الجمعة 23/4/2010
لا احد توقع ما حصل ولا احد تمنى ان يحصل بالتأكيد. وبعده هل من دروس وعبر؟ من المسؤول عن عواقب الكارثة وأسبابها، غير الطبيعية، وعن إمكانات التحوط لها وتقليل الأضرار؟. حصل ما حصل. سحابة بركان محلي في أيسلاندا أوقفت الملاحة الجوية أسبوعا، وكبدّت العالم تبعاتها، وصارت السحابة خطرا ليس محليا وحسب وأعادت إلى الأذهان سوابقها وأمثالها وتأثيراتها.. والخسائر أحصيت بالملايين من الدولارات، في مختلف المجالات والتداعيات مستمرة. (ولم يأبه بما حصل للمسافرين العاديين من خسائر معنوية وصحية ومالية، كما كان مطلوبا واستغل إعلاميا). هل انتهت السحابة / الأزمة/ الكارثة/ المأساة؟. وهل عادت الأمور إلى طبيعتها والطائرات إلى الطيران من جديد؟!، وهل زالت المخاطر وإنعكاساتها؟.
أسئلة كثيرة ولكل من عاشها روايته، التي لم تعد شخصية أبدا، وإنما تحولت إلى وصف لكارثة عامة شملت مئات الآلاف من البشر.. وأنا واحد منهم.. كنت في سفرة قصيرة إلى السويد، حجزت على متن طائرة بريطانية من شركة إيزي جت (Easy jet) من لندن إلى كوبنهاغن، عاصمة الدانمارك، ومنها عبر الجسر إلى السويد. وتمت الرحلة كالمعتاد قبل صعود السحابة وبداية المأساة. كالآخرين لم أتوقع أو اعلم بما يحمله بركان ايسلاندا من صدف غريبة عجيبة لي ولأمثالي من المسافرين في تلك الأيام والساعات. وكنت كغيري متوقعا ان تقوم الشركات بإيجاد الحلول المناسبة للمسافرين والخيارات الأخرى للسفر، ومعي جهاز الحاسوب أتابع فيه الإخبار، والتلفاز في الفندق أو عند الأصدقاء، والكل ينذر ويحذر من طول العواقب والمخاطر والأهوال. ولابد من العودة وعدم الانتظار والتهيؤ لمنغصات الشركات والمراجعات ومكاتب الحجوزات وأمزجة العاملين فيها في تلك الظروف الاستثنائية والأزمة العامة التي حلت. تحولت بفضل أو بحكم العولمة وطبيعتها إلى أزمة عالمية، شلت فضاء الطيران والملاحة الجوية في سماء أوروبا وانعكست عالميا بحسابات العولمة وعلاقاتها وتبادلاتها ونتائجها.. لم تعد الأزمة محلية .. وصلت إطراف العالم كله، وبدأت منها وعليها تطورات أخرى تناقشها الأرقام وما تحمله في ثناياها من توقعات خطيرة على أصعدة متعددة.
حين تقول وكالات الأنباء ان الأزمة قد تطول أسابيع فان ردود الفعل الطبيعية البحث عن بدائل سريعة غير جوية لكل من له التزامات أخرى وتعقيدات الإرجاء والتأجيل. ورغم صور إعلانية عن خدمات قدمتها شركات طيران أو مطارات معينة واخذ كثيرون يرددونها كالببغاوات دون استفسار عنها أو معرفة حقيقتها، كما تفاجأت حين سمعتها، فاني أسجل باني لم ألاحظ أية خدمة قدمتها شركة النقل البريطانية لمسافريها من الدانمارك، وليس لمكتبها غير تلفون عطلته أيام الأزمة والمحنة، ليصرف المسافرين من محاسبتها وسؤالها عن حلولها المتوقعة أو المقترحات الأخرى للبدائل وتعويضاتها، بل زادت تخليها أو تهربها في غلق صفحتها الالكترونية في الرد على رسائل مسافريها رغم إيضاح إلغاء رحلاتها واقتراح تبديل المواعيد أو إعادة أسعار التذاكر فيها، ولم تستلم أية رسالة مباشرة، وترد بكليشة معروفة بوجود خطأ في الصفحة، ولا يهمها طبعا معاناة المسافرين على متن طائراتها والعالقين في مطارات بعيدة. فهي ككل شركة رأسمالية غربية تهتم بإرباحها وما تدره عليها رحلاتها، رغم الترابط بين الحالتين، من إرباح هائلة سنويا وتجدد فيها أو توسع مساحات فضاءاتها الجوية ودعاياتها الجذابة للسفر معها.
لقد أجبرت كغيري على التنقل في كل وسائل النقل البرية والبحرية للعودة، ودفع فواتير جديدة غير متوقعة أو مرغوبة وبأرقام إضافية غير محسوبة وتحمل إزعاجات الانتظار ومزاجات العاملين في المطارات أو محطات القطارات والحافلات ورقاباتها وتعاملاتها المنغصة للحجر، فكيف البشر؟. بعد انتظار واتصالات هاتفية متكررة وعدم حصول ردود أو إجابات لمعرفة مخططات الشركات اخترنا ركوب القطارات عبر عواصم أوروبا الوسطى، من الدانمارك من الشمال الاسكندينافي إلى ألمانيا طوال الليل للوصول إلى فرانكفورت فجرا، ومنها شراء تذاكر أخرى إلى بروكسل، عاصمة بلجيكا والاتحاد الأوروبي، دون إمكانية الحصول على حجوزات مقاعد فيها، وإعلام العاملين في الصعود إلى القطارات وانتظار قراراتها، وفي مدينة كولون الالمانية أعلن عن إنزال كل من ليس لديه حجز مسبق والانتظار فيها بعد كل ذلك السهر والتعب والتكاليف المادية والمعنوية والوقوف الطويل في الصفوف المتكدسة من البشر، من كل الجنسيات والألوان والأعمار، في المحطات.
وبعد صبر وجلد وانتظار جديد منعنا من السفر في الرحلة التالية التي جاءت بعد سبع ساعات من الجلوس على مقاعد باردة كوجوه أبناء بلدها العاملين في تلك المواقع والشركات. واقترح لنا السفر في الحافلات إلى بروكسل، وفعلا هرعنا إليها وحجزنا فيها بأسعار أخرى وترقب أخر. ولما وصلنا بروكسل، رمينا في محطة القطارات. كانت التجمعات البشرية اكبر وصيحات الناس بكل اللغات أعلى وعلامات الغضب على الوجوه والحركات المعبرة عنه واضحة لكل عين راضية أو ساخطة. انتظار وقرارات أخرى وموانع جديدة وفوضى خلاقة، تنتظر كوندوليزا رايس لحلها، فليس هناك أية إمكانية للحجز اليوم ولا الغد ولا بعد ثلاثة أيام، هكذا أعلنت ميكروفونات المحطة. والحل الوحيد لدى مكتب الحجوزات استخدام القطار المحلي إلى فرنسا والانتقال منها في البواخر إلى بريطانيا، وهذا لا يتم إلا صباح اليوم التالي، ويعني ان تبات الليل في المحطة وترى العجائب والغرائب في ليل المحطات والمسافرين العالقين والضائعين في المدينة أو الهاربين منها عنوة وفقرا وابتعادا عن حياتها الصاخبة الغالية والمحكمة بالقوانين والشرطة والتمييز العنصري والاقتصادي والاجتماعي.. وحدث ولا حرج.
عودة عبر قطارات وحافلات وبواخر وختامها ليس أمامك غير سيارة تكسي توصلك إلى بيتك ومن لا يعرف الأسعار والتكاليف الباهضة ليكتف في التفرج على الحال!.
رحلة عبر مدن أوروبية عديدة وكأنها إعادة قصص من كتبوا عن الرحلات الغريبة في أراضي العجائب والأهوال، ورغم وسائل نقل مريحة سريعة، إلا ان الإنهاك والسهر وصعوبات العمر والصحة تلعن تلك الساعات والسحابة والعولمة وما بعدها من إخبار!.
لا احد توقع ما حصل ولا احد تمنى ان يحصل بالتأكيد. وبعده هل من دروس وعبر؟ من المسؤول عن عواقب الكارثة وأسبابها، غير الطبيعية، وعن إمكانات التحوط لها وتقليل الأضرار؟. حصل ما حصل. سحابة بركان محلي في أيسلاندا أوقفت الملاحة الجوية أسبوعا، وكبدّت العالم تبعاتها، وصارت السحابة خطرا ليس محليا وحسب وأعادت إلى الأذهان سوابقها وأمثالها وتأثيراتها.. والخسائر أحصيت بالملايين من الدولارات، في مختلف المجالات والتداعيات مستمرة. (ولم يأبه بما حصل للمسافرين العاديين من خسائر معنوية وصحية ومالية، كما كان مطلوبا واستغل إعلاميا). هل انتهت السحابة / الأزمة/ الكارثة/ المأساة؟. وهل عادت الأمور إلى طبيعتها والطائرات إلى الطيران من جديد؟!، وهل زالت المخاطر وإنعكاساتها؟.
أسئلة كثيرة ولكل من عاشها روايته، التي لم تعد شخصية أبدا، وإنما تحولت إلى وصف لكارثة عامة شملت مئات الآلاف من البشر.. وأنا واحد منهم.. كنت في سفرة قصيرة إلى السويد، حجزت على متن طائرة بريطانية من شركة إيزي جت (Easy jet) من لندن إلى كوبنهاغن، عاصمة الدانمارك، ومنها عبر الجسر إلى السويد. وتمت الرحلة كالمعتاد قبل صعود السحابة وبداية المأساة. كالآخرين لم أتوقع أو اعلم بما يحمله بركان ايسلاندا من صدف غريبة عجيبة لي ولأمثالي من المسافرين في تلك الأيام والساعات. وكنت كغيري متوقعا ان تقوم الشركات بإيجاد الحلول المناسبة للمسافرين والخيارات الأخرى للسفر، ومعي جهاز الحاسوب أتابع فيه الإخبار، والتلفاز في الفندق أو عند الأصدقاء، والكل ينذر ويحذر من طول العواقب والمخاطر والأهوال. ولابد من العودة وعدم الانتظار والتهيؤ لمنغصات الشركات والمراجعات ومكاتب الحجوزات وأمزجة العاملين فيها في تلك الظروف الاستثنائية والأزمة العامة التي حلت. تحولت بفضل أو بحكم العولمة وطبيعتها إلى أزمة عالمية، شلت فضاء الطيران والملاحة الجوية في سماء أوروبا وانعكست عالميا بحسابات العولمة وعلاقاتها وتبادلاتها ونتائجها.. لم تعد الأزمة محلية .. وصلت إطراف العالم كله، وبدأت منها وعليها تطورات أخرى تناقشها الأرقام وما تحمله في ثناياها من توقعات خطيرة على أصعدة متعددة.
حين تقول وكالات الأنباء ان الأزمة قد تطول أسابيع فان ردود الفعل الطبيعية البحث عن بدائل سريعة غير جوية لكل من له التزامات أخرى وتعقيدات الإرجاء والتأجيل. ورغم صور إعلانية عن خدمات قدمتها شركات طيران أو مطارات معينة واخذ كثيرون يرددونها كالببغاوات دون استفسار عنها أو معرفة حقيقتها، كما تفاجأت حين سمعتها، فاني أسجل باني لم ألاحظ أية خدمة قدمتها شركة النقل البريطانية لمسافريها من الدانمارك، وليس لمكتبها غير تلفون عطلته أيام الأزمة والمحنة، ليصرف المسافرين من محاسبتها وسؤالها عن حلولها المتوقعة أو المقترحات الأخرى للبدائل وتعويضاتها، بل زادت تخليها أو تهربها في غلق صفحتها الالكترونية في الرد على رسائل مسافريها رغم إيضاح إلغاء رحلاتها واقتراح تبديل المواعيد أو إعادة أسعار التذاكر فيها، ولم تستلم أية رسالة مباشرة، وترد بكليشة معروفة بوجود خطأ في الصفحة، ولا يهمها طبعا معاناة المسافرين على متن طائراتها والعالقين في مطارات بعيدة. فهي ككل شركة رأسمالية غربية تهتم بإرباحها وما تدره عليها رحلاتها، رغم الترابط بين الحالتين، من إرباح هائلة سنويا وتجدد فيها أو توسع مساحات فضاءاتها الجوية ودعاياتها الجذابة للسفر معها.
لقد أجبرت كغيري على التنقل في كل وسائل النقل البرية والبحرية للعودة، ودفع فواتير جديدة غير متوقعة أو مرغوبة وبأرقام إضافية غير محسوبة وتحمل إزعاجات الانتظار ومزاجات العاملين في المطارات أو محطات القطارات والحافلات ورقاباتها وتعاملاتها المنغصة للحجر، فكيف البشر؟. بعد انتظار واتصالات هاتفية متكررة وعدم حصول ردود أو إجابات لمعرفة مخططات الشركات اخترنا ركوب القطارات عبر عواصم أوروبا الوسطى، من الدانمارك من الشمال الاسكندينافي إلى ألمانيا طوال الليل للوصول إلى فرانكفورت فجرا، ومنها شراء تذاكر أخرى إلى بروكسل، عاصمة بلجيكا والاتحاد الأوروبي، دون إمكانية الحصول على حجوزات مقاعد فيها، وإعلام العاملين في الصعود إلى القطارات وانتظار قراراتها، وفي مدينة كولون الالمانية أعلن عن إنزال كل من ليس لديه حجز مسبق والانتظار فيها بعد كل ذلك السهر والتعب والتكاليف المادية والمعنوية والوقوف الطويل في الصفوف المتكدسة من البشر، من كل الجنسيات والألوان والأعمار، في المحطات.
وبعد صبر وجلد وانتظار جديد منعنا من السفر في الرحلة التالية التي جاءت بعد سبع ساعات من الجلوس على مقاعد باردة كوجوه أبناء بلدها العاملين في تلك المواقع والشركات. واقترح لنا السفر في الحافلات إلى بروكسل، وفعلا هرعنا إليها وحجزنا فيها بأسعار أخرى وترقب أخر. ولما وصلنا بروكسل، رمينا في محطة القطارات. كانت التجمعات البشرية اكبر وصيحات الناس بكل اللغات أعلى وعلامات الغضب على الوجوه والحركات المعبرة عنه واضحة لكل عين راضية أو ساخطة. انتظار وقرارات أخرى وموانع جديدة وفوضى خلاقة، تنتظر كوندوليزا رايس لحلها، فليس هناك أية إمكانية للحجز اليوم ولا الغد ولا بعد ثلاثة أيام، هكذا أعلنت ميكروفونات المحطة. والحل الوحيد لدى مكتب الحجوزات استخدام القطار المحلي إلى فرنسا والانتقال منها في البواخر إلى بريطانيا، وهذا لا يتم إلا صباح اليوم التالي، ويعني ان تبات الليل في المحطة وترى العجائب والغرائب في ليل المحطات والمسافرين العالقين والضائعين في المدينة أو الهاربين منها عنوة وفقرا وابتعادا عن حياتها الصاخبة الغالية والمحكمة بالقوانين والشرطة والتمييز العنصري والاقتصادي والاجتماعي.. وحدث ولا حرج.
عودة عبر قطارات وحافلات وبواخر وختامها ليس أمامك غير سيارة تكسي توصلك إلى بيتك ومن لا يعرف الأسعار والتكاليف الباهضة ليكتف في التفرج على الحال!.
رحلة عبر مدن أوروبية عديدة وكأنها إعادة قصص من كتبوا عن الرحلات الغريبة في أراضي العجائب والأهوال، ورغم وسائل نقل مريحة سريعة، إلا ان الإنهاك والسهر وصعوبات العمر والصحة تلعن تلك الساعات والسحابة والعولمة وما بعدها من إخبار!.