الراية- د. كاظم الموسوي
السبت23/7/2005
السبت23/7/2005
تتكرر هذه الأيام كلمة الصبر والدعوة إلي التحلي به في اكثر خطب وتصريحات الرئيس جورج بوش ووزيره دونالد رامسفيلد، حتي اصبحت أشبه باللازمة المعروفة لهما. حيث لكل موسم لهما مفردة يرددانها بسبب أو بدونه، إضافة إلي كلمة الإرهاب، القاسم المشترك لكل أحاديثهما، وربما حتي مع زوجتيهما. في الوقت الذي يحاولان أن يظهرا وكأنهما يمسكان بقيادة الرياح ويسيرانها كما تشتهي سفنهما. فهل هناك معني لاستخدام المفردة بالذات وما هي أسبابها الكامنة والظاهرة، ولماذا الآن بعد اكثر من عامين من إعلان النصر والاحتفال به رسميا فقط؟. والجواب متيسر بما يحدث داخل أمريكا وموارده القادمة من العراق.
في خطب بوش، خاصة أمام جنوده، يحاول أن يبدو مشجعا لهم ورادا علي نتائج الاستطلاعات العامة التي بدأت تدق الأجراس وتكشف صحوة شعبية علي الورطة التي أدخلت الإدارة الأمريكية وقيادتها المحافظة الجديدة الشعب الأمريكي والعالم فيها، وما يصل إليه من أخبار غير سارة عما يحصل بالعراق وبجنوده الذين أرسلوا لتخليص العالم من أسلحة دمار شامل غير موجودة ومن محاربة الإرهاب الذي نقل إلي العراق بعد غزوه واحتلاله من قبل القوات الأمريكية وحلفائها، وأوقعت الإدارة في اضطرار الاعتراف بها والتهرب من نتائجها الكارثية علي الشعب العراقي والقوات الأمريكية المسلحة وقواعدها العسكرية المنتشرة كالفطر في المنطقة، والتي تعيد له ذكريات الحرب الإجرامية علي فيتنام وهزيمتها الصارخة التي لم تبرح رؤي الكثيرين في أحلامهم ومسراتهم اليومية، وانعكاساتها علي الأوضاع الداخلية، الاقتصادية والأمنية خصوصا. الأمر الذي دفع إلي تنامي حالات الغضب والاحتجاج، ليس في أوساط الشعب العامة والرافضين للحرب وسياسات الإدارة الأمريكية وحسب وإنما داخل أوساط المشرعين والسياسيين الأمريكان ووسائل الاعلام الرئيسية أيضا. لاسيما في أسلوب إدارة الحرب ونتائجها الكارثية عليهم، مما أدي إلي انخفاض نسبة التأييد لها وتخلص الرأي العام من أوهامه بشأن ما يطرحه بوش له وما يراه أو يسمعه من عواقب معاكسة له، وما يحصل من معارضة شديدة من قبل أعضاء كونغرس ديمقراطيين وجمهوريين، مثل اعتراف المشرع الجمهوري لينزي غراهام: هذه الحرب تزداد مرارتها في أفواه الآباء والأجداد. وفي نفس السياق كانت تصريحات الجمهوريين وولتر جونز وكيرت ويلدون وتشاك هاغيل، وغيرهم مثلا. وكان جون كونيرز عضو الكونجرس الديمقراطي المخضرم اكثر إقناعا للأمريكيين بقوله أن رجال الإدارة "دخلوا حربا سرية لم نخطط لها، والآن لا نعرف كيف نخرج منها"، ومساءلة أدور كنيدي لرامسفيلد بالتنحي. وأشارت استطلاعات اعلامية إلي انخفاض التأييد للحرب علي العراق إلي أدني مستوياته حيث رأي اكثر من نصف المشتركين في الاستطلاع من الأمريكيين عدم ضرورتها، كما انخفضت شعبية بوش لتصل إلي تحت أدني مستوي تصل إليه منذ توليه الرئاسة. وأظهرت أيضا أن ثلاثة من اصل خمسة أمريكيين يرون أن احتلال العراق كان خطأ ارتكبه الرئيس الأمريكي جورج بوش، وان 60 في المائة منهم يؤيدون انسحاب الجيش الأمريكي من العراق. وأكد مراقبون ومحللون سياسيون إلي إن أحد أسباب هذا التدني في تأييد الحرب وشعبية بوش هو الاقتصاد خاصة ارتفاع أسعار النفط، لكن السبب الأكبر والأهم هو العراق الذي قد يصبح العامل الذي يقوض استراتيجية الفترة الرئاسية الثانية. فعلي سبيل المثال ارتفع عدد الضحايا من الأمريكيين في العراق المعترف به في أرقام البنتاغون بشكل واضح مقارنة بالأشهر الماضية، في ابسط عينة مقاربة ومقارنة وكإثبات مدعم، فضلا عن التكاليف المرتفعة باطراد. .
تبين هذه الاستطلاعات مدي التغير داخل الرأي العام والأوساط السياسية الأمريكية وبين المعلقين عليها الذين أكدوا أن ما يحصل فيها علامات إنذار من خسارة مبكرة لكل ما يعلنه بوش ورامسفيلد عن الصبر وتحمله. كما أن كل مناشدات بوش وأركان إدارته لم تقنع المرشح الرئاسي السابق ورئيس الحزب الديموقراطي هوارد دين الذي صرح أن رفض بوش مواجهة الحقائق واعتماد خطة واضحة "وضع البلاد وجنودنا في خطر أكبر". وكذلك رئيس الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ السناتور هاري ريد أن "السياسة العراقية للرئيس ضائعة ولا علاقة لها بالواقع علي الأرض، وهي في حاجة إلي تصحيح جذري". وان إصرار بوش علي البقاء علي الخط ذاته من الصعب الحفاظ عليه، وليس من المحتمل أن يؤدي إلي النجاح الذي نسعي إليه.
وتعاضد الصحف الأمريكية هذه المواقف وتري أن بوش لم يكن نزيها في خطبه عن العراق. فعلقت صحيفة "النيويورك تايمز" مثلا علي خطاب بوش المهم الذي كان منتظرا منه أن يحدد به استراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة حول العراق خصوصا، بعد استطلاعات الرأي المخيبة له وانتفاضة المشرعين ضد سياساته، الخارجية والداخلية أيضا: "لم نتوقع من بوش أن يعتذر عن التضليل الإعلامي الذي ساهم في زجنا في هذه الحرب، أو عن الأخطاء الكارثية التي ارتكبها فريقه في قيادة هذه العملية العسكرية... لكننا كنا نأمل في أن يقاوم النزعة إلي التلويح مراراً وتكراراً براية 11 سبتمبر الدموية لتبرير حرب في بلد لا علاقة له إطلاقا بالاعتداءات الإرهابية". وأشارت إلي انه عوض أن يوضح أن "الأمر سيستغرق سنوات قبل أن تتمكن الحكومة العراقية وجيشها من الاضطلاع بمهماتها" وان "كل هذه السنوات من الجهود والعناء" قد تفضي إلي حرب أهلية، لجأ الرئيس إلي "الخطاب العاطفي المعهود عن نشر الحرية".
وكتبت صحيفة "الواشنطن بوست" أن بوش "أضاع فرصة جديدة للانسجام مع الأمريكيين". وقالت أن الحركة المسلحة في العراق "لا تضعف" وان القوات العراقية "لن تكون قادرة علي الحلول محل الوحدات العسكرية الأمريكية قبل سنوات عدة"، وان القوات العراقية والأمريكية "غير كافية إطلاقا" لإرساء الاستقرار في البلاد. وأضافت انه كان يجدر بالرئيس أن أراد إحراز انتصار في العراق أن "يتحدث إلي الأمريكيين بمزيد من النزاهة" من دون "إخفاء النواحي الأكثر صعوبة في الوضع".
فهل تنفع بعد كل ذلك دعوات بوش ورامسفيلد شعبه إلي التحلي بالصبر؟، وأي صبر يريدان تحمله؟، والأخطاء تجر أخري، والكوارث تحدق بالشعوب ونتائجها وخيمة وصعبة وقاسية وستقود إلي حروب متوالدة بأشكال أخري وضحايا جدد وخسائر لا تحصي. ورطة بوش وإدارته تقود العالم إلي مثل هذا المآل المأساوي ولا حل غير إعلان انتهاء المهمة وتعويض الشعب العراقي عما اقترفته الإدارة الأمريكية من جرائم ضده وإعادة السلام والأمن والاستقرار إلي المنطقة واحترام ارادات شعوبها وخياراتهم وثرواتهم، درءً لما سيأتي واستباقا لعواقب لم ينتظرها بوش ورجاله، رغم عنجهية الإمبراطورية وخداع الذات.
في خطب بوش، خاصة أمام جنوده، يحاول أن يبدو مشجعا لهم ورادا علي نتائج الاستطلاعات العامة التي بدأت تدق الأجراس وتكشف صحوة شعبية علي الورطة التي أدخلت الإدارة الأمريكية وقيادتها المحافظة الجديدة الشعب الأمريكي والعالم فيها، وما يصل إليه من أخبار غير سارة عما يحصل بالعراق وبجنوده الذين أرسلوا لتخليص العالم من أسلحة دمار شامل غير موجودة ومن محاربة الإرهاب الذي نقل إلي العراق بعد غزوه واحتلاله من قبل القوات الأمريكية وحلفائها، وأوقعت الإدارة في اضطرار الاعتراف بها والتهرب من نتائجها الكارثية علي الشعب العراقي والقوات الأمريكية المسلحة وقواعدها العسكرية المنتشرة كالفطر في المنطقة، والتي تعيد له ذكريات الحرب الإجرامية علي فيتنام وهزيمتها الصارخة التي لم تبرح رؤي الكثيرين في أحلامهم ومسراتهم اليومية، وانعكاساتها علي الأوضاع الداخلية، الاقتصادية والأمنية خصوصا. الأمر الذي دفع إلي تنامي حالات الغضب والاحتجاج، ليس في أوساط الشعب العامة والرافضين للحرب وسياسات الإدارة الأمريكية وحسب وإنما داخل أوساط المشرعين والسياسيين الأمريكان ووسائل الاعلام الرئيسية أيضا. لاسيما في أسلوب إدارة الحرب ونتائجها الكارثية عليهم، مما أدي إلي انخفاض نسبة التأييد لها وتخلص الرأي العام من أوهامه بشأن ما يطرحه بوش له وما يراه أو يسمعه من عواقب معاكسة له، وما يحصل من معارضة شديدة من قبل أعضاء كونغرس ديمقراطيين وجمهوريين، مثل اعتراف المشرع الجمهوري لينزي غراهام: هذه الحرب تزداد مرارتها في أفواه الآباء والأجداد. وفي نفس السياق كانت تصريحات الجمهوريين وولتر جونز وكيرت ويلدون وتشاك هاغيل، وغيرهم مثلا. وكان جون كونيرز عضو الكونجرس الديمقراطي المخضرم اكثر إقناعا للأمريكيين بقوله أن رجال الإدارة "دخلوا حربا سرية لم نخطط لها، والآن لا نعرف كيف نخرج منها"، ومساءلة أدور كنيدي لرامسفيلد بالتنحي. وأشارت استطلاعات اعلامية إلي انخفاض التأييد للحرب علي العراق إلي أدني مستوياته حيث رأي اكثر من نصف المشتركين في الاستطلاع من الأمريكيين عدم ضرورتها، كما انخفضت شعبية بوش لتصل إلي تحت أدني مستوي تصل إليه منذ توليه الرئاسة. وأظهرت أيضا أن ثلاثة من اصل خمسة أمريكيين يرون أن احتلال العراق كان خطأ ارتكبه الرئيس الأمريكي جورج بوش، وان 60 في المائة منهم يؤيدون انسحاب الجيش الأمريكي من العراق. وأكد مراقبون ومحللون سياسيون إلي إن أحد أسباب هذا التدني في تأييد الحرب وشعبية بوش هو الاقتصاد خاصة ارتفاع أسعار النفط، لكن السبب الأكبر والأهم هو العراق الذي قد يصبح العامل الذي يقوض استراتيجية الفترة الرئاسية الثانية. فعلي سبيل المثال ارتفع عدد الضحايا من الأمريكيين في العراق المعترف به في أرقام البنتاغون بشكل واضح مقارنة بالأشهر الماضية، في ابسط عينة مقاربة ومقارنة وكإثبات مدعم، فضلا عن التكاليف المرتفعة باطراد. .
تبين هذه الاستطلاعات مدي التغير داخل الرأي العام والأوساط السياسية الأمريكية وبين المعلقين عليها الذين أكدوا أن ما يحصل فيها علامات إنذار من خسارة مبكرة لكل ما يعلنه بوش ورامسفيلد عن الصبر وتحمله. كما أن كل مناشدات بوش وأركان إدارته لم تقنع المرشح الرئاسي السابق ورئيس الحزب الديموقراطي هوارد دين الذي صرح أن رفض بوش مواجهة الحقائق واعتماد خطة واضحة "وضع البلاد وجنودنا في خطر أكبر". وكذلك رئيس الأقلية الديموقراطية في مجلس الشيوخ السناتور هاري ريد أن "السياسة العراقية للرئيس ضائعة ولا علاقة لها بالواقع علي الأرض، وهي في حاجة إلي تصحيح جذري". وان إصرار بوش علي البقاء علي الخط ذاته من الصعب الحفاظ عليه، وليس من المحتمل أن يؤدي إلي النجاح الذي نسعي إليه.
وتعاضد الصحف الأمريكية هذه المواقف وتري أن بوش لم يكن نزيها في خطبه عن العراق. فعلقت صحيفة "النيويورك تايمز" مثلا علي خطاب بوش المهم الذي كان منتظرا منه أن يحدد به استراتيجية الإدارة الأمريكية الجديدة حول العراق خصوصا، بعد استطلاعات الرأي المخيبة له وانتفاضة المشرعين ضد سياساته، الخارجية والداخلية أيضا: "لم نتوقع من بوش أن يعتذر عن التضليل الإعلامي الذي ساهم في زجنا في هذه الحرب، أو عن الأخطاء الكارثية التي ارتكبها فريقه في قيادة هذه العملية العسكرية... لكننا كنا نأمل في أن يقاوم النزعة إلي التلويح مراراً وتكراراً براية 11 سبتمبر الدموية لتبرير حرب في بلد لا علاقة له إطلاقا بالاعتداءات الإرهابية". وأشارت إلي انه عوض أن يوضح أن "الأمر سيستغرق سنوات قبل أن تتمكن الحكومة العراقية وجيشها من الاضطلاع بمهماتها" وان "كل هذه السنوات من الجهود والعناء" قد تفضي إلي حرب أهلية، لجأ الرئيس إلي "الخطاب العاطفي المعهود عن نشر الحرية".
وكتبت صحيفة "الواشنطن بوست" أن بوش "أضاع فرصة جديدة للانسجام مع الأمريكيين". وقالت أن الحركة المسلحة في العراق "لا تضعف" وان القوات العراقية "لن تكون قادرة علي الحلول محل الوحدات العسكرية الأمريكية قبل سنوات عدة"، وان القوات العراقية والأمريكية "غير كافية إطلاقا" لإرساء الاستقرار في البلاد. وأضافت انه كان يجدر بالرئيس أن أراد إحراز انتصار في العراق أن "يتحدث إلي الأمريكيين بمزيد من النزاهة" من دون "إخفاء النواحي الأكثر صعوبة في الوضع".
فهل تنفع بعد كل ذلك دعوات بوش ورامسفيلد شعبه إلي التحلي بالصبر؟، وأي صبر يريدان تحمله؟، والأخطاء تجر أخري، والكوارث تحدق بالشعوب ونتائجها وخيمة وصعبة وقاسية وستقود إلي حروب متوالدة بأشكال أخري وضحايا جدد وخسائر لا تحصي. ورطة بوش وإدارته تقود العالم إلي مثل هذا المآل المأساوي ولا حل غير إعلان انتهاء المهمة وتعويض الشعب العراقي عما اقترفته الإدارة الأمريكية من جرائم ضده وإعادة السلام والأمن والاستقرار إلي المنطقة واحترام ارادات شعوبها وخياراتهم وثرواتهم، درءً لما سيأتي واستباقا لعواقب لم ينتظرها بوش ورجاله، رغم عنجهية الإمبراطورية وخداع الذات.