية عنيدة ورفض شعبي يتزايد ولا مخرج لها إلا بالانسحاب الكامل. وكذلك تسريبات حلفائه الأميركان الإعلامية والمعلنة بخسارة البصرة وهزيمة بريطانيا فيها. ومهما كانت الوعود الجديدة والتسريبات الإعلامية فإن تصريحات القادة العسكريين البريطانيين المتكررة في وسائل الإعلام تسبق كل قول بالهزيمة المحققة.كانت صحيفة الاندبندنت قد طالبت براون في افتتاحية لها قبل أسابيع (19/8/2007) بالوفاء بوعده وسحب القوات البريطانية من العراق بأسرع وقت. وأشارت إلى أن كبار القادة العسكريين البريطانيين أبلغوا براون بوجوب سحب القوات من دون أي تأجيل، وأن هذه القوات قد فعلت كل ما تستطيع ولم يعد بوسعها إنجاز أي شيء. وأوضحت الافتتاحية أنه قبل غزو العراق قيل للضباط البريطانيين بأن هدف الحرب هو جلب الديمقراطية للعراق والمنطقة كلها، ولكن الطموحات تراجعت على نحو مؤسف، حسب رأيها، ولذلك من الأولوية الآن انسحاب منظم يحفظ سمعة وقدرة القوات ويحافظ على مصداقية بريطانيا كحليف. هذا رأي محرر الصحيفة البريطانية ومن منطلق بريطاني، بوجهته العامة، وليس فضح الخداع والأكاذيب التي كانت تتذرع فيها قوات الاحتلال، إلا أنه يعبر بشكل ما عن رأي عام غالب يطالب بانسحاب سريع قبل أن تتحول الهزيمة الحالية إلى تاريخية لا تستطيع حكومة براون وحزبه التعامل معها، وبالتالي خسارة كبيرة على مختلف الصعد. وتبهت إنجازاته وما عليه الآن من أوضاع لصالحه داخليا على الأقل. وهناك آراء اخرى تربط هذا الانسحاب بمخططات صهيو أميركية آخرى للمنطقة، تتعلق بالتوتر السائد فيها والتهديدات الصارخة والاستعدادات الكبيرة للحرب على الجمهورية الإسلامية في إيران، وعدم الرغبة في بقاء هذه القوات أكياس رمل أمام ما سيستجد من أوضاع عسكرية، وتحويلها إلى رهينة سهلة ومباشرة. وطرح مثل هذه الآراء ينفي، في حالة صحتها، اصطناع توترات بين واشنطن ولندن الآن، رغم أن ما يسرب أيضا عن مثل تلك التوترات والخلافات بشأن الانسحاب العسكري، لا يعبر عن حقيقة ما بينهما من صلات متشعبة واستراتيجية، لا تؤثر عليها اختلافات وجهات نظر في هذه القضية، رغم أهميتها وخطورتها على طبيعة تلك الارتباطات. كما أن هناك من يقول بأن وجود القوات البريطانية لم يقدم ما كان مطلوبا منها في حفظ الأمن والاستقرار في المنطقة التي احتلتها، بل فاقم من المشكلات المحلية واختصر بحارس لخطوط الإمدادات للقوات الأميركية وليس مشاركة في الأهداف المرسومة للاحتلال، التي أقنع بها الضباط البريطانيين، أو على الأقل القيادات العسكرية العليا منها. وفي كل الأحوال، فكل المؤشرات والآراء تجمع على أن ساعة الرحيل قد أزفت، وما سيتمخض عن زيارته/ تسلله الى العراق لا يغير من أمر الانسحاب/ الهزيمة، بل يزيد من سرعة الأخذ بها وتقبل كل ما يلزمها ويترافق معها. وقد يكون هجوم المحافظين الصهاينة بواشنطن على سياسة غوردون براون وبالاسم دليلا على غضب صهيوني من محاولات براون الابتعاد عن سياسات سلفه توني بلير التابعة والمنفذة لما يتعارض مع توجهات الحكومة وأعضاء الحزب الحاكم ومصالح الشعب البريطاني الفعلية.وضح وزير الخارجية البريطاني الجديد الذي اختاره براون، في مؤتمر الحزب أن سياسة الحكومة والحزب تنطلق من فهم الوقائع المرة، والتعلم من "الجراح الناتجة عن عشرة أعوام في الحكومة" والتركيز على قضايا جديدة. إذ ذكر "أن الحرب في العراق أثارت انقساما في حزبنا وفي بلادنا. كان ذلك قرارا ضخما وكانت العواطف من كل الجوانب صادقة ويمكن تفهمها.. أيا كان الصواب والخطأ.. وقد كانت هناك أمور تقبل الاحتمالين.. فعلينا ان نركز على المستقبل". واشار الى ان على بريطانيا ان تواصل دعم تطوير قوات الأمن العراقية لتكون فعالة وأن تفي بوعودها للعراقيين بأن يكون لهم نصيبهم في تحديد مستقبل بلادهم. جلي في هذا الخطاب محاولة للخروج من تبعات سياسات بلير وما جرته من مصائب على بلاده. أضافت له اجراءات براون من بغداد لسحب قواته بجدول غير معلن، شمل ما بقي، حوالي خمسة آلاف عسكري، وغيرهم من غير العسكريين، ليؤكد أن الوقائع فرضت ذلك، وأنه على وعده، كما تتطلب منه، مثلما نشر إعلاميا، أن يفكر بمصير المترجمين والمتعاونين مع قواته (حوالي 15 ألف عراقي، وفق صحيفة التايمز البريطانية) والتفكير أكثر بمشاريع آخرى وسبل أنجع له ولشركاته المتلهفة. وبالتالي فإن تصريحات براون وحكومته وقادة قواته تنتهي بقرار انسحاب وهزيمة بلا رتوش، وهذا هو المطلوب الآن، وبعده الحساب!.