الأربعاء، 6 أبريل 2016

اليمن: حصاد عام

لم يتوقف القصف الجوي والعدوان بمختلف الاسلحة على الانسان والعمران في اليمن منذ ان بدأ في 26/3/2015 واستمر الى اليوم تحت عنوان او ما سمي اولا بعاصفة الحزم. شاهده العالم كله وصمت عليه.. وتناقلت وسائل الاعلام بمختلف صنوفها صور الخراب والدمار بغطاء ما اطلق عليه اعلاميا وروجته وسائل الاعلام الدفاع عن "الشرعية"! واسترجاع السلطة من الانقلابيين. والعاصفة والمبررات بقيادة سعودية – بعض خليجية وتعاون صهيو امريكي واضح لكل ذي بصر وبصيرة. ومَرَ العام وجاء الحصاد مُراً فيه، حتى حين تحول من عاصفة الحزم الى اعادة الامل الى ما وصل اليه من تحالفات وتسميات تذكر بارتباطاتها ورهاناتها اكثر منها.
لا يمكن قبول ما حصل بعد قراءة موضوعية للحصاد. كل الاطراف تضع لها اسبابا وذرائع وربما حججا ووثائق ولكن ما جرى على الارض وفي الوقائع لا يمكن السكوت عليه بأي شكل من الاشكال. فالدمار الذي لحق بالبشر والحجر والشجر في اليمن لا يغطى بغربال. والأرقام تكشف مدى الارتكاب والجريمة فيها، وخرق القانون والاستهتار بحياة الانسان والحيوان والبلاد والتاريخ. لقد وثقت منظمات عديدة، محلية ودولية، ما حصل وجرى، حصاد عام والإخبار مستمرة. منظمات لا تشوبها شائبة ولا تنكر معلوماتها. كلها وقائع انطقت الامين العام للأمم المتحدة بان كي مون مطالبا بإدانة الجريمة والتحقيق فيها. جرائم حرب وإبادة تركت اثارا كارثية على مدى عام كامل حصد مع الحصار البري والبحري والجوي وتدمير المؤسسات العسكرية والتعليمية والصحية ومنع الغذاء والدواء والوقود ما لا يمكن الصمت عليه او اخفاء الراس والهروب من حساباته ومحاسبته، اليوم او غدا وحتى ما بعد غد.
ما بين ما نشر واسعا واستدل بالوقائع والأرقام خلال عام فقط: مقتل أكثر من ( 8.946 ) من المدنيين، منهم (2.180) من الأطفال، بنسبة بلغت 23 بالمائة من إجمالي القتلى، وأكثر من (1.623) امرأة بنسبة 18 بالمائة، فيما أصيب أكثر من (16.000) من المدنيين بجروح، منهم (1.962) طفل بنسبة 10 بالمائة. ومن البنى التحتية، دمر الحرب المفتوحة أكثر من (596) طريقا وجسرا، و(186) خزان وشبكة مياه، و(135) محطة كهرباء ومولدات، و(190) شبكة اتصالات، و(14) ميناء، و(11) مطارات. اما في القطاع الاجتماعي فتم تدمير أكثر من (330.266) منزل، وشرد ما يقارب 2.5 مليون نازح ومشرد، ودمر (645) مسجدا و(625) مركزا ومدرسة تعليمية، وتوقفت (3.750 ) مدرسة، و(43) جامعة، و(249) مستشفى ووحدة صحية، و(17)مؤسسة إعلامية.
كما استهدف العدوان الوحدات الانتاجية، منها: (1.003) منشأة حكومية، و(570) مخزن أغذية، و(436) ناقلة مواد غذائية و(376) سوقا و(248) محطة وقود سيارات، و(197) ناقلة وقود، و(212) مصنعا، و(144) مزرعة دجاج، و(67) موقعا أثريا، و(142) منشأة سياحية، و(48) ملعبا ومنشأة رياضية، و(7) صوامع غذاء.
كل هذا مثبت وبدليل عطل الحياة اليومية وجعل المناشدات الدولية ضرورية لانصاف السكان القابعين تحت هذه المذبحة المعلنة. فوفقا لتقارير اللجنة الدولية للصليب الأحمر فإن الوضع أصبح كارثيا فى اليمن حيث تعاني العاصمة صنعاء والمدن الاخرى من انقطاع التيار الكهربائي وشح فى مياه الشرب، وطلبت 1.6 مليار دولار كمساعدات لليمن خلال العام. ويقدر عدد اليمنيين الذين بحاجة إلى مساعدات إنسانية وفقا لتقارير الأمم المتحدة إلى 21.2 مليون نسمة، من إجمالي عدد السكان البالغ عددهم 25 مليون نسمة، وبلغ عدد السكان المحتاجين للمساعدة الإنسانية 80% من إجمالي سكان اليمن. ولابد من الاشارة الى ظروف الحرب والعدوان وصعوبة التنقل والتواصل جعل حتى تلك الأرقام أقل بكثير من الواقع، حسبما نشر موقع حصاد اليوم اليمني.
وبحسب موقع "سبأ نت" الحق العدوان ابلغ الاضرار في المدن التاريخية وفي مقدمتها المدن المسجلة في قائمة التراث العالمي: صنعاء القديمة، شبام حضرموت، زبيد .. بالإضافة إلى مدن تاريخية أخرى ألحق بها دمارا كارثيا كمدينة شبام المحويت. وتسبب بتهجير اعداد كبيرة من السكان بسبب دمار منازلهم ... و ما شهده حي القاسمي وحي الفليحي بصنعاء القديمة شهادة حية. وتسبب العدوان في تدمير مواقع التراث الإنساني في اليمن منها: قلعة القاهرة تعز، مصارف في سد مأرب التاريخي، مدينة براقش، مدينة صرواح، وغيرها من مساجد وحصون وقلاع ومآثر في عموم البلاد، اذ لم تسلم من التدمير المتعمد الذي استهدف بذلك ثقافة وذاكرة ومآثر حضارة اليمنيين. كما شمل العدوان أكثر من (23) مؤسسة ثقافية منها متحف الآثار الإقليمي في ذمار، المتحف الوطني بصنعاء، المتحف الوطني بعدن، المتحف الوطني بتعز، المتحف الوطني بشبوة، المركز الثقافي بصعدة، المركز الثقافي بعبس، المركز الثقافي بحجة، المركز الثقافي بتعز، المركز الثقافي بإب وغيرها. وتسبب العدوان في استهداف مكتبتين (سمعية بصرية) في اذاعتي عدن والمكلا واللتين كانتا تحتويان على أقدم الأسطوانات السمعية والبصرية في الجزيرة العربية.
قائمة طويلة بالتأكيد، ولعل ما نشر من صور مباشرة وعُرض في بعض الفضائيات لما ذكر يعكس بعضا من الدمار في تراث وآثار اليمن والذي يكشف عن مدى الحقد الذي تكنه دول العدوان على اليمن واليمنيين باستهدافها البربري المتعمد لمآثر تاريخهم وحضارتهم وثقافتهم والتي لم يثبت انها كانت في أي وقت هدفا عسكريا.
وبين هذه الظروف المركبة والخراب العام استثمر تنظيم "القاعدة" والجماعات الإرهابية الانفلات الأمني ونجح فى السيطرة على المكلا عاصمة حضرموت ومديريات عديدة فى محافظات شبوة ولحج وأبين وعدن. ولهذا تقلق بعض العواصم الغربية وتعبر عنه بالنفاق والخداع من إمكانية سيطرة "القاعدة" و"داعش" على منافذ تصدير النفط والغاز اليمني فى جنوب اليمن وإحتمال التحكم فى مضيق باب المندب أو تهديد الملاحة فى المنطقة.
الحرب أنهكت الجميع وكل الأطراف تبحث عن مخرج لها، لم تكن الحرب نزهة ولا جولة ايام وأسابيع.. حصاد العام الاول منها كارثي والأرقام تكتب وتثبت وتدل. وفي كل الاحوال تظل ارادة الشعب اليمني وحضارته شامخة ومجيدة، وهي الابقى كما سجلته صفحات التاريخ.