الجمعة 30//10/2009
تثير الإخبار التي تنشرها الوكالات المختصة والإعلامية عن قوائم اللجوء العالمية الكثير من التساؤلات وتطلب في الوقت نفسه تحميل المسؤولية للجهات المعنية والمكلفة بمثل هذه الحالات. إنها تتحدث عن جموع بشرية تكابد صعوبات العيش والأمن والاستقرار في بلدانها وتضطر (أو تختار) إلى الهجرة واللجوء وتعاني من حالات اللجوء ومستوياته وطبيعته وظروفه. وكي تكون الصورة واضحة ومعلومة لابد من تسليط الأضواء عليها والتوقف عندها بمسؤولية قانونية وأخلاقية والعمل على إيجاد أفضل الحلول لها. وحين تخصص أو تحدد انتساب هذه الأرقام من اللاجئين فيها لمن يتصدرها. سواء من العراقيين أو غيرهم، يصبح السؤال مشروعا، وإذا ارتبطت هذه الإحصائيات بالوضع السياسي في العراق الآن ومقارنته أو وضعه مع أوضاع أفغانستان والصومال، فالسؤال هنا، لماذا من هذه البلدان بالذات ومن المسؤول أو من يتحمل المسؤولية عنها؟ والمعروف أن هذه البلدان بالذات تتعرض لاحتلال مباشر أو بالنيابة من قوات عسكرية أمريكية وأطلسية، وبحكم القانون الدولي والإنساني واتفاقيات جنيف الأربعة وملاحقها تحمل إدارات الاحتلال المسؤولية كاملة عن هذه الأوضاع عامة. أما بخصوص أوضاع اللجوء واللاجئين وأحوالهم وكيف يعيشون وأين يقيمون وكيف تحل مشاكلهم فهذه أسئلة أخرى، إضافية ومحرجة وصعبة وقاسية في اغلب الأحوال. فضلا عن أن هذه البلدان بالذات تعتبر من البلدان الغنية بثرواتها الطبيعية والتي لا تعاني من أوضاع اقتصادية تكون سببا وراء اللجوء، بل هذه الثروات وراء أسباب احتلالها وتصنيع هذه الحالات ضمن سياسات استعمارية وبأبعاد وتداعيات أخرى.
نقلت وكالات إنباء أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أعلنت مؤخرا: "أن العراقيين الذين فروا من العنف في بلدهم ما زالوا يحتلون للسنة الرابعة على التوالي الصدارة على لائحة طالبي اللجوء في الدول الغربية، متقدمين على الأفغان والصوماليين". وأوضح التقرير أن "العراق بقي للعام الرابع على التوالي في المركز الأول لجهة عدد طلبات اللجوء المقدمة والذي وصل إلى 13200 طلب، في حين كان عدد طالبي اللجوء الأفغان 12 ألفا، والصوماليين 11 ألفا، وحلوا في المركزين الثاني والثالث كأكبر مجموعات تلتمس اللجوء في العالم، وذلك نتيجة استمرار تدهور الأوضاع الأمنية في أجزاء كبيرة من بلديهم". وقال المفوض السامي لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيريس إن "هذه الإحصاءات تبين أن أعمال العنف وعدم الاستقرار في بعض بقاع العالم تجبر أعدادا متزايدة من الأشخاص على الفرار والبحث عن الحماية في دول آمنة". وأضاف أن "هناك حاجة شديدة بالنسبة إلى الدول أن تكون أبوابها مفتوحة للذين هم في حاجة حقيقية للحماية الدولية".
هكذا قدّر وحكم تقرير المفوضية التابعة للأمم المتحدة، ووضع الأرقام التي تناسبه ببرودة أعصاب وكأنه يقرر حجم أشياء أخرى غير هذه الحيوات الإنسانية ومعنى أن تكون لاجئة ومهاجرة من أرضها ومحيطها وتكوينها التاريخي والاجتماعي وغيره. وهي أرقام بلا شك لا تتطابق مع واقع الحال، فان أعداد اللاجئين من تلك البلدان وحدها وبحسب الإحصائيات الرسمية والإعلامية التي تقرها المفوضية نفسها أكثر واعلى منها وتصل إلى أضعاف كبيرة منها، وهذه كارثة أخرى لهؤلاء الضحايا الجدد لما تسميه المفوضية بالعنف في تلك البلدان، غاضة الطرف عن الاحتلال ومسؤوليته، وعن مصادر العنف الخارجية والتي تلعب دورا اخطر في عمليات التهجير القسرية وصناعة حالات اللاجئين المتزايدة. وإذا أضيفت لهذه الأرقام حالات اللجوء الداخلية، وأعدادها المتصاعدة والأوضاع التي يعيشها ضحاياها فان حجم المعاناة يكون اكبر مما تضعه بيانات المفوضية وغيرها. وإذا فشلت المفوضية والحكومات المحلية وقوات الاحتلال وإداراتها في هذه البلدان من توفير الحياة الطبيعية للسكان فكيف ستكون عليه أمور هؤلاء اللاجئين حاليا ومستقبلا؟ وماذا تسميهم المفوضية والدول المحتلة لبلدانهم؟.
أشار التقرير إلى أن "أوروبا وحدها استقبلت 75% من كل طلبات اللجوء رغم أن الولايات المتحدة ما زالت اكبر دولة مستقبلة للاجئين بنسبة تقدر ب13% من مجموع الطلبات المقدمة إلى الدول الصناعية (23700 طلب)". وتأتي فرنسا في المرتبة الثانية كدولة مستقبلة بنسبة 10% من الطلبات (19400 طلب) ثم كندا (18700 طلب) ثم المملكة المتحدة (17700 طلب) ثم ألمانيا في المرتبة الخامسة (12000 طلب).
حاول تقرير المفوضية تخفيف عبء أوضاع اللاجئين عن كاهل الدول الغربية التي تسهم في استعمار البلدان ونهب ثرواتها وخيراتها وتدمير بلدانها وتخطيط الهيمنة عليها وعلى مناطقها الجغراسياسية، وقسم استقبالها للأعداد منها في إطار التفاهم والتقسيم الدولي لحالات اللاجئين ومستقبلهم وتطورات قضايا بلدانهم وحاجات تلك البلدان لهم دون توضيح للحالات التي يكابدها هؤلاء اللاجئون قبل وبعد استقبالهم. ولفت التقرير مثلا إلى انخفاض حاد في طلبات لجوء العراقيين إلى السويد التي كانت وجهتهم المفضلة، (لماذا السويد؟) وذلك بعد اعتبار محكمة الهجرة في عام 2007 الوضع في العراق ليس "صراعا مسلحا" ورفضت طلبات عديدة منهم. فانتقلت طلبات اللجوء إلى دول أخرى مثل ألمانيا وفنلندا والنرويج. وأشار التقرير إلى أن "عدد الطلبات المقدمة لا يساوي بالضرورة عدد الأشخاص لان بعض الناس يقومون بتقديم طلباتهم إلى أكثر من دولة في السنة نفسها أو أكثر من مرة واحدة إلى الدولة نفسها". وهذا القول يشبه الاعتذار المسبق عن مسؤولية المفوضية المختصة والتابعة للأمم المتحدة وتعاملها مع هذه الحالات الإنسانية وما يحكى أو يروى عنها. فهل يصح اعتبار دولة لوضع معين حكما على كل الحالات وأسبابها؟.
لعل إعلان البيت الأبيض في 15 آب/ أغسطس الماضي عن استحداث منصبين مخصصين لإدارة المساعدات لملايين النازحين واللاجئين العراقيين، بالتعاون مع الحكومة العراقية إشارة وانتباه للكارثة. فإذا كانت هذه الأرقام مثيرة وأُخذ علم بها فمن يتحمل المسؤولية عنها ولماذا حصلت وتستمر دون توقف؟.
تثير الإخبار التي تنشرها الوكالات المختصة والإعلامية عن قوائم اللجوء العالمية الكثير من التساؤلات وتطلب في الوقت نفسه تحميل المسؤولية للجهات المعنية والمكلفة بمثل هذه الحالات. إنها تتحدث عن جموع بشرية تكابد صعوبات العيش والأمن والاستقرار في بلدانها وتضطر (أو تختار) إلى الهجرة واللجوء وتعاني من حالات اللجوء ومستوياته وطبيعته وظروفه. وكي تكون الصورة واضحة ومعلومة لابد من تسليط الأضواء عليها والتوقف عندها بمسؤولية قانونية وأخلاقية والعمل على إيجاد أفضل الحلول لها. وحين تخصص أو تحدد انتساب هذه الأرقام من اللاجئين فيها لمن يتصدرها. سواء من العراقيين أو غيرهم، يصبح السؤال مشروعا، وإذا ارتبطت هذه الإحصائيات بالوضع السياسي في العراق الآن ومقارنته أو وضعه مع أوضاع أفغانستان والصومال، فالسؤال هنا، لماذا من هذه البلدان بالذات ومن المسؤول أو من يتحمل المسؤولية عنها؟ والمعروف أن هذه البلدان بالذات تتعرض لاحتلال مباشر أو بالنيابة من قوات عسكرية أمريكية وأطلسية، وبحكم القانون الدولي والإنساني واتفاقيات جنيف الأربعة وملاحقها تحمل إدارات الاحتلال المسؤولية كاملة عن هذه الأوضاع عامة. أما بخصوص أوضاع اللجوء واللاجئين وأحوالهم وكيف يعيشون وأين يقيمون وكيف تحل مشاكلهم فهذه أسئلة أخرى، إضافية ومحرجة وصعبة وقاسية في اغلب الأحوال. فضلا عن أن هذه البلدان بالذات تعتبر من البلدان الغنية بثرواتها الطبيعية والتي لا تعاني من أوضاع اقتصادية تكون سببا وراء اللجوء، بل هذه الثروات وراء أسباب احتلالها وتصنيع هذه الحالات ضمن سياسات استعمارية وبأبعاد وتداعيات أخرى.
نقلت وكالات إنباء أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أعلنت مؤخرا: "أن العراقيين الذين فروا من العنف في بلدهم ما زالوا يحتلون للسنة الرابعة على التوالي الصدارة على لائحة طالبي اللجوء في الدول الغربية، متقدمين على الأفغان والصوماليين". وأوضح التقرير أن "العراق بقي للعام الرابع على التوالي في المركز الأول لجهة عدد طلبات اللجوء المقدمة والذي وصل إلى 13200 طلب، في حين كان عدد طالبي اللجوء الأفغان 12 ألفا، والصوماليين 11 ألفا، وحلوا في المركزين الثاني والثالث كأكبر مجموعات تلتمس اللجوء في العالم، وذلك نتيجة استمرار تدهور الأوضاع الأمنية في أجزاء كبيرة من بلديهم". وقال المفوض السامي لشؤون اللاجئين انطونيو غوتيريس إن "هذه الإحصاءات تبين أن أعمال العنف وعدم الاستقرار في بعض بقاع العالم تجبر أعدادا متزايدة من الأشخاص على الفرار والبحث عن الحماية في دول آمنة". وأضاف أن "هناك حاجة شديدة بالنسبة إلى الدول أن تكون أبوابها مفتوحة للذين هم في حاجة حقيقية للحماية الدولية".
هكذا قدّر وحكم تقرير المفوضية التابعة للأمم المتحدة، ووضع الأرقام التي تناسبه ببرودة أعصاب وكأنه يقرر حجم أشياء أخرى غير هذه الحيوات الإنسانية ومعنى أن تكون لاجئة ومهاجرة من أرضها ومحيطها وتكوينها التاريخي والاجتماعي وغيره. وهي أرقام بلا شك لا تتطابق مع واقع الحال، فان أعداد اللاجئين من تلك البلدان وحدها وبحسب الإحصائيات الرسمية والإعلامية التي تقرها المفوضية نفسها أكثر واعلى منها وتصل إلى أضعاف كبيرة منها، وهذه كارثة أخرى لهؤلاء الضحايا الجدد لما تسميه المفوضية بالعنف في تلك البلدان، غاضة الطرف عن الاحتلال ومسؤوليته، وعن مصادر العنف الخارجية والتي تلعب دورا اخطر في عمليات التهجير القسرية وصناعة حالات اللاجئين المتزايدة. وإذا أضيفت لهذه الأرقام حالات اللجوء الداخلية، وأعدادها المتصاعدة والأوضاع التي يعيشها ضحاياها فان حجم المعاناة يكون اكبر مما تضعه بيانات المفوضية وغيرها. وإذا فشلت المفوضية والحكومات المحلية وقوات الاحتلال وإداراتها في هذه البلدان من توفير الحياة الطبيعية للسكان فكيف ستكون عليه أمور هؤلاء اللاجئين حاليا ومستقبلا؟ وماذا تسميهم المفوضية والدول المحتلة لبلدانهم؟.
أشار التقرير إلى أن "أوروبا وحدها استقبلت 75% من كل طلبات اللجوء رغم أن الولايات المتحدة ما زالت اكبر دولة مستقبلة للاجئين بنسبة تقدر ب13% من مجموع الطلبات المقدمة إلى الدول الصناعية (23700 طلب)". وتأتي فرنسا في المرتبة الثانية كدولة مستقبلة بنسبة 10% من الطلبات (19400 طلب) ثم كندا (18700 طلب) ثم المملكة المتحدة (17700 طلب) ثم ألمانيا في المرتبة الخامسة (12000 طلب).
حاول تقرير المفوضية تخفيف عبء أوضاع اللاجئين عن كاهل الدول الغربية التي تسهم في استعمار البلدان ونهب ثرواتها وخيراتها وتدمير بلدانها وتخطيط الهيمنة عليها وعلى مناطقها الجغراسياسية، وقسم استقبالها للأعداد منها في إطار التفاهم والتقسيم الدولي لحالات اللاجئين ومستقبلهم وتطورات قضايا بلدانهم وحاجات تلك البلدان لهم دون توضيح للحالات التي يكابدها هؤلاء اللاجئون قبل وبعد استقبالهم. ولفت التقرير مثلا إلى انخفاض حاد في طلبات لجوء العراقيين إلى السويد التي كانت وجهتهم المفضلة، (لماذا السويد؟) وذلك بعد اعتبار محكمة الهجرة في عام 2007 الوضع في العراق ليس "صراعا مسلحا" ورفضت طلبات عديدة منهم. فانتقلت طلبات اللجوء إلى دول أخرى مثل ألمانيا وفنلندا والنرويج. وأشار التقرير إلى أن "عدد الطلبات المقدمة لا يساوي بالضرورة عدد الأشخاص لان بعض الناس يقومون بتقديم طلباتهم إلى أكثر من دولة في السنة نفسها أو أكثر من مرة واحدة إلى الدولة نفسها". وهذا القول يشبه الاعتذار المسبق عن مسؤولية المفوضية المختصة والتابعة للأمم المتحدة وتعاملها مع هذه الحالات الإنسانية وما يحكى أو يروى عنها. فهل يصح اعتبار دولة لوضع معين حكما على كل الحالات وأسبابها؟.
لعل إعلان البيت الأبيض في 15 آب/ أغسطس الماضي عن استحداث منصبين مخصصين لإدارة المساعدات لملايين النازحين واللاجئين العراقيين، بالتعاون مع الحكومة العراقية إشارة وانتباه للكارثة. فإذا كانت هذه الأرقام مثيرة وأُخذ علم بها فمن يتحمل المسؤولية عنها ولماذا حصلت وتستمر دون توقف؟.