الأربعاء، 12 مايو 2010

المحروسة

الاربعاء 12/5/2010
لا يعرف الوجد إلا من يكابده
ولا الصبابة إلا من يعانيها

نزلت علينا هذا الصباح قافلة طويلة من الرفاق الأنصار والبغال، قيل أنها تحمل حمولة مهمة جدا، ويجب الحفاظ عليها كثيرا، إخفاء المعالم بسرعة، عدم التنبيه لها أو إثارة الحديث عنها، وتوزيع الرفاق جميعا على الفصائل القريبة منا قبل الظهر. وضحكت من هذه التوجيهات، المكررة والمحشوة اخطاءا من الأساس، فكيف يمكن إخفاؤها وقد مرت من السوق الكبير المملوء بمن يعرفون أسرارها أكثر منا نحن أصحابها، وهذه ليست المسألة الأولى يا…؟!.
دخل صارم علينا في الغرفة صائحا: أين الذبيحة.. أين جريان الدم عن العين، لقد وصلت المحروسة سالمة؟
وضحكنا بعد ان نبهناه بعدم ذكر اسمها علناً كي تبقى سرية وغير معروفة، لكنه استمر بالسؤال والطلب، واكتشفنا ان صاحبنا لا يسمع جيدا، وفهم كلامنا تملصا من الذبيحة والدم. عند الغداء تهامس رفاق الفصيل والرفيقات عن الوافد الجديد وتبين ان أكثرهم يعرف أخباره، ويعرف مَن مِن سكان غرفتنا سيرافقه، ما عدا الرفيق المسؤول لصعوبة حركته، حيث كان الرفيق المسؤول الجديد بالأمس في زيارة الفصيل وكان قد ذكر لهم كل الأمور، وهو سيغادر إلى المنطقة الجديدة قرب الحدود العراقية الإيرانية من جهة مدينة السليمانية، في منطقة عاصية على القصف يعرفها هو جيدا، وليس هناك من إمكانية رصدها أو معرفة موقعها، وقد يختلط الأمر على الطرفين، العراقي والإيراني في عائديتها، وكل شيء جاهز… ولما سألت جاري الشاعر عن الأخبار سألني:
ـ ألم تبلغ بعد…؟ انا لا أستطيع الذهاب معكم، سأبقى هنا، لا أطيق التعاون مع المسؤول، وسيذهب معكم خوشناو ويلتحق بكم آخرون من فصائل أخرى. أمس عرفت ذلك وتصورتك على علم، وذكر اسمك أيضا، وهو غير مقتنع بحذف أي شي مما كتب ومما تصرفت أنت بحق كتاباته.
ضحكت وأدرت وجهي إلى الحائط وسلمت أمري للقيلولة.. للنوم بعد الظهر.
أمس كنت ذاهبا للقرية لجلب البدلة الجديدة والتحزم بالمسدس الجديد، وأخذ صور أيضا، اجل، تصورت فوتوغرافيا، كنصير إعلامي منتظم ومنضبط!، وقد هيأت مواضيع جديدة للعدد الجديد من جريدة الأنصار، ونشرة جديدة للأخبار الثقافية والمعلومات المهمة للإطلاع العام للأنصار، كما وضعت خطة لزيارة الفصائل وإلقاء محاضرات عن تاريخ الحزب والتجارب الأنصارية، والكفاح المسلح في عدد من البلدان التي لدي معرفة بها ومعلومات لا بأس ان أتبادل بها مع باقي الرفاق والرفيقات.
كل هذا العمل والانشغال كان يوم أمس، يوم الجميع عرف ما يحصل اليوم وانا آخر من يعلم. وليس هذا وحسب وإنما سأعمل مع فريق جديد سجل أهدافه ضدي قبل ان ننزل إلى الساحة ويصفر الحكم، وقبل ان نهيأ الكرة والملعب. وعرفت ان الصديق الشاعر موعود بالحصول على بعثة دراسية وسيسافر قريبا خارج الوطن، وليس صحيحا ما قاله لي عن المسؤول فقد عرف عنهما التقاء في كثير من الأمور، بما فيها السخرية من المسؤولين الآخرين الذين يتفاهمون معا بنفس اللغة والمشاعر.
لا فرق لدي فانا حملت روحي على راحتي وألقيتها في مهاوي الردى، فإما حياة تسر الصديق وإما ممات يغيظ العدى
- بشت آشان.. فصيل الإعلام، يوميات نصير في كردستان، صدر عن دار خطوات - دمشق 2007